الهلال والاتحاد ينجوان من عبث السماسرة ويتفوقان بأقوى مجموعة من المحترفين الأجانب

خبراء فنيون يعلنون رسوبا جماعيا لمعظم الأندية هذا الموسم

TT

على الرغم من مرور ما يقارب الـ18 عاما على إقرار عودة المحترفين الأجانب إلى الأندية السعودية، فإن الكثير من مسيري الأندية يقعون في فخ سماسرة اللاعبين، وفي صفقات أثقلت كاهل خزائن الأندية دون فائدة فنية تعود بالنفع على الفريق، ولعل اللافت في هذا الموسم العطاء الإيجابي الذي قدمه ثنائي الهلال المحترف السويدي كريستيان فيلهامسون والروماني ميريل رادوي، اللذان أسهما في ظفر فريقهما ببطولة الدوري قبل نهايته بجولتين، والمحافظة على لقبه بطلا لكأس ولي العهد.

في المقابل يتضح جليا أن لاعبي الحزم هم الأضعف من الناحية الفنية التي عجلت برحيل الفريق خارج دوري زين قبل نهايته بـ4 جولات، خصوصا أن فريقهم الوحيد الذي لم يستفد من استقطاب 4 لاعبين أجانب عقب التعاقد مع 3 منهم، بينما شكلت المستويات الفنية التي ظهر بها رباعي النصر الأجنبي صدمة كبرى للمتابعين الرياضيين بسبب مستوياتهم المتواضعة، خصوصا بعد الزخم الإعلامي الذي واكب التعاقد معهم.

«الشرق الأوسط» ناقشت 5 خبراء فنيين سعوديين عن إيجابيات وسلبيات اللاعبين الأجانب في الدوري السعودي، والطرق المثلى لاختيارهم خلال الموسم المقبل، إلى جانب تصنيف الأفضل منهم بناء على مستوياتهم الفنية في الموسم الحالي.

كانت البداية مع المختص في الشأن اللياقي عبد اللطيف الحسيني الذي تحدث عن مشاركة اللاعب الأجنبي في دوري زين السعودي قائلا: «أجانب الهلال والاتحاد يعدون الأفضل بين نظرائهم في بقية الفرق المشاركة في دوري زين بعد أن استقطبتهم إدارات الأندية مقابل الملايين من الريالات، ولكنهم مع الأسف الشديد لم يسهموا في رفعة قيمة الدوري السعودي فنيا، كما أنهم حرموا اللاعب السعودي الموازي لإمكاناتهم فرصة المشاركة مع فريقه، وذلك أثر سلبا على الرياضة السعودية، فأكثر اختيارات اللاعبين الأجانب تكون في منطقة الوسط، وهو ما أدى إلى ضعف هذا المركز في المنتخب السعودي، كما شاهدناه في مسابقة أمم آسيا الأخيرة».

وصحح مساعد مدرب الهلال السابق ما قيل عن أن قوة الهلال جاءت نتيجة إمكانات لاعبيه الأجانب، وقال: «لا أتفق مع ما يطرح حول رفع أجانب الهلال وحدهم لمستوى الفريق العام، لأن أجانب الفريق أمضوا 3 أعوام مع فريقهم، ولو لم يكن هناك مدافعون ومهاجمون أكفاء، إضافة إلى دكة بدلاء تعج بالنجوم، لتغير المستوى الفني للفريق جذريا، وبذلك من الاستحالة أن يكون أجانب الهلال الـ4 متحكمين في أداء الفريق، ولكنهم في الهلال والاتحاد الأكثر تأثيرا، وحتى لو منعت مشاركة الأجنبي في الدوري لظل الهلال المنافس الأول لامتلاكه أفضل العناصر المحلية المميزة، وفريقا الهلال والاتحاد استثمرا بالشكل الصحيح مراكز اللاعبين الأجانب ليؤثروا بشكل مباشر مع فرقهم، وبقية الأجانب في الدوري يمكن اعتبارهم مكملين للعدد دون تأثير بالغ». واختار الحسيني ثنائي الهلال السويدي كريستيان فيلهامسون والروماني ميريل رادوي، بالإضافة إلى محترفي الاتحاد الجزائري عبد الملك زيايه، والبرتغالي باولو جورج، ومواطنه نونو أسيس، كأفضل اللاعبين الأجانب الذين أفادوا فرقهم فنيا هذا الموسم، مرشحا الأسترالي جوناثان ماكين والروماني رازفان من النصر، بالإضافة إلى العماني خليفة عايل من الرائد، والمصري أمير عزمي من التعاون، والمغربي جواد أقدار من الرائد، كأسوأ الصفقات المبرمة مع المحترفين الأجانب في دوري زين خلال الموسم الحالي. من جانبه، أوضح الخبير الفني السعودي، بندر الجعيثن، أن أهمية اللاعب الأجنبي تكمن في كونه مصدر قوة للفرق، مصنفا المحترفين في دوري زين إلى لاعبين أفادوا فرقهم فنيا، وآخرين لم يقدموا المأمول منهم، معتبرا السويدي فيلهامسون وزميله الروماني رادوي في طليعة اللاعبين المؤثرين فنيا في ترجيح كفة الفريق الهلالي، بالإضافة إلى البرازيلي تياغو نيفيز قبل رحيله، وكذلك ثنائي خط هجوم الأهلي فيكتور سيموس والعماني عماد الحوسني، ومهاجم النصر بدر المطوع، منتقلا إلى الحديث عن آلية اختيار اللاعب الأجنبي، قائلا: «من الشروط التي يجب توافرها في اللاعب الأجنبي أن يكون أفضل من العنصر المحلي، وهي سمة جميع من ذكرتهم الذين صنعوا ثقلهم في فرقهم كرادوي، كما يعد مهاجم الفيصلي الألباني ميجين ميميلي من الأسماء المميزة، ويعد هدافا مع الفريق، وبفضل ذلك ظل اللاعب أحد أهم الأسباب التي وضعت الفيصلي مع فرق المقدمة».

واعتبر مدرب المنتخب الأولمبي السابق لاعب نجران السنغالي حمادجي كأحد أسوأ المحترفين خلال الموسم الحالي، نظرا لأنه كبير في السن وأعطى عصارة جهده في الموسمين الأوليين له في دوري زين، مستغربا تهافت الأندية للتعاقد معه، وقال: «لا أعلم سر تعاقد الأندية معه على الرغم من تقدمه في العمر، وربما يقع عليه الاختيار لتدني القيمة المالية لمقدم عقده، بالإضافة إلى لاعبي النصر الأسترالي ماكين والروماني بيتري ومواطنه رازفان، فهم يعتبرون من أسوأ الأجانب في الدوري»، مشيرا إلى فشل صفقة الأهلي مع محور الارتكاز البرازيلي واندرسون الذي يعد أحد أكثر المحترفين تواضعا هذا الموسم. وبالعودة للاعبين الأسوأ ضم الجعيثن خليفة عايل من الرائد وحسن مظفر من الاتفاق، بحيث يعاني الأخير زيادة واضحة في الوزن تسببت في تراجع مستواه بشكل كبير، بعكس ما كان عليه في الفترة السابقة مع المنتخب العماني، مؤكدا ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة الفنية الجيدة أسوة بالهلال المستفيد من خبرة مدير الكرة في الفريق سامي الجابر لاختياراته الموفقة.

وكان للخبير الفني فيصل البدين رأي آخر، إذ اعتبر أن عدد الأجانب الذين أضافوا لفرقهم في الدوري السعودي 3 فقط بين 55 لاعبا تعاقدت معهم الأندية الـ14 مطلع الدوري، معتقدا أن فريقي الهلال والفيصلي هما المستفيدان الوحيدان بين فرق دوري زين من العنصر الأجنبي، وقال: «أفضل الأجانب في الدوري هم السويدي فيلهامسون وزميله الروماني رادوي ولاعب الفيصلي الألباني ميجين، بالإضافة إلى لاعب الأهلي البرازيلي فيكتور سيموس الذي استطاع أن يضع بصمة مع الفريق، رغم أن أوضاع فريقه لم تساعده للظهور بشكل أفضل، ولا أجد أجنبيا يستحق حتى أن يقيد كلاعب محلي خلاف ما ذكرت»، منوها بأن الظروف القاهرة لبعض الفرق لا تساعد الأجانب على البروز كالوضع غير المستقر الذي يعيشه فريق الحزم الذي لا يخدم جميع اللاعبين لتقديم ما لديهم، مشيرا إلى تأثر الشباب سلبا من إصابة محترفيه الأجانب كالبرازيلي كماتشو الذي غاب عن معظم مباريات فريقه بداعي الإصابة، ولم يصمد أمام تيار الإصابات في الشباب سوى مواطنه تفاريس.

وذكر البدين أن النصر لم يستفد من أجانبه، موضحا أن الفريق كان يسير بالشكل الصحيح، وتعلمت الإدارة من دروس السنين الماضية باستثناء كيفية اختيار العنصر الأجنبي، مطالبا أن تكون المسؤولية مشتركة بين المدرب والإدارة في اختيار اللاعبين، معتبرا العماني خليفة عايل ومحترفي النصر الروماني أفيدو بيتري والأسترالي جوناثان ماكين، بالإضافة إلى لاعب نجران السنغالي حمادجي الأسوأ في الملاعب السعودية.

من جهته، قيم اللاعب الدولي السابق والمدرب الوطني صالح المطلق المحترفين الحاليين من حيث إسهامهم مع فرقهم بعيدا عن أسمائهم وأحجام إمكاناتهم قبل اللعب في الدوري السعودي، مشيرا إلى الاتفاق التام في الشارع الرياضي تجاه الدور الذي قام به محترفو الهلال فيلهامسون ورادوي ولي يونغ بالإضافة إلى أحمد علي، في تحقيق الدوري وقبله كأس ولي العهد لفريقهم، مؤكدا أن الهلال أكثر الفرق التي استفادت، ومن لا يتفقون في ذلك فهم خارجون عن الاستناد للواقع الفني، معتبرا الشباب أكثر الفرق تضررا من العنصر الأجنبي طبقا للنتائج التي تحققت للفريق هذا الموسم.

واختار فيلهامسون ليكون النموذج الأجمل للاعب المحترف من ناحية اللياقة البدنية والسرعة وصناعة اللعب والانضباط التكتيكي في خط الوسط والمقدرة العالية على الهجوم، معتبرا بقية الأجانب في الدوري السعودي متواضعين في المستويات، واستدرك: «باستثناء بعض اللاعبين كلاعب الفيصلي ميجين، ولاعب الاتحاد أحمد حديد، وفي بعض الأحيان لاعب النصر فيغاروا».

وأشار المطلق إلى أن اختيار العنصر الأجنبي يتوقف لدى مدرب النادي المسؤول عن الاختيارات الفنية، في الشباب مثلا تحقق أكثر من نجاح في اختيار العناصر الأجنبية خلال الأعوام الماضية لوجود خالد المعجل كخبير إداري، بالإضافة إلى امتلاكه رؤية فنية عالية، وهذا ما ينتج عن اختيارات متميزة للأجانب خلال اجتماعاته مع الجهاز الفني، وهو ما يحدث حاليا مع الهلال في ظل وجود سامي الجابر كمدير للكرة الذي ناقش كوزمين وجيريتس وحاليا كالديرون في كثير من الجوانب الفنية التي من بينها اللاعب الأجنبي، وهو ما نتج عنه اختيارات موفقة للتناغم والتوافق بين الجهازين الفني والإداري لخلق حلقة وصل جيدة مع الإدارة.

وأخيرا قسم الخبير الفني علي كميخ المحترفين الأجانب في الدوري السعودي إلى 3 صناديق، الأول منها أخضر اللون ويحوي اللاعبين المجتازين تجربتهم بتفوق، وهم: السويدي فيلهامسون والروماني رادوي والبرازيلي تفاريس ومواطنه فيكتور سيموس والألباني ميجين. وشبه لاعبي الصندوق الثاني بالحبة المسكنة (البنادول) «التي لا تضرك في حال لم تنفعك، وهؤلاء نضعهم في صندوق رمادي يعج بـ80 في المائة من أجانب الدوري السعودي»، محذرا من فئة الصندوق الثالث وهم من يخلفون ضررا على فرقهم أكثر من نفعهم، وهذا الصندوق الثالث الأحمر يضم الأسترالي جوناثان ماكين، وزميله الروماني بيتري، والبرتغالي نونو أسيس، ولاعب الأهلي البرازيلي مارسينهو، ولاعب القادسية التونسي معين الشبعاني.

وتطرق كميخ إلى المشكلة التي تواجه الأندية في تعاقداتها مع لاعبين بأثمان باهظة مقارنة بمنتجهم الضعيف، مستشهدا بما حدث للنصر مع رازفان وماكين وبيتري، وكذلك الشباب مع المهاجم أوليفيرا، أو الأهلي مع مارسينهو، معتقدا أن الاتحاد أخفق أيضا بالتعاقد مع نونو أسيس، طارحا تساؤلاته حول المبالغ المصروفة على التعاقد مع اللاعبين الأجانب في غير نادي الهلال، هل هي بقدر مواصفاتهم أم أنها أموال اصطادها الوسطاء بفراسة؟ وفصل كميخ مسألة اختيار اللاعب الأجنبي قائلا: «يفترض أن يكون الاختيار مشتركا بين المدرب والإدارة حسب احتياجات الفريق الفنية المتفق عليها، ويستحسن للأندية أن تضع بنودا في عقود اللاعبين للحد من خسائر التعاقدات الفاشلة، ففي حال تقديم اللاعب لمستويات جيدة يتحصل مثلا على 300 ألف دولار، شريطة أن يقدم الإنتاج المنتظر منه حتى لا تقع الأندية في ورطة منح اللاعب مبالغ لا توازي إمكاناته، مع إمكانية إلغاء عقد المحترف واسترجاع النادي لـ30 في المائة من مجمل العقد في حاله تعرضه لإصابة مزمنة، لأنه ليس من المعقول أن يتعاقد النادي مع لاعب بمقدم عقد 3 ملايين يورو ليلعب 3 مباريات فقط ويتوقف بحجة الإصابة».