حافظ المدلج.. قافلة من الأفكار الاقتصادية تحلق بالرياضة السعودية إلى «العالمية»

في كونغرس «فيفا» صفق له 208 اتحادات.. وبكنباور: العضو السعودي قطع قول كل خطيب

TT

في اجتماع الكونغرس العالمي بالعاصمة الأسترالية سيدني يظهر شاب سعودي سنين عمره حينها لم تتجاوز الـ39 عاما أمام نخبة وعمالقة الكرة في العالم ليتحدث عن تجربة بلاده الكروية في الاحتراف.. كان وقتها يؤيد فكرة الفرنسي الأنيق، ميشال بلاتيني، الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حينما طرح فكرة 6 + 5 المتعلقة باللاعبين الأجانب في الدوريات المحلية في أوروبا، وضرورة أن يكون للاعب المحلي حضوره في أعظم المسابقات هناك.. خرج الأكاديمي السعودي ووقف بشموخ وتحدث عن التجربتين السعوديتين الخاصتين باللاعب الأجنبي؛ الأولى عام 1978 والثانية عام 1992، وخاصة فيما يتعلق بعدم وجود حارس أجنبي في الملاعب السعودية.

هذا الشاب أيد بلاتيني على فكرته، وطالب بضرورة استشعار ما تعانيه الجماهير الإنجليزية من سطوة الأجانب على الفريق الواحد؛ إذ تكاد أن ترى فريقا إنجليزيا كاملا بلا لاعب محلي.. تحدث كثيرا وعندما انتهى صفق له رؤساء ووفود 208 اتحادات محلية.. جاء بعده القيصر الألماني بيكنباور الذي فاجأ الجميع بقوله: «ماذا تريدونني أن أقول؟ فقد قال العضو السعودي الأنيق ما كنت أود قوله، خاصة عن أجانب الأندية الأوروبية.. نعم، يكفي ما قاله السعودي الدكتور حافظ المدلج لتعود موجة التصفيق من جديد للقيصر ومفكر الاستثمار السعودي».

حافظ المدلج ليس مجرد اقتصادي إسلامي أو مفكر في التسويق التلفزيوني أو حتى أكاديمي يقوم بالتدريس لآلاف الطلاب على مقاعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض منذ أكثر من 14 عاما، بل هو رجل علاقات عامة وصاحب رؤية يظهر فيها الإقناع بشكل لا يوصف.

سنين عمره الحالية بلغت 42 عاما؛ إذ هو من مواليد 25 يونيو (حزيران) من عام 1969.. حافظ المدلج نال شهادة البكالوريوس تخصص اقتصاد إسلامي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1988، وحصل على شهادة الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1991، وقدم خلالها رسالة بعنوان «تداخل الحضارات في إدارة الأعمال».

لم تتوقف طموحاته عند هذا الحد، بل واصل دراساته العليا لينال شهادة الدكتوراه من جامعة لندن، ميدل سكس، عام 1998 وقدم رسالته «صناعة القرار في المملكة العربية السعودية»، وكان وقت تقديمه شهادة الدكتوراه ناقدا رياضيا لا يكتب سوى عن الاستثمار الرياضي، وكان ذلك في صحيفة «الرياض».

المدلج كان يهيئ الرياضة السعودية لما يعرف بـ«الاستثمار الرياضي»؛ إذ كان الاستثمار في منتصف التسعينات في البدايات، على الرغم من أن عالم الاحتراف قد طرق باب الكرة السعودية عام 1992، وحينما أطلت الألفية الثالثة بوجهها الجميل عين الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور حافظ المدلج عضوا في مجلس إدارته ونائبا لرئيس اللجنة المالية، التي يترأسها المخضرم عبد الله العذل. كانت أرقام الرعايات للنقل التلفزيوني والمنتخب السعودي الأول لكرة القدم ضعيفة جدا؛ فالمرود المالي لأي فريق من مباراة واحدة لم يتجاوز 12 ألف ريال، وهو راتب لاعب متوسط المستوى في الأندية المتأخرة من دوري «زين»، وكان المبلغ يتأخر كثيرا حتى يصل إلى حسابات الأندية، لكن الدكتور حافظ المدلج ومعه في ذلك بعض الكبار في اتحاد الكرة قدم أفكاره وتصوراته ومرئياته وخبراته الدراسية في الاقتصاد والإدارة حتى يرفع سعر الحقوق.

نجح من خلال عمله في اللجنة المالية في تحقيق طفرة مالية على صعيد حقوق المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، الذي كان لا يتحصل على أي مبالغ مالية قبل هذا العام سوى مبالغ معدودة، ليوقع الأخضر مع شركة «راف» لتكون راعيا رسميا بنحو 8 ملايين ريال سعودي قبل أن يتضاعف المبلغ عشرات المرات ليصل إلى 150 مليون ريال لمدة أربع سنوات من خلال شركة «صلة للتسويق الرياضي». أما حقوق النقل التلفزيوني، التي كان المدلج عضوا في اللجنة المشكلة بها، وكذلك عمله كنائب لرئيس اللجنة المالية، فنشير إلى أن الحقوق بدأت معه بـنحو 10 ملايين من جانب قنوات «أوربت» وشبكة تلفزيون العرب (إيه آر تي) قبل أن يتضاعف المبلغ 10 مرات ليصبح 100 مليون للعام الواحد عام 2006 ثم إلى 150 مليون ريال عام 2010، وهو ما يؤكد نجاح السياسة الاقتصادية المالية والتسويقية في الاتحاد السعودي لكرة القدم بوجود أعضاء ناجحين، ومن بينهم المفاوض المحترف الدكتور حافظ المدلج.

لم يكن المبلغ الـ150 مليون ريال للعام الواحد بالنسبة للمدلج سقفا ينام عليه هو وزملاؤه المهتمون بجانب التسويق التلفزيوني في الاتحاد السعودي لكرة القدم، بل لا يزال يطالب بضرورة أن تباع حقوق النقل التلفزيوني السعودي بسعر مضاعف مما هو موجود حاليا، بحيث يصل إلى 300 مليون ريال للعام الواحد، وحينها سيكون اتحاد الكرة السعودي الأغنى على الصعيد العربي، وربما يكون من الأكثر قيمة مالية لمبارياته على صعيد آسيا بعد اليابان وكوريا الجنوبية.

المدلج لم يكتف بالحضور فقط في الجانب التسويقي، بل حضوره يبدو كبيرا على مستوى آسيا فهو من المساهمين الكبار في تحويل دوري بلاده إلى دوري للمحترفين، معه في ذلك زميله محمد النويصر، وقبلهما رئيس الهيئة الأمير نواف بن فيصل بن فهد، الذي منح المذكورين الصلاحيات الكاملة في الإبداع وإظهار ما يملكانه من إمكانات وقدرات وخبرات لإبراز الدوري السعودي للمحترفين، فنجحا في جلب شراكة تاريخية مع دوري «زين» بقيمة مالية تصل إلى نحو 45 مليون ريال للعام الواحد، وهو رقم يبدو منطقيا ومعقولا كبدايات وتسعى الهيئة إلى مضاعفة المبلغ فور انتهاء مدة العقد الحالية على اعتبار أن تغييرات كبيرة حصلت للدوري السعودي من زيادة العدد إلى طفرات الأندية المالية وحقوق النقل التلفزيوني. الأكاديمي السعودي حافظ المدلج هو عضو في المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ إذ فاز بعضويته عام 2007 وجدد له بعد انتخابات ساخنة في الدوحة مطلع العام الحالي لأربعة أعوام مقبلة، ووضع رجل آسيا القوي، القطري محمد بن همام، ثقته في الدكتور حافظ المدلج ليرأس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قبل أسبوعين، علما بأنه كان عضوا في اللجنة المنظمة لكأس العالم 2010، وكان مراقبا إداريا للكثير من المباريات التي جرت هناك ثقة من «فيفا» في إمكانات الرياضي الإداري السعودي.

إن الاجتماع الكبير الذي عقد أول من أمس، والذي جمع وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف بالدكتور حافظ المدلج، يؤكد أن الثقة تبدو كبيرة فيه بالنسبة لمسؤولي اتحاد الكرة السعودي، من خلال إمساكه بملف المفاوضات الخاصة بالنقل التلفزيوني، على اعتبار أنه الأكثر معرفة بها، ولإيمان اتحاد الكرة بسياسة «الرجل المناسب في المكان المناسب» التي تبدو حاضرة وبشكل واضح في رجل بحجم وإمكانات وقدرات المدلج. المستقبل يبدو كبيرا لهذه الشخصية الرياضية السعودية وما تحتاجه فقط هو الدعم الكبير ليكون يوما ما حاضرا في مقاعد «فيفا» التنفيذية لامتلاكه الحس الإداري فضلا عن خبراته التسويقية والتفاوضية بخصوص كل ما هو له علاقة بكرة القدم.