لماذا أصبح الدوري الإنجليزي أكثر سخونة هذا الموسم ونتائجه غير متوقعة؟

أرسين فينغر يرى أن تكنولوجيا قياس اللاعبين فضحت الفرق وقربت المسافات بينها

TT

لماذا أصبح الدوري الإنجليزي أكثر تنافسية بقدر كبير خلال الموسم الحالي؟ تفصل 10 نقاط فقط ما بين فريق تشيلسي، متصدر ترتيب الدوري، وبين فريق بلاكبول الذي يحتل المركز الثاني عشر بعد 14 مباراة.

وخلال الموسم الماضي، كان الفارق بين متصدر الترتيب وصاحب المركز الثاني عشر بعد لعب نفس العدد من المباريات 19 نقطة. وفي الموسم قبل الماضي، أنهى ليفربول الدوري في المركز الثاني رغم خسارته في مباراتين فقط. وفي كل جولة، تفقد الفرق التي تتنافس على اللقب بعض النقاط، وكان فريقا آرسنال وتشيلسي هما آخر الفرق التي تتعرض للخسارة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما أدى إلى جعل الدوري الإنجليزي هذا العام بطولة ساخنة ونتائجها غير متوقعة.

ولكن لماذا يحدث هذا؟ هناك عدة نظريات لتفسير التراجع النسبي في قوة فرق المقدمة. فهل أجبرت نسبة الضرائب التي تصل إلى 50 في المائة وضعف الجنيه الإسترليني أفضل اللاعبين على ترك الدوري الإنجليزي والاتجاه للعب في الخارج؟ وهل تتعرض الأندية الكبيرة لمعوقات بفعل أعباء الديون الخاصة بها لذلك لم تستطع استقدام نجوم كبار؟ أم هي مجرد مصادفة لحقبة تراجعت فيها سيطرة الأندية الكبرى؟.

يمتلك أرسين فينغر المدير الفني لفريق آرسنال نظرية أخرى رائعة ومثيرة، فهو يعتقد أن الانتشار الواسع للتكنولوجيا الجديدة والتحليل الإحصائي يسمح لنا بقياس أداء اللاعبين على أرضية الملعب بشكل دقيق جدا. وقال فينغر: «لقد ارتفعت حدة المنافسة في مباريات الدوري الإنجليزي بالفعل. وما فعلته الإحصائيات هو أنها استبعدت من المباريات كل اللاعبين الذين لا يمكنهم الجري. وفجأة، ارتفع مستوى الدوري الإنجليزي كثيرا، لأنك تلعب أمام فريق تعرفه تماما».

ولاحظ فينغر تحسن أداء فرق الوسط في ترتيب الدوري الإنجليزي بالفعل خلال نهاية المباريات. وخلال السنوات الماضية، كان فينغر معتادا على مشاهدة الفرق المنافسة وهي تتعرض لانخفاض مثير في المستوى مع نهاية المباريات لأن مواجهة التمريرات البينية لفريقه آرسنال كانت تستنزف قواهم. والآن، يمكن أن تلعب الفرق بكامل قواها حتى صافرة نهاية المباراة.

وقال فينغر: «قبل ذلك، كنا نواجه بعض الفرق ونحن نعلم أن قواها سوف تخور في الدقائق العشرين الأخيرة. وهذا الأمر لم يعد موجودا. وقد أصبحت المتطلبات البدنية مرتفعة جدا جدا، وتستدعي بالطبع تعديل وضبط العقلية. لا بد أن تعثر على مكان آخر لكي تحقق الفارق».

وتمتلك كل الأندية الآن إمكانية الوصول إلى أدق البيانات، وهو الأمر الذي يمكن هذه الأندية من تسجيل ورصد إلى درجة متقدمة جدا ليس فقط مقدار الكيلومترات التي قطعها اللاعبون في الجري أثناء المباريات، ولكن أيضا تسجيل وتعقب أنواع الجري الذي يقومون به، واللاعبون الأكثر لياقة هم الأفضل لأنهم سوف يكونون قادرين على التركيز ولهذا يرتكبون أخطاء أقل.

لكن رغم كلام فينغر الرائع ما زال من الواضح أن التألق الفردي بإمكانه تحديد نتيجة بعض المباريات، والمثال على ذلك الهولندي رافائيل فان دير فارت الذي يبدو منهكا بعد ساعة من اللعب، ولكنه استطاع الحفاظ على مسيرة الانتصارات لفريقه توتنهام هوتسبير بأهداف حاسمة.

بيد أن الأندية تأخذ التحليلات الإحصائية على محمل الجد بشكل كبير. ويرغب نادي ليفربول في محاولة ترجمة الجوانب الصالحة للتحليلات البيانية التي تستخدم في لعبة البيسبول من أجل مساعدتهم في تكييف اللاعبين على الأجواء واستقطاب اللاعبين الجدد، بينما اقترب مايك فورد، مدير تحليل أداء اللاعبين في نادي تشيلسي من الحد القاطع لتحليل بيانات كرة القدم ويستخدم المعلومات المتوفرة لديه من أجل مساعدة كارلو أنشيلوتي.

وقد تعاملت الأندية الكبرى مع مسألة تطور التكنولوجيا باستكشاف طرق جديدة، وخصوصا فيما يتعلق بكيفية تحليل الأداء في التدريب. وقد بدأت أندية مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي والآرسنال وليفربول في العمل مع شركة آيرلندية تدعى «ستات سبورتس» تقدم سترات خاصة يمكن أن يتم تعقبها بواسطة القمر الصناعي – وخصوصا عبر نظام تحديد المواقع العالمي – للاعبين. وقد بدأت إنجلترا في استخدام النظام في محاولة لمكافحة الأمراض والإصابات.

وقال إيفان غازيرديس، الرئيس التنفيذي لنادي الآرسنال: «إن هذه التقنية تمنح المرء الكثير من المعلومات. إنها تخبر الفرد ليس فقط بعدد الكيلومترات التي يقطعها اللاعبون ومدى السرعة التي يركضون بها ومستويات النشاط المكثف الذي يبذلونه أثناء التدريبات، ولكنها تقيس أيضا شيئا يعرف باسم (الأحمال) وهو مقدار الوقت الذي تكون خلاله أقدام اللاعب على الأرض ثابتة أثناء الجري».

وأضاف: «يمكنك أن ترى ما إذا كان أحد اللاعبين يقترب من خطر التعرض لإصابة بفعل تتابع المباريات لأن بإمكانك أن ترى شيئين بوجه عام: الشيء الأول هو أن معدل عملهم ينخفض في التدريبات، والشيء الثاني هو أن (أحمالهم) تزيد. وبعبارة أخرى، تبقى أقدامهم على الأرض لفترة أطول عندما يركضون. وعندما يشعر المرء بالراحة والنشاط، فإنه يميل إلى الوقوف على أطراف أصابعه بشكل أكبر. وعندما لا يشعر بالراحة والنشاط، يميل إلى الوقوف على عقبيه بشكل أكبر. وهذا يمكن أن يساعدك في توقع الحالات التي يتعرض خلالها اللاعبون لوضع خطير».

ومع كل هذا النوع من التحليل، يحتاج المرء إلى تجميع كميات كبيرة من البيانات عن اللاعبين قبل البدء في ملاحظة الأنماط السليمة أو الشاذة لديهم، ولهذا السبب فسوف يزيد تأثير أحدث تقنية لنظام تحديد المواقع العالمي فقط خلال المواسم المقبلة، وهذه الأشياء سوف يكون لها تأثير مؤجل. والأندية التي ترفض تبني الثورة التقنية تخسر أرضية كبيرة بالفعل.