طلال بن منصور.. منقذ السفينة الاتحادية في الظروف الحالكة

رئاسته الأولى لـ«العميد» أسست لعمل احترافي مميز

TT

«عراب الاتحاد»، «رمز العميد»، «المنقذ».. مسميات وألقاب خذ منها ما شئت، وضعها أمام كل عاشق اتحادي سواء كان لاعبا أو مشجعا أو مسؤولا في النادي، ستجده بالتأكيد يضع اسم الأمير طلال بن منصور الرئيس الفخري لهيئة أعضاء الشرف في نادي الاتحاد بجانبه من دون أي تردد.

وهذا الرمز بكل تأكيد هو من أسهم في وضع اللبنات الأولى لصناعة فريق لا يقهر وينافس بضراوة على كل البطولات المحلية والخارجية، ويبادل الأمير طلال الجماهير الاتحادية العشق والمحبة، ويعشق كثيرا طريقة دعمها للفريق في الملعب، حيث سبق للأمير طلال بن منصور أن قال عنها في هذا الجانب «كم هي جميلة ومؤثرة وهي تقود الفريق للانتصارات»، فهو يتحدث بأن الأشخاص يرحلون ويأتي غيرهم، لكن الجماهير هي الوقود الحقيقي للنادي، فلأجل ذلك تستحق كل احترام ومحبة.

أبعده مرضه وظروفه الصحية جسدا عن أجواء المباريات والمؤازرة في الملاعب والتدريبات على الأقل في الفترة الأخيرة، لكنه ظل عاشقا ومتيما لفريقه صاحب القميص الأصفر، حتى وإن ابتعدت الأجساد، فالقلوب تظل معلقة وحاضرة بأحاسيسها ومشاعرها والدعم اللامنتهي.

ولد الأمير طلال بن منصور في 1950 بمنطقة مكة المكرمة، وعاش السنوات الأولى من حياته بمدينة الطائف.. عاش بين يدي والدته بعد أن فقد والده الأمير منصور بن عبد العزيز وهو ما زال في عمر السنتين، وتوزعت مراحل دراسته الثلاث الأساسية بين مدينتي الطائف وجدة، ليحزم الأمير طلال حقائبه بعد ذلك ويغادر للولايات المتحدة الأميركية لإكمال دراسته حيث تحصل على دبلوم في مجال إدارة الأعمال. بدأ عشقه مع أصحاب القمصان الصفراء منذ وقت مبكر من عمره، بسبب منافسات الاتحاد على البطولات وتحقيقها في تلك الحقبة الزمنية.. كان متشوقا لرؤية محبوبه عن قرب وبشكل دائم، كونه يشاهده بين فينة وأخرى بسبب إقامته بمدينة الطائف في الوقت الذي يقطن فيه الاتحاد بمدينة جدة. وبعد انتقال الأمير طلال بن منصور للإقامة الدائمة في مدينة جدة توثقت العلاقة أكبر وأكثر بين العاشق الاتحادي ولاعبي الفريق ومسؤوليه، وتولى الأمير طلال بن منصور رئاسة الفريق الاتحادي مرتين، كانت الأولى عام 1974 واستمرت سبع سنوات وذلك حتى عام 1981، وتعتبر فترة الرئاسة الأولى في عيون الاتحاديين، وهي الفترة العصيبة والرهيبة التي كان يمر بها عميد الأندية السعودية بسبب تراكم الديون وابتعاد الفريق عن تحقيق البطولات وانتقال أبرز نجومه لأندية منافسة، ليعمل الأمير طلال بن منصور على إنقاذ فريقه من الضياع، حيث أسهم في تسديد ديون النادي والتعاقد مع لاعبين أجانب مميزين يتقدمهم التونسي الدولي تميم الحزامي نجم المنتخب التونسي في كأس العالم 78. صحيح أن فريقه لم ينل بطولة في عهده، لكنه أسس للعمل الإداري الاحترافي المميز، وحفظ النادي من الضياع في تلك الفترة، وأسهم بشكل كبير في إرساء مكان الفريق في الدوري السعودي والبطولات الأخرى كمنافس قوي، قبل أن يودع كرسي الرئاسة ليكون موجودا عقب ذلك كشرفي داعم.

بعد موسمين من فترة رئاسته الأولى عاد الأمير طلال بن منصور مجددا للبيت الاتحادي في عام 1983، وذلك من أجل الإصلاحات الإدارية والشرفية بعد ظهور خلافات بين شرفيي الاتحاد على السطح. وبالفعل عاد الأمير طلال وأسهم في تهدئة الأوضاع في البيت الاتحادي بفضل القبول الذي يحظى به بين الأوساط الاتحادية منذ ذلك الحين، لأنه رجل يهتم بمصلحة الاتحاد من دون النظر لأي أمور أخرى، ولم يكتف بتهدئة الخلافات الشرفية، بل عزز صفوف الفريق الأول بلاعبين أجانب مميزين إلى جوار نجم تونس تميم الحزامي، حيث جلب السويدي توماس شوبيرغ الذي صال وجال في كأس العالم 78، وشهدت فترة رئاسته الثانية طفرة غير عادية بسبب اهتمامه الكبير وصرفه لمبالغ طائلة على صفقات للاعبين أجانب ومحليين وأجهزة فنية تكون على مستوى التطلعات.

العمل التأسيسي الذي قام به على مرحلتين في منتصف السبعينات وحتى منتصف الثمانينات أثمر عن حضور كبير للفريق الاتحادي في النصف الثاني من الثمانينات، فضلا عن بداية الحقبة الذهبية في التسعينات، ليكون الفريق الأبرز في العقد الماضي مع منافسه الهلال.

الأمير طلال بن منصور بعيد حاليا عن النادي بسبب ظروفه الصحية، لكنه أكثر الشرفيين سؤالا عن النادي وألعابه المختلفة، بل يصنفه شرفيو النادي على أنه الملجأ لكل الاتحاديين حينما يختلفون كون «كلمته مسموعة» وأوامره المنطلقة من حكمته ودهائه وذكائه تبدو نافذة ولا تتغير. أطلق عليه «الشرفيون» الرئيس الفخري عام 2009، ولا يزال الاتحاديون يستشرفون المستقبل بأفكاره وآرائه وتطلعاته، ليبدو فريقهم الأبرز آسيويا والأفضل محليا مع منافسه الهلال.