صراع أوروبي ساخن للفوز بتنظيم مونديال 2018

العالم ينتظر حسم هوية البلد المستضيف وسط فضائح «الفيفا» وخشية بوتين من المنافسة غير الشريفة

TT

تتجه أنظار العالم نحو مدينة زيوريخ السويسرية لمتابعة القرار الحاسم للجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بشأن استضافة بطولتي كأس العالم 2018 و2022.

وما يجعل اجتماع اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» اليوم اجتماعا تاريخيا أنه سيحسم مصير أكبر بطولتين للساحرة المستديرة لمدة 12 عاما مقبلة.

وبينما يترقب العالم كله هوية الفائزين، جذبت الفضائح التي أحاطت بأعضاء اللجنة التنفيذية الأنظار إليها بشكل يفوق الصراع على حق استضافة البطولتين.

واشتعلت حدة الصراعات مبكرا بين المتنافسين على حق استضافة البطولتين، وكذلك توالت الفضائح وأحاطت بأعضاء اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» ليزداد الاهتمام بها بشكل يفوق المنافسة على حق الاستضافة أو هوية الفائزين بحق التنظيم.

ويبدو أن حملة المنافسة على استضافة البطولة ستظل محفورة في الأذهان وفي ذاكرة التاريخ بما أثير حولها من جدل أكثر من هوية الفائز بها مهما كان الملفان الفائزان بحق الاستضافة.

وتتنافس على حق استضافة مونديال 2018 أربعة ملفات تتضمن 6 دول أوروبية؛ حيث تقدمت كل من روسيا وإنجلترا بملف لاستضافة البطولة، بينما تشترك إسبانيا مع جارتها البرتغال في ملف للتنظيم المشترك كما تشترك هولندا مع بلجيكا في ملف آخر للتنظيم المشترك.

في المقابل، يدور الصراع على حق استضافة مونديال 2022 بين 5 ملفات من خارج القارة الأوروبية؛ حيث تتنافس كل من قطر وأستراليا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان على شرف استضافة البطولة.

وفي مارس (آذار) الماضي، أرسلت لجنة القيم بـ«الفيفا» خطابا إلى اللجان المسؤولة عن جميع هذه الملفات التسعة بضرورة التزام القواعد واحترام أسلوب اللعب النظيف في حملاتها من أجل استضافة أي من البطولتين.

ولكن على ما يبدو أن بعض اللجان لم تلتزم بذلك كما لم يلتزم بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» بقواعد النزاهة والعدالة واللعب النظيف، مما دفع لجنة القيم بقيادة السويسري كلاوديو سولسر الذي تولى رئاسة اللجنة في مارس الماضي للتدخل في بعض الأحيان.

وبدا الملفان الروسي والإنجليزي هما الأوفر حظا في بادئ الأمر قبل بدء تراشق الاتهامات فيما بينهما.

ولكن هذا التراشق توقف عندما تقدم أليكسي سوروكين، الرئيس التنفيذي للملف الروسي، باعتذار عن الانتقادات التي وجهها للشباب الإنجليزي وكذلك بسبب انتقاداته بشأن ارتفاع معدلات الجريمة في لندن.

وقدم لورد ديفيد تريسمان في مايو (أيار) الماضي استقالته من منصب رئيس لجنة الملف الإنجليزي بعد ادعاءات بتوجيهه اتهامات إلى إسبانيا وروسيا بالرشوة.

وازدادت الأمور سوءا في الشهور التالية؛ حيث دار الجدل بشأن وجود تآمر واتفاقات سرية بين بعض الملفات للعمل سويا من أجل الحصول على تأييد بعضها البعض ضد الملفات الأخرى.

وتمنع قواعد «الفيفا» بشكل واضح مثل هذه الاتفاقات أو صفقات التأييد المشتركة بين الملفات.

وتعقدت الأمور بشكل أكبر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما فجرت صحيفة «صنداي تايمز» فضيحة فساد جديدة بين أعضاء اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا».

وكشفت الصحيفة عن أن النيجيري آموس آدامو والتاهيتي رينالد تيماري عضوي اللجنة التنفيذية لـ«الفيفا» عرضا بيع صوتيهما لصالح ملف بعينه في عملية التصويت المقررة اليوم مقابل الحصول على مبالغ مالية بدعوى استغلال هذه الأموال في بناء منشآت ومرافق رياضية في بلديهما.

وأصدر بلاتر تعليماته إلى لجنة القيم بـ«الفيفا» لبدء التحقيق في هذه القضية إضافة إلى التحقيق في ادعاءات بوجود تآمر بين بعض الملفات.

وأعلنت لجنة القيم في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن نتائج التحقيقات وقررت إيقاف تيماري لمدة عام واحد وآدامو لمدة 3 سنوات عن مزاولة أي أنشطة تتعلق بكرة القدم كما قررت اللجنة حرمانهما من المشاركة في عملية التصويت.

كما تم بث برنامج وثائقي على قناة «بي بي سي» قبل يومين وجه فيه الاتهام لثلاثة آخرين من أعضاء اللجنة التنفيذية هم ريكاردو تيكسييرا رئيس الاتحاد البرازيلي، والباراغوياني نيكولاس ليوز رئيس اتحاد أميركا الجنوبية (الكونميبول) والكاميروني عيسى حياتو، رئيس الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف).

ويخشى مسؤولو الملف الإنجليزي من أن يؤثر ذلك على ملفهم سلبيا بعدما جاء كشف هذه الفضائح عن طريق صحيفة وتلفزيون بريطانيين وهو ما قد يضاعف آمال الملف الروسي في الفوز بحق استضافة البطولة.

وتبدو فرص ملفي التنظيم المشترك ضئيلة؛ حيث ينتظر خروجهما من الجولات الأولى في عملية التصويت.

وبعد إلغاء سياسة المداورة (التبادل) التي ابتدعها الاتحاد الدولي وطبقها لمنح الفرصة إلى جميع القارات لاستضافة فعاليات كأس العالم، ستعود البطولة مجددا إلى أحضان القارة العجوز «أوروبا» في عام 2018.

ومع انسحاب الولايات المتحدة من الصراع على مونديال 2018 لتركيز جهودها في المنافسة على استضافة مونديال 2022 اقتصر عدد الملفات المتنافسة على مونديال 2018 على 4 ملفات تتضمن 6 دول. وسيكون مونديال 2018 هو بطولة كأس العالم الـ11 التي تستضيفها أوروبا، وفي حالة فوز الملف الإنجليزي أو الملف الأيبيري (إسبانيا والبرتغال) ستكون المرة الثانية التي تقام فيها البطولة في إنجلترا أو إسبانيا.

وقبل شهور قليلة، كان الملف الإنجليزي هو المرشح الأول لاستضافة مونديال 2018، لكن الفضائح التي كشفتها صحيفة «صنداي تايمز» و«بي بي سي» يعتقد أنها أضعفت فرص الملف وربما ساعدت الملف الروسي في القفز نحو الصدارة.

وما يدعم الملف الأيبيري (الإسباني - البرتغالي المشترك) أن المنتخب الإسباني توج بلقب بطولة كأس العالم في منتصف هذا العام.

بينما يدعم الملف الهولندي - البلجيكي المشترك هو عدم وجود أي قيود للمرور بين البلدين على الرغم من أن كل دولة منفصلة عن الأخرى.

وجندت الدول المتنافسة على الاستضافة كل أسلحتها لترجيح كفتها، وتوجه إلى زيوريخ رموز السياسة والفن والرياضة للترويج لملفات بلادها.

وأعرب قائد المنتخب الإنجليزي سابقا ديفيد بيكام عن ثقته في حصول ملف إنجلترا على فرصة عادلة في عملية التصويت لاختيار الدولة المضيفة للحدث.

وأكد بيكام أنه يثق تماما في نزاهة أعضاء اللجنة التنفيذية الـ22 للاتحاد الدولي، فهم «أشخاص يعملون من أجل كرة القدم وسيحرصون على إقامة بطولة كأس العالم في البلد الأمثل».

ويوجد الأمير وليام ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في زيوريخ لدعم ملف إنجلترا أيضا الذي حصل على دفعة معنوية جديدة بإعلان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين عزمه عدم السفر إلى زيوريخ، بعدما أوضح بوتين أنه لا يرى جدوى من حضوره التصويت، مشيرا إلى أن روسيا واجهت «منافسة غير شريفة» في طلبها لاستضافة بطولة كأس العالم للمرة الأولى.

وسيكون اللاعبان الهولنديان السابقان رود خوليت ويوهان كرويف على رأس العرض البلجيكي - الهولندي المشترك إلى جانب رئيسي الوزراء في البلدين. كما سيحضر أيضا رئيسا وزراء إسبانيا والبرتغال لدعم الملف المشترك لبلديهما.