لجنة المسؤولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي.. متى ستشعر بواجباتها الأساسية؟

حادثة سيول جدة وهزات «العيص» ومرضى الكلى ودعم الأيتام.. تم تجاهلها بلا مبرر

TT

بمجرد كتابة عبارة «مباراة خيرية» في محرك البحث الشهير على شبكة الإنترنت «غوغل» ستظهر أمام عينيك الكثير من النتائج المتعلقة بهذه الكلمة، منها ما هو على المدى القريب والآخر على المدى البعيد، وجميع هذه المباريات موزعة على أنحاء المعمورة وبمشاركة نجوم كرة القدم في العالم، إلا أنك لن تجد مباراة أقيمت بالسعودية حملت الطابع الخيري والإنساني على الرغم من توافر جميع الآليات والعوامل المساعدة لذلك على غرار ما يحدث في دول العالم، كمباراة أصدقاء اللاعب الفرنسي الشهير زيدان والبرازيلي رونالدو التي تقام كل سنة لمحاربة الفقر، أو غيرها من المباريات التي تقام بين الفينة والأخرى لأسباب متعددة، يأتي في مقدمتها الكوارث البيئية والطبيعية، فما حدث في اليابان مؤخرا أدى إلى خوض الكثير من المواجهات التي يذهب ريعها لصالح ضحايا تسونامي، أو للتصدي لأمراض السرطان والإيدز وغيرها.

لم يقتصر الأمر على نجوم كرة القدم، بل امتد إلى نجوم رياضة التنس، حيث طالعتنا وسائل الإعلام مؤخرا بإقامة مباراة خيرية بين لاعب التنس الإسباني رافاييل نادال المصنف الأول عالميا في هذه الرياضة، والصربي نوفاك ديوكوفيتش، لصالح ضحايا تسونامي. عندما تعود بالذاكرة للسنوات القريبة ستجد الكثير من الأنباء والأخبار التي تؤكد إقامة مباريات بين الهلال والنصر أو الاتحاد والأهلي لصالح إحدى الجمعيات الخيرية، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، والسبب غير معروف، على الرغم من أننا في السعودية حدثت لدينا الكثير من الكوارث الطبيعية والأمراض التي كانت بحاجة ملحّة إلى مثل هذه المباريات لكي تكتمل المنظومة الرياضية الاجتماعية. فعلى سبيل المثال حادثة سيول الأمطار التي داهمت مدينة جدة وذهب على إثرها الكثير من الضحايا البشرية والمادية كانت بحاجة إلى إقامة مباراة تجمع على سبيل المثال الغريمين التقليدين بجدة، الاتحاد والأهلي، ويذهب ريع المباراة لصالح المتضررين. أيضا الهزة الأرضية التي تعرضت لها مدينة العيص (إحدى المدن التابعة للمدينة المنورة) وما تبعها من أضرار لسكان المنطقة التي كانت بحاجة إلى وقفة الرياضيين، أو على سبيل المثال فيروس حمى الوادي المتصدع بمنطقة جازان، حادثة هي الأخرى بحاجة إلى وقفة الرياضيين. ومن المواقف الهامة التي غاب عنها الرياضيون هي إقامة مباريات متعددة يذهب ريعها لصالح أسر وأبناء شهداء الواجب الذين يستحقون وقفة من أبناء الوطن كتقدير تجاه ما قدموه لحماية هذا الوطن.

أيضا هناك معاناة لمرضى الفشل الكلوي والسرطان، بيد أن المسؤوليات الاجتماعية لهذه اللجنة لم ترتقِ حتى هذه اللحظة إلى الدرجة المطلوبة، وإن سُجّل قليل من التفاعل من بعض اللاعبين في زياراتهم القليلة التي لا تذكر لمرضى الكلى والسرطان ورعاية الأيتام، وغيرها.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل هناك جمعيات خيرية موزعة على مناطق السعودية بحاجة إلى هذا الدعم المادي العائد من دخل المباريات، وهذه أمثلة قليلة وغيرها الكثير، وبكل تأكيد الجميع سينتابه نوع من الغرابة عند معرفته بوجود لجنة من ضمن لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم تحت اسم «لجنة المسؤولية الاجتماعية» برئاسة الدكتور عبد العزيز المقوشي، وعضوية مصلح آل مسلم، والدكتور فهد العليان، والدكتور عبد المحسن العتيبي، وعبد الله السعيد، ويحيى الزهراني، وبندر الحسن، وعلى الرغم من أن مثل هذه المبادرات الخيرية والإنسانية تندرج تحت بند المسؤولية الاجتماعية، وهو الاسم المختص بهذه اللجنة، فإننا لم نشاهد أي خطوات في هذا الجانب على الرغم من حاجتنا الملحّة وإدراك نجوم الوسط الرياضي لهذه المبادرات الإنسانية المفقودة.

وعلى الرغم أيضا من غيابها فإننا شاهدنا قائد المنتخب السعودي السابق سامي الجابر حضر في أكثر من محفل خيري عالمي مثل أصدقاء زيدان ورونالدو، وأصدقاء النجم البرتغالي فيغو ونجوم العالم، أيضا شاهدنا قائد المنتخب السعودي الحالي ياسر القحطاني شارك في مباراة خيرية لمحاربة الفقر جمعت فريق أشبيليا الإسباني ونجوم العالم، وهذه دلالة كبيرة على أن نجومنا حاضرون متى ما وجدوا من يساعدهم لإقامة مثل هذه المناسبات الخيرية، السؤال الذي يطرح نفسه: هل تبادر لجنة المسؤولية الاجتماعية برئاسة الدكتور المقوشي وتجعل هذه المباريات من أولى اهتماماتها؟ خصوصا وأن نجومية الكرة السعودية ليست محصورة في لاعب أو اثنين، فهي موزعة على الكثير من النجوم بكل المناطق السعودية، وهذا من شأنه إيجاد فرصة أكبر لإقامة مثل هذه المباريات في أكثر من مدينة ومنطقة، وبالإمكان إقامة مباراة تجمع بين أصدقاء النجم المعتزل ماجد عبد الله ونظيره سامي الجابر أو حمزة إدريس ونظيره لاعب الأهلي خالد مسعد، وكذلك على صعيد النجوم الحاليين أصدقاء ياسر القحطاني ومحمد نور، وفريق أصدقاء عبده عطيف وسعد الحارثي، وأصدقاء مالك معاذ وعلاء الكويكبي، وأصدقاء صالح بشير، وغيرهم الكثير من اللاعبين السعوديين أو حتى الأجانب، بل ربما يتطلب الأمر في بعض الأحيان إقامة مباراة تجمع بين فريق النصر وغريمه التقليدي الهلال أو الأهلي والاتحاد على سبيل المثال لضمان حضور جماهيري كبير من شأنه إيجاد مردود مالي ضخم يحقق الهدف من إقامة هذه اللقاءات، الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل بالإمكان إحضار بعض النجوم العرب والخليجين للمشاركة في مثل هذه المباريات، خصوصا من يملك ويحظى بشعبية ومحبة واسعة في السعودية، ونكون بذلك كمنظومة رياضية سعودية حقننا جزءا من الهدف الاجتماعي السامي للرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، التي دائما ما يدعو لتفعيلها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). بقيت الإشارة إلى أن رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي الدكتور عبد العزيز المقوشي أكد بعد نحو 5 أو 6 أشهر من تعيينه في هذا المنصب قبل يومين خلال تصريح صحافي أن لجنته تسعى إلى إبراز وتفعيل الدور الممارس للاتحاد السعودي لكرة القدم في المجال الاجتماعي محليا وإقليميا وعالميا، وأيضا تحفيز القطاعات المرتبطة بالاتحاد السعودي لكرة القدم لتقديم أدوار أكبر في مجال المسؤولية الاجتماعية، مشيرا إلى أن هناك رصيدا حافلا من مبادرات المسؤولية الاجتماعية، لا يمكن إغفاله لدى الرئاسة العامة لرعاية الشباب والأندية الرياضية السعودية، وأيضا نجوم كرة القدم، موضحا أنه سيتم العمل على تحقيق الأهداف المذكورة من خلال محاور محددة لكل هدف، روعي فيها قابليتها للتنفيذ، كاشفا أنهم سيسعون إلى حث الأندية على القيام بأدوار تحقق المسؤولية الاجتماعية، والعمل على تكثيف المشاركات الفردية للاعبين، وتنظيم زيارات من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب والقطاعات الرياضية لجهات العمل الخيري المحلي وتوقيع مذكرات تعاون معها تحقق أهداف الرئاسة والاتحاد في مجال تعظيم دورها في مجال المسؤولية الاجتماعية.