حصاد 2010.. «كأس عالم من دون الأخضر».. وأندية فقدت اللباقة فخسرت التتويج الخارجي

كرة القدم السعودية عاشت عاما من السلبيات.. والقروني ورجاله يحفظون هيبتها بمونديال كولومبيا 2011

TT

هل حق لنا أن نعلن عن اغتباطنا كرياضيين بالعام الميلادي المنتهي 2010..؟ وهل أشبعنا هذا العام سعادة وحبورا؟.. بلا شك هو عام كئيب فيما يخص النتاج العام للحصاد الرياضي.. وإن كان ثمة إيجابية عامة فهي للفروسية وألعاب القوى اللتين ما زالتا متمسكتين بألقابهما رغم كل ما يطالهما من ظروف وإن كان من يستحق أفضل رياضي للعام المنتهي فهو بلا شك لن يخرج عن جلبابهما.. أما الرياضات التنافسية الأخرى فالسبات والتراجع يلفها لكن لأن حديثنا هنا سيقتصر على كرة القدم، فجدير بنا أن نشير إلى أن سيدة الساحة في موقع حدث ولا حرج.. وهي مربط الفرس.. فلا أشد أن تذكر نهائيات كأس العالم التي أقيمت صيف العام المنتهي في جنوب أفريقيا حتى تشعر بالمرارة من جراء تواصل معها عبر بطولات أربع.. ما لبث أن انقطع التواصل من فرط سوء أصاب هذه الكرة خلال العام 2010.. ليس المنتخب وحده.. بل الأندية في الشأن نفسه وفي كل الاتجاهات خسرت النتيجة والمستوى واللباقة.. والأخيرة بالباء وليس غيرها.. لأن تلاسننا وهيجاننا نقلناه خارجيا معتقدين أن الآخرين سيتحملوننا كما هم أهل الداخل! ونؤكد هنا أننا ودعنا 2010.. هذا العام الذي استقبلناه بتفاؤل بكثير من الحيرة والغيظ، عاما ازدحم بالإثارة والتراشقات والتنافر والكيد، بل والشتم والتعصب، عام مضى من تاريخ كرة القدم السعودية وأخذ نصيبه من عمرها البالغ القصر.

نتحدث عن عامنا الكروي لأن في النهايات أحاديث كنا نتمناها تثير الشجن، إلا أنها فعلت غير ذلك، ولأن زمننا ولى دون رجعة ومضى دون رحمة، ومع أنه قد خلف سلبيات، فإن الإيجابيات قليلة تجاه ما يضادها، كنا نتمنى أن نقف حيال الأخطاء لنصلحها.. لكن هيهات فهناك من يصر على الخطأ ويرفض كل من يريد العلاج، وأردنا أن نحتفل لكن لم نجد بطولات، وحتى تلك التي قد أدت إلى التوافق والتآلف بين الأندية واللاعبين والإعلام.. لكن هي مضت سريعة ولم تمهلنا لكي نقبل أثرها الجميل.

ومع ذلك نقر أن للحظات السلبية وقعا أقوى على الفؤاد من حيث إن الألم أشد وأطول تأثيرا من وقع اللحظات الجميلة.

هنا لن نكتب عن حال المنتخب وحضوره الفني.. وما ذهب إلى مشاركة الأندية في المحفل الآسيوي وخروجها من مولده.. دون شيء يذكر.. بل سننحى إلى الشأن الداخلي وما لحقه من إسقاطات وسلبيات.. وإن كان ثمة إيجابيات لن نغفل عنها.

النصر الأكثر تصريحا وانتقادا رؤساء ومسؤولو الأندية يصيبهم الكثير من الفزع والخوف من ألا تفوز فرقهم حتى وإن كانت لا تستحق، وحتى إن كان المنافس أفضل وأقدر. فهم لا يكفون عن التصريحات الموجعة للآخرين والمخدرة لفرقهم، يتبادلون الاتهامات وأحيانا الانتقادات الموجعة، وبدا واضحا خلال هذا الموسم أن حالة الغضب تعم كل الأندية وليس ناديا واحدا فقط، وكان صوت نادي النصر هو الأعلى في هذا الشأن.

فالتصريحات والبيانات الصادرة من النصر أخذت بعدا كبيرا خلال العام المنتهي، وكان هو المتفوق، فحتى في الشؤون التي لا تخصه، وبما جعل احتجاجاته تبلغ كما كبيرا لم يعرفها أي ناد سعودي من قبل، ومن خلالها لا أحد ينكر بأن الشأن الهلالي ما زال هو المسيطر على تلك التصريحات.

يحدث هذا رغم أن حادثة زعيبل التي كان النصر طرفا فيها أمام الوصل الإماراتي على أرض الأخير قد أفرزت اتفاقا وتحالفا بين الأندية السعودية لدعم النصر وهو ما لم يحدث من قبل.. لكن عودة النصر للمعترك المحلي سرعان ما قذف بهذا الأمر بعيدا.. بعد تلاسنات واختلافات مع الشباب.. تلاه الاتحاد ثم التعاون.. وظل الهلال الركن المستمر في الخطاب الاحتجاجي للنصر.

ليس هذا الأهم، بل إن خطاب النصر بصفة عامة هو ما نشير إلى أهميته، فمحتواه وبعد كل مباراة لم يخل من انتقاد التحكيم، بما أصاب الشارع الرياضي بالملل، وكأن لا قضية لدى النصر إلا الحكم والمنافس العتيد فقط.. ومعها وبينها استمرار تحفظه واحتجاجه على لجان اتحاد الكرة المشكلة.. وهو يطالب بأن يكون من بين أعضائها منتمين للنصر.. والآن هناك خصم جديد لهم.. هو لجنة المنشطات السعودية! ولعل في الاتهامات الأخيرة التي طالتها من لدن النصر موقعا لآلام جديدة تعود أن ينثرها في الوسط الكروي السعودي.

الاتحاد.. انقسام وتراشق من كان يتوقع أن يحدث ما حدث للاتحاد هذا النادي الذي عرف بتماسكه شرفيين وإدارة وجماهير.. لكن يبدو أن هناك من دق الإسفين بين الاتحاديين حتى أن بعضهم قد خرج عن طوره من فرط كيد الاتحادي الآخر عليه.. وشهد العام الاتحادي تراشقا لم يحدث من قبل وعملا خارج الملاعب كان من المحبطات التي أضرت بالكرة السعودية.. فكان كل من ينتمي لأحد المعسكرين محل نقد من المعسكر الآخر مهما بلغ من إجادة أو تفوق.. وعليه لم يكن غريبا أن يخسر الاتحاد الكثير والكثير من مميزاته..

الهلال.. رئيس يريد كل شيء! بلا شك أن وجود المدرب البلجيكي غيرتس أضاف الكثير من الألق للأداء الهلالي في الموسم الماضي.. لكن حينما رغب هذا الرجل في الرحيل كان هذا قراره وأصر عليه فكان من غير المستحب إغراؤه حتى لو كان على حساب الفريق.. وهو مرتبط بعقد آخر.. ليظهر الضرر بخسارة موجعه للهلال في البطولة الآسيوية لتكون كردة فعل لفرط تمسك رئيس الهلال بمدرب كان جسدا بلا روح.. والنتيجة رحيله مباشرة ومعالجة الأوجاع التي أحدثها. أيضا اتضح للجميع أن العمل الإداري الهلالي يفقد توازنه عند أي هزة وبدأ كأن الخسارة الآسيوية قد ضربت الهلاليين في مقتل من فرط ترديد الرئيس لمفردة الاستقالة.. وتوالي الحسرة والتوجع.. على ما فات! الأهلي.. قضية خاصة لم يستطع أحد أن يفهم ما الذي يريده النادي الأهلي بالضبط.. هل إشكاليته من التحكيم.. أو من عدم الثبات الفني.. أو من جراء ضعف الثقة بعطاءات اللاعبين.. ومسيرة هذا النادي تأثرت كثيرا خلال هذا العام من هذه المتغيرات التي كان لزاما أن تكون عونا.. لكن يبدو أن هناك في المشهد الأهلاوي ممن يريد أن يرسخ أن الأهلي محارب.. ولا بد من إنصافه. والحقيقة أن الأهلاويين قد بدأوا آخر العام تلمس أوجاعهم.. وعملوا على تجاوزها.. فكانت لهم الانتصارات من جراء العمل الجيد الذي دفعهم لتجاوز الأخطاء وترك ترديدها والتباكي عليها.. لأن الفريق البطل.. هو من يقفز على كل الموجعات.

طرد المدربين.. قضية خاسرة نعترف وبقلب صادق بأن أسوأ الألم الذي يجده الناقد المطلع على أحوال الكرة في بلاده العارف بمكمن العلة وموقعها حين إخفاقها، هو الاصطدام بالحلول المتسرعة التي تنطلق من تأثير الخسارة ولأجل امتصاص الامتعاض القائم من وقعها، فالأندية السعودية من نوعية تعودت أن تكون حلولها متسرعة كما هي اختياراتها، وعليه فلم يكن غريبا أن نشهد خلال الدور الأول من البطولة وقبل أن يلفظ العام أنفاسه مجزرة مدربين مقلقة رغم تعودنا عليها.. إلا أنها هذه المرة بلغت شأنا متقدما من حيث أرقامها.. خاصة أن 10 أندية من بين 14 قد غيرت أجهزتها الفنية خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام.. الهلال والاتحاد والنصر والأهلي ونجران والرائد والتعاون والوحدة والشباب والحزم جميعها فعلت ذلك..

هذا ما هي عليه الأندية وهذا ما تعودته في كل بطولة لها مدرب وفي كل مناسبة اختيارات جديدة، والعلة دائما إما فنية أو عناصرية وبات من النادر أن يستمر مدرب لموسم آخر جديد، الأمر الذي جعلنا نتساءل وبحيرة إلى متى يحصل مثل ذلك؟! عودة البلوي إلى المشهد.. تكتيك أم شوق لا أحد ينكر على منصور البلوي أنه إحدى الشخصيات المؤثرة في مسيرة العمل الكروي السعودي خلال العقد المنتهي.. لكنه وبعد فترة سكون وابتعاد بعد القرار الشهير الذي طاله بعد قضية كالون (2007) عاد أواخر العام المنتهي ليشغل الرأي العام بقضايا جديدة أعادت التذكير بهذا الرجل الذي يصنفه كثيرون بأنه صانع الاتحاد الحديث.. لكن ما لوحظ في عودته الأخيرة أنه ساهم جليا بدفع التنافس إلى خارج الملعب من فرط وعوده والمزايا التي سيقدمها.. وتأهبه للعودة إلى سدة الرئاسة.

والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل في عودة البلوي إيجابية على ناديه الاتحاد.. أم أنه يؤكد تشديد البعض على أنه مرحلة وانتهت! الإعلام الرياضي. انزلاق.. و«سوء دبرة» كان الإعلام الرياضي السعودي مستمرا في تبني القضايا التافهة.. بل إنه من فرط ذلك تبنى أسماء أوجعته كثيرا نتيجة خواء داخلها.. ولا تملك غيره.. فالقضايا التافهة هي من يتصدر الحوارات وكثيرا من المقالات.. وكان هذا هو معظم ما صدر من هذا الإعلام، وإن كان يعبر عن استمرار سوء وتردي أوضاعه أكثر فأكثر خلال العام المنتهي؟.. حقيقة فهناك من لوث وأوجد الكثير من الأضرار والتشوهات بهذا القطاع الجميل الذي كان نقيا.

فلم يكن هناك سبب وجيه لكي نجعل من الإعلام الرياضي ميدانا للتكسب و«التناحر»، وليس من المقبول أن نختصر تطلعاتنا العالية القيمة لنجعل منها عنوانا لإفرازات بليدة، أفضت إلى لغة إعلامية رياضية غير مقبولة من فرط تعصب بعضها وهبوط اللغة فيها وتفاهة الإعداد والحوار وتجاوزت إلى طرح الأماني مباشرة بحلول الفاقات والخسائر على المنافسين! ولكن الصحافة الرياضية ليست كلها بمثل هذا الهزل. فوسط المتاعب والتعصب والانتماءات المدفوعة الثمن والتنافر التشجيعي، هناك صحافة عاقلة وبرامج تلفزيونية رزينة تؤمن أن لديها عملا راقيا تقوم به، وفعلا خلاقا تحافظ به على التنافس الشريف، وبالتالي تحافظ على توازن الوسط الرياضي.

الحكام.. استمرار الحلقة الأضعف ظل التحكيم على ما هو عليه خلال العام المنتهي مترددا ضعيفا يتلقى الصفعات والويلات.. ولم يجد له مساندا.. ولا نصيرا.. وعليه فمن هذا حاله لا نطلب منه أن يكون متفوقا قادرا..

فلا الاتحاد السعودي لكرة القدم قد أحسن حمايتهم ولا لجنة تحكيم قد فعلت ذلك.. ليظلوا الركن الأضعف وبمقدور أي رئيس ناد أو إداري أو حتى متشدق بالإعلام أن يتهمه وينتقصه.. بل يغير اسمه بما يتفق مع الجهل الذي عليه المنتقد، وعليه لا تنتظر أن تأتي المكتسبات من الآخرين حتى لو كانوا ضمن الاتحاد الذي تعمل في إطاره.. ولجان الحكام السعودية المتوالية ذات خطاب واحد حين أي مساس بمصداقيتها هي وحكامها «رفعنا الأمر للمسؤولين»، وكأن الحكم عليه أن ينتظر وينتظر أعواما من التشكيك والازدراء، ومهام لجانه فقط تحديد الجداول وتوزيع المهام.

الثقة تكتسب ولا تمنح، فالمجتمع الكروي يريد لجانا قوية تستطيع أن تقف في وجه أي مسؤول أو أعلامي يبخسها وحكامها حقوقهم، قادرة على أن تأخذ حقوقها عبر اتحاد الكرة، من جراء شأن قوي هي عليه.

وعليه ما زال السؤال مستمرا: كيف نريد من التحكيم أن يتطور وينجح والجميع ما يفتأ يحارب أعضاءه ويتهمهم بعدم الأمانة؟ بل يتجاوزون كل ذلك لجعلهم كبش الفداء الحاضر لأي إخفاق أو ترد، وفي المقابل اللجنة تقنع بذلك ولا حس ولا خبر! نعترف أن المشكلة الحقيقية تكمن في نقص الوعي الرياضي لدى العشرات وربما المئات من العاملين أو المقتحمين لمجالس إدارات الأندية أو الإعلام. ونعتقد أن هذا ما أوصل التحكيم إلى ما وصل إليه، لكن جدير بأن يكون هناك رادع للمخطئ!! ولا ندري بالضبط ما هو شعور رئيس لجنة الحكام وهو يتلقى سيل الاتهامات التي بلغت هذا الموسم شأنا لم تبلغه حين حضرت إشارات التلويح بالمبالغ المالية من المدرجات بقوة؟.. ماذا سيقول عمر المهنا وهو يشاهد أخطاء الحكام الأجانب الذين حضروا للسعودية؟ ويقيسها بما صدر عن حكامه ليجد أنها من الأولين أشد وأفدح لكن من يقنع مسؤولي الأندية ومن يقنع المهنا وحكامه بأن يكونوا أكثر بأسا وشدة سواء بنيل حقوقهم أو بالارتقاء بعطاءاتهم؟

الدعيع.. رحيل آخر العظماء مع الاختلاف المؤلم بين السعوديين على من هو الأكثر تميزا من بين لاعبيهم.. فإن الاسم الوحيد الذي اتفقوا عليه كان يحمل محمد الدعيع.. حارس المرمى الأسطوري للمنتخب السعودي ونادي الهلال.. ليس إلا أن إنجازات هذا النجم كانت كوثيقة حاضرة عبر عقدين اثنين كان خلالهما هو الأفضل.. لكن لأن لكل أجل كتاب.. فقد عجلت الظروف أو المعنيين بنادي الهلال إلى دفع هذا النجم لإعلان اعتزاله فكان قرارا تاريخيا.. وقفت أمامه كل أطياف الكرة السعودية لتحييه على سجله الكبير ومسيرته الناصعة.. ليكون عام 2010 هو موعد ترجل أعظم لاعب عرفته الكرة السعودية عبر تاريخها، وليضيف إلى آلام العام ألما آخر! القروني وشبابه.. رجال العام كرويا كان من غير الإنصاف أن نبحر في عام 2010، دون أي إطلالة على المنجز السعودي.. لكن وسط السلبيات المتناثرة لم يكن هناك في الأفق الكروي إلا المدرب السعودي خالد القروني هو ومجموعة الشباب الذين قادهم إلى التأهل إلى نهائيات كأس العالم للشباب «كولومبيا 2011».. حدث هذا بعد مسيرة إخفاق خلال العقد المنتهي للفئات السنية السعودية على الصعيد القاري.. بحيث إنها لم تستطع إعادة وهجها القوي الذي ظهر خلال عقد التسعينات.

أيضا فمن الإيجابيات التي لن نغفل عنها فوز منتخب الاحتياجات الخاصة بكأس العالم.. وإقرار النظام الأساسي لاتحاد الكرة وتشكيل لجانه.