غوارديولا: لا تصدقوا أن لاعبينا لا يقهرون.. ومهمتنا صعبة أمام يونايتد

مدرب برشلونة حذر لاعبيه من الغرور في نهائي دوري أبطال أوروبا السبت

TT

على ساحة ملعب سانت خوان ديسبي، المخصص لتدريب فريق برشلونة، طرح جوسيب غوارديولا سؤالا تلو الآخر، مذكرا مستمعيه في كتالونيا وإسبانيا وإنجلترا بأن فريقه قد لا يكون مقدرا له أن يفوز بدوري الأبطال أمام مانشستر السبت المقبل. وقال «لا تصدقوا أن لاعبينا لا يقهرون».

التزام غوارديولا الحذر واحترامه تجاه مانشستر يونايتد والسير أليكس فيرغسون مدرب الفريق الانجليزي ليس أدبا مصطنعا، لكنه يرغب من لاعبيه أن يشعروا بالقدر الملائم من الخوف عندما يخرجون إلى ملعب ويمبلي يوم السبت. وقد أبدى قلقا واضحا من أن إغداق الثناء على فريقه يمكن أن يكون كالرمال المتحركة، فالكثير من اللاعبين العظام والفرق الرياضية الكبيرة أضاعت الكثير من البطولات بغرورها. وقال غوارديولا «أتمنى أن يكون لدى لاعبي الفريق ما يكفي من المخاوف لأن يعلموا أن هذه ربما تكون فرصتهم الأخيرة في الفوز بلقب جديد لدوري الأبطال. وأتمنى أن يدركوا مدى صعوبة الوصول إلى المباراة النهائية، وأتمنى أن ينقل اللاعبون المخضرمون، الذين شهدوا خمس سنوات عجافا لم يصلوا فيها إلى النهائي، هذا الإحساس إلى اللاعبين الآخرين». وأضاف «أنا لا أحب الاعتقاد بأن كل شيء سهل، فذلك أشبه بالماكينة التي ستواصل سحق هؤلاء اللاعبين الشباب. يجب علينا أن ننتهز الفرصة وأن نتعامل معها وكأنها بعيدة عن متناول أيدينا. يجب أن نشعر بالقدر المناسب من القلق، كي لا نفشل في فهم مدى أهمية المباراة. أنا لست خائفا، لكن لكي تستعد جيدا للقاء يجب عليك أن تدرك أن اللعب في هذه المباراة ميزة، ولن تتمكن من الوصول إلى نهائي آخر قبل 20 عاما».

العقبة المضافة لإزالة هذا الإحساس بالتفوق هي السهولة النسبية التي فاز بها لاعبو برشلونة على مانشستر في نهائي روما عام 2009، وذلك قبل أن يبيع مانشستر يونايتد كريستيانو رونالدو وكارلوس تيفيز.

ورغم ذلك، أبدى غوارديولا إعجابه بالطريقة التي كيّف بها السير أليكس فيرغسون الفريق مع رحيل هؤلاء النجوم خلال الموسمين الماضيين، وقال «مما شهدته خلال العامين الماضيين وما أراه الآن، أعتقد أن مانشستر يونايتد هو ذاته، فهم كما هم في قمة التنافسية، ويظهرون شجاعة كبيرة. وهم يعلمون جيدا ما ينبغي عليهم القيام به في كل مباراة، ولعل ذلك ربما يكون السبب في أنهم واحد من أقوى الفرق في العالم، أنا أحسد فيرغسون على رباطة جأشه طوال هذه الفترة، وأتمنى لو أن لدي كل هذه القوة والتصميم اللذين يمتلكهما هذا الرجل. فما إن يصل اللاعبون إلى مانشستر يونايتد حتى يجعل منهم فيرغسون نجوما كبارا، وقد ينتقلون ومع ذلك يواصل الفوز بلاعبين جدد. لقد باع كريستيانو رونالدو لكنه مع ذلك يواصل الفوز. وهذا أشبه وكأننا لو أقدمنا على بيع ميسي فسوف نواصل الانتصارات. إنه يظهر أن النادي أكبر من أي شيء». وأضاف «عندما تبيع هذه النوعية من اللاعبين (رونالدو وتيفيز) ثم تواصل حصد الألقاب والبطولات، فإن ذلك مستوى يظهر هذا النادي ومستوى مديره الفني ومستوى لاعبيه. فمهما كان حجم المنافسة التي يلعبون فيها فإنهم يؤدون بالروح الرائعة نفسها».

واستطرد «كريستيانو رونالدو لاعب متميز، وكارلوس تيفيز لاعب رائع، لكن هيرنانديز لاعب متميز أيضا. والآن يلعب واين روني في مركزه المفضل. في نهائي روما، عندما كان كريستيانو لا يزال مع يونايتد، كان روني يلعب مهاجما غير صريح، لكنه مع ذلك تمكن من التسجيل، لكنه لم يكن في أفضل مركز له. وقد أظهر ذلك عقلية مانشستر يونايتد وعقلية روني التي لعبت دورها، فهذا أحد كبار اللاعبين يلعب في غير مركزه من أجل الفريق. ذلك يظهر عقلية المدير الفني وهذا النادي الذي يستطيع أن يقنع لاعبيه بالقيام بأشياء مثل ذلك وأكثر بالنسبة للفريق. وربما تكون لاعبا كبيرا لكن ذلك لا يهم. والآن أصبح روني أكثر خطورة. وينبغي علينا أن نتكيف مع خطورته الكبيرة».

وأثنى لاعبو برشلونة على كلام مدربهم، وأكدوا على احترامهم الكامل لجميع لاعبي مانشستر يونايتد، وأنهم يتخوفون بشكل أساسي من ثنائي الهجوم واين روني والمكسيكي خافيير هرنانديز «تشيشاريتو» اللذين سيشكلان الخطر الأساسي على النادي الكتالوني عندما يتواجه الطرفان السبت المقبل في نهائي دوري أبطال أوروبا. وقال المهاجم الدولي ديفيد فيا «إنهما لاعبان استثنائيان. إنهما مختلفان عن بعضهما بعضا، لكن أحدهما يكمل الآخر. قدما موسما رائعا، لكننا نثق تماما في دفاعنا. إنهم فريق يحب الاستحواذ على الكرة، ولن يسعى لتدمير طريقة لعبنا بل لفرض أسلوب لعبه. الفريق الذي سينجح في الاستحواذ على الكرة خلال النهائي سيكون الأقرب للفوز باللقب».

أما الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو الذي يعرف مانشستر جيدا كونه لعب في الدوري الإنجليزي مع ليفربول، فتحدث بدوره عن خطر ثنائي الهجوم في مانشستر قائلا «يمنحهم هيرنانديز العمق الهجومي، وروني الاستحواذ على الكرة». وبدوره اعتبر ميسي أن نهائي السبت الذي يحتضنه ملعب ويمبلي في لندن سيكون مختلفا عن نهائي 2009، وأن المباراة ستكون أكثر تقاربا في الأداء مما كان عليه الوضع في مواجهة الملعب الأولمبي في روما. وقال «الذكريات الجميلة التي اختبرناها في روما أصبحت من التاريخ الآن، ونهائي ويمبلي سيكون مختلفا تماما، نحن نواجه فريقا كبيرا في مباراة ستكون جديدة تماما، لا أعلم إذا كان مانشستر يونايتد الحالي أقوى مما كان عليه قبل عامين، لكني متأكد من أن النهائي سيكون متقاربا للغاية». وتابع «لا أرى أن فريق يونايتد الحالي أضعف من فريق نهائي روما.. لقد فازوا للتو بلقب الدوري الممتاز، وهم حاضرون في نهائي دوري أبطال أوروبا، ويملكون لاعبين من الطراز الرفيع مثل روني وتشيتشاريتو وفالنسيا. أرى أنهم فريق قوي جدا من الصعب الفوز عليه».

وقد قام غوارديولا بمشاهدة نهائي 2009، ويخطط لأن يعرضه على لاعبيه ليس فقط لمشاهدة ما قاموا به أمام يونايتد، بل ومشاهدة أخطائهم أيضا، بما فيها استسلامهم للضغط الكبير في الشوط الثاني من المباراة. وفي الحرب على الرضا عن الذات، استخدم الخيارات كسلاح، ويقول غوارديولا «لم أقرر بعد تشكيلة الفريق. أنا أعلم الأسس للاختيار، لكني سأنظر إلى مستوى اللاعبين خلال الأسبوع الماضي وأثناء التدريب ثم أقرر. يجب أن يظهر لي اللاعبون أفضل ما عندهم إذا ما كانوا يرغبون في اللعب في النهائي».

ورغم كونه في الأربعين من عمره فإن غوارديولا يعتبر معجزة في عالم التدريب، بفضل موهبة الكثير من اللاعبين الذين عمل معهم. وقد أمضى تسعة عشرة عاما منذ أن كان لاعبا شابا ضمن فريق برشلونة الذي لعب في ويمبلي نهائي أوروبا أمام فريق سمبدوريا الإيطالي. وكان الهولندي الأسطورة يوهان كرويف هو من اكتشف موهبة غوارديولا عندما كان في بداية فترة المراهقة بأكاديمية «لاميسيا»، واستطاع المدرب الهولندي أن يجعل منه لاعبا جيدا أصبح في ما بعد نقطة ارتكاز فريق الأحلام.

ويقول غوارديولا «لم أكن خائفا في عام 1992 لكني كنت قلقا، كنا نحمل عبء معرفة أن النادي لم يفز ببطولة أوروبية على الإطلاق، وأذكر أنه كانت هناك الكثير من الضغوط علينا، لكننا حولنا هذه الضغوط إلى توقعات وسعادة بأننا قادرون على الفوز للنادي بأول دوري أبطال. كنت قد وصلت لتوي كلاعب وشاركت في نهائي دوري الأبطال، واعتقدت أننا قادرون على الفوز بالبطولة الأولى في تاريخنا، فالبطولة الأولى هي الأكثر أهمية. طلب منا كرويف أن نتحلى بالمسؤولية والعمل بجد، لكن علينا في الوقت ذاته أن نستمتع بالنهائي، فهناك دائما بعض التوتر، لكن قدرا معينا من التوتر قد يساعد على المنافسة».

وأضاف غوارديولا «كان كرويف أهم مدرب في مسيرتي الكروية لأنه ساعدني في فهم ملايين التفاصيل التي هي السبب في خسارة بعض المباريات والفوز بالبعض الآخر، لقد تعلمت منه طريقة إدارة غرفة الملابس». وعندما يجتمع اللاعبون للاستماع إلى نصائح غوارديولا الأخيرة في غرفة الملابس يوم السبت سيسمعون صدى الكلمات التي استخدمها كرويف لتحفيز لاعبي برشلونة في الاستاد ذاته قبل عقدين تقريبا. فهذه هي طبيعة فلسفة كرة القدم الكتالونية الهولندية لبرشلونة.