المدينة الحمراء تحتفي بالمشجعين الجزائريين قبل «موقعة اليوم»

المغاربة يستعدون لرد دين الاستقبال الجيد الذي حظي به المنتخب المغربي وجماهيره في مباراة الذهاب

TT

يستعد المغاربة، على هامش المباراة الحاسمة التي ستجري اليوم بين المنتخبين المغربي والجزائري في كرة القدم في مراكش، إلى رد دين الحفاوة والاستقبال الجيد الذي حظي به المنتخب المغربي وجماهيره خلال مباراة الذهاب، التي جرت يوم 27 مارس (آذار) الماضي، بملعب مدينة عنابة الجزائرية، ولهذا الغرض ارتفعت الأعلام الجزائرية واللافتات المرحبة بالأشقاء الجزائريين في مراكش (المدينة الحمراء) مع حرص واضح أن يتم استقبال الجزائريين، منتخبا ومسؤولين وجمهورا استقبالا حارا.

ويدخل الديربي المغاربي، في إطار الجولة الرابعة من تصفيات المجموعة الرابعة، المؤهلة لنهائيات كأس أفريقيا للأمم، المقرر تنظيمها، عام 2012، في الغابون وغينيا الاستوائية. وكان لقاء الذهاب، الذي جرى بمدينة عنابة، قد انتهى بفوز المنتخب الجزائري بهدف لصفر. ويشارك المنتخبان المغاربيان، إلى جانب منتخبي تنزانيا وأفريقيا الوسطى، ضمن نفس المجموعة، التي تتساوى في عدد النقط، برصيد أربع نقاط لكل منها.

وفي الوقت الذي ينشغل فيه المسؤولون المغاربة باتخاذ كافة الإجراءات حتى يتم رد دين حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة للأشقاء الجزائريين، وتمر المباراة في أجواء جيدة، قال البلجيكي إريك غيريتس، مدرب المنتخب المغربي، خلال لقاء صحافي في مراكش إنه سيعتمد على فريق بمواصفات هجومية وبمعنويات قوية في سبيل «رد الدين» للمنتخب الجزائري، فيما أكد الحسين خرجه، عميد المنتخب المغربي، أن «المجموعة تحذوها الرغبة رد الدين، وتعي جيدا ضرورة انتزاع النقاط الثلاث للذهاب بعيدا في هذه الإقصائيات». وسبق لغيريتس أن قال، في أكثر من مناسبة، إنه يميل إلى إجراء المباراة في ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، مبررا ذلك بالأجواء الحماسية والحضور النوعي الذي يشكله الجمهور البيضاوي في مثل هذه المناسبات.

الجماهير المغربية، من جهتها، تتذكر «صراع» المنتخبين الجزائري والمصري على حجز بطاقة التأهل إلى مونديال جنوب أفريقيا، وما ترتب عنه من تشنج في العلاقات بين البلدين، وينتهي أفرادها، في نقاشاتهم، إلى القول إنه يمكن لمباراة في كرة القدم أن تعكر صفو العلاقات بين بلدين شقيقين، كما حدث بين مصر والجزائر، كما يمكن لها أن تفتح الباب أمام مزيد من الانفراج في علاقات «شبه متشنجة» بين بلدين شقيقين وجارين، كالمغرب والجزائر.

وسبق لمنصف بلخياط، وزير الشباب والرياضة المغربي، والهاشمي جيار، وزير الشباب والرياضة الجزائري، أن شددا، في أكثر من مناسبة، على ضرورة أن تمر المباراة بين المنتخبين في أجواء تعكس عمق أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين، وأن تبقى المباراة في إطارها الرياضي. وكان الوزير الجزائري قد اغتنم فرصة وجوده في مراكش، للمشاركة في أشغال الدورة الـ34 لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وزار ملعب مراكش، فسبق بذلك لاعبي المنتخب الجزائري إلى اللعب فوق أرضيته، حيث داعب الكرة، رفقة الوزير المغربي.

المراكشيون، يبدون أكثر إصرارا على أن تمر المباراة في جو أخوي، يؤكد أن منطق التاريخ والجغرافيا هو أعمق وأقوى من منطق الحسابات السياسية التي يمكن أن ترهن العلاقات بين الدول، ولذلك يرددون أمامك أنه «حين يتكلم جزائري أمامنا، نحن المغاربة، نتذكر، مباشرة، أغاني الراي وأهداف مادجر وبللومي، والكثير من مرارة الماضي القريب والحاضر المرتبك، فيما الجزائريون، من جانبهم، يعشقون أغاني عبد الوهاب الدكالي وناس الغيوان ولطيفة رأفت، ومراوغات بودربالة وبراعة الزاكي»، وينتهون إلى أن «الشبان المغاربة، كما الشبان الجزائريون، يتعلقون بأول فرصة قد تطوح بهم إلى الضفة الأخرى»، وأن المغاربة والجزائريين «يعشقون نفس الأشياء، تقريبا».

ويقول نور الدين بوتموديت، وهو باحث جامعي، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك من يتحدث عن (موقعة) كما لو أننا سنخوض حربا، والواقع أنها مجرد مباراة في كرة القدم لن تقدم أو تؤخر شيئا، سوى متعة الفرجة. ولنا أن نأخذ العبرة من (موقعة) أم درمان بين المصريين والجزائريين، حيث فاز (محاربو الصحراء)، فيما وصلت العلاقات بين البلدين إلى حدود الانهيار، وفي الوقت الذي ذهب فيه الجزائريون إلى نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا فحصدوا الهزائم وخيبة الأمل، سيكون علينا أن ننتظر سنوات قبل أن يتم إصلاح العلاقات التي تدهورت بين الشعبين الجزائري والمصري بفعل مباراة في كرة القدم، يتوجب عليها أن تحتمل التعادل أو الفوز والخسارة، دون أن تعني الخسارة نهاية العالم».

الجماهير الجزائرية بدأت في التوافد على المدينة الحمراء، منذ أيام، اختار أفرادها التجول في مجموعات وهم يلبسون قمصان لاعبي منتخبهم ويلوحون بالعلم الجزائري. وبدا واضحا، من طريقة استقبال المراكشيين للجمهور الجزائري وتفاعلهم معهم وتقبلهم لهتافاتهم وهم يرفعون العلم الجزائري، أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. وكانت الجامعة المغربية لكرة القدم (اتحاد كرة القدم المغربي) قد اتفقت مع نظيرها الجزائري على تخصيص 1500 تذكرة للجمهور الجزائري، الذي وصل إلى مراكش لدعم المنتخب الجزائري.

في هذه الأثناء، ينتظر أن تصل أغلبية الجمهور الجزائري عبر بوابة مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، قبل أن تستقل حافلات نحو مراكش، التي تبعد عن الدار البيضاء بنحو ساعتي زمن، عبر الطريق السريع، فيما ينتظر أن تتوافد جماهير أخرى عبر الطريق البري خاصة القادمين من أوروبا. المنتخب الجزائري وصل أول من أمس إلى المغرب قادما من مورسيا بالجنوب الإسباني، ويقيم بفندق «بالموري غولف بالاص»، وهو فندق فخم، يقع على بعد دقائق من ملعب مراكش الجديد. كما أنه يقع في منطقة النخيل الهادئة.

المسؤولون المغاربة، في سياق استعدادهم للمباراة، عقدوا اجتماعات مفتوحة بمقر ولاية مراكش، لمتابعة كل صغيرة وكبيرة على مستوى الترتيبات المصاحبة لاحتضان التظاهرة. وعلمت «الشرق الأوسط» أنه ستتم الاستعانة بتعزيزات أمنية من المدن المجاورة حرصا على استتباب الأمن. وتبقى نقطة الاستفهام الوحيدة، التي أثارت الجماهير المغربية، هي طريقة طرح التذاكر للبيع، في ظل رغبة عدد كبير من الجماهير المغربية لحضور المباراة، مع محدودية المقاعد التي يوفرها ملعب مراكش، الذي لا تتجاوز طاقته 44 ألف متفرج. وأعلنت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم منذ يوم الثلاثاء الماضي أن التذاكر، التي طرحت للبيع منذ أسبوع «قد نفدت باستثناء تلك المخصصة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وبالتالي فإن المباراة ستجري بشبابيك مغلقة».

يشار إلى أنه قد تأكد غياب عدلان قديورة لاعب خط وسط ولفرهامبتون الإنجليزي عن صفوف المنتخب الجزائري في مباراته مع المنتخب المغربي. وذكرت الإذاعة الجزائرية أن قديورة أصيب في الكاحل ليغيب عن المباراة بينما عاد زميله رفيق جبور مهاجم أولمبياكوس اليوناني للتدريبات الجماعية أمس بعد تعافيه من الإصابة في العضلة الضامة.