فراس التركي: وضع أسس استثمارية للأندية السعودية سيخفف العبء عن رعاية الشباب

أكد ضرورة الاستفادة من خبرات «سعودي أوجيه» و«مجموعة بن لادن».. والتصدي للغش التجاري

TT

اقترح المهندس فراس التركي، مسؤول الاستثمار بنادي الاتحاد، آلية حقيقية لدعم الجانب الاستثماري في الأندية السعودية، حيث قدم رؤيته لـ«الشرق الأوسط»، مبينا أن المتابع للشأن الرياضي العالمي، أو أي من الرياضات الجماعية يعي ما تحققه من عوائد استثمارية مجزية، تجعل أي مستثمر له الرغبة في المشاركة، وتحقيق الربح منها، متناولا الأسس الاستثمارية، وطرق إيجاد المداخيل للأندية، وتسليط الضوء على النقل التلفزيوني، لما يشكله من مصدر دخل في جميع البطولات، مستشهدا بما ذكره المستشار السويسري باتريك كوتينغ، ومقارنته بعائدات كأس أوروبا من النقل التلفزيوني عام 1996، التي بلغت عام 2008 مليار يورو بنسبة تطور 35 في المائة، وتطرق للكثير من الأمور الاستثمارية التي تعود بالفائدة للأندية السعودية، والاتحاد السعودي. وشدد التركي على ضرورة وضع الأسس الاستثمارية للأندية، لتخفيف العبء عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتفرغها للتوجيه والإشراف الاستراتيجي للأندية، استكمالا لقرارات التخصيص والدراسات، التي بدأت، وتأطير هذه الآليات سيحل مشكلات الفرق الرياضية، ويضع حدا للنزاعات الاستثمارية، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود البيئة الاستثمارية المشجعة، والأنظمة والقوانين، ودوائر التحكيم الضامنة والمتخصصة في هذا المجال، مما سيمنح المستثمرين الثقة للمبادرة في الاستفادة من الفرص المتاحة على الساحة. وأوضح التركي أنه لا بد من عمل الأندية أو اتحاد القدم في إيجاد طرق استثمارية جديدة للمقصورات الخاصة في الملاعب، كإليانز أرينا ورولان غاروس، بمشاركة الشركات المحلية أو الهيئات الحكومية (ذات الأذرع الاستثمارية، كالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية)، وليس رعاية الشباب، والاستثمار في ما هو أوضح وأسهل من ذلك، ألا وهو بناء الملعب الرياضي في مدينة جدة، الذي تطرق له الكثير مرارا وتكرارا، وعلى الرغم من تكفل الدولة بمصاريف إنشائه، وليس بالصيغة المقترحة الاستثمارية (البناء، ثم التشغيل، ثم نقل الملكية)، وعلى رعاية الشباب البدء والإسراع في طرح مثل هذا المشروع للمناقصة، وليس بتحمل مصاريف ذلك، لتشجيع الجهات الراغبة في الاستثمار، وحتى تخفف العبء عن كاهلها، والاستفادة من خبرات الشركات المحلية، كسعودي أوجيه، أو بن لادن، وغيرهم، مبينا أنه يجب عدم إدراج البنوك في مثل هذه الاستثمارات، كون البنك يمول الصفقات عند وجود الدراسات المعتمدة من البيوت الاستشارية أو الشركات المحلية، حيث إن دورها ينحصر في المساعدة على الدراسة، وتمويل مشترك مع بنك أو بنوك أخرى، لبعد ذلك عن مجال اختصاصها. وأشار التركي إلى أن تأخر تطبيق مبادئ الخصخصة بذريعة كما ذكر، معللين أن تطبيقها سريعا سيؤول بالفشل، على الرغم من أن الحديث عن ذلك بدأ منذ زمن ليس بقريب، وأتمنى من اللجنة أن تفكر في هذا الأمر، لأن آخر الأنباء تكشف عن أن الخصخصة ستكون في عام 2013، أي أن هذه الرحلة قاربت الـ12 عاما، والاحتراف لدينا تجاوز الـ15 عاما، وهذه المدة كفيلة بأخذ الدروس والعبر منها، لكي ننطلق إلى التطبيق بشكل جيد، فخصخصة الأندية ستسهم في ترجمة الأفكار والحلول الاقتصادية الرامية لتطوير مداخيل الأندية، واعتمادها على مواردها، وبالتالي انتعاش للاستثمار الرياضي، كما يجب تقسيم الرياضة في السعودية إلى قسمين: قسم لا يمكن أن يعتمد على نفسه، وينبغي على الدولة أن تدعمه، وقسم يمكن أن يعتمد على نفسه، مما يحتم علينا أن نعتمد على الكفاءات وليس المتطوعين.

وأكد التركي في حديثه عن الاستثمار الرياضي أن الغش التجاري الذي يهدر أموال الأندية ينبغي العمل على إيقافه والتصدي له، والغش المقصود هنا هو المرتبط بالحقوق التجارية (التقليد غير المصرح به أحد أوجه ذلك) لمنتجات الأندية، والمتابع للشارع الرياضي يرى الغش وصوره عند رغبته شراء أي منتج لناد معين، كقميص فريقه أو شاله على سبيل المثال.

وهذا الهدر المالي يؤثر سلبا على ميزانية أي فريق جماهيري بما لا يقل عن 5 إلى 6 مليون ريال سنويا في أضعف الأحوال، وأنا هنا لم أضف جميع المنتجات المتاحة أو المتداولة عالميا.

وأبان بضرورة حظر بيع المنتجات التقليدية، خصوصا مع انتشارها أمام ملاعبنا المختلفة (خارجها) من دون حسيب أو رقيب، ثم نبدأ بعد ذلك بالتشديد على المنافذ الجمركية للحد من هذه الظاهرة المؤثرة سلبا على الأندية ماليا (ما تلزم به منظمة التجارة العالمية). ولا يفوتني التأكيد على أن بعض المحال الرياضية تساعد على تفشي ذلك الغش، ببيع المنتجات التقليدية، والتعاقد مع بعض المنتجين المحلين كعلامة معروفة (أ)، التي تضررت منها الأندية.

وأتمنى أن تحصل المحال الرياضية على ترخيص من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتصبح المرجعية لها مثل الأندية، متمنيا سرعة تطبيقها لحفاظ حقوق الأندية المالية المهدرة، وعلينا في الوقت نفسه تشجيع القطاع الخاص بأكمله على المشاركة في هذا النوع من الاستثمار، بناء على العوامل المستقبلية، كنسبة قطاع الشباب الذين يمثلون ما نسبته أكثر من 65 في المائة من تعداد السكان، وشغفهم بالكرة والرياضة بشكل عام، (وليس قطاع الاتصالات فقط)، حيث إن دخول شركتي الاتصالات كان من باب المنافسة والأسبقية، واستفادت الأندية من جراء تلك المنافسة، ومن المفترض أن يوجد بنية استثمارية كما ذكرت بالأعلى، ومساعدة تحمي رأس المال من قبل وزارة التجارة، وسن العقوبات الرادعة من الغش التجاري وتقليد منتجات الأندية، إلى جانب استحداث إدارات استثمارية في الأندية، والاستفادة من العقليات الاستثمارية الشابة ذات الخبرة في هذا المجال، والكف عن وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب، والبدء في تطبيق نظام الاحتراف على المستوى الإداري، مما يتطلب رواتب ومتطلبات مالية إضافية، وهو ما يقودنا إلى منظومة احترافية متكاملة.

كما أن طرح بعض الأندية الجماهيرية للاكتتاب، كما حصل مع شركات التأمين، سيغير مجرى الاستثمار في الأندية السعودية، وذلك مع استمرارية عمل الأندية جنبا إلى جنب مع رعاية الشباب، المتمثلة في لجنة الخصخصة، وتطبيق نظام الحوكمة في جميع الأندية، لفصل مجالس الإدارة عن الإدارات التنفيذية للأندية، والاستفادة من تجارب بعض الشركات الرائدة في السعودية، ويرى البعض أن غياب الشركات المحلية عن الاستثمار في مجال الرياضة يعود إلى غياب المنظومة الاستثمارية، والقوانين اللازمة، وهذان السببان لا يزالان تحت الدراسة حاليا، وأنا أؤيد ما ذهبوا إليه بشكل نسبي، والمؤمل أن يسهم المجلس في التنسيق بين الأندية لمثل هذا التفكير التسويقي.

وقال التركي مستشهدا على الاستثمار في أوروبا: «حصد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أكثر من مليار يورو (5 مليارات ريال) من مسابقة كأس أوروبا، التي استضافتها النمسا وسويسرا، وذلك جراء عائدات النقل التلفزيوني والتسويق بحسب ما هو مصرح به. والرقم المذكور أكبر من نظيره في البطولة التي استضافتها البرتغال عام 2004 بـ35 في المائة حيث حصل (يويفا) على 750 مليون يورو من الأرباح، وعلى الرغم من ذلك يبقى الرقمان أقل من الذي حققته أرباح مونديال 2006 في ألمانيا، التي وصلت إلى ملياري يورو (تقريبا)».

والنقل التلفزيوني، هو الحصة الأكبر من الأرباح، حيث دفعت القنوات التلفزيونية عبر العالم ما مجموعه 800 مليون يورو، وهو ما يمثل (80 في المائة) من دخل بطولة أوروبا الأخيرة.

وأتمنى الاستفادة منه، وبالأخص من قبل الاتحاد السعودي بمساندة من المجلس، بحكم أنه يغطي جميع البطولات المحلية، وليس دوري «زين» فقط، ذلك التطور في عوائد النقل التلفزيوني جاء بعد أن تغير فكر المسؤولين في قارة آسيا بصفة خاصة في الفترة الأخيرة، حيث تهافتت دولها على شراء حقوق نقل البطولات الأوروبية تلفزيونيا بحسب المصادر العالمية، والمؤثر بطريقة مباشرة في العوائد التسويقية لهذه البطولات في القارة الصفراء، ويجب الاستفادة من التجربة الأوروبية بشأن النقل التلفزيوني للمواجهات، فعائدات كأس أوروبا 1996 من النقل التلفزيوني، وفق ما ذكره المستشار السويسري باتريك كوتينغ، بلغت 50 مليون يورو، أي أقل بــ15 مرة من تلك التي حصل عليها يويفا في عام 2008، وهذا تأكيد لنجاح خيالي للفكر التسويقي التجاري للبطولات الرياضية، حيث بلغ النقل التلفزيوني عام 2004 مبلغ 560 مليون يورو، بينما بلغ عام 2008 750 مليون يورو بنسبة تطور فاقت 34 في المائة، وبلغت أجور الرعاية والتسويق عام 2004 مبلغ 180 مليون يورو، وفي عام 2008 مبلغ 250 مليون يورو بنسبة تطور 39 في المائة، بينما كانت المحصلة النهائية للنقل التلفزيوني والرعاية والتسويق في عام 2004 مبلغ 740 مليون يورو، وبلغ عام 2008 مبلغ 1000 مليون يورو بنسبة تطور 35 في المائة، وبلغت قيمة التعاقد سنويا بالريال السعودي للدوري الإنجليزي 5.7 مليار ريال، في مقابل أن قيمة التعاقد سنويا للدوري السعودي 333 مليون ريال، والمؤمل هو أن يؤخذ بعين الاعتبار عند توقيع العقد الجديد للنقل التلفزيوني للدوري السعودي جميع ما ذكر، وأن تعطى الفرصة للأندية لإبداء رأيها، وأن يكون توزيع الأجور لكل ناد بحسب عدد مبارياته المنقولة والترتيب في الدوري، فيتنافس الجميع حتى نصل إلى الرقم المراد، ويجب أن نشير إلى جزئية إعطاء كامل الحقوق للناقل التلفزيوني، وليس بالوضعية الحالية (90 مباراة للتلفزيون السعودي)، التي تباع بأجر يعتبر مجانيا، وهو (25 ألف ريال للمباراة لكل فريق)، أو بيعه لشركة تسويقية كشركة «ESPN» في أميركا على سبيل المثال.

وكما هو متداول، فإن عائد النقل التلفزيوني لا يتعدى 4 ملايين ريال لأكبر ناد جماهيري بأي حال من الأحوال في السنة، وفي رأيي الشخصي أن أجور النقل التلفزيوني لأكبر ناد جماهيري (وبحسب عدد مبارياته) لا يجب أن تقل عن 30 إلى 40 مليون ريال في السنة، اعتمادا على المؤشرات الأولية للعقد الجديد، والتطور الحاصل عالميا لأجور النقل التلفزيوني.