خبراء رياضيون: جدولة دوري المحترفين الآسيوي تظلم أندية غرب القارة

أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن روزنامتها بحاجة للتصحيح.. والبطولة الأوروبية النموذج الأمثل

TT

على الرغم من اليقين التام لدى متابعي كرة القدم الآسيوية بأن المنافسات تطورت بشكل كبير في الأعوام الأخيرة بفضل تطبيق أنظمة الاحتراف على كافة الأصعدة فنيا وإداريا وعلى مستوى المنتخبات والفرق، حتى وإن لم يكن يرضى طموح المتطلع والطامح لكرة آسيوية تضاهي نظيرتها العالمية والأوروبية، فإن الجميع ما زال ينشد تطورا أكبر خصوصا على صعيد البطولة الأقوى «دوري المحترفين الآسيوي»، الأمر الذي دفعنا في «الشرق الأوسط» إلى استقصاء آراء كوكبة من خبراء الكرة في الخليج حول جدولة منافسات البطولة التي دائما ما تكون موزعة على موسمين بالنسبة لفرق غرب القارة في حال تأهلها لأدوار متقدمة من البطولة، إضافة لمستوى المسابقة الفني وتوقيت المباريات ومكان إقامة المواجهة النهائية، وغيرها من الأمور ذات الصّلة.

كانت البداية مع الناقد الرياضي السعودي الدكتور مدني رحيمي، الذي قال: الحقيقة يجب أن نلعب الموسم الرياضي الآسيوي في موسم وليس في موسمين كما يحدث الآن، فمن ير حال الأندية الآسيوية الموجودة في غرب آسيا بعد تأهلها إلى أدوار متقدمة يظن أنها تشارك في بطولتين مستقلتين، ومفترض أن يعمل الاتحاد الآسيوي على جدولة مبارياته كما يحدث في أوروبا من تقارب في التوقيت وبداية مبكرة للبطولة على أن تحسم مع انتهاء الموسم، ويستعرض رحيمي حال أي فريق سعودي أو من غرب آسيا يتأهل لدور الثمانية الذي عادة ما يلعب في سبتمبر (أيلول)، وهو ما يعني بداية الموسم في غرب آسيا، ويقول: تخيل أن تلعب فرق آسيا دور الثمانية مع انطلاق الموسم على عكس فرق شرق آسيا التي تكون منافساتها مستمرة وفي كامل الجاهزية، أمام نحن فلم نصل إلى مرحلة الاستعداد الكامل من النواحي اللياقة التي تبلغ نسبها 90% مطلع الموسم.

وعرج الدكتور مدني في حديثه على المستويات الفنية للفرق المشاركة في البطولة قائلا: فرق شرق آسيا وبالتحديد كوريا واليابان أخذت الاحتراف بالأمور الفنية، وبنظام الشركات التجارية في الشأن المالي والإداري، أما بقية فرق شرق آسيا فهي ضعيفة، وعندما تستعرض فرق غرب آسيا نجد أن إيران مقاربة لنا من ناحية المستوى، أما في الخليج فنجد أن الكويت لا تشارك في البطولة لعدم تطبيقها معايير الاتحاد الآسيوي، أيضا عمان والبحرين ليس لهما حضور، أما الإمارات فحضورها ضعيف، وبالنسبة لقطر فهي متطورة ومتقدمة ونشاهدها الآن تحصل على ثلاثة مقاعد ونصف، ربما نظل في السعودية فقط نسير بشكل جيد ونصارع فرق شرق آسيا، ولكن لا بد أن ندرك أن آلية الصرف على الكرة أصبحت أقل من السابق، ونحن نسمع الفترة الحالية عن أحاديث تهتم بالخصخصة وأن الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب يسعى جاهدا لتطبيق ذلك، وأعتقد أن هذه خطوة احترافية إذا ما تمت، فالاحتراف ومتطلبات العمل الجاد لا تعتمد على أموال الآخرين، إذ نشاهد حاليا عقد رعاية لناد معين بمبلغ 45 مليونا في حين تبلغ المصروفات 130 مليونا فأي احترافية نتكلم عنها ومن سيقوم بدفع هذا الفارق الكبير، وهل سنظل نعتمد على دعم أعضاء الشرف الذين يدفعون اليوم ولا نعلم هل يواصلون دعمهم أم لا، وعلى الرغم من ذلك نظل نصارع مع دول شرق آسيا، ولكن وجود الخصخصة أمر ضروري إذا أردنا الاستمرار في التميز، كذلك عقد رعاية الأندية يجب أن يكون مخصصا لكرة القدم وليس كافة الألعاب كما يحدث حاليا.

ويختتم رحيمي حديثه عن فرض الاتحاد الآسيوي لأنظمة احترافية صارمة على الاتحادات المحلية حتى يتسنى لفرقها المشاركة في دوري أبطال آسيا، وهل من شأن هذا القرار الإضرار ببعض الأندية «إلزام الاتحادات المحلية بأنظمة احترافية يبدو كقيام شخص بتعليم آخر بلغ من الكبر عتيا، فالاحتراف يجب أن يبدأ مع اللاعبين الصغار وليس كبار السن، لذلك علينا أن نؤهلهم منذ درجة الناشئين والبراعم والشباب، وعلى الأندية إشراك عائلة اللاعب في منظومة الاحتراف وذلك من خلال دفعها لمرتب شهري لوالد اللاعب من أجل الاهتمام بتغذيته ونومه وبرنامجه الصحي الكامل».

وفي ذات الجانب تحدث نجم الكرة البحرينية السابق والمحلل الرياضي في قناة «دبي الرياضية» فؤاد بو شقر عن جدولة مسابقة دوري أبطال آسيا، وتأثيرها بشأن ابتعاد أندية غرب آسيا عن تحقيق البطولة في المواسم الأخيرة، وقال: بالنسبة لفرق شرق آسيا فحتى وإن كان الموسم الرياضي لديها ينطلق في يناير (كانون الثاني) إلا أنها لا تواجه نظيرتها في الغرب سوى في نهاية الموسم الرياضي، وأتذكر أيضا عندما تنطلق مباريات ومنافسات دور المجموعات بالنسبة لدوري أبطال آسيا نجد أن هناك بعض الفرق من شرق آسيا لم يبدأ الدوري المحلي لديها بعد، بحيث تكون انطلاقاتها الأولى عبر ملاعب آسيا، ولا أعتقد أن الجدولة لها دور في عدم تحقيق فرق غرب آسيا للبطولة القارية، بل على العكس شاهدنا فريق الاتحاد السعودي حققها مرتين والعين الإماراتي كذلك توج بها بنفس التوقيت الحالي.

ورفض النجم البحريني تقديم أي مقترح يخص روزنامة المسابقات الآسيوية، وقال: المنظومة تتغير مع الوقت، والإنسان لا بد أن يعتاد على مثل هذه الأمور، وأتذكر جيدا الفرق السعودية في التسعينات عندما كانت تشارك في دوري أبطال آسيا دون توقف المسابقات المحلية، وفي بعض الأحيان تشارك دون عناصرها الدولية بسبب وجودها مع المنتخب السعودي ومع ذلك حققت البطولات.

وعن مستوى البطولة، قال بو شقر: هذه المسابقة لا يشارك فيها إلا الأبطال، ولكن مشكلتنا في الخليج «باستثناء الفرق السعودية» أننا بحاجة لمضاعفة الجهد كي نكون قادرين على المنافسة، ويجب أن يكون هناك فكر يطبق خارج الملعب، الأمر الذي يجب على الجميع معرفته وإدراكه هو أن الفرق الكورية واليابانية أيضا يوجد لديها مشكلات، ولكنها تعلمت كيفية التغلب على الظروف.

ويختتم بو شقر حديثه بتقديم مقترح «يتمنى مشاهدته في المواسم المقبلة في بطولة دوري أبطال آسيا»: نشاهد حاليا على سبيل المثال فريقين من الخليج يلعبون بنفس التوقيت وهذا في رأيي يؤثر على الفرق من حيث المردود والمتابعة، فلو كان هناك وقت بين كل مباراة وأخرى سنتمكن من مشاهدة جميع المباريات، ولا أتكلم عن الجماهير فكل منها ستتابع فريقها بالتأكيد، ولكن حديثي عن الجماهير الرياضية عامة والمحللين والنقاد والإعلاميين، فيجب أن تكون الأوقات مختلفة خاصة أن الفرق لها حق اختيار الوقت، ويجب عليها التنسيق فيما بينها.

من جانبه، قال نجم الكرة السعودية السابق والمدرب الحالي أمين دابو: إن ما يحدث في آسيا يشبه تماما ما يحدث في دوري أبطال أفريقيا من حيث تقسيم البطولة على موسمين، وفي هذا انعدام للرؤية السليمة في المسابقات، أعتقد أن هناك بطولات عالمية ودولية من شأنها التأثير على جدولة المباريات والبطولات في آسيا، وأنا استمعت قبل أيام لحديث القطري محمد بن همام الذي أكد من خلال تلافي أضرار روزنامة الاتحاد الدولي على الاتحادات القارية ومنها آسيا، ولكن في ظل هذه الروزنامة الدولية الحالية يجب أن تكون هناك رؤية سليمة وتوازن وإعطاء كل فريق حقه من شرق القارة وغربها، أيضا على الصعيد الدولي يجب أن نتجنب ظلم قارة آسيا وغيرها كأفريقيا فنحن حاليا نشاهد أن هناك توافقا كبيرا بين الروزنامة الدولية والأوروبية من حيث مواعيد المباريات الودية الدولية والبطولات القارية، إضافة لذلك نجد من الصعوبة أن يكون هناك تأجيل في دوريات أوروبا كما يحدث في إنجلترا فلا يمكن توقف الدوري من أجل مباراة ودية.

وفيما يخص مستوى دوري أبطال آسيا الفني قال دابو: في القارة الصفراء نجد هناك تطورا كبيرا على صعيد الفرق والمنتخبات، وبكل صراحة باتت البطولة القارية في آسيا أقوى من السابق فنشاهد فرق ومنتخبات كوريا واليابان تنافس بقوة ولا يوجد لديها ضعف، فقط التراجع في المستويات موجود لدينا في الدول العربية والآسيوية، فزمن اللعب بالاسم انتهى فمن يعمل بشكل جدي يسجل حضورا قويا أما الذي يلعب كونه صاحب الاسم الكبير والقوي فلن ينافس، فنحن كنا نشاهد في السابق على صعيد المنتخبات كوريا واليابان كانت تنهزم بالأربعات والخمسات، أما اليوم فالكرة لديهم تطورت سريعا ونحن ما زلنا على الماضي.

ويتمنى دابو في ختام حديثه أن يشاهد مديرين فنيين على مستوى عال في البطولة الآسيوية، ولاعبين أجانب يمنحون إضافة فنية كبيرة للبطولة حتى يرتفع مستوى البطولة الفني.

وفي الجانب ذاته يتحدث نجم المنتخب القطري السابق والناقد الرياضي في قناة «الدوري والكأس» القطرية عبيد جمعة عن جدولة مباريات دوري الأبطال ومدى تأثيرها على فرق غرب آسيا: بالتأكيد هناك مشكلة لفرق غرب آسيا (الخليج وفرق إيران) بالنسبة للتوقيت فدائما في حال تأهلت الأندية لأدوار متقدمة من البطولة نجدها تلعب هذه الأدوار المتقدمة بعد توقف لاعبيها لفترة الإجازة السنوية التي يتخللها فترة الإعداد الطويلة، أيضا الفرق واللاعبون دائما يكونون في بداية الموسم غير جاهزين بشكل كامل، فنحن حاليا نتوقف في دور الـ16 للبطولة الآسيوية بشهر مايو (أيار) على أن تعاود الفرق اللعب مجددا في «سبتمبر المقبل» وهذه مشكلة، فمثلا لو ابتدأت البطولة مبكرا في أدوراها المتقدمة «المجموعات» كأن تنطلق في شهر سبتمبر وتنتهي مع انتهاء الموسم الخليجي، وهذا يكون أفضل بشكل كبير للفرق الخليجية بحيث يكون لها شأن في البطولة.

وعن فرق شرق آسيا التي عادة ما ينطلق الموسم لديها في يناير من كل سنة، ومدى تعارض هذا التوقيت معهم قال جمعة: يجب أن نعمل على إيجاد روزنامة موافقة لغرب وشرق القارة، فمثلا نحن كما ذكرت نلعب التصفيات في سبتمبر وفي شرق القارة ينطلق دور المجموعات لديهم بعد شهر يناير، وبعد ذلك تلعب الأدوار المتقدمة من البطولة في شهر «مايو ويونيو (حزيران)»، وبذلك نكون حققنا توافقا بين المنطقتين.

وفيما يخص مستويات دوري أبطال آسيا والفرق المشاركة فيه قال: بالنسبة لنا كفرق خليجية لدينا مشكلة وهي أن إعدادنا محلي فقط، فيكون المجهود العالي والتركيز الكبير على البطولة المحلية وهذا ما نشاهده أثناء البطولة، فبعض الفرق دائما تتحدث بأن بطولة الدوري لديها أهم، وإذا لم يتحصل الفريق على فرصة للتأهل يقوم بإشراك لاعبين صغار أو رديف، فمثلا مباراة الريان القطري مع نظيره الإمارات الإماراتي لعب الأخير بلاعبين شباب وكان ذلك سلاحا ذا حدين كون الفريق القطري لا يوجد لديه شيء يخسره، أما الإمارات فكانت لديه فرصة للتأهل في حال خسر الشباب السعودي وفاز الإمارات الإماراتي على الريان، وبعد أن أشرك لاعبين صغارا في السن ورديف خسر مباراة الريان وخسر التأهل، فهذه مشكلتنا بأننا لا نقوم بإعداد مميز للبطولة الآسيوية كما نعد للبطولة المحلية بإحضار أفضل المدربين واللاعبين الأجانب، فنحن نشاهد سيطرة كبيرة من شرق آسيا على تحقيق لقب البطولة. وطالب جمعة في نهاية حديثه بأن يطبق الاتحاد الآسيوي مبدأ العدالة من حيث إقامة المباريات النهائية حيث يقول: دائما ما نشاهد نهائي البطولة الآسيوية يقام في دول شرق آسيا ولا يقام في غرب القارة وهذا أمر خاطئ، فيجب أن تمنح السعودية وقطر وإيران والإمارات فرصة استضافة المباراة النهائية، أيضا يفضل أن تقام المباراة النهائية بملعب محايد بحيث لا تجري بدولة يمثلها فريق في المباراة النهائية لأجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص.

أخيرا، قال الخبير الفني السعودي علي كميخ فيما يخص جدولة مباريات دوري أبطال آسيا: يجب أن يقوم الاتحاد الآسيوي بتعديل الروزنامة الحالية، بحيث تلعب نسخة 2011 في 2011 كما يحدث في أوروبا، بحيث نبتعد عن الإرباك الحاصل حاليا، وأستغرب لماذا لا تبدأ تصفيات الأولية بداية الموسم بحيث تنطلق مع الأسبوع الرابع أو الخامس من الدوري المحلي، لتتزامن المباراة النهائية مع قرب نهاية الموسم للاتحادات المحلية الآسيوية، ويفترض أن يكون هناك انسجام في الجدولة بين شرق القارة وغربها، وهذا أمر يتطلب أن يقوده فكر جديد في الاتحاد الآسيوي بمن فيهم ممثلو الكرة السعودية داخل أروقة الاتحاد الآسيوي.

وأضاف كميخ: أعتقد أن عملية الجدولة أحد أبرز العوائق التي تواجه الفرق السعودية التي تشارك في الأدوار المتقدمة بالبطولة كون المشاركة تأتي مطلع الموسم الرياضي في الدوري السعودي، وعن المستوى الفني للبطولة ومدى قوته من ضعفه قال: هناك من أضعف البطولة الآسيوية وهل هو متعمد لذلك أم مجرد إهمال فنشاهد بعض الفرق تشارك بالرديف، أيضا نتذكر أحد الأندية الإماراتية انسحبت من البطولة لأجل التركيز على المسابقة المحلية، وهذا أمر مستغرب خاصة أن الفرق المشاركة في دوري أبطال آسيا تعتبر من فرق القمة والأبطال في بلادها. وطالب كميخ في نهاية حديثه مسؤولي الاتحاد الآسيوي بالحزم الشديد في هذا الجانب، وإعادة تقييم الاتحادات المحلية المشاركة في دوري أبطال آسيا.