ريفر بليت.. هبوط تاريخي لأكثر أندية الأرجنتين تتويجا

إغلاق استاد «مونومينتال» بعد أعمال شغب.. وباساريلا يرفض الاستقالة

TT

لأول مرة في تاريخه، سقط العملاق الأرجنتيني ريفر بليت، الخصم اللدود لجاره بوكا جونيورز، إلى الدرجة الثانية، في أجواء حزينة شهدت بكاء اللاعبين وفورة غضب عبر عنها مشجعو النادي أسفرت عن 68 جريحا و50 موقوفا وتحطيم عدة متاجر.

وهبط ريفر بليت، حامل الرقم القياسي في عدد الألقاب المحلية (33 لقبا)، إلى الدرجة الثانية بتعادله مع ضيفه بلغرانو دي كوردوبا 1-1 على ملعب «مونومينتال» في العاصمة بيونس آيرس في إياب الملحق، وذلك بعد فوز بلغرانو من الدرجة الثانية 2-0 على أرضه ذهابا الخميس الماضي.

وكان ريفر بليت بحاجة إلى الفوز بـ3 أهداف نظيفة لكي يضمن بقاءه ضمن أندية النخبة التي لعب معها منذ تأسيسه عام 1931. وأجمعت صحيفتا «أولي» و«كلارين» على وصف هبوط الفريق بـ«التاريخي»، وذلك بعدما أنجب النادي لاعبين من طراز ألفريدو دي ستيفانو وغابريال باتيستوتا، وحصل على لقب «نادي المليونيرية».

ودفع سقوط الفريق الأكثر تتويجا الذي تأسس عام 1901 مشجعيه أصحاب «العصبة الحمراء» إلى إطلاق فورة غضبهم في العاصمة بعد اللقاء. وعلى الرغم من انتشار عدد غير مسبوق من القوى الأمنية (2200 شرطي)، فإنها لم تتمكن من تفريق الجماهير الغاضبة في جوار ملعب «مونومينتال» في بيونس آيرس.

وتعرض عدد كبير من المتاجر والصيدليات لتحطيم الزجاج من قبل الجماهير الحانقة على «أفينيدا ديل ليبرتادور» التي تعتبر من أبرز المحاور في العاصمة الأرجنتينية.

وأنهى ريفر بليت الموسم في المركز الثامن، إلا أن نظام الهبوط في الدوري الأرجنتيني يأخذ في الاعتبار المعدل الوسطي لعدد النقاط التي حصل عليها الفريق في المواسم الـ3 الأخيرة.

وكان ريفر بليت حل في المركز الأخير في عام 2008 وفي المركز الثالث عشر في افتتاح موسمي 2009 و2010. وأحرز ريفر بليت 33 لقبا محليا في تاريخه و5 ألقاب قارية منها الفوز مرتين بمسابقة كأس ليبرتادوريس عامي 1986 و1996.

واضطر حكم المباراة، التي شهدت ركلة جزاء أهدرها بافوني لريفر بليت في الدقيقة 70، إلى إنهائها في الدقيقة 89، قبل أن تزداد حدة أحداث الشغب التي كانت مندلعة في مدرجات الملعب المليئة بأكثر من 50 ألف متفرج.

وبقي لاعبو ريفر بليت دقائق عدة على أرضية الملعب يبكون ويندبون حظهم محاطين برجال الأمن لضمان سلامتهم. وعمت فوضى عارمة حولهم حيث استخدم رجال الإطفاء خراطيم المياه لتهدئة غضب الجماهير التي كانت ترمي كل أنواع القذائف والقنينات الفارغة على لاعبي بلغرانو أثناء مغادرتهم للملعب.

وخارج الملعب، تعرض رجال الشرطة إلى هجوم من المشجعين الذين تمت تفرقتهم في النهاية بخراطيم المياه وهجوم لرجال الشرطة. وتعرض 68 شخصا للإصابة بينهم نحو 20 شرطيا، اثنان منهم حالتهما خطيرة نتيجة إصابات بارتجاج في الدماغ جراء القذائف التي رمتهم بها الجماهير الغاضبة. ولم يتمكن مسؤولو ولاعبو ريفر بليت من مغادرة الملعب إلا بعد 3 ساعات من نهاية المباراة تحت حراسة أمنية مشددة، وطالبت الجماهير باستقالة رئيس النادي الدولي السابق، دانيال باساريلا، الذي اكتفى بالقول: «لن نستسلم.. سنقاوم.. وننطلق مجددا»، في حين أن جميع المراقبين يتوقعون بداية النقد الذاتي.. قد تكون الأيام المقبلة صعبة بالنسبة له.

وقال باساريلا لدى خروجه من استاد «مونومينتال»: «لا أفكر في الاستقالة. عليهم أن يجذبوني من قدمي إذا أرادوا».

وطالب عدد من مسؤولي النادي وجماهيره باستقالة باساريلا على اعتبار أن إدارته كانت هي التي عاصرت وضع نقطة النهاية لـ3 مواسم من النتائج السيئة التي حملت النادي الذي تجاوز عمره المائة عام إلى الدرجة الثانية.

بيد أن هناك قطاعات أخرى لا تعتبر الرئيس الحالي المسؤول الأوحد عن هبوط فريق العاصمة، الذي عانى لأعوام طويلة من تعاقب الإدارات السيئة.

وأصدر المدعي الجنائي بمدينة بيونس آيرس، غوستافو غالانتي، أمرا إلى الشرطة الفيدرالية بإغلاق استاد «مونومينتال» معقل ريفر بليت، حيث وقعت أعمال شغب خلفت عشرات المصابين والمعتقلين بعد هبوط النادي إلى دوري الدرجة الثانية الأرجنتيني لكرة القدم. وقال غالانتي: «النيابة قررت إصدار أمر بإغلاق الاستاد، تحققنا من دخول أعداد من الجماهير إلى الاستاد تفوق السعة الأصلية».

وتواصل الشغب داخل النادي وفي المناطق المحيطة به. وحطمت الجماهير عددا من نوافذ النادي الزجاجية، الذي يضم مدرسة ومعهدا ومنشآت رياضية كبيرة، وحطموا أسلاكا شائكة وكل ما وجدوه في طريقهم، على الرغم من العملية الأمنية المكثفة التي شهدت مشاركة أكثر من ألفي شرطي.

ودمرت الجماهير الغاضبة عربات التلفزيون وتمكنت من اقتحام السلك الشائك واقتحموا المبنى الرئيسي للنادي، حيث حطموا المنشآت، كما أشعلوا النيران في مرآب السيارات بالنادي.

وتحول ريفر بليت، النادي الأكثر أهمية في البلاد خاصة في ما يتعلق بالمنشآت والخدمات، إلى ساحة حرب، حيث امتلأت أرضيته بالدماء والزجاج المكسور والأحجار.

وحول غضب المشجعين المناطق المحيطة باستاد «مونومينتال»، بحي نونيز في في بوينس آيرس، إلى أرض للمعركة، حيث حطموا بعض المحال، من بينها معرض لبيع السيارات، ورشقوا رجال الشرطة بالحجارة. وأجبر مستوى العنف قوات خيالة الشرطة وسيارات رش المياه على التدخل من أجل تحجيم المتظاهرين.

وكان على الآلاف من المشجعين الهادئين البقاء في المدرجات لحين هدوء الوضع. كما كان على مشجعي بلجرانو الانتظار ثلاث ساعات داخل الاستاد قبل الخروج والاحتفال بصعود فريقهم.

وبعد أن هدأ الوضع، بدأ لاعبو ريفر الخروج، حيث ظهر على وجوههم الحزن والأسى، في حراسة ضخمة من الشرطة.

وترك الحارس خوان بابلو كاريزو والمهاجم ماريانو بافوني غرف اللاعبين في حراسة ستة من رجال الشرطة، بينما خرج قائد الفريق ونجمه المخضرم ماتياس ألميدا وهو مختبئ في المقعد الخلفي لإحدى السيارات.

وأشارت وكالة أنباء «دين» الأرجنتينية إلى فتح تحقيقات بشأن دخول عدد زائد من المشجعين، وكذلك بسبب الإصابات التي لحقت ببعض الأشخاص.

ويأتي الشغب تكرارا لما حدث في مباراة الذهاب حين اعتدى عدد من أعضاء روابط مشجعي ريفر بليت على لاعبي فريقهم في قلب الملعب ووسط المباراة، وهو شيء غير مسبوق. واندفع 6 ملثمين من إحدى روابط مشجعي الفريق، إلى أرض الملعب أثناء مباراة الفريق مع بلغرانو، وبدأوا في توجيه السباب للاعبي فريقهم ودفعوهم في أجسادهم، عندما كان الفريق متأخرا بهدفين نظيفين على أرض بلغرانو. وعاد المعتدون من أنفسهم إلى المدرجات عبر نفس الفتحة التي صنعوها في سور السلك الشائك المحيط بأرض الملعب، وبعد 21 دقيقة من التوقف، قرر الحكم نستور بيتانا، استئناف اللعب. وفي مباراة الإياب وبعد أن وضح صعوبة موقف ريفر بليت عندما أحرز الضيف هدف التعادل كرر المشاغبون أفعالهم.