ريدناب.. أبرز المرشحين لتدريب المنتخب الإنجليزي بعد الإيطالي كابيلو

صاحب اللمسات السحرية وقاهر العمالقة

TT

نجح هاري ريدناب منذ وصوله إلى توتنهام في أكتوبر (تشرين الأول) 2008 في تحويل النادي اللندني من فريق يحاول تجنب الهبوط إلى الدرجة الأولى إلى فريق يقارع كبار القارة الأوروبية كما فعل أول من أمس عندما أسقط ميلان الإيطالي في عقر داره (صفر/1) ضمن ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.

إنه هاري (هوديني) ريدناب، هذا هو اللقب الذي يطلقه عليه جمهور توتنهام تيمنا بالساحر الاستعراضي الأميركي الشهير هاري هوديني، لأنه ما إن تسلم مهام الإشراف على الفريق اللندني حتى تغير وضع الأخير تماما وانتقل من فريق يقبع في ذيل ترتيب الدوري الممتاز إلى آخر يزاحم العمالقة على المراكز المتقدمة.

عندما وصل ريدناب الذي يبلغ من العمر 63 عاما إلى توتنهام في 25 أكتوبر 2008، خلفا للإسباني خواندي راموس، كان الفريق اللندني يقبع في المركز الأخير في الدوري المحلي برصيد نقطتين فقط من 8 مباريات، لكن هذا المدرب وضع لمساته السحرية على الفريق وأعاده إلى الطريق الصحيح حتى أنهى الموسم في المركز الثامن.

ثم وفي الموسم التالي فرض توتنهام نفسه بقوة ودخل في نزال مع الكبار حتى نجح في نهاية المطاف في التفوق على العملاقين، ليفربول ومانشستر سيتي، وخطف المركز الرابع الذي فتح أمامه الباب من أجل المشاركة هذا الموسم في مسابقة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه. ومن المؤكد أن عشق جماهير توتنهام لهاري (هوديني) ريدناب قد ازداد هذا الموسم لأن الفريق اللندني أصبح أول وافد جديد إلى دوري أبطال أوروبا يتصدر مجموعته في الدور الأول بعدما تفوق على إنتر ميلان الإيطالي حامل اللقب بالفوز عليه 3/1 إيابا على ملعب «وايت هارت لاين» بعد أن خسر أمامه ذهابا في «جوسيبي مياتزا» 3/4 في مباراة تقدم خلالها الفريق الإيطالي برباعية نظيفة قبل أن ينجح ضيفه اللندني في تقليص الفارق بفضل ثلاثية من الويلزي غاريث بايل الذي يعتبر من اكتشافات ريدناب كما الحال بالنسبة لارون لينون.

وتوتنهام بقيادة والد لاعب المنتخب وليفربول السابق جايمي ريدناب وعم نجم تشيلسي فرانك لامبارد، ليس الفريق الذي يلعب من أجل النتيجة وحسب، بل إنه فريق ممتع بفضل أدائه الهجومي السلس الذي سمح له بالسيطرة على مجريات مباراته مع ميلان المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا 7 مرات أول من أمس في عقر دار الأخير. وتجسدت النكهة الهجومية التي تميز توتنهام من خلال الأداء الذي قدمه في دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا، إذ كان أفضل فريق هجومي مشاركة مع جاره اللندني آرسنال حيث سجل كل منهما 18 هدفا في 6 مباريات.

لا يعتبر ريدناب من المدربين التقليديين لأنه شخصية مثيرة للجدل بسبب مخالفاته القانونية وآخر فصولها تهربه من دفع الضرائب إلى جانب تورطه بصفقات انتقال مشبوهة، لكن الجماهير واللاعبين يعشقونه لخفة ظله وابتسامته الدائمة ولأنه الرجل المكافح الذي كان قاب قوسين أو أدنى من مفارقة الحياة بعد تعرضه لحادث سير مروع في إيطاليا خلال مونديال 1990.

لا يمكن تصنيف ريدناب ضمن فئة المدربين التكتيكيين. إنه مدرب الجيل القديم الذي لا يحبذ التعقيدات ويفضل دائما اللعب الهجومي البسيط، وقد يكون هذا الأسلوب مفتاح وصول مدرب بورنماوث ووستهام يونايتد وبورتسموث وساوثمبتون السابق إلى رأس الهرم الفني للمنتخب الإنجليزي بعد نهائيات كأس أوروبا 2012 لأنه من أبرز المرشحين لخلافة الإيطالي فابيو كابيلو.

«أنا إنجليزي. من لا يرغب في تدريب منتخب إنجلترا؟ لا أحد يرفض وظيفة كهذا. إذا كنت إنجليزيا لا يمكنك رفض تدريب بلادك». هذا ما قاله المدرب الذي يملك في خزائنه لقبا يتيما (كأس إنجلترا) توج به مع بورتسموث عام 2008، إثر خروج منتخب «الأسود الثلاثة» من مونديال جنوب أفريقيا بهزيمة مذلة أمام ألمانيا (1/4).

وشدد ريدناب، الذي يرتبط بعقد مع توتنهام حتى 2013، أكثر من مرة على ضرورة أن يكون منصب مدرب إنجلترا من نصيب مدرب إنجليزي، قائلا: «لا أتحدث هنا عن مدرب اسكوتلندي أو آيرلندي، أتحدث عن مدرب إنجليزي لأن هذا هو المكان الذي نحن فيه. إنها بلادنا. يجب أن نكون قادرين على صنع مدرب يستطيع إدارة المنتخب الإنجليزي، وبصراحة لن يقوم بأسوأ مما قام به السويدي زفن غوران إريكسون وكابيلو».

من المؤكد أن جماهير توتنهام ستحزن كثيرا في حال قرر الاتحاد الإنجليزي الاقتناع بوجهة نظر ريدناب واختياره شخصيا لتولي هذا المنصب «الوطني»، لكنها ستفرح كثيرا في حال نجح هاري (هوديني) ريدناب في سحر «الأسود الثلاثة» وقيادتهم ليكونوا بين عمالقة الكرة العالمية مجددا كما فعل مع الفريق اللندني حتى الآن، إن كان محليا أو أوروبيا.

من جهة أخرى جاءت الهزيمة صفر/1 التي تعرض لها ميلان أمام ضيفه توتنهام في ذهاب الدور الثاني (دور الـ16) لبطولة دوري أبطال أوروبا لتكون حلقة جديدة في سلسلة الصدمات التي تلقاها ميلان في الآونة الأخيرة. ووعد المدرب ماسيميليانو أليغري، المدير الفني لفريق ميلان بالتأهل إلى دور الـ8 عبر مباراة الإياب التي ستقام على استاد «وايت هارت لين» معقل فريق توتنهام.

وقال أليغري: «سنقدم مباراة مختلفة.. كل شيء ما زال ممكنا. يتعين علينا النزول إلى أرض الملعب بتحكم كبير في النفس». ولم يستطع فريق ميلان السيطرة على نفسه بشكل كبير في المباراة على استاد «جوسيبي ميازا» الذي أغرقته مياه الأمطار.

وظهر عدم ضبط النفس من خلال «النطحة» التي وجهها اللاعب جينارو غاتوزو قائد فريق ميلان، في نهاية المباراة، إلى جو جوردان المدرب المساعد لفريق توتنهام الذي كان مهاجما في صفوف ميلان خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي.

وعلقت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية على سقوط ميلان، كما وصف الحكم الإنجليزي الشهير السابق غراهام بول اللاعب غاتوزو بأنه «وباء وألم»، ولكنه أشار أيضا إلى أنه «عرف جاتوسو أيضا بأنه رجل ساحر ومحترف جيد». كما كان للفرنسي ماثيو فلاميني، لاعب ميلان، نصيبه من سقوط ميلان، حيث عرقل فيدران كورلوكا لاعب توتنهام بخشونة واضحة لينال أحد الإنذارات الثلاثة التي حصل عليها فريق ميلان في هذه المباراة، بينما خلت المباراة من أي إنذار للاعبي توتنهام.

ويغيب غاتوزو عن مباراة الإياب بسبب حصوله على الإنذار الثالث في البطولة، ولكنه ينتظر عقوبة إيقاف أكبر بسبب سلوكه واعتدائه على جوردان رغم اعتذار اللاعب بعد الواقعة. وذكرت صحيفة «إل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية في عنوانها، أمس «ميلان خسر في المطر»، بينما ذكرت صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية «أوروبا المرة» في دعوة إلى ميلان بالتركيز في الدوري الإيطالي هذا الموسم بعدما تضاءلت فرصته في المنافسة على اللقب الأوروبي.

وإذا فشل ميلان في عبور عقبة الإياب أمام توتنهام، سيخرج الفريق الإيطالي من دور الـ16 للبطولة للموسم الثالث على التوالي، علما بأنه أحرز لقب البطولة 7 مرات سابقة. ويمتلك ميلان أكثر من فرصة لاختبار قوته وإمكانياته قبل لقاء الإياب، حيث يلتقي الفريق مع كييفو يوم الأحد المقبل قبل المواجهة الصعبة مع نابولي، والمباراة المثيرة مع فريق يوفنتوس الذي حقق الفوز 1/صفر على إنتر ميلان مؤخرا.

ومع اشتعال المنافسة هذا الموسم على المستويين المحلي والأوروبي وغياب لاعبي خط الوسط أندريه بيرلو، وماسيمو أمبروسيني، عن صفوف ميلان لفترة طويلة، يحتاج الفريق حاليا إلى الاعتماد بشكل كبير على الحماس والخبرة الدولية الكبيرة للاعبيه. ويرى غاتوزو أن توتنهام ليس أقوى من فريقه الذي يستطيع عبور عقبة الإياب والتأهل لدور الـ8.