الاحتفالات الكئيبة للفرق السعودية تحرم اللاعبين والجماهير الفرحة بتحقيق البطولات

تقدم رؤية لطريقة احتفال الأندية الأوروبية بإنجازاتها

TT

في إسبانيا حافلة تجوب شوارع مدينة برشلونة تحمل على متنها لاعبي أبطال الليغا الإسباني 2011 (فريق برشلونة)، وتسير حتى الوصول لمعقل النادي (ملعب الكامب نو) الذي اكتظت الطرق المؤدية إليه بأعداد هائلة من الجماهير المتوشحة بألوان النادي الرسمية تنتظر وصول لاعبي فريقها للاحتفال معا بعد الفوز بدرع الدوري الإسباني.

وهنا في السعودية لاعبون يجوبون مضمار أحد الملاعب المحلية لتحية الجماهير الحاضرة بعد فوز الفريق بلقب إحدى البطولات المحلية، ومن ثم يستقلون حافلة أسدلت على جنباتها الستائر حيث لا تشاهد ما بداخل هذه الحافلة إلا في حالات تبدو قليلة يعقب ذلك بأيام حفل مصغر في النادي يقتصر على التورتة وبعض العصائر وسط حضور جماهيري ضعيف أو قد لا يكون موجودا وتبدو الحالة الثانية كئيبة ومحزنة ومفتقرة لأبجديات الاحتفالات الرياضية التي لا تنسى.

ما كتب أعلاه هو حالتان تمثلان طريقة احتفالات للفرق الإسبانية أولا ومن ثم السعودية في حال الفوز ببطولة محلية أو خارجية، وبصورة مفصلة أكثر نجد مثلا في إسبانيا حيث النادي الشهير «برشلونة» الذي يقيم احتفالات صاخبة عند تحقيقه لأي لقب ويفرح كثيرا مع عشاقه، وفي ملعبه الذي يتسع لـ«مائة ألف» مشجع لم يكن حضورهم لمشاهدة مباراة جمعت النادي الكتالوني مع غريمه التقليدي هناك «ريال مدريد» بل حضورهم فقط للاحتفال مع فريقهم بالبطولة «أيا كانت»، فعلى سبيل المثال مر احتفال فريق برشلونة الإسباني بعد تحقيقه للقب الدوري الإسباني 2011 مؤخرا بعدة محطات كانت البداية بقدومه عبر حافلة خاصة من ملعب سيوتات دي فالنسيا، حيث حقق برشلونة لقب الليغا الإسباني رسميا بعد اللقاء الذي جمعه بفريق ليفانتي، ليتوجه الفريق الكتالوني إلى معقله ملعب الكامب نو مباشرة بعد اللقاء، حيث احتفل حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي بحضور مائة ألف متفرج إضافة لوجود الكثير من المشجعين في ميدان «رامبلاس دي كاناليتاس» الشهير بسلوك متحضر دون أن تظهر مشكلات للإخلال بالنظام العام أو التخريب، وذلك وفقا لما بثته وكالات الأنباء العالمية.

وعلى الرغم من أن المباراة أقيمت في يوم الأربعاء 11 مايو (أيار) الحالي، وما صاحبها من احتفالات أقيمت ليلة المباراة فإن الاحتفالات الرسمية أقيمت يوم الجمعة «بعد المباراة بيومين» حيث جاب فريق برشلونة بقيادة مدربه الإسباني بيب غوارديولا ولاعبي الفريق شوارع مدينة برشلونة عبر حافلة خاصة «ويتواجد اللاعبون في أعلى الحافلة المكشوفة» على أن تنتهي الجولة بدخول ملعب الكامب نو مجددا، وسط حضور عدد غفير من أعضاء النادي «وهم مشجعون حصلوا على بطاقة عضوية خاصة وذلك بعد دفع مبلغ معين يقابلها مميزات خاصة للمشجع عند الحصول على هذه البطاقة، مثل حضور المباريات بأماكن محددة إضافة لدخول مرافق النادي وغيرها الكثير من المميزات».

وقام رئيس الاتحاد الإسباني انخيل ماريا فيار بتقديم درع البطولة إلى رئيس النادي الكتالوني روسيل في احتفال مختصر قبل مباراة برشلونة الثانية أمام ديبورتيفو لا كورونا، وبالعودة لتفاصيل الاحتفالات التي تقيمها جميع الأندية الأوروبية بعد تحقيق البطولات التي ليست حصرا على فريق برشلونة الذي استعرضناه كمثال فقط، حيث يدخل جميع اللاعبين المشاركين في تحقيق الانتصار بحضور أعضاء الجهاز الفني «الكبير بعدد منسوبيه» ومن خلاله يتحدث المدير الفني للفريق بكلمة قصيرة لا تتجاوز مدتها الدقيقتين، وبعد ذلك يقوم معظم اللاعبين بالتحدث ومخاطبة الجماهير الحاضرة في الملعب بلغة مباشرة دون الحاجة لوسائل تنقل مثل هذه الأحاديث يعبر من خلالها اللاعبون عما بداخلهم ويتحدثون عن سر هذا الإنجاز، خاصة أنهم صانعوه، لينتهي هذا الحفل بالدوران حول الملعب وتحية الجماهير الحاضرة وتقديم الشالات لبعض الجماهير الحاضرة لهذه المناسبة.

على الصعيد المحلي ينتابك شعور من الاستغراب حينما تشاهد أحد الفرق السعودية وهو يحقق بطولة محلية، ويكون الاحتفال فقط عبر ركض اللاعبين لأمتار قليلة مع أخذ دورة واحدة فقط على مضمار الملعب لتحية الجماهير الحاضرة، وبعد ذلك ينطلقون سريعا للخروج لغرفة الملابس التي عادة ما تكون مكتظة بالشرفيين والإداريين وبعض من جماهير النادي التي من المفترض أن لا توجد في هذه المنطقة المحرمة (غرفة ملابس اللاعبين).

هذا سيناريو يحدث في الملاعب بعد التتويج الرسمي، أما على صعيد الاحتفالات التي تتم في مقر النادي وفي الملاعب التي بالكاد لا تتجاوز سعتها «خمسة آلاف متفرج» فهي تقتصر في الكثير من الأحيان على حفل تورتة صغيرة وسط اكتظاظ ملعب الفريق الصغير أيضا بعدد كبير من الجماهير التي من المفترض وجودها في المدرجات وكثيرا ما ينتهي الحفل بفوضى عارمة تحدث وسط الميدان، وقد يكون هناك احتفالات منظمة لبعض الفرق المحلية إلا أنها لا تبدو مماثلة لما يحدث هناك، حيث يطغى عليها الجانب الرسمي كثيرا.

قد يكون للمناخ المحلي والظروف الاجتماعية لدينا سبب في ذلك لعدم وجود ملاعب خاصة بالأندية تتسع لعشرات آلاف من المشجعين، إضافة لوجود غالبية مقرات الأندية وسط أحياء سكنية صغيرة، وعدم وجود مساحات أو ميادين كبيرة أمام مقر النادي لتكون مكانا للاحتفالات الرسمية، ولكن ذلك ليس مبررا أو عائقا يقف أمام ذلك، فمثلا على الصعيد المحلي فريق الهلال حقق بطولتي الدوري وكأس ولي العهد، فيما حقق الشباب بطولة الأمير فيصل بن فهد (تحت 21 عاما) كان بإمكانهما طلب الإذن الرسمي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب لإقامة الاحتفالية في ملعب الملك فهد الدولي بالرياض الذي يتسع لأكثر من 60 ألف متفرج، يصاحبه خروج هذه الفرق من مقر النادي بحافلة «مكشوفة» تجوب الشوارع حتى الوصول لمقر الحفل (ملعب الملك فهد الدولي)، ليتمكن اللاعبون من خلال الحفل من التنفيس والتعبير عن ما بداخلهم وسط الجمهور بشكل مباشر وعفوي كما يحدث هناك في أوروبا، إضافة لحضور بعض أبناء اللاعبين الصغار ليشاركوهم الحفل الكبير على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة رياضيا.