علي الحبسي حارس ويغان: جون بورغ غرس داخلي حلم الدوري الإنجليزي وعمري 18 عاما

رجل الإطفاء العماني الذي خطف الأفضلية من نجوم إنجلترا قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يكره الغطرسة

TT

النجم العماني على الحبسي لم يصل إلى الدوري الإنجليزي كأقوى دوري في العالم فحسب، بل قدم نفسه كأحد نجومه بشهادة عدد من وسائل الإعلام الإنجليزية، وفي مقدمتها قناة «سكاي» الشهيرة، التي منحته الأفضلية حتى في وجود عمالقة فريقي مانشستر يونايتد وبولتون في لقاء تم بين الفريقين خلال الموسم الماضي، كما منحته أفضل لاعب، وأفضل حارس بين زملائه في التقاط الكرة في أحد تدريبات الفريق قبل عدة أسابيع.

الحبسي استطاع التغلب على الحظ العاثر كحارس مرمى والذي عادة ما توجه له سهام النقد عند وقوع الأخطاء، ولا يكاد يذكر اسمه حين يبدع ويتصدى لمهاجمي الفرق المنافسة، حين قدم مستوى جيدا مع فريقه الجديد ويغان في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، بعد أن غادر فريقه الأصلي بولتون بنظام الإعارة، بل وبات أحد نجوم الفريق عند أنصار ويغان، خاطفا الأضواء على غير العادة من المهاجمين ولاعبي الوسط، وأصبحت الجماهير سعيدة بالمستوى المتميز الذي يظهر به في حماية عرين الفريق، مما أدى إلى دخول النادي في مفاوضات جادة مع نظيره بولتون، للانتقال النهائي.

وقال روبرتو مارتينيز المدير الفني لفريق ويغان في تصريح أبرزته شبكة «سكاي سبورتس»: «نرغب أن تكون هناك منافسة في كافة مراكز الفريق، وأعتقد أن ضم الحبسي سيوفر هذا في حراسة المرمى».

وتابع: «الحبسي لديه شخصية قوية في المباريات، واكتسب خبرة كبيرة بعد قضائه أربعة مواسم في الدوري الإنجليزي، وأشعر بسعادة كبيرة لانضمامه إلى تشكيلة الفريق».

«الشرق الأوسط» بدورها توجهت إلى مدينة بولتون حيث يسكن النجم الخليجي علي الحبسي وأجرت معه لقاء مطولا، يحكي من خلاله مسيرته الرياضية بدءا من تحوله من فريق النصر العماني مرورا بالدوري النرويجي، حتى وجوده الحالي في الدوري الإنجليزي.

ضيفنا بدا متحمسا أكثر لفترة مقبلة، مؤكدا أنه يعي أنه وصل لشيء جيد، ولكنه ينظر للاستمرار والتألق وهي المهمة الأصعب كما يصفها من خلال الحوار التالي:

* في البداية نود معرفة السبب الرئيسي الذي منعك من المشاركة مع منتخب عمان في «خليجي 20» التي اختتمت؟

- بصراحة كنت تواقا وبشكل كبير للمشاركة في البطولة مع بقية زملائي في المنتخب العماني، وكذلك زملائي من أشقائنا من منتخبات الدول الخليجية الأخرى، وبكل صدق فإن بطولة الخليج لها مذاق خاص من يعرفه سيعرف قيمة المشاركة بها، ولكن الأنظمة رفضت وجودي هناك، إذ إنني الحارس الأساسي لفريق ويغان الإنجليزي وكان توقيت البطولة غير مناسب كما أن عدم الاعتراف الكامل ببطولة الخليج، هو سبب يجعل نادي ويغان يتمسك أكثر بعدم مغادرتي، خاصة أنني كنت مقبلا على ثلاث مشاركات مع فريقي، في نفس توقيت بطولة الخليج، وهي على التوالي أمام وست هام، ومن ثم الآرسنال، بالإضافة إلى اللقاء الثالث أمام ستوك، وهذه الأمور جعلت مشاركتي خليجيا شبه مستحيلة.

* لكن منتخب عمان خرج من سباق التنافس على اللقب وتمكن منتخب الكويت من الفوز بالكأس بعد غياب طويل عن منصات التتويج خصوصا أن الأزرق كان قد حقق البطولة 9 مرات؟

- بطولة الخليج هي بطولة المفاجآت من وجهة نظري، فالتوقع يظل صعبا، من خلال تاريخها الطويل، فالاسم لا يكفي، حتى المستويات الفنية في بعض الأوقات لا تكفي أيضا، كما هو الحال من التجارب الماضية.

* وكيف ترى آخر ثلاث بطولات قبل «خليجي 20» والتي ذهبت للدول المستضيفة؟

- هذا بالفعل، ويأتي على غير عادة بطولات الخليج، التي عادة ما تكون حبلى بالمفاجآت، على الرغم من أن المنتخب العماني حقق البطولة للمرة الأولى على أرضه، وكذلك قبله المنتخب الإماراتي هي المرة الأولى التي يحققها على أرضه أيضا، وكانت بلا شك مفاجآت جميلة، كون محقق البطولة اسما جديدا.

* ماذا تتذكر عن البطولة الماضية لا سيما أن الكثير يرى أنك أنت من حققتها للمنتخب العماني أمام المنتخب السعودي بعد أن وصلت المباراة النهائية لضربات الترجيح؟

- الأجمل هو أن يتحقق إنجاز تاريخي يعد الأغلى بالنسبة لنا كلاعبين، ولا يمكن أن ننسى هذه الفرحة وهذا هو الشعور الذي يعيشه أيضا كافة زملائي، وكنت سعيدا بأنني أقدم مستوى متميزا بالنسبة لي، توجته بعدم دخول أي هدف مرماي، أما مسألة تحقيق البطولة فقد اجتهدت ووفقت من الله، لكن كل زملائي كان لهم دور كبير، ولا يمكن أن ينسب الفضل لشخص بعينه، الكل شركاء في الإنجاز.

* دعنا نتوجه بالحديث عن وضعك هنا في إنجلترا ونبدأ من آخر المستجدات، وهو توجهك من نادي بولتون إلى ويغان، وكيف تم ذلك؟

- فيما يتعلق بي شخصيا بعيدا عن اهتمام الناديين، رأيت أنني مكثت فترة كافية لتحضير نفسي وزيادة خبرتي في نادي بولتون، وشعرت منذ نهاية الموسم الماضي أنها باتت لحظة مواتية، لإظهار ما أكتنز سواء من الجوانب الذهنية أو البدنية من خلال تجربتي الماضية، كلاعب أساسي وشريك في تحقيق البطولات في الدوري النرويجي، عقب ذلك حارس احتياطي في بولتون لثلاثة مواسم شهدت مشاركات بسيطة لي.

* وماذا كان يجول في ذهنك؟

- باختصار، كنت أشعر أن لدي القدرة للعب أساسيا في أي فريق إنجليزي.

* وما هي الخطوات العملية التي قمت بها لترجمة هذه المشاعر التي بداخلك؟

- كانت أول خطوة هي الصراحة مع نفسي والآخرين، فتوجهت فورا لمدرب الفريق أويون كوين، وكان ذلك قبل نهاية الموسم الماضي، وقلت له بكل وضوح، إنني أريد أن أشارك اللعب في الدوري الإنجليزي كلاعب أساسي، وأريد منك أن تمنحني الفرصة في الانتقال لأي فريق آخر يرغب في الحصول على خدماتي حتى لو على سبيل الإعارة.

* وماذا كان رد المدرب كوين؟

- لقد كان متفهما جدا لوضعي لا سيما أنه يعرفني جيدا كشخص وكلاعب، ففهمت منه أنه يثق أن لدي مستوى يؤهلني للظهور أمام الجماهير الإنجليزية بصورة مرضية، ووعد بأنه في حال تقدم أي ناد بطلب خدماتي فإنه لن يعارض ذلك أبدا وسيتيح لي الفرصة.

* يظهر من خلال هذا الموقف أن المدرب هو صاحب القرار الأول في النادي، أليس كذلك؟

- بالفعل هو كذلك، فليس هناك شخص في النادي له الأحقية في الحديث عن كافة القرارات الفنية والإدارية للفريق سوى المدرب.

* تابع الجميع لك العديد من اللقاءات التي مثلت فيها فريق بولتون وقدمت مستويات ناجحة، فما رأي المدرب حيال ذلك؟

- هنا يقولون لي في أكثر من مناسبة إنهم مقتنعون بمستواي ويرون أن لدي ما أقدمه لخدمة النادي ولذلك يتضح أنهم حريصون على بقائي معهم، لا سيما أنني شاركت في 15 لقاء بعد إصابة زميلي الحارس الأساسي، وكان الحكم الأول من قبل جماهير بولتون الذين أبدوا إعجابهم بمستواي، ولكن من الطبيعي أن يكون الحارس الأساسي هو يوسي ياسكلاينين فقد قضى ما يقارب الـ10 أعوام ويقدم مستويات جيدة بالإضافة إلى خبرته العريضة، لذلك كان هو الخيار الأكبر في تمثيل الفريق، وهذا جانب طبيعي خاصة في حراسة المرمى، فالفرص لا تكون بسهولة.

* وعن وضعك، ألم يكن هناك حل آخر أو انتظار فرصة أخرى مع بولتون كما فعلت في اللقاءات التي مثلت الفريق فيها؟

- ذكرت في إجابة سابقة أنه ينبغي علي أن أكون صريحا مع نفسي والآخرين، ولذلك وجود الفنلندي يوسي ياسكلاينين في الموقع الأساسي، بعيدا عن المقارنة الفنية بيننا، كان يؤيد فكرتي في التوجه لناد آخر، لا سيما أن مركز حراسة المرمى لا يتسع إلا لشخص واحد، على عكس بعض المراكز الأخرى التي تكون الفرص بها أكثر وفي أي لحظة أيضا، وفي وضعي وصلت سن الـ28 وهو عمر يفترض أنني أمثل فيه المواجهة المستمرة في اللقاءات الكروية.

* وماذا كانت أول إجابة لاحقة لك من المدرب بعد حديثك له؟

- حدثني بعد فترة وقال: «هناك عرض من نادي ويغان وإنهم مهتمون بك، وأنا وعدتك أن أساندك في وجهتك، رغم أنه يهمني وجودك معي في الفريق، ولكن مشاركتك كأساسي ستفيدنا أيضا، وتضيف لك المزيد من الخبرة، ودعما لك سأترك الخيار بين يديك» فأخبرته بموافقتي على ذلك، وكان العرض عبارة عن إعارة لمدة موسم واحد.

* كيف ترى أمورك حاليا مع ويغان؟

- بداية أحمد الله على توفيقه، الجميع سعيد بما أقدمه سواء الجهاز الفني أو زملائي اللاعبين وكذلك جماهير النادي، ولكن كل ذلك يظل بالنسبة لي بمثابة المؤشر، لأنني أطمح للمزيد.

* هل تتوقع أن نادي ويغان يرغب في انتقالك بشكل نهائي لصالحه؟

- هم قاموا بذلك بالفعل وأبدوا رغبة رسمية في الانتقال النهائي، ولكن بولتون رافض الفكرة حتى الآن، لكن على أي حال هو أمر يشعرني بأنني أقدم شيء مما كنت أحلم به.

* الثقة تصنع المعجزات كما يقال، وأنت تقدم في الدوري الإنجليزي مستوى يقف خلفه بلا شك ثقة كبيرة، فما هو مصدرها؟

- بلا شك أولها وأهمها ثقتي في الله عز وجل، صحيح أن الثقة جانب مهم كما ذكرت، لكنها ليست مجرد كلمة وتأتي بل تحتاج لفعل لكي تتحقق، وفي تجربتي لم تأتني الثقة من مجرد إحساس، بل كان يوازيها جهد بدني كبير من خلال مشوار طويل بدأ بتدريبات عند الخامسة فجرا في بلدي عمان، منذ أكثر من 10 أعوام.

* وما شعورك الداخلي دائما؟

- بصدق كنت أثق في نفسي كثيرا منذ الصغر، ومررت بأوقات أفكر فيها في الدوري الإنجليزي منذ كان عمري 18 عاما، ولكن كما أشرت لكم كان هذا نعمة من الله سبحانه، ولكن كان لا بد لي من تفعيل هذه النعمة، ببذل مجهود بدني يوازيها.

* وهل كنت تتوقع أن تصل لهذه المرحلة؟

- قد أجيب بنعم وقد أجيب بكلمة لا، ولكن بالنسبة لي أرى أن الأفضل من كلتا الإجابتين، هو أن الوصول بحد ذاته لن يكون مستحيلا، ولكن الصعب أن أستمر على ذات المكانة، لأن الاستمرار يكلف جهودا كثيرة من بينها بلا شك التضحية، تدريبات قوية، الحرص على مشاركة مستمرة في اللقاءات، ومحافظة على الصحة وغيرها الكثير.

* كيف سارت معك الأمور حتى وصلت إلى هذه المرحلة؟

- تدرجت في المراحل السنية في عمان، ثم توجهت للدوري النرويجي وأرى أنه كان نقطة التحول في حياتي، فهو على الرغم من عدم شهرته فهو قوي جدا ويشابه إلى حد ما الدوري الإنجليزي في صرامته، إضافة إلى البنية الجسمانية وقوة الاحتكاك، وطريقة اللعب التي تعتمد على الكرات الطويلة وكذلك الكرات العرضية، وكنت أشارك في اللعب أسبوعيا، وكل ذلك جاء بصورة تدريجية وهذا هو الذي يثبت أكثر من الوصول المفاجئ.

* معنى ذلك أن الفترة التي قضيتها في النرويج هيأتك كثيرا للدوري الإنجليزي؟

- بلا شك، ولكن في نفس الوقت وصلت هنا وبعض الجوانب الفنية تنقصني، والحمد لله أنني استطعت تطوير نفسي فيها، حتى الفترة التي كنت فيها احتياطيا، كنت أستفيد منها كثيرا من خلال اكتساب الخبرة من زملائي والجهاز التدريبي.

* اخترت هذا الموسم من قبل قناة «سكاي» الشهيرة، كأفضل حارس وكأفضل من يلتقط كرة في الأسبوع في لقاء ويغان أمام توتنهام، كما سبق أن حصلت على أفضل لاعب في مباراة بولتون ومانشستر يونايتد في وجود كافة نجوم الفريقين، كذلك أربع مرات أفضل لاعب من 15 مباراة شاركتها فريقك السابق، وكذلك أفضل لاعب في اللقاء أمام بايرن ميونيخ في أبطال أوروبا، ماذا يعني لك ذلك؟

- بصدق أحاول أن أنسى ذلك، لأني لو ركزت في ذلك فحتما سوف أحطم شعور التطلع والحماس الذي بداخلي شيئا فشيئا، ولذلك هو جانب واقعي، فعندما أفرح بتمكني من الحصول على نجومية في وجود عمالقة الدوري الإنجليزي، وأكرر التفكير في ذلك ربما أصاب بالفتور، ولكن تجنبا لأي ضرر لي، حتى لو على الجانب النفسي، أحفز نفسي دوما لعدم الالتفات لذلك، ووضعه في سجل الذكريات.

* دعنا نعد للوراء للاطلاع على بداية تأسيسك في عمان؟

- البداية كانت مع المدرب جون بورغ وهو مدرب حراس في المنتخبات العمانية لقرابة الـ15 عاما، وهو صاحب رقم أكثر لاعب يملك عدد مشاركات في الدوري الإنجليزي كحارس مرمى دولي، ولا تكاد تتوجه لأي ناد عريق في إنجلترا وتسأل عن جون بورغ إلا ويشار إليه بالبنان، واعتاد على الحياة في عمان ويعدها بلده، وتعرف على العمانيين، وهو الذي قام بتأسيسي في كرة القدم عامة وحراسة المرمى على وجه الخصوص.

* يبدو من حديثك أنك تحمل الكثير من التقدير للإنجليزي جون بورغ؟

- بكل تأكيد، جون بورغ كان بالنسبة لي أكثر من مدرب، هو الموجه لي في كل شيء، ولي معه مواقف كثيرة جدا لا تحصى فيها ذكريات جميلة بالنسبة لي، فتخيل أنه قال لي عقب مباراة شاهدني فيها، وأنا ما زلت صغيرا: «لو استطعت تطوير نفسك، سأنقلك للدوري الإنجليزي».

* ولكن أليست بمثابة صدمة بعض الشيء، عندما يأتي شخص لناشئ في سنك، ويؤكد لك بثقة أنه سينقلك للدوري الإنجليزي؟

- سؤال منطقي، ولكن هو قال طور نفسك، وعندما سألته عن ماذا علي فعله، قال إذا كنت جادا في ذلك، فاستمع لتعليماتي، وسأبدأ معك من الصفر، وهو ما حدث بالفعل، فتخيل في أوقات كثيرة ولحرارة الطقس العالية في منطقة الخليج وفي عمان أيضا، كنا نستيقظ عند الخامسة فجرا لأداء التدريبات، لتلافي ساعات الطقس الحارة، خاصة أنني مضطر لذلك، فقد كنت أعمل رسميا كرجل إطفاء، وكان ذلك يتطلب وجودي في عملي من الثامنة صباحا إلى الثامنة ليلا، أي 12 ساعة يوميا، ولكن الطموح والثقة والإصرار التي علمني إياها جون بورغ، جعلتني أواصل المهمة الشاقة.

* تتطلع للكرة بكثير من الجدية والاحترام، وتسعى لأن ترتقي فيها كما هو الحال مع أي وظيفة أخرى، هذا الإحساس لم يصل كثيرا إلى هذه الدرجة لدى بعض الأسر لا سيما في المجتمعات الخليجية، فالكرة هواية فقط، وأحيانا ربما تكون أمرا ثانويا، فما الذي هيأ لك ذلك؟

- هناك أسباب كثيرة، في هذا الشعور الجدي تجاه الكرة، منها بلا شك كوني من عائلة رياضية، بدءا بوالدي مرورا بأشقائي، كما أن الكرة هي عمل رسمي لي في هذه البلاد، له حقوقه وواجباته كأي وظيفة أخرى، وأرى أن نجاحي في تجربة النرويج ساهم أيضا في إيجاد دافع لي ولأسرتي كذلك حول توجهي الرياضي، وأحمد الله أن وفقني لأن أواصل الجهد حتى أصل إلى الدوري الإنجليزي، وما زلت أبحث أيضا.

* ماذا كان يجول في خاطرك وأنت تقوم بتجارب خارجية سواء في النرويج أو إنجلترا؟

- بكل صدق كل ما كنت أركز عليه أن أرفع علم عمان عاليا من خلال حضور يشرف العمانيين وبلا شك يشرف أسرتي أيضا، ولذلك كنت أبذل أقصى ما بوسعي لأن الموضوع يتعلق ببلدي وكذلك أسرتي فيجب علي كسب التحدي، وإلا فسيكون الطريق الآخر هو الفشل لا قدر الله.

* أقدمت على تجربة غير مسبوقة في الدول الخليجية، حدثنا عن بعض القرارات التي نفذتها للقيام بهذه التجربة؟

- قد يكون أبرزها بالنسبة لي أنني ضحيت بعملي الذي كان مصدر رزقي بعد الله، ولكني قررت ذلك بعد أن أتوكل على الله، واخترت الكرة لتكون مجال عمل لي في الخارج، خاصة أنه معترف بها هنا، وشعرت أنه لا بد من التضحية إذا ما أردت الوصول لهدفي.

* ألا ترى أنه قرار محفوف بالمخاطر؟

- بلا شك هو كذلك، وزد على ذلك أننا لم ندخل احتراف لعب كرة القدم في عمان، وسأتوجه إلى دول لا أعلم ماذا سيكون مصيري فيها، ولكنني حاولت الاستفادة من هذا القرار بشكل إيجابي فأنا أحدث نفسي دائما أنه لا يوجد لدي طريق سوى الذي أنا فيه، وأعني كرة القدم، بعد أن تركت عملي الأساسي، ولكن أريد أن أؤكد على نقطة مهمة، وهي أنني لم أتوجه هكذا، بمغامرة، لا بل كنت مرتبا الأمور وملما بالأنظمة، وماذا سيكون لي، وماذا علي، خاصة أن هناك من كان مختصا بمثل هذه الأمور، وهو مدربي جون بورغ، وأنا أذكر ذلك لأنني لا أريد أن يقوم أي شخص يقرأ هذا اللقاء بمغامرة دون حساب، ظنا منه أنني فعلت ذلك، فبكل صدق كانت كل الأمور محسوبة، وقبل ذلك توفيق الله.

* وكيف كان العرض الذي تلقيته من النرويج؟

- من الناحية المادية، أستطيع أن أقول إنه لا يذكر، بل إنني أستطيع أخذ ذات المبلغ وأنا في بلدي عمان، حتى إن المرتب الشهري الذي كنت أحصل عليه كان بالكاد يكفي لمصاريف شهر من المعيشة في النرويج.

* بلا شك كان في داخلك مردود إيجابي حتى لو على الجانب النفسي على الأقل؟

- كنت على ثقة أن المادة ستأتي في وقتها، ولكن الخبرة التي سأجنيها لن أجدها في الشرق الأوسط، والحق يقال أن المدرب جون بورغ كانت له جملة، ما زال صداها إلى الآن في مسامعي، وهي قوله: «إذا انشغلت بالتفكير في المادة، فإنك لن تتطور أبدا، ولن تحقق حلمك»، وهذا ما وجدته بالفعل على أرض الواقع.

* وكيف حصلت على العرض النرويجي؟

- له قصة خاصة، فقبل أن أنتقل للنرويج، كنت في طريقي للانتقال إلى بولتون الإنجليزي، حيث يرتبط جون بورغ بعلاقة جيدة مع بولتون، فرشحني لمدرب الفريق سام ألردايس مؤكدا أنه يرى أنني قادر على تقديم ما يفيد في الدوري الإنجليزي.

* وماذا تم حيال ذلك؟

- طلب بولتون خضوعي لتجربة ميدانية، وبالفعل توجهت إليهم وكانت الفترة، لم تزد على الأسبوعين، وقد أكدوا نجاحي ولله الحمد، وأن لدي ما أقدمه لهم، وكان عمري حينها 19 سنة.

* ولماذا لم توقع معهم في تلك الفترة؟

- اجتهدوا كثيرا مع إدارة الهجرة في بريطانيا لمنحي رخصة عمل هناك، ولكن الأخيرة رفضت رغم كل الجهود، حيث كان من ضمن الشروط أن أكون لاعبا ضمن المنتخب العماني الأول، وحينها كنت ألعب في منتخبي الناشئين والشباب، إضافة إلى أنه يتطلب أن يكون المنتخب العماني ضمن الترتيب العالمي في أول 75 منتخبا، ولعدم وجود هذه الشروط، لم أتمكن من الحصول على رخصة العمل في بريطانيا كلاعب.

* وماذا كان رد فعل المسؤولين في بولتون؟

- كانوا متذمرين كثيرا من ذلك، لأنهم كانوا حريصين على وجودي معهم، ولذلك حرصوا على إيجاد مخرج آخر يضمن لي العودة لهم مرة أخرى.

* وما هو ذلك المخرج؟

- عادة ما يكون للأندية الأوروبية علاقات ومصالح ثنائية فيما بينها، ولذلك توجه بولتون لنادي لين النرويجي وطلب منه استضافتي لديهم كلاعب، والأخير يعلم أنه عندما يهتم بولتون بأمر لاعب فمن الطبيعي أن يكون لديه مستوى فني جيد، ولكن رئيس نادي لين كان رافضا الفكرة رغم حماس الأجهزة الفنية للأمر، وحاول أن يقنعهم بصعوبة المجازفة بأخذ لاعب من دولة غير معروفة كثيرا على الصعيد الرياضي.

* وماذا كان رد فعل الجهاز الفني لنادي لين النرويجي؟

- لثقة الأجهزة الفنية بنادي بولتون واهتمامها بي، طلب مدرب الحراس من إدارة النادي منحه فرصة لمتابعتي عبر زيارة ميدانية إلى سلطنة عمان، وهو ما تم بالفعل، حيث حضر اللقاء النهائي لكأس السلطان قابوس حيث كنت أمثل ناديّ الأصلي النصر في المواجهة التي جرت أمام فريق ظفار.

* وهل سنحت الظروف لإظهارك مستوى يؤكد رؤية مدرب الحراس؟

- نعم ولله الحمد، فعقب فوزنا في اللقاء، اتصل مدرب الحراس برئيس النادي، وأوضح أنه مقتنع أكثر بما قدمت، وأن بإمكاني تقديم شيء للفريق النرويجي، مؤكدا أن ذلك على ضمانته الشخصية، وتم انتقالي إلى هناك لمدة ثلاثة مواسم بعقد أستطيع وصفه بالزهيد نوعا ما، ولكن كما أسلفت لكم لم يكن همي المادة في تلك الفترة، بل كان هدفي هو الدوري الإنجليزي، كما بدأ هذا الحلم الذي زرعه بداخلي المدرب الإنجليزي جون بورغ.

* وكيف تقيم تجربتك في النرويج؟

- لقد كانت مرضية، على الأقل من الناحية الرقمية فقد حصلت على أفضل حارس في الدوري النرويجي، ووصلنا إلى نهائي الدوري، بعد أن كان الفريق في مستويات متأخرة بعض الشيء، وكتب أنني حققت رقما قياسيا في النرويج، بأن ألعب 26 لقاء ويدخل مرماي 20 هدفا.

* خلال مسيرتك الاحترافية لا سيما في بدايتها هل واجهت بعض الظروف الصعبة أم أن الأمور كانت تسير بشكل ميسر؟

- بصراحة، أشعر أنني أعجز في الحديث عن وصف الظروف التي مررت بها، ولا أعني بذلك أن أظهر نفسي كبطل، فما زلت في البداية، صحيح أنني اجتهدت كثيرا في الجانب التدريبي هناك، ولكن هنا أقصد الأمور الأخرى في حياتي.

* مثل ماذا؟

- الحقيقة أن العرب بشكل عام، ومجتمع الخليج بشكل خاص لديهم تقاليد اجتماعية صعبة، لذلك تخيل الوضع وأنا أترك والدي ووالدتي وكل مجتمعي هناك، وأتوجه إلى بلد في أقصى أوروبا، وهو بلد قد يكون صعبا على الأوروبيين من خارج النرويج، فكيف بي! فكان هذا الجانب صعبا، ومتعبا، والجانب الأصعب هو الأجواء، فتخيل أننا نقوم للتدريبات في أجواء باردة 10 أو 15 درجة مئوية تحت الصفر، وهذا لا يكون في صالات داخلية، بل في الخارج، وأتذكر عقب أحد التدريبات أنني لم أستطع خلع حذائي من شدة البرد، كما أن فترة الشتاء تشعرك أن البلد يعيش في ظلام، والشمس لا يمكن رؤيتها سوى لساعات قليلة.

* هل كان برفقتك أحد هناك؟

- لا لم يرافقني أحد، وهذا ما صعب المهمة أكثر، لا سيما أنني توجهت وأنا لم أتجاوز سن الـ19، ولم أستطع التعرف على أحد هناك مبكرا، لا سيما أن الدول الاسكندنافية لا يوجد بها عرب كثيرون، ربما لصعوبة الطقس فيها، وكذلك لبعد مسافتها.

* وكيف كنت تتواصل مع الناس هناك؟

- إنجليزيتي في تلك الفترة لم تكن سيئة فكنت أتواصل معهم من خلالها، ولكن كان هناك مجموعة قليلة من العرب، توصلوا إلي، وحقيقة كانوا بمثابة الأهل، وقدموا لي خدمات لا يمكن نسيانها، خاصة أنني كنت أواجه بعض الصعوبات، فأنا لا أعرف الطبخ، وحتى عندما أبحث على سبيل المثال عن المأكولات الخالية من لحم الخنزير، لم أكن أجدها، ولكن من خلال تعرفي على هؤلاء الناس، بدأت أتقلم مع البلد شيئا فشيئا.

* هذا عن العرب، فماذا عن أهل البلد النرويجيين؟

- وفقت في أن أبني علاقة جيدة معهم، بل أصبحنا متآلفين أكثر، لا سيما مشجي الكرة، بعد أن تمكنت من تقديم مستويات مرضية، بل ومقرونة بنتائج وإنجازات للنادي الذي ألعب له، وقد قاموا بعمل لم أكن أتوقعه كتقدير لي، عندما رسموا لوحة كبيرة عند مغادرتي منتقلا لبولتون، وكتبوا عليها بالعربي والإنجليزي: «وداعا علي وشكرا»، وهذا يدل على شعورهم الكبير تجاهي.

* عندما يجد المهاجم أو لاعب أو الوسط أو حتى المدافع رصيدا جيدا من الجماهيرية أو النجاح فهذا طبيعي، ولكن ذلك يبدو بمساحة ضيقة مع حارس المرمى، فكيف ترى ذلك في تجربتك؟

- أحمد الله على توفيقه، بداية أرى أن حراسة المرمى تحتاج إلى صبر غير طبيعي، وهذا على مستوى كثير من الحراس، فقد بقيت احتياطيا قرابة الأربع سنوات وهذه فترة ليست بالقصيرة، حتى إنني كنت أسمع هذه الملاحظات من كثير من زملائي اللاعبين.

* مثل ماذا؟

- أتذكر وأنا في بولتون كان الكثير من زملائي يقولون لي، إمكاناتك جيدة وتستطيع اللعب لناد آخر، ومع ذلك أنت تصبر سنوات ليست بالقليلة، ولكن كما أسلفت لكم أنا أتفهم ذلك في حراسة المرمى، فهذا شاي غيفن واحد من أبرز الحراس في إنجلترا، ومع ذلك هو احتياطي الآن في مانشستر سيتي.

* وكيف جاء توجهك لبولتون الإنجليزي؟

- معظم الشروط التي كانت تحتاجها إدارة الهجرة في بريطانيا لمنحي رخصة عمل، اكتملت فقد لعبت في دولة أوروبية لمدة 3 مواسم، كما أنني مثلت المنتخب العماني الأول لمدة موسمين، ولذلك تمت الأمور بيسر وسهولة، بل وأفضل من السابق وعلى نحو لم أفكر فيه من قبل.

* وكيف ذلك؟

- تجربتي في النرويج، كانت تأهيلا نموذجيا لي للعب في الدوري الإنجليزي، فسارت الأمور بصورة متدرجة، وكان رفض إدارة الهجرة البريطانية لمنحي رخصة العمل في المرة الأولى خيرا لي، لأنني تأهلت بشكل تدريجي للدوري الإنجليزي.

* وهل كانت تجربتك كافية للعب في الدوري الإنجليزي؟

- بالنسبة لي أرى أنها جيدة، ولكن كان أمامي مرحلة أخرى للمزيد من التأهيل، فبلا شك الدوري النرويجي يعتبر قويا، ولكن الإنجليزي هو الأقوى، ولذلك كان هناك مرحلة أخرى في الدوري الإنجليزي، ولكن لا شك أن تجربتي في لين النرويجي اختصرت لي الكثير.

* عادة كيف يكون برنامجك الإعدادي سواء في ويغان أو بولتون من قبل؟

- هو مجهد للغاية، لا سيما في بداية الموسم، حيث نتوجه كحراس مرمى بمعية مدرب الحراس، إلى منطقة أخرى للقيام بمعسكر تأهيلي، ونتدرب ثلاث فترات يومية، وكون النهار طويلا خلال فترة الصيف التي يكون فيها الإعداد، تكون الفترة الأولى في الصباح، والثانية في الظهيرة، والثالثة قبيل فترة الغروب، أما بالنسبة للتغذية، فمعظم الوجبات نتناولها في النادي، وهنا جهاز غذائي يرشدنا إلى الأغذية المهمة للاعب، وقد اعتدت على الغذاء الملائم.

* أثناء وجودك احتياطيا ألا يؤثر ذلك على التحضير الجيد الذي كنت قدمت به من النرويج؟

- أنا كنت أشارك مباراة أسبوعيا في الدوري الاحتياطي أو (الريزيرف) كما يعرف هنا في إنجلترا، صحيح أنه ليس الشيء الذي يبحث عنه اللاعب ولكن يظل جيدا أن تواصل ممارسة اللعب، كما أن نجوم الدوري الإنجليزي يشاركون به أيضا كجانب تأهيلي لهم، أو إذا لم يحصلوا على فرصتهم للمشاركة، كاللاعبين مايكل أوين، وكذلك لحارس مانشستر يونايتد فان ديرسار، وغيرهم الكثير وهذا طبيعي جدا.

* ما هو تخطيطك المقبل؟

- بإذن الله سأبذل أقصى ما أستطيع من تجهيز وتدريبات، والتوفيق بيد الله، وأنا عازم على البقاء في ممارسة الكرة لا سيما في أوروبا لسن الـ37، إذا لم أتعرض لأي إصابة.

* كيف وجدت نفسك داخل مجتمع اللاعبين في الدوري الإنجليزي؟

- أي لاعب يستطيع التأقلم مع اللاعبين هنا في الدوري الإنجليزي سريعا، وأنا لا أتحدث عن الجانب الفني، ولكن الجانب الاجتماعي، فلا أحد يتدخل هنا في خصوصيات الآخر، وكل الأمور عن الكرة فحسب، أي لا يوجد عنصرية أبدا، بل أكثر من ذلك، ففي نادي بولتون سابقا وفي ويغان حاليا، يجهزون مكانا خاصا للاعبين المسلمين ليؤدوا صلاتهم، وكذلك يوفرون لهم الطعام الحلال الخاص بهم.

* وماذا عن المنافسة بين اللاعبين لتمثيل الفريق كيف يتم ذلك، هل يوجد تجاوزات تتعدى حدود المنافسة الشريفة بهدف تمثيل الفريق كأساسي؟

- أبدا لا يوجد شيء من هذا القبيل، بل هو تنافس شريف، وكل لاعب حسب مستواه فقط، فمثلا عندما توجهت لفريق ويغان، كنت في أول ثلاث لقاءات احتياطيا، ولكن أصيب الحارس الأساسي، فمثلت الفريق وظهرت بمستوى جيد فبقيت في المركز حتى هذا الوقت.

* نسمع كثيرا عن اللاعبين الأجانب خاصة الأوروبيين عندما يتوجهون للدوريات العربية أنهم يهتمون بتطوير أنفسهم ذاتيا، فمثلا البقاء عقب انتهاء التدريبات لزيادة معدل تسديد الكرات، وغيرها فماذا تقوم به أنت لكي تبقى في كامل الجاهزية؟

- أنا أهتم بذلك طبعا، وقوة حارس المرمى هي شيء مهم، ولذلك أحرص على تقوية نفسي، بممارسة حمل الأثقال، ولكن ليس لتضخيم الجسم عن المعتاد كما يفضل لاعبو كمال الأجسام، وإنما تقوية فحسب، خاصة أن الدوري الإنجليزي يتميز بخطورة الكرات العرضية في ظل توفر لاعبين أصحاب بنية جسمانية قوية.

* طولك 193 سم، ووزنك 91، هل تتوقع أن هذه المواصفات تجعلك ملائما للدوري الإنجليزي؟

- الحمد لله على نعمته، بلا شك تساعدني، وأنا لست من اللاعبين الأطول في الدوري الإنجليزي، ولا الأقصر، ولكن في الوسط، وهذا يعتبر جيدا جدا في الدوري الإنجليزي.

* تواجه العديد من عمالقة الكرة حول العالم وجها لوجه في لقاءات الدوري الإنجليزي، ما شعورك كأول لاعب خليجي؟

- بكل صدق أنا أستمتع كلما أجد نفسي أواجه فرقا قوية مثل مانشستر يونايتد، وبايرن ميونيخ، وغيرهما من الفرق التي تضم نجوما من العيار الثقيل، وأزداد حماسا.

* ألا تصاب برهبة أحيانا خاصة وأنت تواجه عمالقة اللاعبين؟

- أي لاعب داخله الخوف لن يستطيع تقديم مستواه الحقيقي، أما نظام الدوري الإنجليزي فاللاعب الذي لديه رهبة لن يجد نفسه هنا بل حتما سيتوجه إلى مكان آخر غير إنجلترا.

* في رأيك لماذا لا يتوجه مزيد من اللاعبين الخليجيين للاحتراف الخارجي؟

- ليس لدي إجابة دقيقة، ولكن أتوقع أن معظمهم يرى أنه يجد دخلا ماديا جيدا، وهو بين أهله وذويه، فيرى أنه لا يوجد هناك حاجة للغربة، مع العلم أننا لو ركزنا لوجدنا أن أكثر اللاعبين العمالقة في عالم الكرة هم في الغالب من مجتمعات بسيطة، وليست ثرية.

* هل ترى أن التقصير يأتي من اللاعبين الخليجيين أنفسهم؟

- لا أتوقع ذلك بل هناك أسباب أخرى، فهم لم يجدوا المساند لهم لاتخاذ هذه الخطوة، فمثلا أنا وجدت من يهتم بي ويوصلني إلى أوروبا ومن ثم الدوري الإنجليزي، ولذلك اللاعب الخليجي لا يتحمل المسؤولية بمفرده، فمثلا إسماعيل مطر حصل على أفضل لاعب في كأس العالم للشباب، وهذا دليل على وصولنا كلاعبين خليجيين، فلو وجد من يهتم به ويوصله للعالمية لربما وجدناه في أي دوري أوروبي، كذلك اللاعب نواف التمياط الذي كنت أعجب به كثيرا وأتوقع أنه يستطيع الوصول للعالمية ولكن ذات الأسباب لم تساعده، فأنا أتذكر أنه حصل على عرض هولندي، ولكن لم يحدث شيء، بل إنني أجزم لو أن ياسر القحطاني مثلا أو محمد نور وجدا في الدوري الإنجليزي منذ سن مبكرة لفعلا شيئا، وصدقني من ناحية المهارة الكروية، لدينا ما هو أفضل من إنجلترا، ولكن الفرق في النظام والتأهيل الذي يحصلون عليه هنا.

* ما سبب التباين الكبير على الأقل من الجانب البدني الذي نراه بين لاعبي المنتخبات الخليجية ولاعبي المنتخبات العالمية؟

- الجانب الأول هو أن الحمل التدريبي الذي يتلقاه اللاعب في أوروبا يختلف عن اللاعب في دول الخليج، ولكن حتى وإن تم حل هذه النقطة، فهناك جانب آخر لا يقل أهمية وهو الاحتكاك بالفرق القوية والعالمية، وهذا تقريبا شبه معدوم في الكرة الخليجية، بل يبدو احتكاكنا فقط مع بعضنا، ولذلك لم نتغير كثيرا، على عكس منتخبات كاليابان وكوريا الجنوبية، فهم لم يتطوروا فحسب بل لاعبوهم أيضا يلعبون في الدوريات الأوروبية، وكل ما أتمناه هو أن أرى زملائي من الدول الخليجية في الدوريات الأوروبية.

* ومن خلال احتكاكك ببعض هؤلاء النجوم، كيف تراه بعد أن يتحول إلى عالم الثراء؟

- معظمهم يستمر على نفس النهج، بل ويطور نفسه أكثر، على الرغم من أن بعضهم بات يتحدث بملايين الجنيهات، ولكن الطموح لا يتوقف، كما أن ذلك هو عمل بالنسبة لهم.

* ما الجوانب التي تراها مهمة بالنسبة لك كلاعب فيما يختص بعلاقتك بالإعلام؟

- هي نقطة مهمة بالنسبة لي بلا شك، وهي أنني عندما أتحدث في بعض وسائل الإعلام، أكره أن يعتقد البعض أنني متغطرس، فهو جانب ليس من صفاتي، وأود أن أركز على نقطة أخرى آمل أن تنقل من خلال صحيفة «الشرق الأوسط» الغراء، لكل رياضي خليجي على وجه الخصوص، كون أشقائنا العرب قد سبقونا بمثل هذه الخطوات، بأنني لم أقدم كل ما أطمح له، وما زلت أريد المزيد، وبإمكان أي رياضي خليجي متى ما اجتهد أن يفعل أفضل مما قدمت فالموهبة موجودة لدينا، ولكن أقولها صريحة إن بعض وسائل الإعلام - بالتأكيد دون تعمد - أوصلت صورة قد توحي للبعض أنني أتغنى بما أقدم، ولكني في الأخير، أنا فرد كغيري من الرياضيين العرب، قد أخطئ وقد أصيب، وفي وضعي كل ما حدث فقط أنني اجتهدت فوفقت.