قطر تعول على بطولة مدمجة تبدد قلق جماهير المنتخبات وتسهل تنقلاتهم في كأس العالم 2022

هولندا وبلجيكا تعتبران ملفهما الأنظف.. وإسبانيا والبرتغال تتحدان لاستضافة مونديال 2018

TT

تعول قطر على بطولة مدمجة، تأخذ في عين الاعتبار مصالح أنصار المنتخبات وما يتكبدونه من مشقة سفر لمتابعة منتخباتهم الوطنية من خلال ترشيحها لاستضافة كأس العالم 2022.

ولأن الملاعب المقرر تشييدها لهذا الحدث الكبير لا يفصل بينها سوى بضعة كيلومترات، فإن هذا الأمر سيتيح للجمهور إمكانية مشاهدة أكثر من مباراة في اليوم الواحد، كما يقلص عن كاهلهم أعباء المشكلات اللوجيستية التي يعانون منها في التنقل من مدينة إلى أخرى لمؤازرة منتخباتهم الوطنية وصعوبة إيجاد فنادق في بعض الأحيان.

وشدد الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، رئيس لجنة ملف قطر، على هذه النقطة بالذات، بقوله «في كل دورة توجد مخاوف لوجيستية، لكن في قطر سننظم بطولة عالم مدمجة، وسنأخذ اللاعبين والمشجعين بعين الاعتبار. توجد فكرة أن الدول الصغيرة ليست قادرة على استضافة كأس العالم من الناحية اللوجيستية، وهذا خطأ».

وأوضح «هناك أزمة مالية وركود في العالم حاليا، الكل قلق في كيفية إنفاق أمواله. لذلك لن يكون المشجع القادم مضطرا لشراء أكثر من تذكرة سفر واحدة، وحجز أكثر من غرفة واحدة في الفندق، كما أنه سيكون قادرا على مشاهدة ثلاث مباريات في اليوم الواحد إن أراد، وعلى أقل تقدير مباراة أو اثنتين».

وتابع الشيخ محمد «لا يوجد قانون في الاتحاد الدولي يمنع الدول الصغيرة من استضافة المونديال. عدا عن ذلك، سيكون الاستثمار للفيفا مربحا للغاية من الناحية التجارية في منطقة الشرق الأوسط غير المستغلة في هذه الناحية بالذات حتى الآن».

وتضم قطر 1.5 مليون نسمة، وهي تتقدم بترشيحها نيابة عن منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وهذا ما أكده المدير التنفيذي لملف قطر 2022، حسن الذوادي، خلال مؤتمر «اسباير فور سبورت» الذي عقد مؤخرا في الدوحة، بقوله «إقامة كأس العالم في منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تبعث روح الوحدة أكثر وأكثر في هذه المنطقة، بالإضافة إلى إيجاد التنوع الاقتصادي الذي يجتذب تدفق المشاريع التجارية في أسواق جديدة، مما يزيد من فرص العمل ويعلي شأن قطر والمنطقة».

وأضاف «ستقوم حكومات دول المنطقة والقطاعان الخاص والعام بعملية تطوير للبنى التحتية والمواصلات والاتصالات وجوانب أخرى مهمة». وكشف الذوادي أن بلاده «تركت بصمة حتى الآن من خلال ملف ترشيحها، على الرغم من أن الحدث الكبير سيقام بعد 12 عاما من الآن».

من جهة ثانية، يأمل القائمون على الملف «الهولندي - البلجيكي» أن تلعب فضيحة الرشوة التي هزت الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، دورا في تحويل الأصوات لمصلحتهم والحصول على شرف استضافة مونديال 2018، لكن المشكلات السياسية التي تعصف ببلجيكا قد تلقي بظلالها، وتقلل من حظوظ شريكي كأس أوروبا 2000 في نيل شرف احتضان العرس الكروي العالمي للمرة الأولى.

ويتفاخر الهولنديون بأن ملفهم المشترك مع جيرانهم البلجيكيين يعتبر «الأنظف»، لأن الطرفين لم يحتكما إلى الخداع والإغراء وشراء الأصوات، وبأن بلد المنتخب البرتقالي صدر لاعبين من طراز يوهان كرويف ورود خوليت وارين روبن، لكنه لا يزال البلد الكروي الكبير الوحيد الذي لم ينظم كأس العالم حتى الآن.

كما يركز الملف الهولندي - البلجيكي في ترشيحه على موضوع البيئة والنجاح الذي حققه البلدان عند استضافتهما المشتركة لكأس أوروبا 2000، التي كانت ناجحة بكل المعايير، إضافة إلى المشوار الكروي المميز للمنتخب «البرتقالي» الذي استعاد الصيف الماضي ذكريات الأمجاد الغابرة بوصوله إلى نهائي كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه.

«لم أكن يوما متفائلا إلى هذا الحد»، هذا ما قاله رئيس الملف هاري بين، مضيفا «الأمر الأهم هو تخطي الدور الأول (من التصويت). هذه المسألة تعني أنك بحاجة إلى عدد معين من الأصوات، وأعتقد أننا نملكه».

قد يكون رئيس الملف متفائلا، لكن واقع الحال يشير إلى أن الصورة تبدو ضبابية بسبب المشكلات السياسية التي تعصف ببلجيكا، والتي قد تتسبب في إغراق الجار الهولندي في سباق الحصول على شرف الاستضافة.

وكانت الإشارة السلبية الأولى عندما أصدرت لجنة التقييم التابعة للفيفا بيانها بشأن الملف الهولندي - البلجيكي، منتقدة فيه غياب الضمانات الحكومية البلجيكية التي تعتبر أساسية لنجاح الملف أو فشله. ويرى البعض أن بلجيكا قد لا تكون بعد سبعة أعوام ونصف العام البلد الذي يعرفه الجميع الآن، وذلك في ظل الأصوات الداخلية التي تطالب بالطلاق والانفصال الداخلي في هذا البلد استنادا إلى اللغة المحكية، وذلك بسبب عدم نجاح الأطراف المعنية في التوصل إلى اتفاق بينها، مما يهدد الوضع السيادي الحالي للبلاد التي قد تنقسم إلى أجزاء.

وبعيدا عن هذه المشكلة الأساسية - المصيرية - في الملف الهولندي - البلجيكي، يملك الجاران الكثير من النقاط الإيجابية التي يمكن أن تلعب دورها في استقطاب الأصوات، ولعل أبرزها موقع البلدين اللذين يحيط بهما جيران مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، المرشحة بدورها للاستضافة.

كما يتمتع البلدان بأحدث وسائل المواصلات إن كان جوا أو برا أو بحرا، إضافة إلى البنى التحتية والفنادق، كما أن المسافة القصيرة التي تفصل بين ملعب وآخر قد تلعب دورها الإيجابي لمصلحة الملف لأنها توفر مشقة السفر على المشجعين والمنتخبات على حد سواء.

ويعول البلدان بشكل أساسي على الخبرة التي اكتسباها من استضافتهما لكأس أوروبا 2000 التي كانت من أنجح البطولات تنظيما، كما أن هولندا حصلت على المديح بعد تنظيمها الناجح لكأس العالم للشباب تحت 21 عاما في 2006، والتي توج بلقبها المنتخب الأرجنتيني بقيادة نجم برشلونة الإسباني ليونيل ميسي.

في المقابل، سيحاول الجاران الأيبيريان إسبانيا والبرتغال الظفر بشرف تنظيم كأس العالم عام 2018 بعد أن تقدما بملف طموح لهذه الغاية.

ونظمت دولتان كأس العالم مرة واحدة، وحدث هذا الأمر عام 2002 في اليابان وكوريا الجنوبية، لكن كلا من إسبانيا والبرتغال أثبتت قدرات تنظيمية كبيرة، عندما استضافت الأولى كأس العالم عام 1982، والثانية كأس أوروبا عام 2004.

وتحظى لعبة كرة القدم بشعبية هائلة في البلدين، حيث تعتبر الرياضة الأكثر رواجا، والبلدان متفوقان في كرة القدم خصوصا إسبانيا بطلة أوروبا عام 2008 وبطلة العالم عام 2010.

أنفقت البرتغال أموالا طائلة عندما استضافت كأس أوروبا قبل ست سنوات، وبنت ملاعب حديثة ورممت أخرى، لكن مدينتين فقط ستستضيفان مباريات في كأس العالم، وهما لشبونة العاصمة وبورتو الأكثر سكانا بين مختلف المدن البرتغالية.

في المقابل، تملك إسبانيا أكبر الملاعب في أوروبا والعالم بوجود سانتياغو برنابيو الخاص بنادي ريال مدريد والذي استضاف نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وكامب نو الخاص بنادي برشلونة.

وبفضل الشواطئ الجميلة والطقس الرائع والأطباق الشهية، فإن البلدين يعتبران مكانين مفضلين لأنصار المنتخبات، علما بأن إسبانيا تعول كثيرا على السياحة التي تعتبر من أهم الجوانب الاقتصادية في البلاد والتي تدر مبالغ تقدر بنحو 40 بليون يورو سنويا.

ويلخص رئيس الاتحاد البرتغال جيلبرتو ماديال هذا الأمر بقوله «ماذا يريد أنصار المنتخبات أكثر من رؤية البحر الأبيض المتوسط والأطلسي معا؟ لا أعتقد أن أي ملف يقدم هذا الأمر لهم».

كما يدافع ماديال عن الملف المشترك الذي لا يلقى ترحيبا من رئيس الفيفا السويسري جوزيف بلاتر بقوله «المشكلة عند بلاتر هي التعامل مع لجنتين منظمتين، أما بالنسبة إلى الملف المشترك البرتغالي الإسباني، فإننا اتفقنا على لجنة منظمة واحدة مؤلفة من الطرفين»، مشيرا إلى أن شبه الجزيرة الأيبيرية «دولة واحدة».

واعترف ماديال بأنه لولا إسبانيا لما تقدمت بلاده لاستضافة هذا الحدث الكبير الذي يقام مرة كل أربع سنوات. وتملك إسبانيا وحدها فنادق فخمة، تقدر قدرتها الاستيعابية بنحو 85 ألف غرفة، أكثر من العدد المحدد من قبل الاتحاد الدولي وهو 30 ألف غرفة.

وتملك إسبانيا والبرتغال شبكة مواصلات حديثة تستطيع أن تربط أكبر المدن، مثل برشلونة ومدريد ولشبونة، بالمدن الأخرى التي تستضيف مباريات كأس العالم. فبالإضافة إلى المترو، تتوافر في الدولتين قطارات سريعة أيضا، فضلا عن مشاريع عدة لتطوير هذا القطاع بانتهاء عام 2012.

وتبدو الصحف المحلية في الدولتين متفائلة بقدرتهما على نيل شرف الاستضافة، وقد تلقت إسبانيا والبرتغال دعما كبيرا من القارة الأميركية الجنوبية التي تملك ثلاثة أصوات في اللجنة التنفيذية، حيث قررت رسميا دعم الملف المشترك.