غاريث بال أثبت أنه أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي هذا الموسم

الجناح الويلزي ونجم توتنهام الإنجليزي يمتلك قدرة نادرة على إرباك المنافسين

TT

إنه في أفضل أيامه، ويمكن أن يصبح غاريث بال، لاعب الجناح الويلزي ونجم فريق توتنهام الإنجليزي المتألق، بطلا لأحد الأفلام الكرتونية من إنتاج شركة «بيكسار للرسوم المتحركة».

بفضل تحركاته السريعة والرشيقة، يثير بال ابتسامات الإعجاب لمحبيه من جماهير فريقه، وفي الوقت نفسه يدب الخوف في نفوس المديرين الفنيين للفرق المنافسة.

وقبل سفر فريقه تشيلسي لمواجهة فريق توتنهام منذ أسبوعين، ابتسم المدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي وهو يشعر بالسعادة عندما علم أن بال سوف يلعب في مركز المهاجم، وهو ما يحد كثيرا من قدراته كلاعب سريع على الجناح. وما أثار دهشتنا هو أن المدير الفني لفريق تشيلسي أشفق بعد ذلك على مدافعه باولو فيريرا، المدافع الأيمن المتأخر لقبوله التحدي المتمثل في إيقاف الجناح الويلزي الشاب على أرض الملعب.

يثير اللاعب البريطاني الشاب القلق والفرحة معا في نفوس المشاهدين؛ حيث يمتلك بال القدرة على اجتذاب جماهير الفرق الأخرى إلى الشاشة لمشاهدته والاستمتاع بسرعته وروعة أدائه. ولا يمكن لأي اسم آخر حقق تقدما لكي يتم تصنيفه ضمن قائمة لاعبي العام حتى الآن أن يتغلب على القوة المؤثرة لوجود بال في فريق توتنهام الذي تحسن أداؤه كثيرا في الآونة الأخيرة.

ويدلل بروز موهبته والعروض الكثيرة التي تلقاها من الخارج على أن اللاعبين الشبان المتميزين يحتاجون إلى بيئة عمل مواتية لإثبات أنفسهم وقدراتهم الخاصة.

وتحقق الموهبة الفردية النجاح، لكن النجاحات بدورها تعجل من تطور الموهبة الفردية، خصوصا عندما يتم تشجيع التعبير عن النفس من قبل مدرب مغامر مثل هاري ريدناب في هذه الحالة.

إن الموهبة الضائعة أسوأ من عدم وجود موهبة على الإطلاق، وقد كان بال مهددا بالإهمال بعد التراجع الحاد في أدائه بمركز الجناح الأيسر لفترة محددة، مما هدد بشحنه إلى مزبلة اللاعبين الشبان الذين فشلوا في التقدم إلى ما بعد مرحلة النضج. وتعج أندية الدوري الإنجليزي لكرة القدم بلاعبين تخلت عنهم الأندية الكبيرة في سن العشرين من عمرهم بسبب عدم الاكتراث بتنمية مواهبهم، لكن بال لم يبدد مواهبه؛ لأنه كان تحت مراقبة مدير فني خبير مثل ريدناب.

كان هناك خيار أصبح واضحا فقط لعدد كبير من هؤلاء اللاعبين عندما مرت الفرصة المواتية لاتخاذ القرار الصحيح بشأن مستقبلهم. ويدرك هؤلاء اللاعبون هذا الأمر في مرحلة متأخرة جدا. وهذه هي الدوامة التي سقط فيها أندرسون، لاعب مانشستر يونايتد، إلى أن ضغط على مفتاح في عقله وأضاف حيوية وقوة لأسلوب لعبه المريح وتمريراته القصيرة في المباريات. ويواجه لاعبو الأجنحة هذا المأزق بشكل مباشر، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من عينة ديفيد بينتلي وجيرمين بينانت وآرون لينون. التمريرات العرضية الحاسمة التي تؤدي إلى نتيجة جيدة في النهاية يمكن رؤيتها بوضوح ويسهل تقييمها، والعكس صحيح بالمثل؛ حيث إن المهاجمين الذين يواجهون أول مدافع بتمرير الكرة أو الذين يختبئون وراء المدافعين يظهرون فورا.

وقد اجتاز بال حقل ألغام النقد، ليصبح أحدث لاعب في قائمة لاعبي الأجنحة الويلزيين المتميزين بداية من كليف جونز وصولا إلى رايان غيغز. ويقول جونز، الذي كان يمثل إزعاجا لمنافسي فريق توتنهام هوتسبير على طول خط التماس خلال الفترة من 1957 إلى 1968: «إنه (بال) بلا شك واحد من أفضل لاعبي الجناح في العالم. ولا شك لدي في أنه سوف يصبح أول لاعب ويلزي يشارك في 100 مباراة دولية. إن عمره 21 عاما فقط، وأمامه مستقبل واعد جدا، سوف يتحسن مستوى بال تدريجيا في المستقبل».

ومنح بعض النقاد لقب أفضل لاعب جناح للنجم الويلزي الشاب بال بفعل الهجمات التي شنها على اللاعب البرازيلي مايكون، الذي يعتبر بشكل غير رسمي أفضل لاعب جناح أيمن في العالم خلال المباريات التي لعبها فريقه أمام فريق إنترناسيونالي الإيطالي على ملعبه وخارج ملعبه، بالإضافة سرعته والانطلاقات المذهلة التي قام بها على ملعب «وايت هارت لين» معقل فريقه توتنهام هوتسبير في مواجهة كليمينز فريتز، مدافع فريق فيردر بريمن الألماني، وهو مدافع قوي يتمتع بسمعة عالية.

وكان بال مؤثرا جدا مع فريقه في مباريات بطولة دوري أبطال أوروبا، وهو ما جعله يكسب نقاطا إضافية، كما كان بال فعالا بشكل متساوٍ في المنافسة المحلية، خصوصا بفعل انطلاقاته الفائقة من خط منتصف الملعب.

وفي نادي آرسنال بشمال لندن، ترقص أقدام سمير نصري على إيقاع أكثر سخونة. وقد تخرج نصري، الذي تعلم كيفية اللعب في مراكز متعددة، على يد أرسين فينغر، للعب دور محوري أكبر. ويمتلك فينغر الكثير من الفنانين الذين يمكنهم إضفاء لمسة جمالية على أي مباراة، ولكنه يمتلك عددا قليلا جدا من اللاعبين الذين يمكنهم حسم نتيجة المباراة، وهو أمر مهم حقا. وإذا تقدم نصري من المجموعة الأولى إلى المجموعة الثانية، فسوف يثير السباق على الفوز باللقب. ولكن بال يصنف ضمن فئة أخرى؛ حيث يمكنه تدمير فرق بمفرده. ويمكن لنصري حل لغز إحدى المباريات، ولكن بال يمكنه أن يتحكم في المباراة بكاملها.

وقال نجم البرتغال وريال مدريد والإنتر السابق، لويس فيغو، أحد أكثر لاعبي الجناح إبداعا في العالم عن بال بعدما تحدث مع ريدناب فور الانتصار الذي حققه توتنهام على فريق إنترناسيونالي الإيطالي في ملعب «وايت هارت لين»: «إنه لاعب رائع بالفعل. لقد قتلنا مرتين».

وسوف يطور فريق من المحللين بعض الاستراتيجيات التي يتعين على بال أن يتعلمها من أجل المراوغة، وفي سن الـ21، يتعرض بال لكثير من المشكلات مع المدافعين المتمرسين؛ حيث كان فيل نيفيل، مدافع إيفرتون المنتصر في صراعهما الأخير، ولكن في المتوسط، أرسل بال عددا كبيرا من الكرات العرضية الحاسمة أكثر من أي لاعب جناح آخر في الدوري الإنجليزي، ويتميز اللاعب الويلزي الشاب بأنه يكمل تحركاته السريعة بإنهاء رائع للهجمة.

وبفضل حركته الرائعة في رفع الكرة بكعبيه من وراء ظهره والجري لمقابلتها من الجانب الآخر، والكثير من الخدع الأخرى قد تعرض اللاعب الشاب لإصابات قوية، غالبا في منطقة أعلى قصبة الساق، وكان كريستيانو رونالدو يقدم نموذجا للاعب الجناح القوي بشكل كاف لمقاومة الاعتداءات التي لا تتم معاقبتها في مباريات الدوري الإنجليزي. إن الجمع بين السرعة الفائقة والقدرة على المراوغة وملكة التمرير الدقيق بمكر والقدرة على التصويب، يمثل مزيجا نادرا من المواصفات، وهو السبب الذي يجعل أندية القمة في أوروبا تتهافت للتعاقد مع بال، الذي تخرج برفقة ثيو والكوت من أكاديمية سوث هامبتون للناشئين.

ويعتقد ريدناب أن بال سوف ينهي حياته الكروية حيث بدأ، وسوف يحقق إنجازات محدودة في مركز لاعب الجناح الأيسر. ويجب احترام رأي ريدناب، ولكن المدرب الإنجليزي الشهير لن يرغب في رؤية بال وهو يقضي قدرا كبيرا من الوقت في الصراع مع لاعبي الجناح المنافسين بمنطقة جزائه عندما يكون بمقدوره المرور من بينهم بسرعته إلى الجانب الآخر. وسوف يتمتع بال بجاذبية عالمية إذا تم تحرير موهبته عبر شعوره الذاتي بالثقة والجرأة.