الحزم.. هبوط حزين إلى دوري المظاليم بعد 7 مواسم في كنف السعداء

«الشرق الأوسط» قلبت أوراق السهم المنهار في بورصة الدوري السعودي

TT

أثار هبوط الحزم إلى دوري الدرجة الأولى، علامات استفهام عديدة في ظل أن هذا الفريق عد في وقت سابق، بحسب النقاد والمتابعين، «الحصان الأسود في دوري زين السعودي للمحترفين»، لكنه ظهر في أسوأ حالاته هذا الموسم وكان يلعب بلا هوية، وبدا أن الفريق القصيمي الذي حقق ما لم تحققه فرق المنطقة مجتمعة، بعدما مثل بلاده خارجيا في دوري أبطال العرب 2009م ووصل للأدوار النصف نهائية في بطولتي كأس الأبطال وكأس ولي العهد بصورة متكررة في مواسم مضت - كأنه سهم منهار في سوق تداولات البورصة، وذلك على الرغم من وجود إشارات إلى احتمالية هبوط المستوى العام قبل بداية الموسم الرياضي الحالي، عقب إعلان الداعم الأوحد للنادي ورئيس أعضاء شرفه خالد البلطان الاستقالة.

«الشرق الأوسط» بحثت عن جميع المسببات التي أخرجت الحزم من دائرة الكبار، وكانت البداية مع رئيس مجلس الإدارة يوسف الخليف الذي أكد توقعه للهبوط المبكر لفريقه قبل 4 جولات من نهاية الدوري، إذ قال: «نعرف جيدا أن الفريق كان يهوي للدرجة الأولى منذ تسلمنا سدة الرئاسة بالنادي وهو أشبه بجثة هامدة أو جنازة تنتظر الدفن»، مضيفا: «الفريق قدم أمام التعاون مستوى لا بأس به، وتعرضنا لظروف خارجة عن الإرادة تمثلت في غياب فيصل العبيلي لظروف عائلية، ولكن بقية اللاعبين قدموا ما عليهم، إلا أننا لم نوفق في نتيجة المباراة»، متطرقا إلى فشلهم في تدعيم صفوف الفريق أثناء فترة الانتقالات الشتوية في يناير (كانون الثاني) الماضي على الرغم من سعيهم الدؤوب لمعالجة الخلل في نقص العناصر، وذلك لأسباب وصفها بأنها خارجة عن إرادة اللاعبين المتفاوضين معهم، كاشفا عن أن أعداد اللاعبين المكتظة في قائمة الفريق عرقلت تحركاتهم، مبديا استغرابه في احتوائها لـ24 لاعبا محليا من أصل 26، مشيرا إلى أنها لم تتح لهم التعاقد مع أكثر من لاعبين، مقدما شكره للاعبي الفريق السابقين المهاجم بدر الخراشي والمدافع حمد العيسي اللذين ساعداهما في إنهاء إجراءات المخالصة مع الفريق لأجل إحلال عنصرين مكانهما، منوها إلى أن إعداد الفريق السيئ أحد أهم العناصر التي أفقدتهم خدمات 4 عناصر بداعي الإصابة بالرباط الصليبي، قائلا: «من الممكن أن سوء استعداد الفريق (ولم أكن على رأس الهرم وقتها حتى أقيم الإعداد) إلا أن الخبراء الرياضيين يبررون ذلك بسوء الاستعداد إذ تفشت الإصابات في الفريق خلال الموسم وخصوصا إصابة الرباط الصليبي».

ونفى الرئيس الثالث للنادي خلال الموسم الحالي أن استغناءهم عن مهاجمي الفريق صفوان المولد وبدر الخراشي وعدد من اللاعبين المؤثرين كعبد الله آل حيدر قبل التعاقد مع بدلاء كان قرارا مستعجلا، وقال: «الحديث عن الاستعجال في التخلي عن لاعبين مؤثرين قبل التوقيع مع بدلاء يعوضون نقصهم، قد يكون مقبولا من وجهة نظر رياضية فنية، ولكن في المقابل لننظر للطرف الآخر وهو اللاعب الذي يتقدم إليك بطلب الرحيل بحجة عدم راحته في الفريق»، وتساءل «هل تبقيه؟!»، مؤكدا أن أهم الأمور هي الجوانب النفسية: «إذا أصر اللاعب على أنه سيغادر فالعملية ستصبح احترافية حينما تتيح له المجال في الخروج عن الفريق»، موجها رسالة للجمهور الحزماوي أنه لن يثنيه الهبوط، مؤكدا أن إصراره وطموحه ورغبته في تزايد، لأنه رجل يعشق المغامرة والطموح.

واختتم الخليف حديثه بقطع عهد عليه بعودة الفريق، قائلا: «حزم الصمود سيعود خلال الموسم ما بعد المقبل وأعد الحزماويين أننا سنبذل ما بوسعنا لأجل ذلك»، مؤكدا أنهم أنهوا إعداد خطط العمل للدرجة الأولى في الموسم المقبل: «لن أفشي سرا حين أقول إننا انتهينا من خطة العمل لدوري الدرجة الأولى، وأخذنا تقييما من الجهاز الفني حول مصير اللاعبين في الفريق، ومن سيبقى ومن سيرحل، وبدأنا في مفاوضة بدلاء لمن سنسرحهم».

من ناحيته، قال مدرب الفريق الصربي غوران ميسوفياتش: «لم أتوقع أن الأمور بهذه الصعوبة حين قدومي لتولي مهمة الإشراف على الفريق، بعد أن وجدت أن بعض اللاعبين لا يفكرون في شيء سوى الرحيل عن الفريق»، وأضاف: «بعد تقلد الرئيس الجديد الخليف لزمام الأمور في النادي حدثت بعض التغييرات، فسمحنا لبعض اللاعبين بالرحيل، وبقى لدينا اللاعبون الذين كان بعضهم دون مستوى المنافسات»، مؤكدا أن المشكلة الوحيدة في فريقه هي عدم تسجيلهم للأهداف «أتيحت لنا العديد من الفرص لتحقيق نتائج إيجابية في أكثر من مباراة إلا أننا لم نوفق في ذلك، والمصيبة الأعظم أن الفرق المنافسة تسجل أهدافا علينا بكل سهولة».

وعرج ميسوفياتش على الرحيل الجماعي للاعبي الفريق قائلا: «غيرنا 7 أو 8 لاعبين، ولو حصلت تلك التغييرات في برشلونة الإسباني سيهبط مستوى الفريق، إضافة إلى عدم امتلاكنا لعنصر الحظ فحظنا سيئ للغاية»، مستشهدا بالفرص التي أهدرها مهاجم الفريق الشاب عبد الله عثمان في مباراة فريقه أمام التعاون التي وصفها بأنها شبيهة بالتي استثمرها في مباراة الفريق الأولمبي أمام نجران»، وأشار المدرب الذي أشرف على فريقه في آخر 10 مباريات دورية إلى أن مباراتهم أمام القادسية الأخيرة كانت نقطة التحول لدى اللاعبين فهي التي ثبطتهم بحسب وصفه، وأضاف عن المباراة: «في الدقائق الأخيرة من مباراة القادسية في الخبر، احتسبت ضدنا ضربة جزاء أحرز منها المستضيف هدف المباراة الوحيد وقبلها أهدر صفوان المولد فرصة ذهبية، هذا فضلا على أن ضربة الجزاء لم تكن صحيحة، ولو قدر لنا الانتصار على القادسية من تلك الفترة لاختلف مشوارنا في البطولة، ولكن بعد تلك المباراة تحديدا هبطت معنويات الفريق، ووجدوا أن الطريق الأنسب هو البحث عن مصلحتهم خارج أسوار النادي».

وواصل المدرب الذي فشل في حصد أي نقطة طوال مشواره مع الفريق قائلا: «أعتقد أننا لعبنا مباريات استحققنا فيها التعادل، حصلنا على فرص أمام الاتحاد والتعاون والرائد، وفي كل المباريات كانت مشكلتنا تسجيل الكرات في شباك المنافسين، ولو انتهزنا أي منها لاختلفت القصة نهائيا، حتى في مباراة التعاون الأخيرة لو أحرزنا التعادل لما انتهت المباراة بتفوق التعاون، ومشكلة تسجيل الأهداف تمتد إلى فقد اللاعبين للثقة بوصولهم لمرمى المنافسين، فاللاعب يجب أن يكون لديه ثقة حينما يتخلف الفريق بهدفين بأنهم قادرون على إحراز 3 أهداف، وهذا الأمر لا وجود له في الحزم»، لافتا إلى عدم قدرتهم على المحافظة على تشكيل أساسي ثابت لأغلب المباريات في ظل الظروف المعاكسة المتغيرة لدى بعض اللاعبين من إصابات وظروف عائلية وما شابه.

وأكد ميسوفياتش أنه سيواصل العمل في الحزم للموسم المقبل إذا تقدم له النادي بعرض التجديد، قائلا: «نعم سأجدد، ففريق الحزم منحني الفرصة لأعمل وأثبت نفسي على الرغم من الخسائر، وبودي أن أرد الجميل وأساعد النادي، وبرأيي لو استقطبنا لاعبين أفضل في النوعية والجودة سنكون أفضل بشكل أكبر، كاشفا عن أن فريقه يحتاج إلى مهاجمين يجيدون كتابة النهاية الصحيحة لهجماتهم، إضافة إلى صانع ألعاب جيد ومدافع صلب، ونحن نحتاج لاعبين سعوديين أكثر من حاجتنا للعنصر الأجنبي، ولدينا لاعبون صغار في السن بارعون مثل رياض العريني وسامي بشير وخالد ناصر، وعليهم أن يتحسنوا من أجل أن يرفعوا من المستوى العام في فريقهم، فهم جيدون ولكن من أجل مساعدة الفريق عليهم أن يحسنوا أكثر من أدائهم».

من جانبه، لخص قائد الفريق الكروي الأول بنادي الحزم فؤاد المطيري مسببات الأداء الباهت الذي ظهر عليه الفريق هذا الموسم إلى 5 عوامل، هي بحسب مدى تأثيرها طبقا للاعب، تبدأ من توقف الدعم الذي ضخه طوال الأعوام الماضية رئيس أعضاء الشرف بنادي الحزم سابقا خالد البلطان، إضافة إلى عدم التوفيق في اختيار لاعبين أجانب بحجم لاعبي الفريق السابقين أمثال المغربي صلاح الدين عقال والسنغالي حمادجي، مرورا بسوء الإعداد خلال المعسكر الخارجي الذي أقامه الفريق في مصر الصيف الماضي، ورأى المطيري أن الإصابات المتوالية في صفوف الفريق لها أثر بالغ في تراجع مستوى الفريق، خصوصا إصابة الرباط الصليبي التي ضربت 4 لاعبين أساسيين، وأشار المطيري بأصبعه الخامس نحو حظهم الذي وصفه بالرديء بقوله: «لم نوفق بعد أن خضنا مباريات جيدة ولم يحالفنا الحظ، وكان اللاعبون يبذلون قصارى جهودهم لكن دون جدوى». واعتبر لاعب الفريق نايف موسى أنه كان بوسعهم تقديم أفضل مما حصدوه، قائلا: «ربما لا يصل الفريق لذات المراكز الجيدة التي احتلها خلال الأعوام الماضية، لكن كان بإمكاننا أن نحقق النقاط التي تكفل لنا البقاء ضمن أندية دوري زين للمحترفين للموسم السابع على التوالي، مضيفا: «لولا وصول الأزمة المادية في النادي خلال الدور الأول من الدوري لمرحلة خانقة حرمت اللاعبين من رواتبهم لعدة أشهر، لكان الأمر أفضل مما ظهر عليه، وبعد الفترة الشتوية التي فقدنا خلالها المهاجمين المؤثرين عولجت مسألة حقوق اللاعبين المتأخرة جزئيا، لكن ظهرت مسألة صعوبة تسجيلنا للأهداف، وقتها سادنا الإحباط في أي مباراة مهما ظهرنا في مطلعها متماسكين، وذلك بمجرد ولوج أول هدف في مرمانا، لأننا نعي صعوبة إدراك التعادل في ظل عدم وجود مهاجم متمكن فينهار الفريق».

أخيرا، قال المشرف السابق للفريق الكروي الأول في الحزم خالد الدغيم، إن بوادر هبوط الفريق اتضحت قبل بداية الدوري حسب وجهة نظره، بقوله: «الحزم هبط قبل بداية الدوري، ليس قبل نهاية الموسم بـ5 جولات، وهذا الأمر نتيجة ترسبات قديمة من الإدارات السابقة»، متسائلا: «ما الإدارة الحزماوية التي اهتمت بفرق الحزم الكروية بجميع درجاتها: أشبال، ناشئين، شباب، أول»، مردفا: جميع الإدارات السابقة اهتمت دائما بالتعاقد مع لاعبين جاهزين من خارج منطقة القصيم، وأشار عضو مجلس الإدارة السابق بأصابع الاتهام نحو رئيس أعضاء الشرف المستقيل خالد البلطان الذي بحسب وصفه أهمل النادي على حساب مصالحه الشخصية، مبينا أن «السبب الرئيسي في عدم الاهتمام بقاعدة الفريق تكمن في سياسة النادي القديمة، إذ وفر البلطان المادة للإدارات السابقة وسمح لهم بالتعاقد مع لاعبين بمقدمات عقود مبالغ فيها، والبلطان عمل للنادي بشكل وقتي فاهتم باسمه قبل مصلحة النادي، فهو لم يضع أساسا للنادي يستفاد منه لاحقا، وهذا بصراحة عمل غير جيد».

مضيفا: «خالد البلطان صعد بالفريق من الدرجة الأولى للدوري الممتاز وعاد به مجددا لدوري الدرجة الأولى»، ولمح الدغيم إلى تلاعب في بعض عقود اللاعبين بقوله ربما تكون بعض المبالغ المعلنة غير حقيقية»، شارحا: «الإدارات المتعاقبة تعاقدت مع لاعبين أمثال العنبر بمقدم عقد وصل لـ700 ألف ريال ووزن اللاعب 105 كيلوغرامات»، وأضاف ساخرا: «هذا مصارع وليس لاعب كرة قدم».

وحمل الدغيم الإدارة السابقة برئاسة خالد الحميدان، مسؤولية هبوط الفريق بعد إعدادها لمعسكر فاشل وتعاقدها مع مدرب متواضع - بحسب رأيه - التونسي لطفي رحيم، مشيرا إلى أن الفريق دخل المعسكر من دون مدرب ولاعبين أجانب في الأيام الأولى بعد تسريح صلاح الدين عقال والسنغالي حمادجي، وقال إن الإدارة سرحت الأفضل من الأجانب وأبقت الأقل منهم على صعيد الجانب الفني السنغالي محمد روبيز، وتعاقدت مع أجنبيين متواضعين فنيا هما الزامبي فرانسيس والأردني محمد خميس، منوها: «أعتقد أن الإدارة الحالية لا تتحمل الهبوط، ولكن عليها توضيح ما الذي ستفعله حتى تعيد الفريق إلى دوري زين، فصندوق النادي يحوي 10 ملايين ريال، ويجب أن يكون على هذا المبلغ رقابة ليس على الحزم فحسب، بل على جميع الأندية، والمطلوب هو العمل من أجل الحزم والمبالغ المطلوبة للصعود بالفريق للموسم ما بعد المقبل متوافرة، مستشهدا بأن رئيس التعاون محمد السراح أعلن أن الصعود لدوري زين كلفهم 6 ملايين ريال، مشددا: «نحن نبالغ في عقود اللاعبين، فاللاعب الذي نستقطبه بمليون ريال تتعاقد الأندية الأخرى مع أمثاله بمقدم عقد لا يتجاوز الـ100 ألف ريال»، مختتما حديثه بقوله: «أتمنى أن يكون الولاء للنادي وليس للأشخاص».