جنون الكرة يجتاح العالم في 2010.. الأبطال دخلوا من الباب والساسة أطلوا من الشباك

قطر جنت ثمار العمل الدؤوب بتنظيم مونديال 2022.. واليمن قهرت الإرهاب بـ«الخليجية»

TT

«موسم كروي بامتياز».. هذا هو العنوان الأبرز لعام 2010 المنقضي، الذي استحضر كل أشكال وألوان مسابقات ومنافسات كرة القدم، فما إن نزعت ورقة الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) 2009 حتى أتى من الرياض الحدث «سعودي إيطالي» في اعتزال نواف التمياط كأفضل لاعب في آسيا «القارة» والوطن العربي لعام 2000، في المباراة التي لعبت بين إنترناسيونالي وناديه الهلال.

ويكفي أن يكون عالم المونديال موجودا حتى يكتسي ديباج الذهب رياضيا، فهبوط 31 طائرة في مطارات جنوب أفريقيا تقل المنتخبات المنافسة بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي كفلت شخوص الأبصار وهجرة القلوب شهرا كاملا إلى مدارج هبوط تلك الطائرات ومضيفيها.

وبغياب نيلسون مانديلا الزعيم والملهم وأول رئيس كسر العقدة البيضاء في جنوب أفريقيا بدأ مونديال مانديلا، ولم تمضِ البطولة طويلا حتى أتت ظواهر السقوط الحر التي دعت الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لنعي القارة العجوز رياضيا، بعد احتضارها ماليا، إذ ظهر تفوق اللاتينيين بقيادة مارادونا بينما كان لافتا تأخر الأوروبيين، بما فيهم حامل اللقب ووصيفه، اللذان ودعا البطولة منذ دورها الأول، ولم يستطع الإسبان والإنجليز والألمان شرب نخب الدور الثاني إلا بعد المباراة الأخيرة في منافسات المجموعات.

وكان المنتخب الجزائري الراكل العربي الوحيد لكرة جابولاني (كرة كأس العالم)، مع أنه لم يخرج من البطولة سوى بنقطة يتيمة، إلا أنه في مقابل ذلك أحرج بأداءين لافتين إنجلترا وأميركا، إذ تعادل مع الأول وخسر بهدف في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة أمام الثاني.

وكان المونديال مدهشا في التنظيم، لكن الصورة لم تكتمل للأفارقة، فالمنتخب الغاني الذي حمل لواء مليار أفريقي كان على مرمى حجر من الدور نصف النهائي قبيل تسديدة رعناء من نقطة الجزاء أهداها أسامواه جيان للعارضة في الدقيقة الأخير من مباراة غانا والأوروغواي قبل أن تحسم الأخيرة المباراة بالركلات الترجيحية.

ولم يكد الرئيس الفنزويلي شافيز يسرد مفردات نعيه للقارة العجوز حتى انقطع النفس اللاتيني بالمونديال، فضربت الأرجنتين بالأربعة من قبل المانشافت الألماني، وأخذ هواء الطاحونة الهولندية البرازيليين إلى شواطئ كوباكابانا، قبل أن تنتصر إسبانيا على ألمانيا في الدور نصف النهائي وهولندا على الأوروغواي.

وحسم التأهل للمباراة النهائية عندما وصل المنتخبان الإسباني والهولندي على حساب الألماني والأوروغوياني، وفي نهاية القمة الأوروبية الثنائية جاءت توصية وحيدة من توقيع الكتالوني أندريس إينييستا في الوقت الإضافي من المباراة، حاملة العبارة التالية: «للمرة الأولى في التاريخ، إسبانيا بطلة للعالم»، بينما كررت هولندا ما فعلته عامي 1974و 1978 بخروجها في النهائي بخفي كرويف.

سنة المونديال الـ19، بل هي بالأصح «سنة المونديالات»، بدأت ببطولة كأس أمم أفريقيا أو كأس أورانغ للأمم الأفريقية كما تسمى، والتي تأهل لنهائياتها بأنغولا 16 منتخبا، وشهدت رد المنتخب المصري على تفوق الجزائر المتأهل سلفا على حسابها لنهائيات المونديال في مباراة في أم درمان السودانية التي كانت لها تداعيات مؤسفة، ولكن في المباراة الأفريقية أمطر أبناء الكنانة خصمهم بأربعة أهداف نظيفة حينما التقيا في الدور قبل النهائي للكأس الأفريقية مطلع العام الحالي، وفي نهاية العرس استطاعت مصر المحافظة على زعامتها لـ«الكرة الأفريقية» بعد أن هزمت المتأهلين لكأس العالم، وفي المباراة النهائية عبر الهدف الذي أحرزه السوبر احتياطي محمد جدو في مرمى غانا أواخر المباراة النهائية التي لعبت في ملعب 11 نوفمبر براوندا.

المونديال كماركة مسجلة لبطولات العالم تتكرر للأندية مؤخرا في العاصمة الإماراتية، في البطولة التي شارك فيها الوحدة الإماراتي مع أبطال القارات هيكاري يونايتد الأوقيانوسي وباتشوكا الأميركي وسوينغنام الآسيوي وإنترناسيونالي اللاتيني وإنتر ميلان البطل ووصيفه تي بي الممثل للقارة الأفريقية.

ووصول تي بي مازيمبي الكونغي بطل أفريقيا للمباراة النهائية في مونديال الأندية، هو ما جعل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر يعتبر ما بعده «صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم».

من جهة ثانية، وعلى مستوى استضافة البطولات الدولية أطرب مزمار الحي «العرب»، عندما أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم اسم «قطر» لتنظيم مونديال كأس العالم عام 2022، لتفتت الإمارة الخليجية أحجار السور الغليظ بينها وبين العالم الأول، بعد أن نافست بملفها 4 من البلدان المتقدمة، وهي أميركا وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان.

ولم تأتِ صدمة اختيار روسيا لاستضافة مونديال 2018 أقل قوة للكثيرين في الجانب الغربي من العالم، وخصوصا في إنجلترا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال اللواتي نافسن الدب الروسي على شرف الاستضافة، ليعلن من زيورخ مباشرة أن كرة القدم ستطلع من ذات الشرق الذي سبق وطلعت منه قبل عشرات القرون بين أقدام الصينيين.

بغض النظر عن دعم الشيخ حمد بن خليفة أو فلاديمير بوتين أو ديفيد كاميرون أو بيل كلينتون ملفات بلدانهم من أجل الفوز بشرف تنظيم مونديالي 2018 و2022، فكرة العام المنصرم عاشت على مستوى مختلف في القضايا ممزوجة ومختلطة بالسياسة لمدى غير مسبوق.

وتركزت الظاهرة «السياضية» في الشرق الأوسط حينما استبدل في يناير (كانون الثاني) الماضي مجلس إدارة الاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بإيران إندونيسيا، وذلك بحجة «ظهور اسم الخليج الفارسي على مطبوعات البطولة وميدالياتها»، ولم تقتصر ردود الفعل الرياضية على المتابعين، فالرئيس الأميركي باراك أوباما وفي رد فعل سريع على تفوق ملف قطر على ملف بلاده لتنظيم مونديال 2022 وضع الرئيس بزتي البيان والدبلوماسية، معتبرا إياه «اختيارا خطأ».

وأطل التطبيع بين العرب وإسرائيل برأسه كذلك عندما تحولت مباراة ودية جرت بين منتخبي فلسطين والبحرين بالقدس، لقضية شغلت الشارع الرياضي بالمنامة وغيرها من عواصم العالم العربي.

الإعلام الإسرائيلي بدوره وجّه رصاصه تجاه خليل جلال الحكم الدولي السعودي عقب إدارته مباراة المنتخبين التشيلي والسويسري في المونديال الأخير، حيث نعته أحد صحافيي «يديعوت أحرونوت» بـ«الفاقد الأهلية».

الجدل السياسي طال أيضا دورة الخليج الـ20، وظل يراوح باليمن جيئة وذهابا يتربص بقدرتها التنظيمية، في ظل أوضاع سياسية متوترة وخبرة تنظيمية بسيطة ومواجهة ذلك مع الحراك الجنوبي والقاعدة وحرب وضعت أوزارها قريبا مع الحوثيين لم تمنع اليمن السعيد من إخراج إحدى أجمل دورات الخليج إلى النور وتتوج الكويت بلقبها العاشر.

أما على صعيد الانتقالات والتعاقدات فقد كان أقل حرارة هذا العام عن الذي سبقه، فعلى الرغم من كثرة المناسبات فإن التعاقدات القوية لم تتجاوز كثيرا نادي ريال مدريد الإسباني الذي استقطب كلا من مورينهو وأوزيل وسامي خضيرة، بينما كسب منافسه اللدود برشلونة يمنى ديفيد فيا التي أحرزت 5 أهداف في المونديال مع إسبانيا، واستغنى في مقابل ذلك عن إبراهيموفيتش لصالح ميلان الإيطالي.

كرة القدم كشركة استثمارية عظمى حظيت هذا العام في أوروبا باهتمام مالي عربي كبير، إذ وضع كاسب رهان استضافة مونديال 2022 عبر «مجموعة قطر القابضة» مؤخرا 1.5 مليار جنيه إسترليني لشراء نادي مانشستر يونايتد، وفي نفس السياق وقع نادي برشلونة الإسباني اتفاق رعاية مع «مؤسسة قطر» لمدة خمسة أعوام يحصل النادي الكتالوني بموجبها على 30 مليون يورو لكل موسم، بالإضافة إلى 15 مليونا للموسم الحالي.

وكشفت وسائل الإعلام الإيطالية والمواقع المهتمة بكرة القدم النقاب عن صفقة تمت في عام 2002، باع بموجبها نادي سامبدوريا أغلبية أسهمه للسعودي أحمد مسعود رئيس نادي اتحاد جدة الأسبق، كما كشفت عن رغبة مواطنه عبد المحسن الحكير الاستثمار بنادي باليرمو، لينضم إلى كوكبة رجال الأعمال العرب المستثمرين في كرة القدم الأوروبية.

في ذات العام لا يزال النزال والجدل حول قمة إدارة كرة القدم في الكوكب جاريا، إذ رحب جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (75 عاما) بمنافس آسيوي يقال إنه يأتي من أكمة تحالف نائبيه القطري محمد بن همام والكوري الجنوبي تشونغ مونغ.

لاحقا أخذت العلاقة بين بن همام وبلاتر منحى التسوية، بل والغزل، حينما قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إن اقتصادات آسيا وكرتها تغيرت للأفضل في عهد محمد بن همام، الذي نفى بدوره أن يصل طموحه لكرسي رئاسة الحكومة الرياضية، بينما ينفي بلاتر أن يكون مظروف قطر في حفل اختيار مستضيفي المونديال جاء بعد تسوية تزيل عقبات بقائه.

بالأرقام يحطم نهاية العام أليكس فيرغسون مدرب فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي الرقم القياسي في تدريب الشياطين الحمر لـ24 عاما وشهر و25 يوما، متفوقا بـ12 يوما عن سلفه مات بوسبي.

ليس من المناسب الحديث عن أحداث العام المنصرم دون ذكر لقاء وإن كان «وديا» جمع البرازيل والأرجنتين في العاصمة القطرية في 17 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي حسمت بهدف راقص التانغو ليونيل ميسي.