الميلان في 25 عاما تحت قيادة برلسكوني يتصدر قائمة الأندية الأكثر حصدا للألقاب العالمية

رئيس الوزراء الإيطالي.. من عالم الاقتصاد إلى كرة القدم ومنها إلى دنيا السياسة

TT

25 عاما مضت، 25 عاما في الميلان. حيث شهد يوم الخميس الموافق 20 فبراير (شباط) من عام 1986 صفقة انتقال ملكية نادي الميلان الإيطالي إلى سيلفيو برلسكوني، بعد أن وقع المالك القديم جوزيبي فارينا، الشهير بجوسي، فريسة للديون، مما اضطره إلى الهروب إلى أفريقيا معلنا أن «أفضل حل لمستقبل الميلان هو سيلفيو برلسكوني». ووافقه جاني ريفيرا، نائب رئيس النادي الشاب وأحد أعلام الفريق، الرأي قائلا إن «برلسكوني هو أجمل هدية للميلان». آنذاك، كان رئيس الوزراء الإيطالي الحالي يبلغ من العمر 49 عاما، وكان ينعم بسمعة طيبة كرجل أعمال شهير باعتباره رئيسا لمجموعة «فينينفيست» الاستثمارية، التي كانت تضم 6000 موظف، فضلا عن رئاسته لشبكة تلفزيونية خاصة كبيرة. وجاء الإعلان الرسمي عن إتمام صفقة البيع في 24 مارس (آذار) من العام نفسه في حفل التقديم الذي هبط إليه برلسكوني من الجو، حيث إنه كان يستقل طائرته الهليوكوبتر الخاصة (أغوستا 109). وفور وصوله للملعب، عانق الرئيس المدير الفني نيلس ليدهولم، ثم توجه إلى باولو روسي قائلا «عزيزي باولو، أنت فخر الكرة الإيطالية على الصعيد الدولي، وستكون رمزا لهذا الفريق». وبعد شهرين، قام برلسكوني بالاستغناء عن بابليتو إلى نادي فيرونا، لتقتصر الأضواء على روسي وحده».

أشاع الرئيس الجديد روحا غير مسبوقة في النادي بفضل نشاطه الشديد وأفكاره التي لا تنضب. ويقال إنه كان يمضي ساعات الليل في دراسة أحوال شبكة «ميديا ست» وفريق الميلان الذي يعاني من بعض المشكلات المعمارية والفنية. أما عن الناحية الفنية، فقد جاء أول قرار لبرلسكوني بالتعاقد مع اللاعب داريو بونيتي لمساندة باولو مالديني في جبهة الدفاع، وهو ما تحدث عنه الرئيس مع باولو قائلا «أنت في الـ17 من عمرك، ولا يمكنك المشاركة مع الفريق طيلة الوقت». ثم تتابعت الصفقات التي بدأت بماسارو، وحارس المرمى جيوفاني غالي، ودونادوني الذي انتزعه من يوفنتوس، وقد عقب برلسكوني على ذلك قائلا «إنه مثل ريفيرا، وسيضيء بريقا جديدا على ملعب سان سيرو». وانتبه الرئيس للمشكلات المعمارية بعد ذلك بعد أن استشار المحيطين به بشأن أفضل وأحدث مركز رياضي في العالم، فأكدوا له أنه مركز تدريبات فريق ريال مدريد. بعد ذلك، قام برلسكوني بتكليف فابيو كابيللو، مدرب فريق الناشئين في الميلان، بالسفر إلى ريال مدريد لدراسة النادي والفريق، فعاد كابيللو بدراسة مفصلة عن النادي الملكي. وأدرك برلسكوني أن سر نجاح الميلان هو النظام والإيمان بتقديم كرة قدم رفيعة المستوى انطلاقا من الشعور بالانتماء لقميص الفريق. وما إن أقتنع الرئيس بمشروع الريال، حتى قرر السفر إلى إسبانيا للاطلاع على الأمر بنفسه. وبعد عودته، عقد برلسكوني اجتماعا موسعا مع لاعبي الفريق وإداريي النادي، قال فيه «طريقة لعب الميلان ليست فعالة على الإطلاق، وذلك لأن الفريق يفتقد إلى العزيمة والرغبة في الفوز». فأجابه ليدهولم ساخرا «أنت رجل بارع، وتفهم كرة القدم جيدا».

من هنا، بدأ العهد الذهبي للميلان في ظل قيادة سيلفيو برلسكوني، الذي أعاد الأمور إلى مكانها الحقيقي، ونجح الفريق في اعتلاء قمم كرة القدم العالمية أكثر من مرة، مكتسبا حب الجماهير وتأييدهم في كل مكان. كان الميلان يحرز الألقاب أينما ذهب. وأحدث الفريق ضجة إعلامية غير مسبوقة عند إقامة المعسكر الأول في أرينا بمدينة ميلانو، حيث قام برلسكوني بإحضار الفريق إلى الملعب في طائرات هليكوبتر خاصة، وكانت تصاحبهم موسيقى أميركية صاخبة للغاية. وبعد تعرضه لعاصفة شديدة من الانتقادات، أوضح الرئيس الأمر قائلا «كان الغرض من ذلك هو لفت الأنظار كي تتصدر صور الفريق الصفحات الأولى لكل الصحف الرياضية وغير الرياضية. وبالفعل، حققنا الهدف، وبدأت الجماهير في الاشتراك في النادي بأعداد كبيرة». وبعد مرور سنوات على حادثة الطائرة، بدأ الميلان في حصد سلسلة كبيرة من الميداليات والدروع والكؤوس. ومر على الفريق عدد من المديرين الفنين الكبار مثل فابيو كابيللو، أريغو ساكي وكارلو أنشيلوتي. كما تتابع النجوم العالميون في التوافد على فريق الميلان، وعلى رأسهم خوليت، فان باستن، كاكا، وشيفشينكو، وجميعهم حصلوا على جائزة الكرة الذهبية. وانضم إلى الميلان أيضا بعض اللاعبين الذين لم يكونوا على مستوى الفريق، لكنه أمر وارد الحدوث في أي فريق في العالم.

وفي عام 1989، صرح برلسكوني بمناسبة فوز الفريق بدوري أبطال أوروبا (الملقب بكأس الكؤوس آنذاك) قائلا «هذه المنافسة أصبحت قديمة للغاية، فأنا أحلم بوجود دوري أوروبي يضم الفرق الكبيرة ويطبق نظام المجموعات بحيث تتم إقامة المزيد من المباريات، وبالتالي المزيد من الموارد المالية والعروض الكروية». قوبلت هذه الفكرة بالسخرية عند طرحها، ثم بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في دراستها، لتولد منافسة الشامبيونزليغ. وبعد مرور سنوات طويلة، طرح أحد الصحافيين على برلسكوني سؤالا شائكا حول إمكانية تنازله عن ملكية هذا النادي، فكان رده «إنني لا افهم هذا السؤال. لقد صنعت تاريخ الميلان وقدته إلى الفوز بالكثير من الألقاب، أكثر من تلك التي فاز بها ريال مدريد. إنني رئيس النادي صاحب العدد الأكبر من الألقاب في العالم، وفي المرتبة الثانية، يأتي بيرنابيو الذي أهدوا إليه ملعب ريال مدريد. إذا كان هناك من يفكر في أن عائلتي لم تقدم الدعم المالي الكافي للميلان، فعليه أن يتذكر جيدا أننا ننفق أكثر من 50 مليون يورو في العام. إنه مبلغ كبير على ما يبدو لي».

جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني كان قد ولد في 29 سبتمبر (أيلول) 1936، وهو أب لخمسة أبناء (مارينا وبيرسيلفيو من زواجه الأول، وإليونورا وبربارا ولويغي من زواجه الثاني). وهو مالك لمجموعة «فينينفيست» الاستثمارية وشبكة «ميديا ست» الإعلامية. واشترى نادي الميلان عام 1986، ودخل إلى عالم السياسة منذ 17 عاما بتأسيسه للحزب السياسي (فورسا إيطاليا).