عبد المجيد كيال: لن نتطور إلا بفصل اتحاد الكرة عن رعاية الشباب

أول قائد للمنتخب السعودي قال إنه لا يوجد لاعب محلي يستحق أكثر من 30 مليون ريال

TT

اعتبر أول قائد للمنتخب السعودي المشارك في الدورة العربية في بيروت 1957 (قبل 53 عاما)، عبد المجيد كيال، خطوة الفصل بين الأندية السعودية ورعاية الشباب بشكل كلي من ضرورات تطبيق الاحتراف بصورة صحيحة، لتمتلك قراراتها بشكل مستقل دون الرجوع إلى أي جهة من شأنها عرقلة مساعيها في إيجاد مداخيل إضافية تحل من الأزمات المالية التي لا تخلو منها الأندية، كاشفا، في حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط»، أن معاندة بعض الإدارات أوصلت عقود اللاعبين إلى مبالغ ضخمة جدا، لا يستحقها اللاعب السعودي، مبديا شفقته من خلال متابعته لدوري زين السعودي على الأندية ذات الدخل المتواضع، التي وصفها بـ«الفقيرة» لأنها لن تتمكن من منافسة أندية أخرى تتجاوز ميزانياتها السنوية الـ120 مليون ريال، موضحا أن هناك كوادر وطنية سعودية لديها الفكر والخبرة يمكن للاتحاد السعودي أن يستعين بها لوضع أنظمة ومعايير تسهم في حل الكثير من المعضلات التي تواجه الأندية، خصوصا العوائق المادية التي وقفت حجر عثرة أمام التطور والمنافسة، مبينا أن شراء الأندية لمقراتها ومنشآتها أمر هام لتختار لنفسها الرعاة المناسبين وفق ما تراه الإدارات.

* كيف ترى استقلالية اتحاد كرة القدم، وهل أنت من مؤيدي فصله عن العمل الحكومي والرئاسة العامة لرعاية الشباب؟

- بما أننا طبقنا نظام الاحتراف بشكل جدي، فلا بد من فصل اتحاد الكرة وبشكل كلي بجميع لجانه وميزانيته وموظفيه عن رعاية الشباب، وأعتقد أن الاتحاد الآسيوي فرض على الأندية التي تريد المشاركة في بطولاته تطبيق الاحتراف بشكل كامل ورسمي ولتكون أندية متخصصة وكيانات مستقلة، وبالتالي عليها أن تستقل عن رعاية الشباب ودون تدخلات من الأخيرة، ووضع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على أثر ذلك عددا من الشروط والالتزامات، وعندما بدأ الاحتراف في السعودية، وذلك قبل 18 عاما لم يكن مفهوم الاحتراف بمعناه الحقيقي، وكان متذبذبا بين الهواية والاحتراف، فنجد الأندية نصف صلاحياتها بيد الرئاسة العامة لرعاية الشباب كأنها فرع تابع لإدارة حكومية تديره، فهذا لا يسمى احترافا، ولكن بعد صدور تعليمات من الاتحاد الآسيوي بدأنا نضع الخطوة الأولى، ومع الأسف لم نكن مستعدين ماديا ولا استثماريا ولا اقتصاديا، وما دام دخلنا الاحتراف بجدية وبثقافة ثانية تختلف عما كانت في السابق، فيجب أن نصل إلى أرضية سليمة، كما هو الحال في أوروبا وأميركا وآسيا، فمعظم الأندية ترعاها شركات، وليس لها علاقة بالحكومة، ولا تأخذ الإذن منها، بل هي مجرد منظم للبطولات وتوحد التعليمات، وما نشاهده حاليا في أنديتنا غير سليم، فلا توجد لوائح موحدة تسير وفقها، ولا يمكنها أن تدق مسمارا في أي مشروع مهما كان حجمه إلا عن طريق الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهذا ما جعل الأندية «مكتفة» لا تستطيع تسيير أمورها، وهو ما أثر على مداخيلها المالية.

* مواقف مجلس الشورى السلبية الدائمة من رعاية الشباب واتحاد الكرة وبرامجهما.. هل أنت من المؤيدين لهذه المواقف أم لا؟

- أرى أن دور مجلس الشورى سلبي إلى حد ما، كما أن له الحق في أن لا يتفاعل مع الرياضة بعد أن درس المواضيع التي تقدمت بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فوجد أن هناك قفزات هائلة من الناحية المادية، وأيدت ذلك وزارة المالية التي أكدت شراء وبيع اللاعبين بمبالغ تتجاوز الـ30 مليون ريال، فالوزير خلال 10 أعوام لا يحصل على ربع هذه المبالغ الضخمة التي دفعت خلال الأربع سنوات الماضية، فهي مبالغ فيها جدا لأي لاعب، وبالتالي مجلس الشورى لديه العذر في موقفه تجاه رياضة كرة القدم، ولكن لا بد من معالجة الموضوع كون الرئاسة متورطة ما بين وزارة المالية ومجلس الشورى، وليس عندها المبررات القوية التي تستطيع الاستناد إليها حتى تستطيع على الأقل أخذ 50% من الأمور التي تحتاجها.

* بعد مرور 18 عاما على الاحتراف، هل تعتقد أننا وصلنا إلى الاحتراف الحقيقي؟

- في اعتقادي إن النسبة التي وصلنا إليها في الاحتراف لا تتجاوز 30 إلى 40%، وحتى نصل إلى احتراف حقيقي هناك متطلبات لا بد من تطبيقها، ويأتي أبرزها الوعي والأنظمة، إذ لا بد من تغييرها، أضف إلى ذلك يجب أن تمتلك الأندية الحرية في اتخاذ القرارات، بحيث لا تحتاج إلى إذن في إقامة المعسكرات أو الإسهام، ينبغي أن يكون هناك خطوات جريئة قبل الدخول في المرحلة الثانية للاحتراف، وبالنسبة للأندية الصغيرة تعتبر فقيرة إذا كانت تبحث عن الدخول في الاحتراف الآسيوي، فالميزانية لا تغطي المصاريف التي يتكبدها النادي، فالتعاون والرائد ونجران.. وغيرها من الأندية الأخرى ميزانيتها لا تتعدى الـ5 ملايين رغم أنها أندية محترفة، فكيف يستطيع أن ينافس وهذه الأوضاع تؤكد لنا أن الدوري السعودي مستقبله لا يبشر بالخير، وسيضعف من الناحية الفنية نظرا إلى وجود أندية تحضر لاعبين بمبالغ ضخمة، وأخرى تتعاقد مع لاعبين لا يتجاوزون المليوني ريال، فكيف ستكون المنافسة.

* ماذا عن الشركات الراعية والدعم الذي يقدمه أعضاء شرف النادي.. ألا تعتقد أنه يسد حاجة الأندية؟

- أعضاء الشرف الداعمون لأنديتهم مصيرهم إلى التوقف، وكذلك بالنسبة للرعاية، فهي لا تغطي إلا جزءا بسيطا لا يتعدى 30%، فجميع الأندية تعاني من العجز المالي بدليل الرواتب المتأخرة، علما بأنه لو انسحب داعم أو داعمان من الأندية الكبيرة كالهلال والاتحاد والأهلي والشباب سيكون وضعها أقل من الأندية الصغيرة، وأعضاء الشرف سئموا من الدعم، ولا توجد حلول قريبة لهذه المشكلة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وشركات الاتصالات التي ترعى الأندية الكبيرة باستثناء «موبايلي»، حسب ما فهمت، ستكتفي برعاية ناد واحد فقط وهو الهلال خلال المرحلة المقبلة، فالنواحي النظامية تحتاج إلى إعادة صياغتها من جديد، فكيف يكون لي كيان اسمه الهلال أو الاتحاد وأنا في الأصل لا أملك الكيان، فلا بد أن أملك المنشآت والمقرات ليكون عنوانا أساسيا يسندني، فاسم الهلال والاتحاد معلق ولو طلبت الحكومة خروج هذه الأندية من مقراتها فإن الكيان سينتهي، أين سيذهب النادي في هذه اللحظة، وطلبي الأساسي في هذا الموضوع أن يتم العمل خطوة تلو الأخرى، فالخطوة الأولى: لا بد من إعادة صياغة الأنظمة الرياضية بصفة عامة، وخصوصا ما يتعلق بكرة القدم والاحتراف، والخطوة الثانية: منح الفرصة للأندية القادرة لشراء المقرات والملاعب والمنشآت من الحكومة، حيث هذه الملاعب لم تكلفها 100 مليون، ومثل أندية الهلال والاتحاد قادرة على شراء مقراتها بحيث يتم التقسيط عليها في كل سنة مثلا 25 مليون ريال، فمن هنا يبدأ الاحتراف بحيث تستطيع الأندية أخذ حريتها في اتخاذ جميع الشؤون المتعلقة بها.

* كيف تقارن عقود اللاعبين قبل 10 سنوات وعقودهم في الوقت الراهن؟

- للأسف المقارنة لا تذكر، فميزانية أي ناد قبل عشر سنوات لا تتجاوز 15 مليونا في الهلال والاتحاد والأهلي والنصر، وكانوا يتعاقدون مع لاعبين على مستوى عال، والوقت الحالي لو نظرنا إلى ميزانية هذه الأندية الكبيرة نجدها تقدر بـ120 مليونا، بمعنى أنها تضاعفت 10 مرات تقريبا، والسبب في ذلك أن الأندية دخلت قبل فترة في تحديات على حساب إهدار أموال النادي، وليس على حساب مصلحة الكيان، وعندما تتنافس إدارتان من أجل إحضار لاعب ويساهمان في رفع سعره ليصل إلى 40 مليون ريال، وفي الحقيقة لا يوجد لاعب محلي يستحق 30 أو 40 مليونا، وهناك لاعبون انتقلوا بمبالغ ضخمة أرهقت ميزانيات الأندية، والتحديات ابتدأت من اللاعب ياسر القحطاني، حيث كان الصراع والعناد بين الهلال والاتحاد حتى وصل سعره إلى 40 مليون ريال، وكان هناك لاعبون لا يقلون عن مستواه إلا بشيء بسيط لا تتجاوز أسعارهم 800 أو 900 ألف ريال، وبعد ذلك تمسكت الأندية بهذه الأسعار، حتى إن بعض رؤساء الأندية أساءوا، هداهم الله، وذلك بالبحث عن تحقيق الإنجاز على حساب إهدار أموال النادي ومضايقة أعضاء الشرف، بغض النظر عن قيمة اللاعب، وهذه الخطوة أساءت للاحتراف.

* ماذا تحتاج الكرة السعودية لإثبات حضورها في المنافسات القارية والعالمية؟

- هي بحاجة إلى دعم على مستوى عال من بعض الكوادر الوطنية من أجل العمل في اتحاد الكرة على وجه التحديد، لتتمكن من وضع آلية في برامج المسابقات، وحلول للقضايا التي تخرج من الأندية من وقت إلى آخر، وأهمها مشكلة عدم وجود دخل كاف للأندية، فلا بد من إيجاد طرق ناجعة وسريعة لتأمين دخل للأندية في ظل فرضهم وإجبارهم الدخول في الاحتراف الآسيوي، فهل من المعقول مليون ونصف المليون يكفي كإعانة لأندية تبحث عن المنافسة في المسابقات المحلية والآسيوية والعالمية؟ وحتى تحتفظ الرئاسة بالأندية كمؤسسات تابعة لها لا بد من الدعم، أو يتركوا الأندية تتصرف بالشيء الذي تستطيع فعله، أما أن تراقب الرئاسة تصرفات وشؤون الأندية بلا دعم كاف فهذا غير معقول من وجهة نظري.

* وأنت تتابع دوري زين السعودي للمحترفين هذا الموسم، ما الموقف الذي لفت انتباهك؟

- بكل أمانة لم يلفت نظري شيء سوى أن الأندية الصغيرة الفقيرة لا يمكن أن تدخل في المنافسة على اللقب في ظل وجود أندية الاتحاد والهلال والشباب النصر، وسيستمر الوضع على ما هو عليه كون هذه الأندية لديها أكبر ميزانية، وصرفت مبالغها على لاعبين محليين وأجانب، وبالتالي أمل الفرق الأخرى ضعيف في المنافسة، وبالنسبة للاعبين لا أعتقد أن هناك لاعبا متميزا، فاللاعب الذي قيمته 40 مليون ريال واللاعب الذي قيمته 400 ألف مستواهما متذبذب، وهذه قاعدة عامة، والكلام على مسؤوليتي، ففي جميع الأندية ومهما كان اسم اللاعبين أو المدربين سيأتي الوقت الذي تهبط فيه مستوياتهم، وهذه طبيعة كرة القدم، وهناك أمثلة على أندية الهلال والاتحاد والشباب، فاللاعبون لم يتغيروا، إلا أنهم في عدد من المباريات ظهروا بمستوى فني متذبذب، وفي دوري هذا الموسم تابعنا عدم الاستقرار الذي مرت به جميع الفرق المشاركة.