إبراهيموفيتش.. نجم تختفي موهبته في البطولات الأوروبية

أصابع الاتهام تشير إليه في أسباب خروج الميلان من دوري الأبطال

TT

إن كل شيء يمضي كما يقال، وينطبق هذا على الجميع وأيضا على زلاتان إبراهيموفيتش، لاعب الميلان الفذ. فالأفكار والأهداف تمضي ولا يتبقى سوى شيء واحد لا يمضي ولا يتغير، وهو علاقته مع دوري أبطال أوروبا ومع المباريات الحاسمة فيه. ورغم تغير السن والفرق التي يلعب لها إبراهيموفيتش، تبقى العقبة كما هي دون تغيير. فقد لعب المهاجم السويدي في أفضل أندية أوروبا ولم يتأهل قط لنهائي أحد البطولات الأوروبية. ويبدو أدائه السيئ في بعض المباريات الحاسمة أمرا معتادا لا مفر منه.

لقد حاول إبراهيموفيتش التملص من سؤال وجه إليه في بداية الموسم عن دوري أبطال أوروبا وأجاب قائلا: «إن دوري أبطال أوروبا مسألة تفاصيل وأحداث يتدخل فيها الحظ بنسبة كبيرة». وصحيح أن إبراهيموفيتش لم يلعب دائما في فرق (ومن بينها الميلان الحالي)، تستطيع التطلع للفوز باللقب الأوروبي، لكن المدهش حقا هو التباين الكبير في أداء اللاعب في بطولة الدوري المحلي عن دوري أبطال أوروبا. وتوضح الأرقام هذا بدرجة كبيرة. فقد كان متوسط التقييم الذي حصل عليه إبراهيموفيتش في المباريات التي أدت لخروج الفرق التي يلعب لها من دوري أبطال أوروبا هو 4.9 (أي ضعيف). ويلعب إبراهيموفيتش في دوري أبطال أوروبا منذ كان عمره 20 عاما، لكنه لم ينجح في الوصول للدور قبل النهائي سوى مرة واحدة مع فريق برشلونة الماشي، ولم يصل أبدا للمباراة النهائية.

وحدث ذات مرة أن فريق إبراهيموفيتش لم ينجح في تجاوز الأدوار التمهيدية لدوري أبطال أوروبا، بينما خرج مرة واحدة من دور المجموعات و3 مرات من دور الثمانية و4 مرات من دور الستة عشر. ولم يؤد اللاعب السويدي بشكل مقبول في دوري أبطال أوروبا سوى مرتين عام 2003 عندما خرج فريقه أياكس من دور الثمانية أمام الميلان وبعدها بعامين عندما خرج من نفس الدور مع فريق اليوفي وكان أداؤه في هذه المرتين مقبولا. ولم يسجل إبراهيموفيتش أي أهداف في هذه المباريات الحاسمة من البطولة الأوروبية، وهو بالطبع أمر غريب بالنسبة للاعب أسهم دائما في فوز فرقه بالدوري المحلي (7 مرات). ويبدو وكأن هناك لاعبين يحملان اسم إبراهيموفيتش أحدهما يلعب في الدوري المحلي، بينما الآخر يلعب في دوري أبطال أوروبا.

ومن المستحيل في الوقت الحالي معرفة أسباب ذلك التباين في الأداء أو إيجاد حل له. ويرفض أليغري، مدرب الميلان الفكرة القائلة بوجود ضعف نفسي، لأنها لا تتفق مع شخصية اللاعب. لكن التفسير الفني الذي قدمه البعض (وهو أن في إيطاليا لا يستطيع أي مدافع السيطرة على إبراهيموفيتش لقوته البدنية الكبيرة) غير منطقي لأن المباراة الأخيرة توضح أن فريق توتنهام لا يمتلك مدافعين من أصحاب القوة الكبيرة أو القامة الفارعة. إن حقيقة الأمر هي أن إبراهيموفيتش يظهر في بطولة الدوري ثقة لا يمتلكها في البطولة الأوروبية. ولعل ذلك يتضح من تصريحاته بعد الخروج أمام فريق توتنهام في لندن التي قال فيها: «يمكنكم أن تلقوا بالذنب في الخروج على كاهلي. لكنني أقول لكم إنني بحالة جيدة رغم أننا لم نفز بدوري أبطال أوروبا. أعتقد أن هناك لاعبين آخرين سينضمون للفريق في فصل الصيف، وسأبقى مع فريق الميلان وسأكون أيضا أكثر قوة. إنني أشعر هنا بأنني في بيتي. وإذا ظل جميع اللاعبين بحالتهم الطبيعية ولم يتعرض أحد للإصابة فستكون الأمور جيدة حتى على النحو الحالي». إن إبراهيموفيتش يقصد بذلك أن دوري أبطال أوروبا ليس كل شيء، وكأنه أصبح فيلسوفا رغم الإخفاق والخروج المذل من البطولة.

من جانب آخر نجد برلسكوني رئيس الميلان أحدث ضجة كبيرة في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس (آب) الماضي عندما قرر فجأة التخلي عن سياسية التقشف التي انتهجها بشأن نادي الميلان وبدأ يغير من سياسته حيال سوق الانتقالات الصيفية وقام بضم لاعبين من العيار الثقيل. وكانت الجماهير حتى ذلك الوقت تعتقد أن السياسة الجديد للنادي ستكون حقا هي سياسة ترشيد النفقات وأن فريق الميلان في الحقبة الجديدة سيقوم على أكتاف اللاعبين الشباب الذين تم تصعيدهم للفريق الأول وكذلك على اللاعبين الناشئين الذين ستقدمهم مدارس الناشئين بعد الاهتمام بها. لكن الفريق شهد مع اقتراب سوق الانتقالات الصيفية من نهايتها تغييرا جذريا في هذه السياسة التقشفية، لا سيما أن الجماهير تعودت طوال حقبة قيادة برلسكوني للميلان على ضم لاعبين نجوم يستطيعون الفوز على الفور. وجاء ضم إبراهيموفيتش وروبينهو وكاسانو وفان بوميل ليؤكد عودة الميلان إلى سابق عهده من ضم النجوم الكبار. لكن الميلان يبدو في الوقت الحالي محتاجا إلى هجر هذه السياسة والعودة للتفكير في الاعتماد على الشباب.

إن الميلان يستطيع أن ينظر لمستقبله انطلاقا من صافرة النهاية لمباراة العودة أمام توتنهام. فقد كان متوسط أعمار لاعبي الميلان مع نهاية مباراة توتنهام في دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا هو 26.8 عام. وكان هذا هو أصغر متوسط أعمار للاعبي الميلان هذا الموسم. ويعتبر هذا الفريق شابا ويتمتع بالحيوية مقارنة بفريق الميلان الذي تخطى متوسط أعمار لاعبيه الـ30 عاما في السنوات الماضية. ورغم أن الميلان في المواسم الماضية حقق بعض البطولات، فإن الجدل كان يثار دائما حول تقدم لاعبيه في السن وعدم وجود بدائل شابة لهم. لكن فريق الميلان في المستقبل يبدو أنه سيعتمد على ميركيل وستراسر وباتو الذي يبلغ من العمر 21 ويبدو كقائد للاعبين الشباب. ولن يتخلى الميلان بالطبع في المستقبل عن لاعبين لم يعودوا من الناشئين مثل أباتي وبواتينغ، لكنهم في سن الـ24 من عمرهم ما زالوا ينتمون إلى فئة اللاعبين الشباب.

إن مستقبل باتو يكمن بأكمله بين يديه هو. فالميلان وضعه منذ البداية في مشروعه الخططي، لكنه ينتظر منه تطورا حاسما في مستواه (مثلما ظهر أمام فريق توتنهام في لندن، حيث كشف عن نضج كبير على الصعيدين الفني والذهني). ويبدو أن الموسم الحالي هو الموسم الحاسم في تحديد مدى نضج وصلاحية باتو لدور كبير في المستقبل، لا سيما في ظل المنافسة مع كاسانو. ومع وجود الكثير من المهاجمين في فريق الميلان قد يضطر أليغري إلى الاستغناء عن مهاجم من بين باتو وكاسانو خلال الموسم القادم (فبغض النظر عن عدم إمكانية الدفع بكاسانو في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، لا يمكن التفكير في انتهاج سياسة الدور بين هذين اللاعبين في الموسم القادم مثلما يحدث حاليا) ويجب على باتو إعطاء إشارة قوية قبل نهاية الموسم الحالي. وسيتعين على المدرب أليغري الاستمرار في الدفع باللاعبين الشباب مع الفريق دون أن يحرقهم. وتضم قائمة اللاعبين الشباب الذين ينتظرون الفرصة في الموسم القادم أودوامادي وبيريتا وفريدي وكالفانو، بينما دفع أليغري بالفعل بميريكل وستراسر اللذين شاركا هذا الموسم في 9 و5 مباريات على الترتيب وتركا انطباعا جيدا للغاية عن أدائهما. وهكذا يستطيع الميلان أن يبني فريقه الجديد الشاب انطلاقا من نهاية مباراة توتنهام، فالمستقبل يمكن أن ينطلق أيضا من إخفاقات الماضي.