«لجنة الأخلاق واللعب النظيف».. قبضة قضائية «دوليا».. ولجنة «صورية» محليا

مفهوم ضم أعضائها في الاتحاد السعودي.. «لاعبون أخلاقياتهم عالية»

TT

كشف تعامل اللجان المشكلة في الاتحاد السعودي لكرة القدم مع القضايا المستجدة في الشارع الرياضي عن ضبابية الصورة بشأن الأهداف التي تسعى كل لجنة إلى تحقيقها، مما دفع الكثير منها إلى التدخل في أعمال لجان أخرى، والبت في قضايا لا تمت لها بصلة، الأمر الذي جعل الكثير من الأحداث تشهد تصعيدا كبيرا في الآونة الأخيرة.

ويتبين أن من أهم اللجان المعطلة في اتحاد الكرة «لجنة الأخلاق واللعب النظيف»، التي لا تؤكد على ضرورة الالتزام باللعب النظيف فحسب، بل يمتد دورها لتكون لجنة أخلاقية في كرة القدم لا تختلف عن لجنتي الانضباط والاستئناف، ولو كانت هذه اللجنة مفعلة بشكل سليم لتناولت الكثير من القضايا كالأهازيج الجماهيرية المسيئة للأندية الأخرى، والهتافات المؤذية للاعبين، إلى جانب التلاعب بالنتائج من قِبل الأندية والحكام، وأحداث المنشطات والادعاءات التي تثار حولها، ومشكلات اللجان العمومية المصاحبة لرئاسات الأندية.

ويذكر أن الأمير نواف بن فيصل، الرئيس العام لرعاية الشباب، أكد في تصريح للإعلاميين أن هناك ما يقارب الـ400 ادعاء غير أخلاقي لدى الرئاسة العامة لرعاية الشباب حول ألفاظ نابية يتداولها اللاعبون فيما بينهم داخل الملعب، وهو الأمر الذي يحمل دلالة على غياب اللجنة المتخصصة لحل هذه المشكلات التي تعاني منها جميع الاتحادات الكروية، مما يتطلب ضرورة تفعيلها بشكل سليم وفق اللوائح التي نصت عليها هذه اللجنة في الاتحاد الدولي لكرة القدم، والأندية الأوروبية الأكثر عراقة هي الأخرى لا تخلو من انتهاكات أخلاقية في كرة القدم، حيث تم حبس الحكم يهان في الدوري الألماني نظرا لتواطئه مع عصابة مراهنات كرواتية، وكذلك في الدوري الإيطالي الذي يخضع إلى تحقيق حول اختيارات الحكام لقيادة بعض مباريات دوري الدرجة الأولى، وهو الأمر الذي دفع بلاتر للقول: «إن لجنة الأخلاق ستسمح لنا بالعمل بطريقة فعالة، وتمنحنا القدرة على السيطرة فيما يحدث في كرة القدم».

وتتطلب هذه اللجنة أن يتحلى رئيسها ونائبه والأعضاء بالتخصص القانوني الذي يتيح لهم تقديم الأحكام في القضايا الحادثة، ولذلك اختارت الفيفا رئيس اللجنة ونائبه والأعضاء بعناية فائقة وفق المؤهلات التي يحملونها، حيث يرأس اللجنة حاليا السويسري كلاوديو سولسير، الذي سبق له أن خاض 49 مباراة دولية مع منتخب بلاده، واستطاع الحصول على درجة الدكتوراه في القانون ويعمل محاميا، أما نائبه فهو الناميبي يتروس داماسيب، الحامل لمؤهل التنمية والإدارة القانونية، ونال مرتبة الشرف في دراسته بجامعة وارويك في بريطانيا بقسم الحقوق، وعُيّن قاضيا في المحكمة العليا لناميبيا، وعمل رئيسا لاتحاد الكرة في بلاده، وبالنظر لما يحمله العاملون في الاتحاد الدولي من تخصصات نجد ذلك غائبا في العاملين حاليا بهذه اللجنة في الاتحاد السعودي، مما يستلزم إعادة النظر في الأسماء الموجودة في اللجنة، إلى جانب تفعيل مهامها التي ذكرها بلاتر في الجلسة الافتتاحية للجنة الأخلاق في الـ23 من أكتوبر (تشرين الأول) 2006، حيث قال: «إن اللجنة مستقلة وتهدف إلى تعزيز النزاهة والشفافية في كرة القدم، وتعبر هذه الرياضة الأكثر شعبية في العالم، وهناك أكثر من 250 مليون مشارك نشط، وما يفوق المليار ممن يمارسونها على وجه الأرض، فهي لعبة بمثابة مدرسة للحياة، وتوفر العاطفة والترفية، إلا أن شعبيتها جذبت بعض المخاطر والرذائل، بما في ذلك الفساد، وتعاطي المنشطات والعنصرية والمراهنات غير القانونية، والكثير من أشكال الغش، ونحن كلجنة معنيون بهذه المسائل التي تتعارض مع روح اللعبة، لذلك يعتبر اليوم تاريخيا في عالم كرة القدم».

وقال الإنجليزي سيباستيان كو، الرئيس السابق للجنة الأخلاق: «ما علينا عمله لا يقتصر على ما يحدث داخل الميدان، فهدف اللجنة تنظيم كرة القدم، وجعلها رياضة مشروعة، وهذا الأمر يحتاج إلى يقظة دائمة أثناء العمل، وفحص القضايا بتعمق أكبر للتوصل إلى استنتاجات صحيحة».

وفي الاجتماع المنعقد في الـ9 من يونيو (حزيران) 2006 أصبحت لجنة الأخلاق الهيئة القضائية الثالثة في كرة القدم بعد لجنتي الانضباط والاستئناف، وتعتبر مستقلة بذاتها قادرة على صنع القرار وتنفيذه، واتخاذ العقوبات التي تراها مناسبة وفق اللائحة التي تعتمدها بعد الحصول على الموافقة من قِبل اللجنة التنفيذية.

ولعبت لجنة الأخلاق لكرة القدم في الفيفا دورا بارزا في الآونة الأخيرة؛ من خلال متابعتها الدقيقة لملفات استضافة مونديالي 2018 و2022، حيث تمكنت اللجنة بالاتحاد الدولي من تغريم 6 أعضاء في المجلس التنفيذي للفيفا على خلفية تلاعبهم بالأصوات، وقال رئيس اللجنة، السويسري كلاوديو سولسير، في زيورخ، خلال المؤتمر الصحافي المصاحب لذلك القرار: «لن نتسامح أبدا طالما هناك لجنة تهتم بالأخلاق، وتسعى لإيقاف أي انتهاك للمعايير الدولية، ونحن لا نريد محتالين، ولا متعاطين للمنشطات، فالأضرار التي لحقت بكرة القدم من أولئك الناس كبيرة جدا». كما تتصل لجنة الأخلاق بالوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) بشكل وثيق، حيث تم التنسيق فيما بين المنظمتين للعمل جنبا إلى جنب بشكل تكاملي للتصدي لأي ممارسة تخرق قانون اللعبة التي تم بناؤها لتحقيق التنافس الشريف.

تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأخلاق في الاتحاد السعودي لكرة القدم يترأسها الدكتور خالد المرزوقي، ونائبه علي العلي، وعضوية كل من نواف التمياط، ومحيسن الجمعان، ومحفوظ العويضي، وزكي الصالح، وجميع هؤلاء يفتقرون للمعايير القانونية التي تكفل لهم حق الانضمام لعضوية هذه اللجنة.

ويكشف واقع اختيارهم بالنسبة لاتحاد الكرة السعودي محدودية التفكير بالنسبة للأخير، على اعتبار أن الأخير يظن أن لجنة الأخلاق يجب أن تضم اللاعبين أصحاب الأخلاق العالية، الذين نادرا ما يتحصلون على بطاقات ملونة أو بالأحرى صفراء حينما كانوا يمارسون كرة القدم، وهذا الأمر فيه تعارض كبير لمفهوم اللجنة التي لم تصل بعد إلى درجة التفعيل لأهدافها، ولم نر أيضا أي دور لها في وسط رياضي مليء بالمشاحنات والاتهامات والألفاظ النابية المخلة بالآداب سواء كان ذلك داخل الملعب أو خارجه، بل إن الجماهير المنتمية لبعض الفرق حينما أمنت العقوبة من لجان اتحاد الكرة واصلت وتزايدت عباراتها وألفاظها المسيئة للأندية ولبعض اللاعبين، ولم يوقفها حتى لوائح لجنة الانضباط الانتقائية التي تستيقظ 3 مرات وتنام عشرات المرات.

بقيت الإشارة إلى أن تعريف لجنة الأخلاق واللعب النظيف، الذي ورد في لائحة النظام الأساسي لاتحاد الكرة السعودي، ينص على أن «تتولى اللجنة المسائل المتعلقة بالأخلاق واللعب النظيف، وكل المسائل المتعلقة بالأخلاق والسلوكيات بكرة القدم والترويج للعب النظيف، وتتكون من رئيس ونائب للرئيس وخمسة أعضاء».