فيرغسون يضرب الرقم القياسي لأطول فترة لمدرب في تاريخ مانشستر يونايتد

مع الاعتقاد بأنه أفضل مدرب بإنجلترا.. مشجعو ليفربول يرون بوب بيسلي الأعظم

TT

احتفل أمس السير أليكس فيرغسون بمناسبة خاصة وهي تحقيقه لرقم قياسي في المدة التي يقضيها مدرب في قيادة ناد واحد، حيث امتدت مسيرة المدرب القدير مع المارد الإنجليزي مانشستر يونايتد إلى 24 عاما وشهر واحد و15 يوما، ليحطم الرقم القياسي لمات بوسبي، وينتزع منه لقب المدرب الأكثر استمرارا مع الشياطين الحمر.

وفي العصر الحديث حيث لا يدوم الرضا عن مدرب لمدة طويلة، نجح فيرغسون في كسر جميع القواعد وحقق هذا الإنجاز الفريد كما وصل في الموسم الحالي بالفريق إلى صدارة الدوري الإنجليزي وبفارق نقطتين أمام أقرب ملاحقيه.

ورغم تقدم العمر ما زال فيرغسون، 68 عاما، يتحرق رغبة في تحقيق النجاح رغم إحرازه 11 لقبا في الدوري الإنجليزي وخمسة ألقاب في كأس الاتحاد وأربعة ألقاب في كأس رابطة المحترفين (كأس كارلينغ) ولقب كأس الكؤوس الأوروبية.

ووفقا لفلسفة فيرغسون فإن بطولة دوري أبطال أوروبا، هي الجائزة الكبرى، التي يبحث عنها دائما والتي نجح في إحراز لقبين لها مع الفريق.

وتفوق فيرغسون على بوسبي في حجم الإنجازات، حيث اكتفى الأخير بإحراز خمسة ألقاب في الدوري الممتاز ولقبين في كأس الاتحاد الإنجليزي ولقب كأس أوروبا، ولكن الزمن تغير الآن بعد أن كانت الفروق محدودة للغاية بين الفرق وكان من السهل الفوز بالألقاب.

ولكن بوسبي نجح في صناعة النادي وإعادة تأسيسه من الصفر تقريبا، عقب الحرب العالمية الثانية، ودعم الفريق بلاعبين صغار، ثم أعاد بناء الفريق مجددا عقب تحطم الطائرة التي كانت تقل الفريق في مدينة ميونيخ الألمانية.

وعندما تولى فيرغسون قيادة الفريق عام 1986، كان مانشستر قد خاض 19 موسما دون أن يحرز لقب الدوري الإنجليزي.

واحتاج فيرغسون إلى سبعة أعوام للفوز باللقب للمرة الأولى، ولكنه كان في طريقه للإقالة لولا تسجيل مارك روبينز هدف التعادل في وقت قاتل مع نوتنغهام فورست في كأس الاتحاد الإنجليزي، ولكن بمجرد انطلاق قطار البطولات، لم يتوقف قط.

ويتميز بعض المدربين بالمهارة الكبيرة في الجانب التكتيكي، وبعضهم في التحفيز، وبعضهم في سوق الانتقالات، بينما فيرغسون يتمتع بالمهارة في جميع هذه الجوانب، ولكن عبقريته الحقيقية تتمثل في قدرته على التطوير.

فقد تغيرت كرة القدم كثيرا خلال 36 عاما، منذ أن تولى فيرغسون تدريب ايست ستيرلينجشاير الاسكوتلندي، ولكنه كان قادرا على مواكبة التغير.

وكان فيرغسون ماهرا في تجديد دماء الفرق، مثلما فعل حين باع بول انس ومارك هيوز وأندريه كانشيلسكيس، بعد أن فقد مانشستر لقب الدوري وكأس الاتحاد في عام 1995.

وانتقد الكثيرون استغناء فيرغسون عن نجومه والاستعاضة عنهم بأمثال ديفيد بيكام وبول سكولز وجاري نيفيل، حيث كانوا صغار السن، ولكن مانشستر يونايتد فاز بلقبي الدوري والكأس في الموسم التالي.

وحدث الموقف ذاته في عام 2000 بعد هزيمة مانشستر أمام ريال مدريد 2/3 على ملعب أولد ترافورد في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا.

وصادف مانشستر سوء حظ في موسم عام 2000، بعد موسم واحد فقط من إحراز الفريق الثلاثية، الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا، ولكن فيرغسون كان يشعر بالغضب من تسجيل أهداف ساذجة في مرمى فريقه في أولد ترافورد، وهو ما كلفه الكثير أمام موناكو وبوروسيا دورتموند في الأعوام السابقة.

وفي عام 2008 نجح فيرغسون مع الفريق في الفوز بلقب آخر لدوري الأبطال لينضم إلى صفوة المدربين ويصبح واحدا من عدد محدود من المديرين الفنيين الذين توجوا بلقب دوري الأبطال مرتين.

وفي إطار سعيه الدائم للنجاح والتجديد، يتطلع فيرغسون لإحراز اللقب الأوروبي للمرة الثالثة.

وأثار الإنجاز الذي حققه فيرغسون بتجاوزه للسير مات بوسبي، كأطول مدير فني يعمل في نادي مانشستر يونايتد نقاشا فيما يتعلق بأعظم مدير فني في تاريخ كرة القدم الإنجليزية على الإطلاق.

ولا شك في أن فيرغسون قد اكتسب الحق في الحصول على هذا الوضع المتميز، ولكن في مرحلة يتم النظر فيها تلقائيا إلى كل شيء بعين المراقب يشعر محبو ليفربول أن المدرب بوب بيسلي بإنجازاته يتم إغفالها في كثير من الأحيان.

يرى الآن هانسون لاعب ليفربول والمحلل الرياضي لمحطة «بي بي سي» أنه سوف يكون من الوقاحة محاولة وضع أحد المدربين فوق الآخر ويقول: «بصفتي لاعبا سابقا في نادي ليفربول أرى أن بيسلي لعب دورا في نجاح الفريق وكان وراء إنجازاته التاريخية، وسوف أميل دائما إلى صف بوب. وبالمثل، سوف يحصل فيرغسون على دعم بنسبة مائة في المائة من كل فرد مرتبط بنادي مانشستر يونايتد».

وقد حقق فيرغسون نجاحا استثنائيا لنادي مانشستر يونايتد لأنه امتلك القدرة على حل الفريق وأعاد بناءه ثلاث أو أربع مرات على الأقل، وسوف يجادل بيسلي نفسه دائما بأن تحقيق نجاح مستمر، مثلما فعل فيرغسون، هو أصعب شيء على الإطلاق.

وقد برز فريق مانشستر يونايتد من العدم في ظل الإدارة الفنية للسير أليكس فيرغسون، بعدما لم يكن الفريق قادرا على الفوز ببطولة الدوري قبل وصوله. في المقابل خلال تسع سنوات، فاز بيسلي بثلاثة كؤوس أوروبية وكأس الاتحاد الأوروبي وفاز بالدوري الإنجليزي 6 مرات كما فاز بكأس الاتحاد الإنجليزي ثلاث مرات. وفاز بيسلي بثلاث كؤوس أوروبية خلال تسع سنوات، بينما فاز السير أليكس فيرغسون ببطولتين أوروبيتين فقط خلال 24 عاما.

ويمكن القول إن بيسلي نجح في بناء أفضل فريق في تاريخ نادي ليفربول، وفاز هذا الفريق بكل شيء في طريقه. وتبدو إنجازات بيسلي الآن غير قابلة للتصديق بشكل إضافي مع فشل ليفربول في الفوز باللقب لمدة 21 عاما.

ويقول هانسون: «صحيح أنه في حين أن فيرغسون أعاد بناء مانشستر يونايتد الذي تراجع في أواخر فترة الإدارة الفنية للمدرب السابق بوسبي، لكن بيسلي ورث تركة ثمينة عندما حل بديلا لبيل شانكلي وكان فريق ليفربول يمثل قوة حقيقة عندما أصبح مديرا فنيا للفريق في عام 1974، وأخذ بيسلي ليفربول إلى مستوى آخر، ولأنني لعبت تحت قيادته، يمكنني أن أقول إنني لم أتعامل على الإطلاق مع رجل كرة قدم، قبله أو بعده، كان يمتلك هذه العين الراصدة لأدق التفاصيل».

وأضاف هانسون في مقال له بصحيفة «دايلي تلغراف» لم «يكن بمقدور أي فرد اكتشاف نقاط قوة أو ضعف اللاعبين أفضل من بيسلي، لقد كان يمتلك فلسفة بسيطة، ما زال لها صداها إلى اليوم بعد مرور 25 عاما على تركه للفريق. كان صارما مثل السير أليكس، ولأعلى درجة يمكن تخيلها، وهذا شرط أساسي لنجاح مدرب كرة القدم».

وأوضح هانسون: «بيسلي يمثل نموذجا يحتذى به. لقد كان في سن الرابعة والستين عندما اعتزل التدريب، ولكنه اتخذ هذه الخطوة بشكل مثالي. وكان ليفربول قد فاز للتو بالدوري مجددا، لذا فقد خرج من النادي وهو مرفوع الرأس، وأنا آمل أن يفعل السير أليكس هذا لأننا دائما نرغب في أن يعتزل العظماء وهم في قمة تألقهم ومجدهم، ولكن فيرغسون سوف يصل إلى سن التاسعة والستين في نهاية الشهر الحالي، وما زال يتوق للفوز بالبطولات».

وكانت إنجازات المدرب برايان كلوف في أندية ديربي كاونتي ونوتنغهام فورست مذهلة لأنه فاز ببطولات في كلا الناديين، كما نجح أيضا في إعادة الكؤوس الأوروبية إلى ملعب نادي نوتنغهام فورست، لكن فيما يتعلق بالنجاحات الطويلة والبارزة، ربما يعتبر فيرغسون وبيسلي هما المدربان اللذان يقفان على أعلى قمة في إنجلترا. ويتساءل الناس في كثير من الأحيان عما إذا كان بيسلي سيصبح ناجحا لو مارس مهنة التدريب في الوقت الحالي، ولكن ليس ثمة شك في ذهني عن هذا لأنه كان دائما مصرا على ضرورة التكيف من أجل الحفاظ على النجاح في ليفربول. وكان بمقدور بيسلي التكيف والفوز بالمباريات بكل تأكيد.

ويقول هانسون: «لم يتم تكريم بيسلي على إنجازاته التي حققها لنادي ليفربول، وأنا أعرف أن هذا الأمر ما زال يمثل مسألة مثيرة للجدل بين صفوف جماهير النادي، فهو يستحق التكريم وليس التهميش».