حتى تسعينات القرن العشرين، كان لاعبو ومسؤولو وجماهير نادي برشلونة الإسباني قد اعتادوا على قضاء أغلب أوقاتهم في التذمر والشكوى من المؤسسات الحكومية والحكام. وفي الوقت نفسه، كان ريال مدريد يقضي أغلب أوقاته في حصد الألقاب، متجاهلا اتهامات النادي الكتالوني له بأنه يحظى بمعاملة تفضيلية.
ولكن الأمور تغيرت في كرة القدم الإسبانية خلال عقدين من الزمان؛ لقد تحولت الأمور إلى النقيض في الوقت الراهن، حيث بات برشلونة يحتفل بلقب تلو الآخر في الوقت الذي يبدو أن ريال مدريد قد تفرغ فيه لانتقاد الحكام والتلميح بوجود مؤامرات تحاك ضده في الظلام.
ومساء أول من أمس احتفل إقليم كتالونيا بأكمله بصعود برشلونة إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة خلال الأعوام الـ5 الأخيرة، عقب الفوز على ريال مدريد (3/1) في مجموع مباراتي الذهاب والإياب. وقد تم اعتقال أكثر من 20 مشجعا لتورطهم في جرائم بسيطة متنوعة في قلب مدينة برشلونة.
واعترفت صحف كتالونيا، أمس، بأن برشلونة لم يلعب بشكل جيد، في المباراة التي تعادل فيها الفريق مع ريال مدريد (1/1) أول من أمس، وأن المدرب جوسيب غوارديولا بدا وكأن الملل قد أصابه بعد موسم شاق وطويل. ولكن الحقيقة في نهاية المطاف هي أن الجماهير احتفلت بتأهل برشلونة إلى المباراة النهائية المقرر أن تقام على ملعب «ويمبلي» يوم 28 مايو (أيار) الحالي.
وجاءت الصفحة الرئيسية لصحيفة «سبورت» الكتالونية بعنوان «وداعا مدريد.. إننا ذاهبون إلى ويمبلي». ووصفت صحيفة «سبورت» فوز برشلونة بأنه «انتصار للخير على الشر»، وانتقدت الريال «المناهض لكرة القدم» خلال مباراتي الذهاب والإياب، وأشارت الصحيفة إلى أن فريق غوارديولا لعب «بذكاء وشعور مشترك». وجاءت الصفحة الرئيسية لصحيفة «موندو ديبورتيفو» الصادرة في كتالونيا تحت عنوان «إلى ويمبلي»، مشيرة إلى أن الحكم البلجيكي فرانك دي بليكر «ربما كان على صواب» عندما ألغى الهدف الذي سجله الأرجنتيني جونزالو هيغوين لريال مدريد. وأكدت الصحيفة الكتالونية أن ريال مدريد كان محظوظا لعدم طرد ريكاردو كارفاللو، ولاسانا ديارا، وإيمانويل اديبايور.
على الجانب الآخر، صبت صحف مدريد سخطها على الحكم دي بليكر، وعكست بذلك رؤية لاعبي ريال مدريد الذين يرون أنهم تعرضوا للسرقة في كامب نو. جاء العنوان الرئيسي لصحيفة «ماركا» «كانت المهمة المستحيلة»، في انعكاس لتصريحات المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو عقب مباراة الذهاب، التي أكد فيها أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) متحفز لأن يصل برشلونة في المباراة النهائية بدلا من ريال مدريد، بسبب «السلطة الخاصة» التي يحظى بها النادي الكتالوني.
ويعلن الـ«يويفا» غدا عقوبة ثقيلة ضد مورينهو، الذي حرم من الجلوس داخل الملعب في مباراة الأمس بعد تعرضه للطرد خلال مباراة الذهاب. ووصفت «ماركا» أداء الحكم دي بليكر بأنه «بشع»، مشيرة إلى أن هدف هيغوين «كان صحيحا تماما». وأوردت الصحيفة تصريحات حارس المرمى إيكر كاسياس التي قال فيها: «لقد أسقطونا»، وكذلك تصريحات كريستيانو رونالدو التي قال فيها «العام المقبل.. عليهم فقط أن يمنحوا اللقب مباشرة لبرشلونة». من جانبها، أكدت صحيفة «آس» أن ريال مدريد «خسر بشرف» ثم نصحت رئيس النادي، فلورنتينو بيريز، «بالشكوى بصوت عال» إلى الـ«يويفا» ضد «ما حدث في الدور قبل النهائي».
وأعرب كريستيانو رونالدو، هداف ريال مدريد الإسباني، عن استيائه لأداء الحكم فرانك دي بليكر في المباراة. وألغى حكم المباراة هدفا سجله المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغوين لريال مدريد. وقال رونالدو للموقع الرسمي للنادي الملكي: «الفريق يشعر بالحزن، ولكننا كنا ندرك أنها معركة صعبة. مسمى المباراة كان المهمة المستحيلة. مرة أخرى حرمنا الحكم من تعديل النتيجة. كنا نثق في قدرتنا على هزيمة برشلونة، ولكن الحكم لم يسمح لنا بذلك». وأضاف: «هدف هيغوين كان جيدا، ولكن الحكم ألغاه، كما أن بيكيه قام بجذبي وسقطت فوق ماسكيرانو».
وأوضح: «حرمنا الحكم في مباراة الذهاب من فرصتنا في الصعود للمباراة النهائية. أي شخص متعمق في كرة القدم يدرك أن برشلونة يحظى بمعاملة تفضيلية. كنا ندرك أن أي شيء سيحدث من أجل حرماننا من التأهل للمباراة النهائية، هذا ليس جيدا لكرة القدم، علينا أن نبقى في منازلنا وندع برشلونة يلعب وحده إذا لم تتغير الأمور»، وأضاف: «لدى برشلونة نفوذ كبير خارج الملعب، كان من المفترض أن نتعادل سبليا في مباراة الذهاب لولا واقعة دانييل الفيش، وكان التعادل في مباراة الإياب سيمنحنا بطاقة العبور إلى النهائي. لا أشعر بأن برشلونة أفضل منا ولكن يحصلون على مساعدة من الحكام».
من جانبه أكد إيكر كاسياس، حارس مرمى المنتخب الإسباني ونادي ريال مدريد، أن فريقه ظهر بشكل جيد خلال المباراة. ونقل الموقع الرسمي لريال مدريد عن كاسياس قوله: «أدينا بشكل قوي ولم نشعر في أي وقت بأننا أقل من برشلونة.. من السهل النظرة إلى المباراة الأولى التي جرت على ملعبنا ونتخيل أننا إذا لم نتعرض للطرد، كان من الممكن أن نتعادل سلبيا ونتأهل إلى المباراة النهائية عبر التعادل (1/1) في مجموع المباراتين».
ووجه خورخي فالدانو، المدير العام لنادي ريال مدريد، أيضا انتقادات للقرارات التحكيمية في مباراتي الذهاب والإياب أمام برشلونة. وقال فالدانو عقب المباراة إن قرار عدم احتساب هدف هيغوين كان «حاسما. تضررنا من القرارات التحكيمية في كلتا المباراتين. لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكنني أرى أن القرارات الحاسمة جاءت جميعها ضدنا».
كما أعرب تشابي ألونسو، نجم وسط فريق ريال مدريد، عن سخطه عقب إلغاء هدف صحيح، من وجهة نظره. وقال ألونسو في تصريحات للموقع الرسمي لريال مدريد: «حرمنا من الهدف الأول، الذي دائما ما يكون من الصعب إحرازه، لا أحب الحديث عن أداء الحكم، ولكن أي شخص شاهد المباراة يرى أن إلغاء الهدف لعب دورا محوريا في نتيجة المباراة.. لقد حدث ذلك من قبل في مباراة الذهاب عندما تعرض بيبي للطرد». وتابع: «المواجهة انتهت.. وعلينا أن نفكر في المستقبل. لسنا سعداء بل نشعر بالإحباط، لقد بذلنا قصارى جهدنا وقدمنا الأداء الذي أردناه، سجلنا هدفا ولكن ألغي.. صعبت الأمور تماما بعد تسجيل برشلونة هدفا، قبل أن ننجح في إدراك التعادل وواصلنا القتال، ولكن لم يحالفنا الحظ في النهاية».
وانتقد آيتور كارانكا، المدرب المساعد لفريق ريال مدريد، قرار الحكم بعدم احتساب هدف هيغوين في شباك برشلونة. وأثير جدل على أرض الملعب في الدقيقة 48 من المباراة عندما تغاضى الحكم عن احتساب هدف لهيغوين بدعوى تعرض خافيير ماسكيرانو للعرقلة من قبل رونالدو، علما بأن الإعادة التلفزيونية أظهرت أن رونالدو تلقى دفعة من جيرار بيكيه. وقال كارانكا، الذي حل مكان المدير الفني البرتغالي، جوزيه مورينهو، في المباراة، لخضوع الأخير لعقوبة إيقاف بسبب طرده في مباراة الذهاب: «الملايين شاهدوا هذا الهدف. كان قرارا حاسما اتخذ ضدنا».
وعلى الجانب الآخر أبدى ساندرو روسيل، رئيس نادي برشلونة، سعادته البالغة بتأهل الفريق الكتالوني إلى نهائي دوري أبطال أوروبا. وغاب البرتغالي جوزيه مورينهو، المدير الفني لريال مدريد، عن الاستاد، حيث يخضع لعقوبة إيقاف بعد طرده في مباراة الذهاب، وقرر متابعة المباراة من الفندق الذي يقيم فيه بدلا من الحضور في المدرجات.
ولدى سؤال ساندرو عن موقفه من غياب مورينهو، قال: «لا نهتم بمورينهو. إننا نشعر بسعادة غامرة بعد هذا الإنجاز، لقد كانت ليلة رائعة»، وأضاف: «كرة القدم فازت الليلة، وكذلك برشلونة. لدينا لاعبون متميزون ومدرب رائع. ويمبلي مكان من نوع خاص بالنسبة لنا نظرا لما حققناه في عام 1992 (حيث توج برشلونة بأول ألقابه في دوري الأبطال)».
من جانبه أبدى بيدرو رودريغيز، لاعب خط وسط برشلونة، سعادته بتأهل الفريق إلى نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا. وقال بيدرو عقب المباراة: «إننا سعداء للغاية. فهو (ريال مدريد) فريق جيد، ولكننا عملنا بجد وأنجزنا المهمة».
واعترف جوسيب غوارديولا، المدير الفني لبرشلونة، بصعوبة المواجهة. وقال غوارديولا عقب المباراة: «إنه موسم صعب، وريال مدريد فريق جيد للغاية. كانت المواجهة صعبة بالنسبة لنا الليلة»، وأضاف: «الآن يجب علينا التركيز من أجل الفوز بالدوري الإسباني، لا نزال بحاجة إلى 4 نقاط كي نتوج باللقب».