جولة أولى «كارثية» للمنتخبات الخليجية في نهائيات كأس آسيا 2011

بداية الصدمة كانت مع قطر.. والعراق حامل اللقب سقط في المطب الإيراني

TT

كشفت مباريات الجولة الأولى من كأس آسيا الـ15 لكرة القدم في الدوحة تراجعا ملحوظا في مستويات المنتخبات الخليجية التي خرجت منها بخفي حنين، باستثناء نقطة يتيمة انتزعتها الإمارات من كوريا الشمالية. ليست النتائج الكارثية هي العنوان الأبرز بعد هذه الجولة، بل فارق المستوى بين منتخبات شرق آسيا والمنتخبات الخليجية الذي بدا كبيرا جدا من حيث السرعة والتنظيم والفكر التكتيكي للمدربين والتنفيذ على أرض الملعب من قبل اللاعبين والانتشار الجيد وكيفية التعامل مع الكرة في حالتي الهجوم والدفاع، جلها عناصر فنية أفقدت المنتخبات الخليجية حضورها الفعلي حتى الآن في هذا المحفل القاري الذي شهد تتويج ثلاثة منتخبات من المنطقة الخليجية باللقب، السعودية أعوام 1984 و1988 و1996، والكويت عام 1980، والعراق عام 2007.

يذكر أن العراق انضم إلى دورات كأس الخليج منذ «خليجي 16» في قطر عام 2004.

لا، بل إن من يسمع الكثير من الخبراء والمحليين قبل المباريات وبعدها، وحتى بين الشوطين، يقف متسائلا في حيرة من أمره: هل يتطور مستوى المنتخبات الخليجية أم يتراجع؟ هل تخلت هذه المنتخبات فجأة عن دورها في هذه النسخة بعد أن فك العراق عام 2007 السيطرة اليابانية عليها؟ وأيضا هل لا تزال هذه المنتخبات تعيش في دورة كأس الخليج الأخيرة ولم تدخل بعد إلى بطولة أعلى منها مستوى وهي كأس آسيا؟

بداية الصدمة كانت مع المنتخب القطري المضيف الذي أعلن المسؤولون عنه أن الهدف هو الوصول إلى الدور نصف النهائي على الأقل، لكنه سقط في الامتحان الأول أمام نظيره الأوزبكي بهدفين في مباراة الافتتاح التي لم يقدم فيها شيئا يذكر، بل إن رئيس الاتحاد القطري الشيخ حمد بن خليفة اعتبر أنه قدم أحد أسوأ مستوياته منذ فترة طويلة.

المدرب الفرنسي برونو ميتسو تحدث عن سوء الأداء أيضا، وأطلق تصريحه «الشهير» بأنه يتحمل مسؤولية الخسارة. ميتسو يعمل على رأس الإدارة الفنية للمنتخب القطري منذ أكثر من عامين، أي أنه حصل على متسع من الوقت لاختبار عدد كبير من اللاعبين في العشرات من المباريات، خصوصا أن «العنابي» لم يكن مرتبطا بعد خروجه من تصفيات كأس العالم بأي بطولة رسمية كونه يخوض نهائيات كأس آسيا مباشرة. تجربة كأس الخليج الأخيرة لم تكن مشجعة على الإطلاق بالنسبة إلى قطر، فخسرت أمام الكويت، وتعادلت مع السعودية، وحققت فوزا واحدا على اليمن 2/1 لتودع من الدور الأول، ما جعل القلق يسيطر على مشاركتها الآسيوية.

جاءت المباراة الثانية لأحد ممثلي الخليج ضمن المجموعة الأولى أيضا، حين التقى منتخب الكويت بطل «خليجي 20» مع نظيره الصيني. المحصلة أن الكويت خسرت بهدفين نظيفين أيضا، لكن المباراة شهدت أخطاء تحكيمية فادحة من قبل الحكم الأسترالي بنجامين ويليامس، كما أن «الأزرق» لعب نحو ساعة بعشرة لاعبين بعد طرد المدافع مساعد ندا عقب ركله لاعبا صينيا من دون مبرر، علما بأنهما كانا واقعين أرضا. أبرز أخطاء الحكم كانت عدم احتسابه ركلة جزاء واضحة تماما لبدر المطوع في الشوط الأول، خصوصا أنه كان يقف على بعد أمتار قليلة من اللاعبين، فضلا عن إغفاله كرة أثبتت الإعادة أنها اجتازت خط المرمى لكن الحارس الصيني ارتمى عليها وحماها بجسمه قبل أن يخرجها بسرعة.

الأخطاء لا تحجب انخفاض مستوى منتخب الكويت في هذه المباراة، فكان بعيدا شيئا ما عن التألق الذي بدا عليه في كأس الخليج.

النتيجتان الكارثيتان خليجيا في اليوم الأول انعكستا على الثاني الذي شهد «هزة» سعودية كبرى بخسارة مفاجئة أمام سورية 1/2 أدت إلى إقالة المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو وإسناد المهمة إلى مدرب الطوارئ الموجود في الدوحة ناصر الجوهر.

وبعيدا عن صوابية خيار الإقالة من عدمه بعد المباراة الأولى من البطولة، فإن المنتخب السعودي، الوحيد الذي خاض ست مباريات نهائية في القارة الآسيوية في سبع مشاركات فقط حتى الآن، بدا كمن يشارك في البطولة لاكتساب الخبرة من الآخرين ولم يتصرف بروح البطل الذي تسيّد القارة لسنوات. صحيح أن «الأخضر» كان الأكثر سيطرة على الكرة أمام سورية، لكنه كان بلا هوية كروية واضحة على أرض الملعب، وهو ما لا يتناسب مع تاريخه العريق الذي يتضمن أربع مشاركات متتالية في نهائيات كأس العالم من 1994 في الولايات المتحدة حين بلغ الدور الثاني حتى 2006 في ألمانيا.

يبقى أن نرى ردة فعل المنتخب السعودي في المباراتين المقبلتين أمام الأردن اليوم الخميس واليابان الاثنين المقبل، خصوصا أن تجربة الصدمة الإيجابية لتغيير المدرب أثمرت في لبنان حين حل الجوهر بالذات بدلا من التشيكي ميلان ماتشالا عقب الخسارة الثقيلة أمام اليابان 1/4، فقاده إلى النهائي ليخسر أمامه مجددا بهدف دون مقابل. «الأحمر» البحريني، صاحب المفاجأة المدوية في كأس آسيا 2004 في الصين بوصوله إلى نصف النهائي قبل الخسارة الصعبة أمام اليابان، يبدو بعيدا جدا عن مستواه وفاقدا للقدرة على المبادرة بقوة بغياب عدد كبير من لاعبيه المميزين وفي طليعتهم طلال يوسف المعتزل.

سقط المنتخب البحريني في مباراته الأولى أمام نظيره الكوري الجنوبي المنظم والقوي 1/2، ولديه مباراة سهلة مع الهند في الجولة الثانية قبل مواجهة أستراليا في الثالثة.

وضربت منتخب البحرين أيضا مشكلة الإصابات، إذ يغيب الحارس محمد سيد جعفر وصانع الألعاب محمد سالمين عن البطولة، ولم تكتمل جهوزية الجناح الأيسر السريع سلمان عيسى ففضل المدرب سلمان شريدة الاحتفاظ به للمباراة الثانية.

ومنتخب البحرين هو فارس تصفيات كأس العالم في النسختين الماضيتين، والذي سقط في الملحق الأخير، أولا أمام ترينيداد وتوباغو ممثلة الكونكاكاف في الطريق إلى مونديال ألمانيا 2006، ثم أمام نيوزيلندا بطلة أوقيانيا في الطريق إلى مونديال جنوب أفريقيا 2010.

«الأبيض» الإماراتي، الذي ينتظر الجميع مشاركته لمتابعة نجومه الشباب الذين حققوا إنجازات رائعة مع منتخب الشباب والمنتخب الأولمبي، هو الوحيد من المنتخبات الخليجية الذي لم يخسر في الجولة الأولى، فخرج متعادلا مع كوريا الشمالية سلبا ضمن منافسات المجموعة الرابعة، بل كان الأفضل على مدار الشوطين والأقرب إلى الفوز، خصوصا بعد إهدار كوريا ركلة جزاء في الدقائق الأولى، ما منح لاعبي الأبيض دفعة معنوية للسيطرة على المجريات.

منتخب العراق حامل اللقب سقط في المطب الأول أمام جاره الإيراني 1/2 في مباراة جيدة المستوى، لكن لم يقدم فيها أسود الرافدين ما يضعهم في مصاف المنتخبات المرشحة بقوة لإحراز اللقب.

العراق كان توج بطلا لآسيا للمرة الأولى في تاريخه بفوزه على السعودية في نهائي النسخة الماضية بهدف لمهاجمه يونس محمود.

ويشارك العراق في البطولة الحالية بنواة المنتخب الذي أحرز اللقب قبل أربعة أعوام، مع بعض اللاعبين الجدد الذين ضمهم المدرب الألماني سيدكا، لكن يعيب الأخير عدم قدرته على قراءة المباراة جيدا وتوظيف قدرات لاعبيه بالطريقة المناسبة.

عربيا، كان منتخب سورية الفائز الأكبر في هذه الجولة بانتزاع النقاط الثلاث لمباراته مع نظيره السعودي، وخرج الأردن متعادلا مع اليابان بهدف لكل منهما بعد أن كان متقدما حتى الثواني الأخيرة.