مارتا «بيليه السيدات» تقود البرازيل للفوز على النرويج والتأهل لربع النهائي

في مونديال السيدات الذي ما زال يجاهد لإثبات ذاته في لعبة احتكرها الرجال

TT

كانت النجمة البرازيلية مارتا على قدر المسؤولية وأثبتت جدارتها عندما سجلت هدفين للمنتخب البرازيلي لكرة القدم النسائية لتقوده للفوز (3/0) على النرويج والتأهل إلى دور الثمانية لبطولة كأس العالم للسيدات المقامة حاليا بألمانيا التي يرتبط تاريخها بالكفاح ضد الأحكام المسبقة الذكورية والتعليقات المتهكمة أو المستهزئة، ورفعت مارتا رصيدها من الأهداف في نهائيات كأس العالم إلى 12 هدفا، بما يقرب النجمة البرازيلية، الحائزة لقب أفضل لاعبة في العالم خمس مرات، من تحطيم الرقم القياسي لهدافة كأس العالم الحالية الألمانية بريجيت برينتزالتي التي سجلت 14 هدفا في جميع نهائيات كأس العالم التي شاركت فيها.

وكانت مارتا الملقبة باسم «بيليه الفتاة» التي سجلت إجمالي 78 هدفا للبرازيل، فشلت في تسجيل أي أهداف لبلادها في مباراتها الافتتاحية بمونديال السيدات الحالي بألمانيا أمام أستراليا.

ولكنها استعادت مستواها المعهود لتتفوق بجدارة على مدافعات المنتخب النرويجي، كما أنها كانت دائما أسرع بكثير منهن طوال الوقت.

وقالت إيلي لاندسيم، مدربة المنتخب النرويجي، التي بدا فريقها أقوى من نظيره البرازيلي في أول 20 دقيقة من المباراة: «كانت مارتا أسرع بكثير منا، كانت رائعة حقا».

وتعتبر البرازيل، وصيفة بطولة كأس العالم 2007 ودورة الألعاب الأولمبية السابقة (بكين 2008)، من بين الدول المرشحة لإحراز لقب بطولة كأس العالم الحالية، خاصة مع تعليق آمال كبيرة على مارتا.

وقال كليتون ليما، مدرب المنتخب البرازيلي، معلقا على مارتا: «إنها لاعبة بالغة الأهمية بالنسبة لنا لأنها لاعبة متواضعة وواقعية».

وأضاف: «لا تتمتع مارتا بأي معاملة خاصة أو أي نوع من التمييز، فهي ترفض ذلك. لذلك، فإننا نعاملها كأي لاعبة أخرى، وهذا ما يساعدها على أن تكون لاعبة عبقرية».

بينما قالت مارتا: «لا أريد أن يعرفني الناس وحسب.. وإنما أريد أن أكون مصدر إلهام لهم».

ولكن الجماهير في الحقيقة أطلقت صفارات الاستهجان ضد مارتا عندما سجلت الهدف الأول للبرازيل، حيث بدا أن اللاعبة البرازيلية، (25 عاما)، مهاجمة فريق ويسترن نيويورك فلاش ارتكبت خطأ واضحا ضد مدافعة النرويج نورا هولشتاد بيرجه عندما دفعتها قبل أن تراوغ اللاعبة مارين مييلده. وقالت بيرجه: «أشعر بأنني تعرضت للدفع، ولكن مثل هذه الأمور يصعب على الحكم ملاحظتها، وهكذا هي كرة القدم».

ولكن مارتا ردت قائلة: «لا أعتقد أن هذه اللعبة كان فيها أي خطأ.. فقد كان علي استخدام جسدي وكذلك هي، وأعتقد أنها تعثرت من تلقاء نفسها».

وتستعد البرازيل الآن لخوض مباراتها الأخيرة في المجموعة الرابعة في فرانكفورت غدا أمام غينيا الاستوائية بعدما حجزت بطاقة التأهل لدور الثمانية باعتلائها قمة ترتيب المجموعة برصيد ست نقاط.

من جهة أخرى، ما زالت البطولة تكافح لإثبات ذاتها بعد أن ثبت أن اللعبة الشعبية الأولى لا تزال معقلا لا يقبل الرجال تقاسمه مع غيرهم.

وكشفت نجمات المكسيك أو كولومبيا عن حجم المشكلة بالإشارة إلى التعليقات حول الفوارق بين الجنسين في بلد يمثل قوة في عالم الكرة النسائية كألمانيا.

وتشخص ماريبل دومينجيز، أو «ماريجول» نجمة المنتخب المكسيكي الأبرز، الأمر برمته فتقول «يؤلمني أن أقول إن بلادي المكسيك أمة ذكورية».

وحكت اللاعبة في إحدى المناسبات «وجهوا لي وصرخوا في بكل العبارات بداية من قردة إلى قذرة، لكنني تعاملت مع الأمر دائما على أنه جزء من العرض».

وكانت ماريجول سببا في جدل كبير قبل سبع سنوات، عندما اقتربت من اللعب مع فريق من الذكور في المكسيك. وحسم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الأمر حينها بعد أن رفضه في اللحظة الأخيرة.

ولا يحول نجاحها في أوروبا، حيث تتألق مع فريق استارتيت برشلونة، أو كونها واحدة من كبرى نجمات مونديال ألمانيا دون أن تبقى «ماريجول» مجهولة إلى حد بعيد في بلادها، لو قورنت بأقرانها من اللاعبين الذكور.

ويبدو الوضع مشابها في كولومبيا، التي تشارك للمرة الأولى في مونديال السيدات. وتحكي كاتالينا أوسمي قائدة الفريق: «بالنسبة لي، كانت العقبة الرئيسية هي الذكورية، يليها عدم حصول الكرة النسائية على الدعم الكافي، ليس هناك رعاة، لا أحد يؤمن بقدراتنا، الكثيرون يعتقدون أن الكرة النسائية لا يمكنها أن تحظى بنفس الأهمية التي تتمتع بها كرة الرجال، أو أن تتمكن من الظهور أمام استادات ممتلئة».

ويرى الخبراء في أميركا اللاتينية هرما تتحرك فيه الأحكام الذكورية المسبقة بداية من القاعدة - العديد من الأمهات يرفضن اهتمام بناتهن بكرة القدم - وحتى القمة - غياب الدعم من جانب السلطات - مرورا بأمور عديدة في المنتصف مثل نقص المعلقات السيدات في بث مباريات الكرة النسائية.

بيد أنه حتى قوة كبيرة في عالم الكرة النسائية مثل ألمانيا بطلة العالم مرتين، التي يحطم المونديال على أرضها أرقاما قياسية في المتابعة وحيث تحولت لاعباتها إلى نجمات حقيقات - لم تنج من تلك النظرة الذكورية.

وكان لاعب المنتخب الألماني المعتزل ماريو بازلر هو صاحب الانتقاد الأشهر مع بدء البطولة، عندما قال لصحيفة «بيلد»: «سأكون صريحا، كرة القدم ليست رياضة للسيدات»، معتبرا أنه «لو كانت الفتيات يرغبن في القفز في أحد الملاعب، فليقفن أمام شبكة وليلعبن التنس»، والسبب في ذلك أن تلك الرياضة «مثيرة» أكثر.

وانضم بازلر بذلك إلى قائمة من نجوم الكرة الألمانية الذين لا يؤيدون بطولات الكرة النسائية.

وكان الهداف الشهير جيرد مولر قد اعتبر ذات مرة أن مكان النساء «في بيتها وبين أواني الطبخ، إنني لم أكن لأسمح أبدا لزوجتي بلعب كرة القدم». حتى بطل العالم لوثر ماتيوس خانه التعبير عندما أراد الدفاع عن الكرة النسائية فقال «قبل 20 عاما، كانت النساء يتعثرن بالكرة، أما الآن فالوضع مختلف، يلعبن كرة قدم نظيفة فنيا وتكتيكيا، وعلاوة على ذلك بعضهن جميلات جدا، لكن على ما يبدو أن الإثارة ليست في اللعبة».