صخب المسؤولين ضد الحكام.. يخفت عند الانتصار ويحضر بقوة وقت الإخفاق

9 من حكام النخبة في أوروبا طالتهم انتقادات الأندية والإعلام «التابع».. فماذا بعد؟!

TT

«يظهر الصخب على الساحة بشكل محتدم ثم يخفت هذا الاحتقان قليلا إلا أنه سرعان ما يعود مجددا للساحة الرياضية السعودية»، ما كتب أعلاه عبارات تعنى بحال التحكيم مع الفرق السعودية ومسؤوليها وتبدو هذه الحالة كمسرحية ذات فصول طويلة حيث تظهر في أحيان كثيرة عند الخسارة وتغيب عند الفوز، حتى بات يصور للبعض أن الأخطاء التحكيمية قاتلة بكل ما تحمله هذه المفردة من معنى على الرغم من أنه من يدرك الرياضة جيدا يعي أن هذه الأخطاء جزء لا يتجزأ من اللعبة سواء اتفقنا أو اختلفنا تجاه هذه النظرية الواقعة حتميا، ودليل ذلك تصريحات رئيس أكبر سلطة رياضية (فيفا) السويسري جوزيف بلاتر الذي رفض إدخال التقنية للملاعب الرياضية وتحديدا عندما طلب منه «إدخال تقنية خط المرمى»، حيث قال: «استخدام تقنية خط المرمى سيدمر الحيوية الطبيعية لكرة القدم»، في إشارة إلى أن هذه الأخطاء التحكيمية ضمن منظومة الرياضة أو اللعبة، حتى وإن رضخ السويسري لهذه المطالب مؤخرا بعد أن اعتبرها الرياضيون في العالم، أي التقنية، بأنها وسيلة تقنية تسهم بدورها في عملية تطوير كرة القدم.

وعودة لموضوعنا الأصلي نجد أننا أصحبنا نشاهد التعليقات على أخطاء الحكام تحظى بالنصيب الأكبر من المساحات في وسائل الإعلام، حتى بعد إحضار الحكام الأجانب للمباريات المهمة في الدوري والنهائيات حيث بلغ عدد الحكام الأجانب التي تمت الاستعانة بهم في مباريات دوري زين السعودي للمحترفين 14 ويعد البعض منهم من نخبة الحكام في أوروبا ويتقلد الشارة الدولية 10 حكام من الذين حضروا للسعودية في حين ما زال 4 حكام منهم ليسوا دوليين أما الحكام الدوليون فيأتي في مقدمتهم النمساوي أوليفر دراشتا الذي أدار مباراة الأهلي والهلال، ومواطنه ريني ايسنر الذي تولى قيادة مباراة الهلال والاتفاق، ثم السويسري نيكولا الذي أدار مباراة الهلال والاتحاد، والبلجيكي جيروم الذي قاد أيضا مواجهة الهلال والاتحاد، وكذلك النرويجي سفين الذي قاد مباراة الهلال والشباب، إضافة للألماني فيليكس الذي قاد مباراة النصر والقادسية، والفرنسي هيرفي الذي تولى إدارة مباراة النصر والأهلي، إضافة للبولندي هيوبيرت الذي قاد مباراة الاتحاد والأهلي، والإسباني انتيونيو الذي قاد قمة الرياض بين الهلال والنصر.

فيما حضر 4 حكام غير دوليين، قادوا 5 مباريات حيث تولى المجري ستيفان فاد مباراتي الشباب والاتحاد والشباب والهلال أيضا، إضافة لمواطنه المجري فابيان الذي قاد مباراة الأهلي والاتحاد، كذلك السويسري كلوديا الذي قاد مباراة الهلال والأهلي في الدور الأول، وأخيرا اليوناني مايكل كوكولاكيس الذي قاد مباراة النصر والاتحاد، إضافة للحكام الأجانب الذين أداروا مباريات نصف ونهائي كأس ولي العهد، وعلى الرغم من ذلك يظل الحكم في عيون «مسؤولي الأندية» ووسائل الإعلام الموالية والتابعة مجرما بحق فريقه، وهو «أي الحكم» من تسبب في خسارة هذا النادي، على الرغم من أننا نشاهد بعض الأخطاء الفادحة التي ترتكب في مباريات بدوريات بدول متقدمة كما حدث مؤخرا في مباراة ريال مدريد وبرشلونة على نهائي كأس الملك الإسباني، التي أدارها الحكم الإسباني الدولي ألبرتو مالينكو حيث تم إلغاء هدف لبرشلونة وحضرت البطاقات الملونة للفريقين وشاهدنا الكثير من الكرات التي كانت أخطاء سواء لصالح برشلونة أو ريال مدريد إلا أنه وعلى الرغم من إعلان الحكم صافرته، يتم التركيز على الأخطاء الفعلية للفريق أو طريقة المدرب وما الذي ساهم في خسارة الفريق حتى وإن كانت هناك أحاديث تجاه الحكام أو التعليق على قراراتهم فهي بسيطة ولا تأخذ الحيز الأكبر في الأعلام، إلا أنه وفي الساحة الرياضية السعودية تجهز الأعذار مسبقا وتبطن الأحاديث التي ستظهر للإعلام بعد المباراة.

ويبدو أن مسؤولي هذه الأندية تفرغوا لحساب أخطاء الحكام وطريقة التعامل مع لاعبيهم دون النظر للمباراة والجمل التكتيكية التي فيها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل نشاهد حتى اللاعبين يعمدون للضغط على الحكام من أجل تبرير أنفسهم أمام ساحة الجهاز الفني والجماهير بشكل أكبر فنجده يسقط بمجرد مرور جسمه أمام نظيره المدافع أو حتى احتكاك بسيط لكنه على الكرة، وهذا ما ساهم بدوره في أن يظهر مسؤول النادي أو اللاعب نفسه ويؤكد أن هناك 3 أو ضربتي جزاء ربما وذلك بالتأكيد وفقا لحسابات مسؤولي هذه الأندية.

ومن المحتمل أن تصل لعشر ضربات جزاء مستقبلا ما دام أن الجماهير تصدق هذه الأحاديث، ومع الأسف هذا ما يتم مشاهدته حاليا في الملاعب الرياضية السعودية الذي انعكس بدوره سلبا على المشاركات الخارجية سواء على صعيد الأندية في المشاركات الآسيوية أو على صعيد المنتخبات الوطنية حيث يبدو الحكام غير مكترثين لسقوط اللاعبين في منطقة الجزاء حتى وإن أخذ أحدهم يتألم بصورة دراماتيكية تذهل المشاهد وزملاءه اللاعبين قبل الحكم.

السؤال الذي يطرح نفسه متى ستنتهي هذه الشماعة التي أصبح الكثير يتهرب من خلالها عن طرق باب أسباب الخسارة الحقيقية لفريقه ويرفض الاعتراف بأن الحكم إنسان معرض للصواب والخطأ كما هو الحال للاعب الذي يضيع الكثير من الفرص أمام المرمى كونه لم يكن في أجواء المباراة أو في حالة نفسية سيئة وكما هو الحال لإدارة النادي التي تخرج في نهاية الموسم وتؤكد أن هناك «أخطاء» في اختيار اللاعبين الأجانب مثلا أو الجهاز الفني والجميع يقدر العمل ويطالب بالصبر وتجاوز هذه الأخطاء التي حدثت وفقا لحداثة التجربة مثلا أو لظروف محيطة بالفريق «المادية مثلا»، بمعنى أنها تخلق الأعذار للمسؤول في حين ترصد المشانق لخطأ ارتكبه حكم دون قصد بالتأكيد.