محاكمة بينيتيز بدأت.. والجلسة المقبلة غدا في ملعب كييفو

زينغا يحذر الإنتر من ارتكاب «حماقة» والاستغناء عن مدربه

TT

تمت تبرئة الإسباني رافائيل بينيتيز المدير الفني لفريق الإنتر الإيطالي جزئيا، كما حددت الجلسة الجديدة غدا، في قاعة استاد بينتغودي، في فيرونا، والمدعي العام هناك يدعى كييفو، والدفاع ليس أمامه سوى حل واحد وهو الـ3 نقاط والأداء المقنع. خلاصة القول: إنه لم تتم إقالة بينيتيز، لكن ثوران الإنتر متواصل، من دون أسباب أو أعذار.

يوم محاكمة بينيتيز كان طويلا ويعج بالتحاليل، والمواجهات، ولقاءات وجها لوجه، وحقائق متباينة، ومتعارضة أحيانا، والمعنى أن مباراة الفريق أمام كييفو في الدوري الإيطالي غدا مهمة، ومباراة توينتي في دوري الأبطال غاية في الأهمية، لكن السؤال: ماذا قد يحدث لو لم «يجب» الفريق ورافائيل عن الاتهامات؟ ربما كل شيء.

كان يوم المحاكمة ثقيل الوطأة؛ فقد كانت محاكمة مباشرة، استمرت نحو 3 ساعات، لكنها ليست من أجل الهدم، وإنما إعادة البناء. وصل أركان حرب الإنتر، نجل موراتي، إلى أبيانو، حيث معسكر الفريق. في البداية وصل برانكا، المسؤول عن المنطقة الفنية، ثم أنجيلو ماريو موراتي، مبعوث رئيس النادي والرئيس المستقبلي للإنتر. تناولوا العشاء ثم عُقد لقاء القمة في وجود بينيتيز، وأهم الموضوعات التي أثيرت: الإصابات ودوافع اللاعبين ومنهجية العمل، والبحث عن نقاط التقاء، ثم بدأ رافائيل يراوغ ويهاجم ويناقش ويلمح إلى أن أبدى مرونته من أجل التغيير، ولو تغير، فسيكون كل شيء حسنا.

خرج أركان الحرب وهرول إلى ميلانو من أجل إعطاء تقرير للقائد الأعلى، ماسيمو موراتي، الذي قال فيما بعد: «كنت أود سماع كيف سار اللقاء بين بينيتيز ونجلي وبرانكا، كان لقاء عمل مثل ذلك التي أتمنى أن يعقده بينيتيز كل يوم مع طبيب الفريق وبرانكا والآخرين. لقاءات مثل هذه كانت تحدث مع مورينهو أيضا، وبالطبع لن أغير فكرتي في يوم وليلة، وأكرر ثقتي التي عبرت عنها منذ بضع ساعات للمدرب بينيتيز». إنها ثقة غير كاملة، والإشارة إلى مورينهو واللقاءات المماثلة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، خصوصا في التحول الذي على رافائيل أن يظهره في الملعب ومنهجية العمل، وفورا.

من جانبه، خرج رافائيل من معسكر الفريق عابسا ورافعا زجاج سيارته، توجه نحو منزله بين المنزعج والمقتنع. لقد أخبروه بأن الإشارة المستمرة لسوق الانتقالات لم تنل إعجابا من مسؤولي النادي، وطلبوا منه أن يكون مشاركا بالاقتراحات بشكل أكبر، والتواصل أكثر (هو وطاقمه) مع الأطراف الإدارية والفريق الذي لا بد من إعادة إطلاقه. الأحداث التي تلت مباراة الديربي أصابت ثقة موراتي في المدرب بالصدع، فلا بد من العودة إلى الإنتر المعروف، ولا بد من التأكيد أنه لم يعد يبدو فريقا طبيعيا، وهذا هو الذي يريد رئيس الإنتر رؤيته، من اللاعبين ومن يقودهم.

الجلسة المقبلة لبينيتيز تدعى كييفو. إذن، المهمة المكلف بها المدرب الإسباني هي: الفوز بتألق في المباراة الأولى، والفوز الساحق في الثانية أمام توينتي الهولندي في دوري الأبطال لضمان التأهل للدور التالي.

رأى الرئيس ماسيمو موراتي، مساء الأحد الماضي، فور انتهاء لقاء الديربي مع الميلان، مشكلات الإنتر الثلاث التي يعانيها اليوم مركزة، خاصة في المباراة التي تمنى أن تكون بداية علاج هذه المشكلات، وهي: فريق في ظروف سيئة بدنيا وتنافسيا، فهو يركض بشكل مؤثر قليلا وكثيرا ما يركض بلا جدوى وقد فقد لتوه 3 لاعبين بسبب الإصابات العضلية، التي تتكرر كثيرا. وحضور الدكتور كومبي، طبيب الفريق، يشرح الرغبة في إيجاد نقطة للالتقاء بين الطاقمين الطبي والفني، اللذين إلى الآن هناك بينهما تعارض لا يخفى على أحد ويمكن الشعور به.

المشكلة الثانية تتمثل في أن الفريق قد شهد تدهورا فنيا مقلقا، تولد نتيجة تعين العمل بفريق يعاني غيابات عدة مؤثرة، مع الأفكار الخططية والفنية القليلة والمتخبطة أيضا أمام فرق مستواها أقل كثيرا من حيث الإمكانات، مثل بريشيا وليتشي. أما المشكلة الثالثة فهي فريق الإنتر الذي ظهر مجهدا ذهنيا، وليس فقط بدنيا، متراخيا ومركزا على الأهداف الطيبة لكنه كان ضعيفا في الأفعال، فهو فريق كان يفوز بالمباريات قبل خوضها واليوم يخسرها. كما أن أداء الفريق يعطي الانطباع بانعدام الانسجام مع مديره الفني، الذي يراد منه، على العكس، ضمان أن يشعر بالفريق ويمسك بزمامه، وكذلك استعداده للاستماع والمواجهة أكثر، مع الجميع، وربما مراجعا بعض مواقفه الخيرة.

إلى ذلك، بدأت الأسماء تظهر لخلافة المدير الفني الإسباني في تدريب الإنتر في حالة إقالته، وآخرها هو المخضرم جيوفاني تراباتوني، وبدأ الوسطاء يتحركون. إذن من المبكر التحدث عن مفاوضات رسمية، لكن بالتأكيد ينظر الإنتر حوله، فثقته في المدرب بينيتيز لم تعد تامة، بل إنها مسألة وقت من وجهة نظر الصقور، لكن إلى متى؟

من دون التفكير في الفرضية الأبعد (وهي الخسارة في مباراة كييفو خارج ملعبه غدا)، يفضل الاعتقاد أن الإنتر سيحسم مصيره في التأهل إلى الدور التالي لدوري الأبطال. وماذا بعد؟ بإمكان المدرب الإسباني العودة إلى المياه الهادئة لو نجح في حمل الإنتر على قمة العالم في بطولة العالم للأندية في أبوظبي، وإلا فسنكون بحق أمام مسيرة تنتهي. بالطبع النتائج مهمة ولا ينسى مسؤولو النادي أنهم فشلوا في تحقيق هدف كأس السوبر الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أمام أتليتكو مدريد الإسباني.

من السهل فهم كيف يتولد ترشيح تراباتوني، فقد شكا ماسيمو موراتي في بداية هذا الموسم المخيب للآمال من نقص الكاريزما والشخصية، والمدير الفني الخبير لمنتخب آيرلندا (الذي خسر على ملعبه أول من أمس 1/2 أمام النرويج) قد يدير بحكمته هذا الموقف الحساس. لكن قد يكون هذا حلا مسكنا. وما يدعم هذا الترشيح هناك فكرة أن مالك النادي يمهد لتغيير مهم في الصيف المقبل، ولا يخفى على أحد التفكير في بيب غوراديولا الذي ينتهي عقده مع برشلونة هذا الموسم.

كما تشير أنباء هذه الأيام إلى اتصالات مع مدربين آخرين، بالتأكيد في فكر موراتي هناك ليوناردو، مدرب الميلان السابق، فتقديره له واضح إلى حد ما، ولا بد من الانتظار لمعرفة إذا كانت الفرصة ستتاح خلال فترة وجيزة. وبالنظر أيضا إلى المدربين من لاعبي الإنتر السابقين، نجد أيضا فرانك ريكارد، فمن جانبه هناك علاقة قوية تربط المدير الفني السابق لبرشلونة بصامويل إيتو لاعب برشلونة السابق. ولا ننسى سباليتي، مدرب زينيت الروسي. ومن بين المدربين الدوليين يدور اسم كارلوس دونغا، المدير الفني السابق لمنتخب البرازيل في المونديال الأخير.

من جهته، بعث والتر زينغا، أحد رموز الإنتر، رسالة إلى الرئيس ماسيمو موراتي يمكن تلخيصها في أن بطل أوروبا لا ينبغي أن يرتكب حماقة. ففي حديث لموقع «calciomercato.com»، دافع مدرب فريق النصر السعودي وحارس الإنتر السابق عن رافائيل بينيتيز وشرح لماذا لا يتعين على ناديه السابق التفكير في إقالته: «أي ناد كبير لا يتقلب بسبب الأحداث بشكل غير متوقع، فالنادي الكبير يجتمع على طاولة مع المدرب، ويتحدث، ويحلل ويبحث عن الحلول من دون اتخاذ قرارات كارثية. الاجتماعات الطويلة أيضا تقام في جميع فرق العالم، سواء التي تفوز أو التي تخسر.. كلمة (فشل) لا توجد في قاموس أي فرد منا. في اللحظة الحالية، توجد نتائج غير متوقعة في الإنتر، ومن السليم أن يرفع رئيس النادي صوته ويطلب تفسيرات. موراتي كان واضحا، هو غاضب لكيفية سير الأمور ولا يريد تغيير المدير الفني فورا. بعدها، قد يغير بينيتيز من نوع التدريبات أو إدارة الجانب الفني».

وعن إمكانية تولي تراباتوني قيادة الفريق في حالة إقالة بينيتيز، يتابع زينغا: «إنها فقط مواقف صحافية، وبخلاف موضوع الإنتر، فإن تراباتوني في سن 70 عاما لا يزال لديه حب لا يصدق لكرة القدم، كما لو كان في سني. كان يمكنه أن يصبح فيرغسون الكرة الإيطالية لو درب أحد الأندية، نرجو هذا، لكن للأسف لا يمكن التفكير في ذلك في إيطاليا».

وعن الأصوات التي تريد باولو مالديني أن يتولى منصبا في الإنتر، يقول: «لا بد من التمييز بين التنافس في الملعب لمدة 90 دقيقة والتقدير والاحترام للأشخاص الذين ليس لهم ألوان قمصان الفرق كما تظهر كلمات موراتي. مثلا، ليس بدعة أن يتمنى أحد أنصار الإنتر مثل إنزاغي المصاب العودة في أقرب وقت ممكن؛ لأن الجميع يريد رؤية لاعب مثله في الملعب بتلك الرغبة القوية في سن 37 عاما. من الغريب رؤية مالديني خارج عالم كرة القدم، وفي نظري أنه سيعود مبكرا، وهو فقط الذي يعرف أين: في الميلان، في الإنتر، في تشيلسي أو أي فريق آخر. موراتي في رأسه العديد من الأشخاص الذي قدموا شيئا للإنتر وبإمكانهم العمل في الإنتر، وقد يكون هذا هو الأمر الأكثر منطقية. بل يكون من الغريب رؤية رموز لفرق تعمل لفرق أخرى. زينغا في الميلان أو ليوناردو في الإنتر أمر نشاز قليلا، ولا أعتقد أنه سيحدث يوما ما بسبب الرغبة المتبادلة».