وفاة بيرزوت مدرب منتخب إيطاليا السابق وصاحب لقب مونديال 1982

رئاسة الجمهورية أصدرت بيان نعي.. وليبي وبرانديللي يعتبرانه أستاذ المدربين

TT

رحل المدرب الإيطالي إنزو بيرزوت يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز 83 عاما. ويعتبر بيرزوت واحدا من أكفأ مدربي كرة القدم الإيطالية على مدى تاريخها، حيث استطاع منتخب الآزوري الفوز بلقب كأس العالم عام 1982 ليسجل اسمه في سجل المدربين الخالدين الذين حظوا بهذا الشرف العالمي الكبير. وبدأ بيرزوت مسيرته في تدريب المنتخب الإيطالي عام 1975 إلى جانب المدرب بيرنارديني ثم تولى بمفرده مهمة تدريب منتخب الآزوري عام 1977 ليصل به إلى قمة العالم عام 1982.

وأصدرت رئاسة الجمهورية الإيطالية بيانا تنعي فيه المدرب القدير بيرزوت. وجاء البيان على النحو التالي: «تلقى جيورجيو نابوليتانو رئيس الجمهورية بحزن شديد نبأ وفاة إنزو بيرزوت، الذي كان دائما ممثلا للأخلاق الرياضية في أسمى صورها. وتبقى صورته دائما مرتبطة بصورة رئيس الجمهورية السابق ساندرو بيرتيني. فقد جمعت بينهما صداقة قامت على تشابه شخصيتيهما من ناحية الدقة والالتزام الكبيرين».

إنزو بيرزوت: ولد عام 1927 وبعد أن لعب عدة مواسم في بعض أندية الدرجة الثانية لعب أول مباراة في دوري الدرجة الأولى مع فريق الإنتر عام 1948 أمام فريق ليفورنو. ومن شدة تأثره وانفعاله للعب في ملعب سان سيرو وهو في الـ21 من عمره ارتدى بيرزوت القميص على الوجه الخاطئ ليظهر الرقم 5 في الأمام وليس في الخلف. وبعد 3 مواسم لعبها مع الإنتر انتقل بيرزوت للعب مع نادي كاتانيا في دوري الدرجة الثانية واستمر معه حتى صعد الفريق لدوري الدرجة الأولى عام 1954. ورغم حبه الشديد لنادي ومدينة كاتانيا انتقل بيرزوت بعد ذلك إلى نادي تورينو الذي شعر براحة كبيرة معه ولعب فيه لمدة 9 مواسم أحدها في دوري الدرجة الثانية، قبل أن ينهي مسيرته كلاعب في نادي الإنتر عام 1964.

المنتخب: لقد لعب بيرزوت 422 مباراة في الدوري الإيطالي بقسميه الأول والثاني. وبدأ مسيرته مع المنتخب عام 1955 باللعب أمام منتخب المجر، وأحرز أيضا هدفا بالرأس في مرمى منتخب مصر فاز به منتخب إيطاليا على منتخب مصر في القاهرة ليفوز بكأس البحر المتوسط. وفي صيف عام 1968، وهو في الحادية والأربعين من عمره تقريبا، بدأ بيرزوت مشواره مع التدريب مع أحد أندية الدرجة الثالثة. وفي عام 1971 تولى بيرزوت تدريب منتخب إيطاليا تحت 23 وقاده لمدة 19 مباراة، دفع في اثنين منهما باللاعب الشاب مارشيللو ليبي. وفي ذلك الحين كان مدرب منتخب تحت 23 عاما يقوم أيضا بدور مساعد مدرب المنتخب الأول، وهكذا كان بيرزوت مساعدا لفالكاريجي في مونديال 1974.

بداية تدريب المنتخب: وكان ذلك بمثابة تمهيد لتولي بيرزوت تدريب المنتخب الإيطالي الأول. وهناك بعض الخلط في تاريخ تولي بيرزوت تدريب المنتخب الإيطالي. فقد تولى بيرزوت تلك المهمة في بداية عام 1975 وليس في عام 1977 مثلما تورد بعض الجهات. والسبب في ذلك الخلط هو أن بيرزوت قد تولى إدارة أول مباراة بمفرده كمدرب للمنتخب يوم 8 – 10 - 1977 أمام منتخب ألمانيا الغربية في ذلك الحين. لكن بيرزوت كان طوال الفترة السابقة لذلك هو المسؤول عن التشكيل وعن إدارة الفريق رغم وجود بيرنارديني بجانبه كمدير عام للمنتخب. وتولي بيرزوت تدريب المنتخب في 104 مباريات وهو رقم قياسي. لكن الإنجاز الحقيقي الذي لن ينساه التاريخ لبيرزوت هو تكوينه للفريق الإيطالي الذي شارك في مونديال 1978 بالأرجنتين والذي كان يلعب حتى أفضل من منتخب عام 1982. وقد حقق ذلك الفريق بقيادة بيرزوت الفوز على منتخب الأرجنتين بطل العالم عام 1979 بنتيجة 2/1 في بوينس أيرس وأفسد فرحة 90 ألف متفرج أرجنتيني احتشدوا في الاستاد.

إنجاز المونديال: لقد كانت فكرة «الفريق الجماعي» هي أساس تفوق ونجاح بيرزوت في عالم التدريب. وبعد احتلال المنتخب الإيطالي للمركز الرابع في بطولة الأمم الأوروبية عام 1980 دافع بيرزوت عن لاعبيه بشدة. وبعد عامين دافع بيرزوت وبشدة أيضا عن باولو روسي قبل وأثناء مونديال إسبانيا 1982. وبدأ بيرزوت مشوار المونديال بشكل غير جيد، حيث تعادل في 3 مباريات أمام بولندا وبيرو والكاميرون. لكن الانطلاقة تحققت بالفوز على منتخب الأرجنتين بطل العالم بقيادة مارادونا 2/1 ثم جاء الفوز على البرازيل بقيادة زيكو وفالكاو 3/2 ليؤكد قوة منتخب إيطاليا ومدربه، وأحرز روسي 3 أهداف خلال هذا اللقاء ليكافئ بيرزوت على ثقته به ويعوضه عن الانتقادات والإهانات الشخصية الكثيرة التي تعرض لها قبل وأثناء المونديال. واستمر تألق منتخب إيطاليا وباولو روسي في المونديال ليفوز الآزوري باللقب ويؤكد جدارة مدربه بيرزوت.

وتلقت الأوساط الرياضية الإيطالية والجماهير خبر وفاة بيرزوت بالحزن والصدمة، وجاء تعليق مارشيللو ليبي مدرب المنتخب الإيطالي السابق بطل العالم عام 2006 ليعبر عن ذهوله وألمه ومرارته حيث قال: «كيف ومتى حدث ذلك؟». وأضاف ليبي قائلا: «أشعر بألم كبير وحزن عميق، لقد كان بيرزوت خلال سنوات قيادتي للمنتخب الإيطالي قريبا مني ومن المنتخب. لقد كنا دائمي الاتصال واللقاء وكنا نواسي بعضنا البعض. ومن ناحية أخرى، فقد تدربت أيضا تحت قيادته عندما تم استدعائي لمنتخب إيطاليا تحت 23 عاما. وبعد ذلك عندما أصبحت مدربا كان دائما قريبا مني وجعلني أشعر بحبه لي وارتباطه الذي لا ينتهي بقميص منتخب إيطاليا. إنني أشعر بالفخر لوجود اسمي في تاريخ كرة القدم الإيطالية إلى جانب مدرب عظيم مثل بيرزوت. لكن الشيء الوحيد الذي أود أن أفعله الآن هو الإعراب عن مواساتي التامة لأسرته».

اللقاء: لقد وجهت جريدة «لاغازيتا» الدعوة لبيرزوت وليبي في شهر مايو (أيار) عام 2006، قبل فترة وجيزة من سفر المنتخب الإيطالي إلى ألمانيا للمشاركة في المونديال. وقدم بيرزوت لليبي الكثير من النصائح والآراء ودعاه إلى احترام المنافسين ودراستهم وأوضح له أهمية الفوز وأيضا أهمية الهزيمة، لا سيما في المباريات الودية. وكان ليبي يخاطب بيرزوت طوال الوقت بلقب «حضرتك»، ولم يخاطبه قط باسمه مجردا. فقد كانت العلاقة بينهما تقوم على الاحترام والصدق والصراحة.

برانديللي: لقد ترك بيرزوت برحليه فراغا كبيرا. وظهر التأثر الشديد أيضا في تصريحات تشيزاري برانديللي المدير الفني الحالي للمنتخب الإيطالي، الذي يعتبر الوريث الأخير لبيرزوت في تدريب منتخب الآزوري. وصرح برانديللي عند معرفته بوفاة بيرزوت قائلا: «لقد فقدنا أستاذا في كرة القدم جعل من إدارة الفريق فلسفة ما زالت مدرسة مدربي الكرة الإيطاليين تسير عليها. إن بيرزوت سيبقى في قلوبنا».