مواجهة مغاربية ساخنة بين الجزائر والمغرب في التصفيات الأفريقية

بن شيخة يؤكد أن «محاربي الصحراء» جاهزون.. وغيريتس يحذر «أسود الأطلسي» من الغرور

TT

يستعد المنتخب الجزائري لملاقاة نظيره المغربي اليوم باستاد «19 مايو» بمدينة عنابة شرق البلاد في مباراة ستحدد نتيجتها بشكل كبير مصيره في بقية مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أمم أفريقيا 2012 التي تستضيفها الغابون وغينيا الاستوائية مناصفة. ويقبع المنتخب الجزائري في المركز الأخير للمجموعة الرابعة برصيد نقطة واحدة بينما يقتسم المنتخبان المغرب وأفريقيا الوسطى الصدارة بأربع نقاط، كما أن الفريق لم يحقق أي فوز في مباراة رسمية منذ 14 شهرا.

ويبدو أن المنتخبين تجاوزا الصراع السياسي بين البلدين بسبب النزاع في إقليم الصحراء الغربية وركزا كل جهودهما على المباراة، خاصة المنتخب الجزائري الذي لا يريد التفريط في نقاط المواجهة لأن أي تعثر جديد يعني خروجه من دائرة المنافسة على التأهل، فيما يعول «أسود الأطلسي» على نتيجة إيجابية تعبر بهم الطريق للعودة مجددا إلى المشاركة في النهائيات بعد غياب عن الدورة الماضية.

وتخشى السلطات في الجزائر من أن يتحول فشل الفريق في الفوز على نظيره المغربي إلى صدامات مع الشرطة، خاصة أن مدينة عنابة شهدت في المدة الأخيرة احتجاجات عنيفة تطالب بتحسين ظروف المعيشة وتوفير الوظائف. وتكتسي المباراة أهمية كبيرة بالنسبة إلى المنتخبين الجارين وستشهد تعبئة أمنية كبيرة لتفادي أعمال الشغب التي قد تفسد جوها التنافسي.

وأكد رئيس الاتحاد الجزائري محمد راوراوة أن المباراة «ستكون عرسا كرويا كبيرا يجمع بين منتخبين مغاربيين وعربيين شقيقين». وأوضح راوراوة «لقد رتبنا بشكل جيد لكي تجري المباراة في الظروف التي تضمن لها أن تكون صورة طبق الأصل لكل المباريات التي خاضها المنتخبان الشقيقان منذ نصف قرن»، معربا عن أسفه لكون القرعة أوقعت المنتخبين في مجموعة واحدة. وقال «إنني على يقين من أنهما كانا سيتأهلان معا لو لم يلتقيا في ذات المجموعة. اليوم وقد جمعتهما القرعة فلا بد أن يكون التأهل للمنتخب الذي يستحق ذلك». وشدد راوراوة على ضرورة «الاحتفاظ في المباريات المغربية - الجزائرية بطابع النبل الذي تميزت به لمدة نصف قرن، أي بالابتعاد عن إثارة الحساسيات والتسلح بروح الأخوة لأنها في النهاية مباراة عابرة، أما ما يبقى فهو المشترك».

وحاول عبد الحق بن شيخة المدير الفني للمنتخب الجزائري تخفيف الضغط على لاعبيه وأكد أن فريقه جاهز لتحقيق الفوز، معترفا بأن نتيجة المباراة ستكون مصيرية وحاسمة ليس فقط لمستقبل المنتخب وإنما أيضا لبقائه على رأس الجهاز الفني.

وأضاف بن شيخة أن فريقه يتمتع بالهدوء والتركيز قبل المباراة المرتقبة أمام نظيره المغربي اليوم. وقال بن شيخة في تصريح نقله التلفزيون الجزائري بمناسبة تسلم اللاعب مجيد بوقرة جائزة المجلة اللبنانية «الحدث الرياضي» لأفضل لاعب عربي لعام 2010: «نحن هادئون ونتمتع بالتركيز مع اقتراب المباراة المهمة، أظن أن كل اللاعبين واعون بالمهمة التي تنتظرهم أمام المغرب». وأضاف «ندرك جيدا أن الفوز بمباراة كرة القدم يأتي على الملعب وليس في مكان آخر. ولا نريد لعب المباراة قبل بدايتها. أتمنى أن نفوز بهذا اللقاء الحاسم والفاصل حتى ننعش آمالنا من جديد في التصفيات». وطلب بن شيخة دعما كاملا من المشجعين الجزائريين خاصة في اللحظات الصعبة وأن يتحلوا بالروح الرياضية.

واعتبر بن شيخة أن المنتخب المغربي «قوي لكننا سنفوز عليه»، مؤكدا أن لديه «فكرة جيدة عن المنتخب المغربي ونعرف كل لاعب فيه». وأضاف «أعترف بأنه منتخب قوي لكننا سنفوز عليه لأن الفوز أمر حتمي بالنسبة إلينا». ووجه بن شيخة رسالة إلى نظيره في المنتخب المغربي المدرب البلجيكي إيريك غيريتس، قائلا: «أحترم جدا السيد غيريتس لكني أقول له ستترك النقاط الثلاث في الجزائر». وتابع «علينا التغلب عليهم في الصراعات الفردية داخل الملعب. سنكون في أعلى تركيزنا» ثم «انتظار إنجاز فردي من رياض بودبوز (لاعب سوشو الفرنسي) أو كريم زياني (لاعب قيصري سبور التركي)».وأكد بن شيخة على الطابع «الأخوي للقاء رغم أنه مصيري بالنسبة إلى الجزائر»، مشيرا إلى أن اللاعبين «واعون جدا لأهمية المواجهة وعبروا عن ذلك من خلال المكالمات الهاتفية اليومية التي أجريها معهم إلى درجة أنني لا أحتاج إلى بث الحماس فيهم. هم متحمسون أكثر من اللازم». وتابع «رسالتي إليهم كانت: لا يوجد أي شيء يمنعنا من تحقيق نتيجة إيجابية»، كما طمأن اللاعبين بأن «يتحرروا من أي ضغط لأنه الوحيد الذي يتحمل المسؤولية مهما كانت النتيجة».

ورفض كريم زياني لاعب وسط قيصري سبور التركي، الذي يعتبر هو ورفيقه عنتر يحيى مدافع نادي بوخوم الألماني، الجزائريين الوحيدين اللذين شاركا في المباراة التي خسرها المنتخب الجزائري أمام نظيره المغربي 1/3 بعد الوقت الإضافي في دور الستة عشر من نهائيات كأس أمم أفريقيا 2004 التي أقيمت بتونس، الحديث بلغة الثأر، وقال إن ظروف هذه المواجهة تختلف لأن المنتخب الجزائري لا يوجد خيار أمامه سوى الفوز للبقاء في سباق التأهل إلى النهائيات.

وشدد عبد القادر غزال مهاجم نادي باري الإيطالي على ضرورة التضامن بين لاعبي الفريق للوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق الفوز وتجاوز مرحلة الشك رغم صعوبة المهمة لإسعاد الملايين من الجزائريين الذين ينتظرون مثل هذه الفرصة منذ أكثر من عام. ويغيب عن المنتخب الجزائري ثنائي الدفاع مجيد بوقرة لاعب غلاسغو رينجرز الاسكوتلندي بداعي الإصابة ورفيق حليش مدافع فولهام الإنجليزي، وكريم مطور مهاجم بوروسيا مونشغلادباخ الألماني لعدم جاهزيتهم، غير أن بن شيخة ظهر غير مكترث لهذه الغيابات بحجة أنه يملك البدائل التي تمكنه من إعداد الاستراتيجية الناجحة التي تمكنه من تحقيق الفوز، ويرجح أن يدفع باللاعبين أصحاب الخبرة.

من جهته يغيب عن المنتخب المغربي قائد الفريق يوسف حاجي لاعب نانسي الفرنسي بداعي الإصابة ومنير الحمداي مهاجم اجاكس أمستردام الهولندي لخيارات فنية. وحذر البلجيكي غيريتس مدرب المنتخب المغربي لاعبيه من الغرور والاستهانة بالمنتخب الجزائري، وقال بعد وصول بعثة الفريق إلى مطار مدينة عنابة إن الفريق الجزائري ينتفض عندما يكون في وضع صعب. وأضاف «المنتخب الجزائري يملك لاعبين موهوبين وهو دائما ما يكون في أفضل مستوياته عندما يكون في وضعيات صعبة، لذلك طلبت من اللاعبين توخي الحذر في المباراة».

وأكد غيريتس أن المنتخب المغربي على أتم الاستعداد لمواجهة نظيره الجزائري، معربا عن ثقته في اللاعبين وارتياحه للجو السائد والانسجام الحاصل داخل صفوفه والرغبة الأكيدة لجميع مكوناته لتحقيق نتيجة إيجابية. وشدد غيريتس على ضرورة تدبير هذه المباراة بكيفية «أكثر احترافية لتفادي أي مفاجأة محتملة»، مضيفا «لن نلعب حسب طريقة المنتخب المنافس لكن وفق أسلوب لعبنا لإيجاد مفتاح الفوز ومفاجأة الخصم».

وتابع «سنفتح حوارا فيما بيننا لتحرير اللاعبين من الضغط النفسي والتركيز فقط على هذه المباراة الحاسمة»، معتبرا أن الأهم بالنسبة إليه هو «خلق جو ملائم والتواصل الجيد والحماس الفياض داخل المجموعة». وأوضح غيريتس أنه لا يعرف الكثير عن المنتخب الجزائري، بيد أنه أكد أن الأخير خاض غمار كأس العالم الأخيرة ويتوافر على لاعبين في المستوى، الشيء الذي يستدعي المزيد من الحيطة والحذر.

وأكد مهدي بن عطية مدافع أودينيزي الإيطالي على صعوبة المواجهة، لكنه أشار إلى قدرة زملائه على التربص بالمنتخب الجزائري والفوز عليه في عقر داره من أجل تسهيل عودة المغرب إلى المشاركة في نهائيات كأس أمم أفريقيا. واختتم المنتخب المغربي استعداداته للمباراة مساء أمس بإجراء أول وآخر حصة تدريبية باستاد «19 مايو».

تجدر الإشارة إلى أن المباراة يديرها الحكم راجيندار باسدار من جزر موريس.