انتهاء حقبة شحاتة مع منتخب مصر بخروج كارثي من التصفيات الأفريقية

إثر التعادل مع جنوب أفريقيا وإهدار الفرصة الأخيرة في التأهل إلى نهائيات 2012

TT

أهدر المنتخب المصري لكرة القدم بطل النسخ الثلاث الأخيرة فرصته الأخيرة في التأهل إلى نهائيات أمم أفريقيا 2012 في غينيا الاستوائية والغابون معا بسقوطه في فخ التعادل السلبي أمام ضيفه الجنوب أفريقي على ملعب الكلية الحربية في القاهرة في الجولة الرابعة من منافسات المجموعة السابعة.

وكان المنتخب المصري بحاجة إلى الفوز للإبقاء على الأمل الضئيل في التواجد في النهائيات، بيد أن سقوطه في فخ التعادل بدد آماله حيث رفع رصيده إلى نقطتين من تعادلين وخسارتين بفارق 6 نقاط خلف جنوب أفريقيا المتصدرة، كما أن آماله في المنافسة على بطاقة أفضل صاحبي مركز ثان في التصفيات منعدمة لأنه حتى في حال فوزه في مباراتيه الأخيرتين سيرفع رصيده إلى 8 نقاط وهو رصيد غير كاف كون منتخبين يملكان الرصيد ذاته أو أكثر في المجموعتين الثالثة (ليبيا 8 نقاط) والتاسعة (السودان وغانا 10 نقاط لكل منهما)! بالإضافة إلى فرصة أكثر من منتخب لرفع غلته إلى أكثر من 8 نقاط في الوصافة.

وفشل الفراعنة أصحاب الرقم القياسي في عدد الألقاب القارية (7)، للمرة الأولى في حجز بطاقتهم إلى النهائيات عن طريق التصفيات منذ عام 1978. كما أنها المرة الأولى التي سيغيب فيها الفراعنة عن النهائيات منذ 1982 عندما انسحبوا من البطولة التي أقيمت في ليبيا.

وفي أول رد فعل للنتيجة الكارثية تقدم حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب المصري باستقالته إلى مجلس إدارة اتحاد الكرة أمس برئاسة سمير زاهر بعد جلسة قصيرة جمعت بين الطرفين. ووافق مجلس إدارة الاتحاد المصري على إنهاء التعاقد بين الطرفين خاصة أن العقد الجديد الذي قام بتوقيعه الجهاز الفني للمنتخب بأكمله ينتهي تلقائيا بالتأهل إلى البطولة الأفريقية. وأكد عزمي مجاهد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد المصري أنه تم إنهاء التعاقد بشكل ودي بين الطرفين، حيث إن إنهاء العلاقة ليست متوقفة على شحاتة فقط وإنما أيضا بقية أفراد الجهاز الفني للمنتخب.

وأضاف مجاهد أنه لن يتم الاستعانة بخدمات شحاتة في المباراتين المتبقيتين أمام النيجر وسيراليون في الجولتين الخامسة والسادسة من التصفيات وسيتم التفكير في مدير فني جديد.

وأشار عزمي إلى أن المدير الفني القادم سيكون مصريا في المقام الأول والأخير ولن يتم الاستعانة بمدير فني أجنبي حتى لا يتكرر سيناريو ما حدث أيام الإيطالي ماركو تارديللي.

وكانت الجماهير المصرية قد خرجت على مختلف انتماءاتها لتنادي بإقالة حسن شحاتة ورافعين شعار «الشعب يريد إسقاط حسن شحاتة» وجهازه الفني عقب انتهاء مباراة جنوب أفريقيا.

واعتبر كثيرون من أنصار المنتخب المصري أن هذا الإخفاق المفاجئ لمنتخبهم في عبور التصفيات يمثل كارثة بل إن البعض ذهب إلى وصفه بالنكسة الكروية التي تزامنت مع الذكرى الرابعة والأربعين لنكسة 1967.

وأبدى عدد من المشجعين في الشارع الكروي عن دهشتهم من اختيار مسؤولي اتحاد الكرة المصري والجهاز الفني لمنتخب الفراعنة لهذا اليوم بالذات لتقام فيه المباراة حيث اعتبروه فألا سيئا.

ولكن الغالبية العظمى من أنصار الفريق رأت أن النكسة كانت واقعة لا محالة بعدما بدأ المنتخب المصري مسيرته في التصفيات بأسوأ شكل ممكن ليخسر حامل اللقب فرصة الدفاع عن لقبه في البطولة التي توج بها في دوراتها الثلاث الأخيرة كما يحمل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بها برصيد 7 ألقاب.

ولم يقدم المنتخب المصري في المباريات الأربع التي خاضها في التصفيات ما يستحق ذكره حيث كان الفريق شبحا لما كان عليه في السنوات الخمس الماضية والتي فاز فيها باللقب الأفريقي أعوام 2006 في مصر و2008 في غانا و2010 في أنغولا.

ورغم أن فوز المنتخب السيراليوني على النيجر يوم السبت جدد آمال الفراعنة في التصفيات، فإن حامل اللقب بدد هذا الأمل وأطاح بالفرصة الأخيرة عرض الحائط بعدما قدم عرضا هزيلا أمام منتخب البافانا بافانا بل كان معرضا للخسارة من الهجمات المرتدة السريعة التي شكلت خطورة فائقة على المرمى المصري لولا يقظة حارس المرمى العملاق عصام الحضري الذي تصدى لعدة أهداف وأوقف 4 انفرادات على مدار شوطي المباراة ليؤكد أنه النجم الوحيد للفراعنة في المباراة. وكالعادة، اتجهت أصابع الاتهام إلى الجهاز الفني بقيادة حسن شحاتة الذي توج مع الفريق باللقب الأفريقي في آخر ثلاث بطولات لكنه أبى أن يستمع لصوت العقل بعد كل واحدة من البطولات الثلاث بل وبعد إخفاقه في الوصول بالفريق إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

وراود الأمل شحاتة في مواصلة غزواته الأفريقية مع منتخب الفراعنة وأن تفلح المحاولة التالية في بلوغ نهائيات المونديال عبر التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014 بالبرازيل.

ولكن المتابع لمسيرة المنتخب المصري يستطيع أن يدرك الخطأ الكبير الذي ارتكبه شحاتة حيث ظل اعتماده الأساسي على الحرس القديم الذي أجاد معه على مدار السنوات الخمس الماضية مع التطعيم بعدد محدود من اللاعبين الجدد فتوقفت مسيرة الانتصارات.

وخرجت الجماهير لتهتف في استاد القاهرة وأمام شاشات التلفزيون مطالبين برحيل شحاتة وتغيير دماء المنتخب بإحداث تجديد حقيقي بين صفوفه.

ولم يكن شحاتة أفضل حالا من النظام السابق حيث رأت الغالبية العظمى من المصريين أنه أخطأ كثيرا في حق المنتخب عندما حرص على البقاء مدربا للفريق وأبى الرحيل بعد الفوز بأمم أفريقيا 2010 متيحا الفرصة أمام دم جديد وفكر كروي مختلف.

بينما رأى البعض أن استمراره في الفترة الماضية كان منطقيا للغاية لأنه حقق الإنجازات واحدا تلو الآخر وأنه لا بد من تكريمه حاليا قبل رحيله الذي أصبح أمرا ضروريا لا خلاف عليه لدى أي شخص يسعى لمصلحة المنتخب المصري.

وكان ذلك أيضا هو حال معظم وسائل الإعلام المصرية التي استغل معظمها الفرصة للرد على أسلوب شحاتة في التعامل مع الإعلاميين خلال سنوات قيادته للمنتخب حيث كان بحاجة إلى «الوساطة» في بعض الأحيان للتحدث إلى قناة تلفزيونية أو صحيفة. والأكثر من ذلك أن شحاتة تعامل مع الإعلام من مبدأ «التوريث» حيث كان نجله كريم هو السبيل لإجراء حوار مع «المعلم». وانهالت الانتقادات تجاه شحاتة ولاعبيه لا سيما أن العرض الذي قدمه المنتخب أمام جنوب أفريقيا كان أبعد ما يكون عن فريق يرغب في المنافسة على بطاقة التأهل لكأس أفريقيا.

وساعد لاعبو المنتخب المصري وسائل الإعلام على ذلك فلم يظهر لاعب مثل محمود عبد الرازق (شيكابالا) بالمستوى الراقي الذي يقدمه في صفوف ناديه الزمالك وعاد اتهامه بأنه لاعب محلي لا يرقى للأداء الدولي حيث خرجت معظم تسديداته وتمريراته مخيبة للآمال رغم أن الجميع رأوا فيه التعويض المناسب لغياب نجمهم البارز محمد أبو تريكة بسبب الإصابة.

كما ظهر محمد زيدان نجم هجوم بوروسيا دورتموند الألماني بعيدا تماما عن مستواه. وينضم إلى قائمة المخفقين كل من المهاجم أحمد عبد الظاهر والظهير الأيسر سيد معوض بعدما فشل أي منهما في تقديم ما يستحق ذكره.

أما الدفاع فكان، كما يطلق عليه المشجعون بالعامية الكروية، «شوارع» ولولا يقظة الحضري لاهتزت شباك الفراعنة بأكثر من هدف. ولم تشفع إنجازات شحاتة السابقة له إلا في عدد محدود من وسائل الإعلام التي طالبت بتوجيه الشكر إليه قبل رحيله الذي وصفته بأنه يجب أن يحدث بأسرع ما يكون على طريقة «الآن تعني الآن» خشية الوصول إلى «جمعة الغضب الكروي».

في المقابل دافع البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني للنادي الأهلي عن حسن شحاتة وطالب الإعلام بعدم ذبح اللاعبين. وقال المدير الفني للأهلي: «من غير المقبول أن يتم الحكم بنهاية هذا الجيل من اللاعبين الدوليين لمنتخب مصر لمجرد تعادلهم في مباراة أمام جنوب أفريقيا، لقد حقق هؤلاء اللاعبون والجهاز الفني الكثير من الإنجازات وكان آخرها الفوز بكأس الأمم الأفريقية 2010 بأنغولا للمرة الثالثة على التوالي»، مناشدا الجميع بمساندة هؤلاء اللاعبين خلال المرحلة المقبلة. وأشار جوزيه إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى تضافر كل الجهود وخلق توليفة من الشباب وأصحاب الخبرات للمنافسة بقوة على الصعود إلى كأس العالم 2014.