ريال مدريد يقتنص تعادلا ثمينا من الميلان على أرضه في اللحظات الأخيرة

لعنة سان سيرو تلاحق النادي الملكي.. ومورينهو يقول إن خروجه منه مهزوما أمر صعب

TT

اقتنص فريق ريال مدريد الإسباني تعادلا ثمينا في اللحظات الأخيرة من فريق ميلان الإيطالي صاحب الأرض والجمهور، بهدفين لكل منهما، وذلك في المباراة التي جمعت بينهما على استاد سان سيرو، ضمن منافسات المجموعة السادسة لدور المجموعات لدوري أبطال أوروبا لموسم 2010/2011. وبهذا التعادل رفع ريال مدريد رصيده إلى 10 نقاط احتل بها صدارة المجموعة وضمن بها التأهل إلى ثمن النهائي، فيما صار رصيد الميلان 5 نقاط يحتل بها المركز الثاني، وينتظر تحسينا في نتائجه في الجولتين المقبلتين والأخيرتين حتى يحجز مقعدا له في الدور التالي، لكن حظوظه في التأهل باتت أكبر بعد فوز أوكسير الفرنسي، رابع المجموعة، على أياكس الهولندي، الثالث، بهدفين مقابل هدف.

تقدم هيغوين للضيوف في الدقيقة 45 من الشوط الأول، لكن إنزاغي قلب المباراة بعد نزوله بتسع دقائق بهدفين سجلهما في الدقيقتين 22 و32 من الشوط الثاني. لكن بيدرو ليون جنب مورينهو الهزيمة الأولى هذا الموسم وأدرك التعادل قبل انتهاء الوقت بدل الضائع بدقيقة واحدة.

إلى ذلك، كان هناك على مقعد البدلاء من يجلس شاردا لكن لا يفارق مخيلته رقمان، هما 69 و70. إنه فيليبو إنزاغي الذي جلس منذ أول أمس على عرش هدافي البطولات الأوروبية، بعدما تجاوز، بثنائية أول من أمس في مرمى الريال، عدد أهداف الألماني جيرد موللر (69)، والذي كان صعبا للغاية تجاوزه، لكن نجم الميلان المخضرم فعلها وسجل هدفيه الـ69 و70 خلال مسيرته في أوروبا. ولسان حال إنزاغي يقول «إلى اللقاء يا راؤول، فقد عدت أقل مني في عدد الأهداف، لكن هذا لا يمنع أن المعركة ستكون طويلة بين نجم ريال مدريد السابق راؤول، وإنزاغي. كما تجاوز إنزاغي أيضا ماركو فان باستن في قائمة هدافي الميلان خلال تاريخه، فهو الآن الخامس في الترتيب برصيد 125 مقابل 124 للهولندي.

ربما كان يكفي إسداء النصح لإبراهيموفيتش، حيث يقول اللاعب السويدي «إذا لعب فيليبو فبإمكاني اللعب كما يروق لي، لكنه لا يتحرر من منطقة الجزاء، أما أنا فأكثر حرية». زلاتان وفيليبو هما الضدان اللذان يتجاذبان: عملاق منطقة الجزاء، واللاعب الذي يبحث عن المساحات دائما. هدفه الأول أكد صحة ما قاله زلاتان، أما الثاني فقد برهن على تصريحات مورينهو الذي كان يخشاه جدا منذ لقاء الذهاب، حينما قال «أتمنى ألا يلعب إنزاغي». على العكس، قليلا ما شارك مهاجم الميلان هذا الموسم، وأقل من العام الماضي، وقبل مباراة ريال مدريد في دوري الأبطال كان قد جمع 16 دقيقة (من مشاركتين) كانت كافية كي يسجل مرتين، إضافة إلى 154 دقيقة (في أربع مباريات) في الدوري المحلي.

وأشارت الليلة التي أقيمت فيها المباراة إلى حقيقة غير قابلة للنقاش، وهي أن الميلان لم يعد به لاعب آخر قادر على توحيد هتاف الاستاد بأسره، سواء كانوا برازيليين أو سويديين، فالأمر لا يفرق كثيرا. هذا درس في اللغة الإيطالية، كما يؤكد إنزاغي ذاته قائلا «إنني أستحق هذه الأهداف، وأنا سعيد لكرة القدم الإيطالية لأنني جاوزت موللر وراؤول. ربما هذه هي الليلة الأجمل خلال مسيرتي». قبل ربع ساعة تقريبا من نهاية المباراة، لم يكن فيليبو إنزاغي قد تحرر بعد من توتره، وأمام عينيه ربما مرت كل المرات التي جلس فيها احتياطيا، وكل المرات التي اعتقد فيها - مخطئا - خلال التدريبات أن التجارب الخططية كانت ضد مشاركته أساسيا. إنه الشعور الذي احتفظ به حتى يوم المباراة، لينفجر بعد ذلك قائلا «الآن سيعود الكثيرون ليتذكروني بعد أن نسيني البعض أحيانا». وعن مدربه يقول «أليغري؟ تربطني به علاقة طيبة، ويعلم أنه ينبغي علي الشعور بأهميتي. لا بد من الاستفادة مني من حين لآخر، وإلا صار الأمر صعبا».

وكانت الرياح المحملة بالأمطار قد بدأت في الهبوب على مقعد بدلاء الميلان، حيث يجلس المدير الفني أليغري، بمجرد أن أحرز هيغوين الهدف الأول لفريق ريال مدريد في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول. لكن سرعان ما أعاد فيليبو إنزاغي البريق إلى سماء ميلانو، مشعلا الحماس في مدرجات سان سيرو، بيد أن القدر لم يمهله لإنهاء هذه الأمسية التاريخية بالفوز، حيث أدرك بيدرو ليون هدف التعادل قبل لحظات من صافرة النهاية. وفي أعقاب المباراة، ارتسمت على وجه أليغري ابتسامة عريضة، واستهل المدير الفني حديثه قائلا «لقد كان هدف التعادل صحيحا. ويؤسفني أننا لم نبلغ الفوز بعد المباراة الرائعة التي قدمها الفريق، وبعد أن بذل اللاعبون قصارى جهدهم، لكن التعادل هو النتيجة العادلة لهذه المباراة. لقد حصلنا على الكثير من الفرص في الشوط الأول، على عكس الشوط الثاني الذي حققنا فيه قدر أكبر من التوازن، وكنا بارعين حقا في إعادة فتح المباراة. ويؤسفني أيضا أننا كنا نمتلك بطاقة التأهل بين أيدينا لولا الهدف الأخير الذي سجله بيدرو. إنني مطمئن للغاية كما كنت تماما بعد مباراة اليوفي».

من المؤكد أن فوز الميلان بهذه المباراة كان من شأنه مساعدة الفريق على تجاوز الهزيمة التي لحقت به في مواجهة يوفنتوس، فضلا عن التحليق بصدارة المجموعة بعيدا عن أياكس وأوكسير، وهو ما عقب عليه أليغري قائلا «عندما تمنى بالهزيمة يصبح من الصعب عليك تجنب الشعور بعدم التقدير الذاتي، لكنني واثق من قدرة هذا الفريق على النضال على جميع الأصعدة حتى النهاية».

من جهة أخرى، جدد المدير الفني في الميلان الثقة في باتو ورونالدينهو اللذين خرجا من أرض الملعب وسط صافرات الاستهجان، فيما احتفظت جماهير الميلان بتحياتها وهتافاتها لفيليبو إنزاغي فحسب. أما رونالدينهو فلم يستقبل قرار أليغري بتغييره بصدر رحب، وهو ما ظهر بوضوح على وجهه أثناء الخروج من الملعب، فبدا الأمر وكأنه يقول «أنا من تقومون دائما بتغييره»، ثم قام بإلقاء سترته في الهواء بشكل سيئ. وفي هذا الشأن يقول أليغري «لا بد أن يؤمن باتو بقدراته، وأن يحرص على صفاء ذهنه دائما. لقد اخترت رونالدينهو لأنه ظهر بشكل جيد في التدريبات، واعتقدت أنه سيقدم شيئا ما للفريق».

وعلى الرغم من انتهاء المباراة بالتعادل الإيجابي، فإن لعنة سان سيرو ما زالت تلاحق الفريق الملكي في كل مرة، ولم تنجح مهارة جوزيه مورينهو الأسطورية في التخلص منها، لكن الحظ كان يحالفه حتى اللحظات الأخيرة من المباراة. ويعقب البرتغالي قائلا «لقد سجل إنزاغي الهدف الأول من لا شيء، أما الهدف الثاني فكان ناتجا عن تسلل واضح. لا شك أن حكم المباراة هو واحد من أفضل الحكام في العالم، لكن حاملي الراية يقومون بدور حاسم في المباراة. وعلى الرغم من ذلك، أرى أن الريال قدم مباراة رائعة، وأكد على رغبته في الوصول للقمة؛ أما الميلان فقد ظهر بشخصية قوية، فأنا أعرف لاعبيه منذ سنوات طويلة. لقد كانت هذه المباراة بين الفريقين الرئيسيين في المجموعة، وكان أحدهما يتفوق على الآخر من حيث الكفاءة، في حين لم يرغب الآخر في أن تلحق به الهزيمة. من جهة أخرى، اضطررت إلى المخاطرة بالدفع بسيرجيو راموس وكارفالهو في الدفاع، لكنني كنت أعلم جيدا أنه لا مجال للفشل في سان سيرو، فلا يمكني أن أخرج مهزوما منه. لدينا موهبة كبيرة وشباب على درجة عالية من الكفاءة». وأضاف «إنني من أكبر المعجبين بفيليبو إنزاغي، وسعيد للغاية بالرقم القياسي الذي حققه من خلال هذه المباراة».

وعن هبوطه إلى أرض الملعب رافعا يديه بعلامة الثلاثية، يقول مورينهو «لم تكن هذه الإشارة موجهة لجماهير الميلان بل لجماهير الإنتر التي تشاهد مديرها الفني السابق عبر شاشات التلفزيون في المنازل. لا يمكنهم أن ينسوا الثلاثية التاريخية». ويبدو أن مورينهو لم ينتبه لصافرات الاعتراض التي انطلقت من مدرجات سان سيرو بمجرد خروجه من النفق المؤدي إلى حجرة الملابس، ولم يلق البرتغالي بالا لأضواء الليزر الخضراء التي كانت مسلطة على وجهه طوال المباراة. وقبل نهاية الشوط الأول بلحظات، توجه مورينهو إلى حجرة الملابس لاستقبال إبراهيموفيتش وتحية لاعبي الميلان. وفي الشوط الثاني، لم يهدأ لمورينهو بال بسبب هدفي إنزاغي إلى أن أدرك بيدرو هدف التعادل، ليعيد البسمة على وجه البرتغالي. وفي النهاية، نفى مورينهو إمكانية عودة أنطونيو كاسانو إلى الريال قائلا «لقد كان هنا في الماضي، ومن المستحيل أن يعود مرة أخرى. سوف يمضي أنطونيو قدما في تقديم لمساته السحرية في الملعب وكذلك الأفعال الطائشة التي اشتهر بها خارج الملعب. هذا هو كاسانو سواء أعجبك أم لم يعجبك».