ليوناردو مدرب الإنتر: كانت ليلة تاريخية.. وهدف بانديف هدية السماء

لاعبو الفريق الإيطالي يحتفلون بنصرهم الكبير على بايرن ميونيخ وانتزاع بطاقة التأهل لربع نهائي دوري الأبطال

TT

يشعر البرازيلي ليوناردو مدرب فريق الإنتر، بأن السماء انفتحت لتتقبل دعواته، فقد صرح عقب الفوز الغريب والتاريخي على بايرن ميونيخ الألماني 3/2 في عقر دار الأخير وهدف بانديف الذي أهدى بطاقة تأهل للفريق الإيطالي إلى دور الثمانية لبطولة دوري الأبطال: «لقد كان هدف بانديف هدية من السماء».

لقد أكد المدرب البرازيلي، حتى الآن أنه يعلم جيدا كيف يفوز بالمباريات الحاسمة في دوري أبطال أوروبا خارج أرضه. وفي انتظار تحقيق أول فوز له على ملعب استاد سان سيرو في هذه المنافسة الأوروبية أكد ليوناردو عشقه لخوض رحلات انتصار بعيدا عن ملعبه.

تجدر الإشارة إلى أنه خلال البطولة الفائتة لدوري أبطال أوروبا استطاع ليوناردو (عندما كان مدربا لفريق الميلان) أن يحقق الانتصار أمام ريال مدريد في إسبانيا وكذلك أمام مرسيليا في فرنسا دون أن يفوز مطلقا في سان سيرو. ومع الإنتر تمكن ليوناردو من الحصول على الورقة الرابحة الثالثة التي كانت تنقصه. وحدث هذا على أرض مدينة ميونيخ الألمانية التي شهدت ليلة كانت تبدو أولا أنها مظلمة تماما ولكنها في النهاية حملت البسمة إلى أبطال كأس العالم للأندية. وقد صرح المدرب البرازيلي عقب انتهاء المباراة قائلا «لقد كنا رائعين حقا في الشوط الثاني. إن هذا الإنتر موجود ودائما ما كان موجودا في قلب المنافسة: إنها ليلة تاريخية».

بعد نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم الفائت، الذي فاز فيه الإنتر على حساب البايرن 2/0 وانتزع منه اللقب، وبعد خسارة الإنتر على أرضه 0/1 أمام البايرن ذاته في مباراة الذهاب من دور الـ16 للبطولة الحالية جاءت عودة الرائعة للفريق الإيطالي التي ستجعل اللقاء ينضم إلى مجموعة المباريات المميزة التي تستحق المشاهدة عدة مرات. ويواصل ليوناردو: «أكرر: إنها ليلة تاريخية، حتى في بطولة الدوري المحلي هذا الفريق يترفع في مواقف صعبة. أنا؟ أحيا للبحث عن الحوافز وليلة كتلك تعد خيالية بالنسبة إلي».

لقد استهل ليوناردو لقاء أول من أمس بالمعطف ومع مرور الوقت بات يرتدي الجاكيت فحسب ثم أنهى المباراة وهو يركض كالمجنون إلى وسط الملعب، الأمر الذي لم يقم به من قبل حتى عندما فاز بمونديال 1994 في الولايات المتحدة الأميركية. وعندما سجل إيتو هدف التقدم للإنتر بدا مدرب الفريق كالمجنون وظل يصرخ في اللاعبين «اهدءوا! اهدءوا!» وكأنها الأنشودة التي سيكون لها واقع السحر على الفريق. صحيح أن بايرن ميونيخ، بعد ذلك، تمكن من إدراك هدف التعادل ثم التقدم إلا أن الإنتر عاد من جديد ونجح في تمزيق الخصم. ويتابع ليوناردو: «عندما استقبلنا هدف الـ2/1 في الشوط الأول كانت لحظة شائكة غير أننا في الشوط الثاني كنا رائعين حقا ودائما ما كنا على ثقة في أنفسنا: فريق الإنتر هذا لا يتوقف أبدا عن تقديم أشياء رائعة. لقد لعب بقلب كبير وكان رائعا في عدم فقده للعقل مطلقا».

لقد احتفل مدرب الإنتر باجتياز فريقه هذا الدور وكأنه نهائي بطولة. وكيف لا؟! وقد تمكن المقدوني بانديف، لاعب الإنتر، من إحراز هدف التأهل لفريقه قبل دقيقتين فحسب من نهاية الوقت الأصلي للمباراة. لقد سجل بانديف هدفا حاسما في هذا اللقاء فضلا عن تمريرة حريرية. وفي غرفة خلع الملابس الخاصة بالفريق الإيطالي تم الاحتفال باللاعب المقدوني وكأنه بطل: «أنا سعيد من أجل بانديف لأنه تمكن من التصرف بشكل جيد في وقت حاسم، ولأنه عاش لحظة صعبة وسجل بالفعل هدفا سماويا. إنني سعيد حقا من أجله هو وخوليو سيزار الذي بكى في الملعب: لقد كان أمرا رائعا بالنسبة إليه أيضا».

إنها قصة العودة لفريق الإنتر والآن يتعين أن تكتمل هذه الرؤية ببطولة الدوري المحلي أيضا. واختتم ليوناردو تصريحاته قائلا «لقاء الديربي؟ إنه لا يزال بعيدا. اجعلونا الآن نحتفل بهذه الليلة العظيمة». ليوناردو على حق مرة أخرى.

من المعروف أن اللقاءات الحاسمة تتطلب، عادة، عقلا هادئا. ولكن ماسيمو موراتي، رئيس نادي الإنتر، شاهد وعايش الكثير من مثل هذه المباريات بهدوء لعب شطرنج محترف. وقد استهل رئيس نادي الإنتر تصريحاته عقب مباراة الأمس بالحديث عن فريق بايرن ميونيخ الألماني: «لقد كانت مباراة غريبة كانت فيها لحظات كثيرة مختلفة. أولا القدرة على التحكم في مجريات الأمور ثم الخطر. وفي الشوط الثاني نجحنا في الفوز عندما تمكنا من السيطرة على اللقاء». لقد كان مفتاح المباراة في العقل. ويتابع موراتي: «أجل، هناك تأثير نفسي كبير على ما حدث الليلة. فبمجرد أن شعر الفريق بالهدوء فاز باللقاء».

بالفعل، ولكن بعد الهدف الأول الذي دخل مرمى خوليو سيزار بصورة غريبة توقف قلب جميع مشجعي الإنتر. وقد عقب موراتي على ذلك الهدف قائلا «مجرد حادث». وحاول رئيس نادي الإنتر أن يبعث برسالة طمأنينة إلى حارس مرمى فريقه وقال: «خوليو لا يخضع للمحاكمة مطلقا لأنه بعد مثل هذه الأمور تصدى لكرات مستحلية». ونفس الكلمة تم توجيهها إلى بانديف: «دون تسجيل هدف بانديف ربما أصبحت هناك كارثة. ولكن كرة القدم غريبة. لقد كان موفقا في الوقت والأعصاب عندما أحرز الهدف واستطاع أن يستعيد كل ما فقده في المباريات التي لعبها بشكل غير جيد». ومدح آخر خاص: «إن تحقيق فوز مثل هذا يدعم ثقتنا في الوسائل التي نمتلكها. نحن لا نزال في قلب المنافسات الثلاث، حقا، ولكن يشغلني أكثر بطولة دوري أبطال أوروبا».

الابتسامة، إذن، ستأتي شيئا فشيئا، أعادها كوتنيهو، لاعب الإنتر الذي حل بديلا في بداية الشوط الثاني، وقد صرح بصدده موراتي قائلا «إنه لاعب رائع. وقد منح الفريق الحيوية». لقد كان أحد مفاتيح اللقاء تماما مثل شخصية الفريق التي بدت واضحة داخل الملعب: «منذ يناير (كانون الثاني) الفائت، منذ بطولة كأس العالم للأندية وما بعدها وهذا الفريق يثبت دائما أن لديه مزيدا من الشخصية والأمن. وهذا أمر إيجابي بالنسبة لصحوة الفريق. أنا لم أكن متفائلا أثناء المباراة غير أني اعتدت على الإنتر وكنت أعاني أقل مما كنت أعتقد. أريتم؟ حتى لو بدأت بشكل غير جيد فهذا الفريق يعرف كيف يتصرف».

وبعد انتهاء المباراة بدأ موراتي في استقبال التهاني، وحملت أولاها توقيع جوزيه مورينهو، مدرب الإنتر السابق، وقد أشار رئيس نادي الإنتر إلى هذا الشأن قائلا «لقد اتصل بي مورينهو للتو، وهنأني كثيرا على الفوز وتمنى لنا الخير». واختتم موراتي تصريحاته قائلا «سنلتقي مع برشلونة كالعادة. ولكن لو تمكنا من الفوز في لقاء الفريق الإسباني سيسير كل شيء بعدها على ما يرام».

وعلى الجانب الآخر، حاول فان غال، مدرب الفريق الألماني، الوقوف على أسباب هزيمة فريقه وصرح قائلا «الاختلاف بين الفريقين؟ ببساطة هو أن الإنتر في كل فرصة أتيحت له كان يسجل هدفا أما نحن فقد كانت لدينا الكثير من الأخطاء. وقد حدث ذلك من قبل، بالفعل، أكثر من مرة خلال الموسم الحالي: نرغب في الحصول على أشياء كثيرة ولكن لا نجني شيئا ألبتة وهذه مشكلتنا. لقد سمحنا للفريق المنافس بإسكان الأهداف في شباكنا بسهولة بالغة. ولقد كان لحكم المباراة أيضا دور في خسارتنا. لا يستطيع أحد أن يقول بأن الإنتر كان أفضل منا، ما عدا هذا اللقاء، ولكننا دفعنا ثمن أخطائنا. الاستقالة؟ لا أفكر فيها».

لم يتمكن فريق بايرن ميونيخ بعد من الانتقام من نظيره الإيطالي الإنتر. وقد صرح ماريو جوميز، لاعب البايرن، عقب انتهاء المباراة قائلا «لقد كنا أكثر سلبية في الشوط الثاني، ولم نستغل الهجمات المرتدة التي أتيحت لنا. كان يتعين علينا إنهاء الشوط الأول بنتيجة 5/0 ولكننا تأخرنا».

وعقب اللقاء قال استيبان كامبياسو: «إن تحقيق إنجاز كهذا والفوز في مباراة بدت منتهية خارج ملعبنا يحتاج إلى روح قتالية. لقد بدا وأن الأمور ستسير لصالحنا بعد الهدف الأول المبكر، وكنا قد بدأنا المباراة من أجل الفوز. وبعد ذلك عانينا لفترة ثم أظهرنا الأداء الرائع والروح العالية والشخصية المميزة في الملعب».

وأضاف كامبياسو وسط فرحة زملائه الذين كانوا يتقافزون ويرقصون: «والآن لا يجب أن نخسر المزيد من اللاعبين لأن هذا الفريق يستطيع تحقيق إنجازات رائعة عندما يكون متكاملا». من الرائع أن يكون الفريق موجودا في جميع المنافسات، لقد كانت ليلة السعادة والاحتفال، ولعل أكثر الجميع سعادة كان بانديف صاحب الهدف الذي حسم الفوز الذي صرح قائلا «إنه أهم هدف في مسيرتي. وأهديه لكل من وقف بجانبي. لقد كانا المدرب يؤمن بقدراتي بدرجة كبيرة. إنني لست لاعبا يحرز 20 أو 30 هدفا في الموسم، فأنا أفضل اللعب من أجل مصلحة الفريق. وقد تدربت بشكل مكثف خلال الشهور الماضية، ولم أكن بحالة جيدة، لكنني أخيرا أجني ثمار عملي».

لقد واجه خوليو سيزار حارس مرمى الإنتر وقتا عصيبا خلال هذا اللقاء. ومع إحراز غوميز لهدف التعادل الأول للفريق الألماني استعاد الحارس البرازيلي ذكرى الهدف الذي سجله جوميز نفسه بنفس الطريقة في مباراة الذهاب وظن خوليو سيزار أنه أطاح بآمال فريقه في إكمال المسيرة الأوروبية بعد أن ارتدت تسديدة روبين منه ليودعها جوميز داخل الشباك. لكن هدف بانديف أعاد الهدوء والسعادة إلى نفس خوليو سيزار وجعله يتنفس الصعداء بعد مباراة عصيبة تأرجحت فيها النتيجة صعودا وهبوطا.

لقد كانت تسديدة الهولندي روبين في مباراة الثلاثاء قوية وصعبة وأخطأ خوليو سيزار تقديرها بعض الشيء وهو ما جعلها ترتد من صدره للمتحفز غوميز. واعترف حارس المرمى بعد اللقاء بخطئه في التعامل مع هذه الكرة قائلا «كان هذا الخطأ أكثر فداحة من الخطأ الذي ارتكبته في مباراة الذهاب، فقد أخطأت في اختيار توقيت مد ذراعي لصد الكرة، وعند هذا الحد كان من الأفضل أن أنتظرها. لم يحدث معي من قبل أن أخطئ مرتين متتاليتين وبعد الهدف مباشرة كنت أرغب في الهروب لدى عائلتي في ميلانو، سيرا على الأقدام أو على متن حصان أو بأي طريقة ممكنة. وكنت غاضبا أيضا لأن اللاعبين كانوا يؤدون بشكل جيد للغاية وكدت أنا أفسد كل شيء. لكنني بعد ذلك قلت لنفسي إنه ما زال هناك الكثير لأقدمه وإننا نستطيع المنافسة على التأهل رغم الهدف. يجب أن أشكر زملائي الذين لعبوا مباراة رائعة».

وتحدث كامبياسو عن خوليو سيزار قائلا «لقد كان محبطا للغاية بين الشوطين لأنه كان يعتقد أن خطأه سيكون حاسما. لكنه بعد ذلك قام بصد بعض الكرات الصعبة ومنحنا الدفعة المعنوية اللازمة لحسم المباراة».