إبراهيم الصيني: عصبية رادوي ناجمة عن طبيعة الرومان الصلبة.. و3 خطوات كفيلة بعلاجه

اختصاصي القدرات النفسية قال إن الجماهير تساهم في ترسيخ سلوكه العدواني.. وعزيز فاقم المشكلة

TT

لا يختلف اثنان على مستواه الفني، وعطائه داخل الميدان، إنه لاعب بأدوار متعددة، ويتميز بالمساندة الهجومية، ويتقن بدرجة امتياز تسجيل الأهداف من الكرات الثابتة، إضافة لامتلاكه قدما قوية للتسديد من خارج منطقة الجزاء، أحرز من خلالها الكثير من الأهداف، كان آخرها هدفه بمرمى فريق الفتح يوم أول من أمس، إنه الروماني ميريل رادوي، لاعب فريق الهلال، المتميز فنيا، والمشاكس في سلوكه داخل الميدان، حيث بات الروماني يحرج فريقه كثيرا، إثر حصوله على بطاقات ملونة، أو تعرضه لعقوبة إيقاف في وقت حرج لفريقه في المنافسات المحلية، كما حدث له مؤخرا، بعد أن تم إيقافه ثلاث مباريات، بعد ضربه للاعب الوحدة، قبل أن يشمله قرار العفو الذي شمل كل الرياضيين بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية.. ليعود رادوي ويشارك مع فريقه الهلال في مباراة الفتح يوم أول من أمس، التي انتهت بفوز فريقه 2 - 1، سجل فيها رادوي الهدف الأول لفريقه في المباراة.

«الشرق الأوسط» بدورها وضعت الروماني ميريل رادوي تحت المجهر النفسي، مع استشاري تطوير القدرات والتهيئة النفسية الدكتور إبراهيم الصيني، الذي أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث للروماني رادوي يعود لأمرين؛ الأول طبيعي، وهو يعود لطبيعة الإنسان وبيئته ونمط حياته وثقافته، وغيرها من الأمور المهتمة بالخصائص البيئية، وقال: «الجميع يعرف أن الرومانيين شعب صلب وقوي، ولديهم حرارة في التعامل، فأنا شخصيا شاهدت الكثير من المدربين الرومانيين في السعودية، لديهم صرامة في التعامل قوية جدا، ساهمت في إخفاق الكثير منهم في ملاعبنا، وهذا يعود لطبيعتهم القوية والصلبة، فمثلا في المناطق السعودية، توجد هناك اختلافات من ناحية التعامل والطبائع، الأمر الآخر ينقسم لجزأين؛ الأول الحماس الزائد، أو الحماس الذي يتحول للسلب، فالحماس في الأصل عملية جيدة وإيجابية في الإنسان، وهو الذي يولد الانتماء والطاقة، ولكن حديثنا هنا عن الحماس السلبي أو العكسي، أما الحماس الإيجابي فهو مطلوب، ويزيد من قوة الفريق، فعندما تتقد حماسة لاعب في الملعب للعب، وكيف يصل للمرمى، وكيف يمرر تمريرة صحيحة، وكيف يبدأ بالتركيز، هنا يكون الحماس إيجابيا ومطلوبا، الأمر الثاني للأشياء غير الطبيعية، وهو تحميل الإنسان فوق طاقته، فأحيانا يتحمل اللاعب مثلا مسؤولية الفريق كاملة، فتجده يدافع عن زميل له في الفريق مثلا، ويظهر عليه الشد في أوقات الخسارة، مما يسبب له إشكاليات متعددة».

وعن غياب اللاعب خالد عزيز لفترة طويلة عن الملاعب، مما جعل المدربين يشركون الروماني رادوي في مركز المحور وحيدا، وهل هذا نوع من الضغط على اللاعب، قال الصيني: «بلا شك هذا جزء من المسؤولية، وكذلك شارة القيادة، وغيرها من الأمور التي تكون فوق طاقة اللاعب»، مضيفا: «يبدو لي اللاعب خارج الملعب شخصا هادئا ومرحا ومحبوبا من زملائه».

وعن الطريقة المثالية لعلاج هذه الحالة، قال الدكتور الصيني: هناك ثلاث خطوات لا بد لكل إداري في أي فريق الانتباه لها، والعمل عليها عند وجود أي مشكلة لأي لاعب، ويجب معرفة هل مشكلة اللاعب في تفكيره أم مشاعره أم سلوكه، وأن لا يكون العلاج بالتحدث للاعب، وقولنا له إن هذا الفعل سلبي ويضر بالفريق، فاللاعب داخليا مدرك لهذا الشيء، ولكن هناك أمور تجعله يكرر الفعل داخل الملعب، والخطوات الثلاث بشكل تفصيلي، نوردها كالتالي:

الخطوة الأولى: أفكار اللاعب، ربما تكون هناك أفكار لدى اللاعب، بأن الدوري السعودي قوي، وهنا في السعودية يجب أن تأخذ حقك بيدك، فهذه بلا شك فكرة خاطئة تولّدت لدى اللاعب، ويجب إزالتها وتصحيحها، وإيصال فكرة أنه كلاعب يجب أن يكسب ود الجمهور بفنه ومهارته، وليس بعضلاته، وبإمكانك أيها اللاعب أن توضح حبك وانتماءك للفريق، ولكن ليست بهذه الطريقة التي تضره، فهو ربما يحب النادي كثيرا، ويزعم أن مثل هذه الأمور أو التصرفات طريقة لإيصال مدى حبه للفريق إلى الجمهور.

الخطوة الثانية: مشاعر اللاعب، فربما تكون أفكاره سليمة، ولكن لديه مشاعر حزن مثلا، أو نفسيته غير جيدة في هذا الشهر، أو المباراة، لظروف أسرية أو مشكلات عائلية، أو عدم وجود زوجته في السعودية مثلا، أو لديه ضائقة مالية، أو ربما لديه شعور بأن مستواه كبير، وهو داخليا يشعر بأنه لم يقدم شيئا للفريق حتى الآن، فهنا أسعى إلى حل أي مشكلة تخص مشاعره.

الخطوة الثالثة والأخيرة: سلوك اللاعب، فربما تكون أفكاره ومشاعره سليمة، ولكن طريقته خاطئة، هنا نقول له إذا قُطعت منك الكرة لا تضرب اللاعب، فهناك زميل لك سيقطعها بعدك، وإذا تعرّضت لضرب من أي لاعب، فهناك حكم سيأخذ بحقك، فمن الضروري معرفة هذه الخطوات الثلاث للعلاج، فهي خطوات نفسية معروفة للعلاج، وكلامي هنا قاعدة عامة لكل إداري أو شخص يريد تغيير فكرة أو حل مشكلة.

ويضيف الصيني: الناس تتحدث أنه لاعب محترف، لماذا يفعل كذا ولماذا الإدارة لم تخصم منه أو توقفه، ولكن في النهاية هو بشر، ولديه مؤثرات، ويمر بظروف، ومن الخطأ أن يتم عقابه دون الوقوف على المشكلة وحلها، فأنت تريد تعديل السلوك وليس العقاب فقط، فالإداري المحنك يجب أن يكون لديه خبرة في التعامل في مثل هذه المواقف، أو أن يوكل الأمر لاختصاصي نفسي، أو شخص خبير في هذا المجال.

وفيما يخص اللاعبين في الأندية الأخرى، واحتكاكهم مع رادوي، مما يعرض الأخير في بعض المباريات للطرد أو البطاقات الصفراء أو خطأ، وهل الأندية عرفت كيف تخرج اللاعب الروماني من أجواء المباراة، قال الصيني: هي نقطة قوة وضعف في ذات الوقت، فهي نقطة ضعف إذا استطاع أي لاعب إخراج رادوي من أجواء المباراة، ونقطة قوة عندما يستطيع اللاعب امتلاك أعصابه، ويحول الضغط للاعب المنافس، فمثلا لنفترض أن هناك لاعبا أراد أن يخرج رادوي من أجواء المباراة، ولكنه وجده يبتسم ولا يستسلم للنرفزة، سنجد مع مرور الوقت اللاعب الآخر هو من يتنرفز، ويخرج عن أجواء المباراة.

وفيما يخص تكرار رادوي سلوكه لأكثر من مرة، مما ساهم في إيقافه في أكثر من موقف، وما هو تفسيره لذلك، قال الصيني: بلا شك هنا دور الإدارة والجانب النفسي والتطويري، وكيفية تنمية الشخصية، فالمسألة ليست يا رادوي أنت لاعب محترف، ويجب عليك كذا وكذا، فالإنسان بشر، مضيفا: أي عادة سلبية كانت أو إيجابية، تتكون من ثلاثة أشياء (معرفة، ورغبة، ومهارة)، فمثلا اللاعب لديه معرفة أو وصلته معلومة بأن الدوري السعودي شديد وقوي، ويجب أن تأخذ حقك بيدك، الأمر الثاني اللاعب تكون لديه الرغبة في أخذ حقه بيده، أخيرا المهارة فنجد اللاعب يقوم بالضرب من زاوية غير مكشوفة للحكم.

وفي سؤالنا للدكتور الصيني، عندما يتم طرد رادوي في مباراة أو يصدر بحقه قرار إيقاف، وفي التمارين التي تلي الحادثة، يجد اللاعب الكثير من الجماهير تستقبله على غير العادة، وتحمل لافتات وصورا له، هل هذا يعزز هذا السلوك لدى اللاعب؟ قال الصيني: بكل تأكيد، أي شخص يجد تفاعلا وتحية، يزيد لديه هذا الشعور، وطالما أنت أيها المشجع صفقت على أمر سلبي، يعني أنك شجعته، فالرياضة فكر وأخلاق، وتشجيعك للاعب هنا، يعني أنك ساهمت في وجود شعور غير صحيح لدى اللاعب، مستدركا: وهذا لا يعني أن يقوم الجمهور بالانتقاص من قيمة اللاعب، أو الإساءة له، فالمسألة ليست كذلك، بل يقوم بالتصفيق له ويشجعه على مستواه الفني، وعند الخطأ يقول له هذا خطأ، ويضر الفريق، لأساهم أنا كمشجع في تأنيب اللاعب، وفي النهاية أعود لما بدأت الحديث عنه، يجب أن لا يقارن رادوي بغيره من اللاعبين الأجانب في الدوري السعودي، فطبيعة اللاعبين وبيئاتهم وحياتهم المادية لها دور في شخصية اللاعب، مضيفا: بداية رادوي لم تكن هكذا، ولا أذكره ينفعل كثيرا، ففي بعض الأحيان الانتماء والولاء لا يأتي بالقوة، وكما يقال «قوة الحق وحق القوة» فمثلا الشمس واضحة للجميع، هذا يسمى «قوة الحق»، أما «حق القوة»، يعني فرض قوة الحق وأخذها بالقوة.

ويختم الصيني حديثه قائلا كل لاعب عندما يبدأ مع الفريق تتبرمج أفعاله لدى الآخرين، فلاعب مثل رادوي حصلت له أكثر من مشكلة، وتم إيقافه بعد ضربه أو ركله لأي لاعب من فريق آخر، فهنا بعض اللاعبين في الأندية الأخرى يقول، رادوي لاعب عنيف أو يمارس الضرب للاعبين، فلذلك لا بد أن أمارس معه مثل أفعاله، فهذا غير صحيح، فربما يكون اللاعب في المباراة الماضية لعب تحت ضغوط نفسية كبيرة، ولكنه في هذه المباراة تعدل وضعه، أيضا حتى حكام المباريات نقول لهم إن أي لاعب يصدر تصرفا خارجا في أي مباراة، ربما يكون في المباراة التي تليها من أروع اللاعبين سلوكا.