صحيفة إيطالية: شخصية ريكارد «استقلالية».. والملايين لن تخول السعوديين التدخل في عمله

قالت إن استعادة الكرة السعودية لكبريائها مرهونة بمنح الحريات للأندية.. والاستعانة بالوطنيين

TT

سلطت شبكة «إنفو زورا» الإيطالية أمس، الضوء على خطوة الاتحاد السعودي لكرة بشأن التعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد من أجل قيادة المنتخب السعودي في الثلاثة أعوام المقبلة، وأشارت في تقرير موسع إلى أنه رغم أن المدربين الهولنديين لم ترتبط أسماؤهم بتحقيق الإنجازات للأخضر السعودي، فإن اتحاد الكرة توجه مؤخرا للتعاقد مع ريكارد لإخراج الفريق من الأزمة الحادة التي يعاني منها خلال المواسم الأخيرة العجاف التي خرج من خلالها من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، وكذلك من المسابقة الآسيوية وبشكل مذل لا يتناسب مع الإنجازات الكبيرة التي تحققت منذ عام 1994 الذي يعتبر الإطلالة السعودية الأولى عبر نافذة العالم على الصعيد الكروي.

وتساءلت الشبكة الإيطالية هل مبلغ «9 ملايين يورو» يعد صفقة سليمة يستحقها ريكارد عطفا على سجله التدريبي؟ وأردفت ذلك باستعراض ما قدمه كل من ليو بينهاكر وفان دير ليم الذي كان ريكارد مساعدا له أثناء تدريبه لنادي أياكس عام 2005، «فكلاهما لم يحقق طموح الأخضر السعودي من خلال إيصاله إلى مراكز متقدمة على المستوى العالمي، مما يجعل مستقبل ريكارد لا يحمل الكثير من التفاؤل لدى السعوديين، خصوصا بعد تدهور المنتخب الأول منذ خسارة المباراة النهائية لكأس آسيا عام 2007 أمام العراق ذلك الفريق الجريح الذي استطاع أن يتغلب على كافة الظروف المحيطة به ليكسر شوكة الأخضر ويجعله جريحا طيلة السنوات الـ4 الماضية التي سيطرت من خلالها الكرة الشرق آسيوية على البطولات القارية والمشاركات العالمية وتحديدا منتخبي اليابان وكوريا الجنوبية، كما أن ذلك الأمر انعكس على الأندية السعودية التي كان آخر وجود لها على الصعيد القاري عامي 2004 و2005 بعد أن تمكن نادي الاتحاد من الفوز بلقب دوري المحترفين الآسيوي، وبعد ذلك التاريخ غابت شمس السعوديين ولم يتمكنوا من تقديم مواهب شابة قادرة على تحقيق التقدم لفرقها وتجاوز مرحلة خروج المغلوب عالميا وآسيويا».

وواصلت الشبكة: ازدادت خيبة الأمل السعودية بعد أن تمكن المنتخب المغمور «كوريا الشمالية» من تحقيق التأهل لنهائيات كأس العالم 2010 على حساب الأخضر السعودي، وما زاد الموقف سوءا هو إخراج البحرين لهم في الملحق المؤهل للمونديال مما كشف لهم بأن هناك خللا كبيرا واضطرابا شديدا يعصف بالكرة السعودية ويدفعها نحو الهاوية، والمعضلة تظهر جلية في الاختيارات غير الموفقة للأجهزة الإدارية والفنية للفريق، حيث تعاقب على الأخضر 34 مدربا خلال 25 عاما، وعندما أرادوا أن يعطوا الثقة لأحد المدربين فقد أساءوا الاختيار بأن جعلوها على عاتق البرتغالي جوزيه بيسيرو الذي ساهم في انزلاق المنتخب السعودي إلى المركز الـ92 في التصنيف العالمي للفيفا بعد أن كان بالمرتبة الـ23 في شهر مايو (أيار) 2004، قبل أن تأتي الهزيمة المذلة أمام اليابان بـ5-0 التي على أثرها قدم الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد استقالته، لفتح المجال أمام رجل آخر بإمكانه عمل نقلة كبيرة للكرة السعودية واستعادة هيبتها التي فقدت أمام الملايين من المتابعين.

وبينت الشبكة أن الأمير نواف بن فيصل الرئيس الجديد للاتحاد السعودي لكرة القدم، فاوض ريكاردو غوميز سعيا لتطبيق تطلعاته المستقبلية، وأعماله التصحيحية التي ساهمت في إخفاق المنتخب السعودي، إلا أن أولى الصفقات لم يُكتب لها النجاح رغم إعلان اتحاد الكرة العديد من التأكيدات التي تشير إلى قرب التوقيع معه، والأمر كذلك بالنسبة للبرتغالي كارلوس كيروش الذي تردد اسمه كثيرا في الوسط الرياضي السعودي، إلا أن البوصلة اتجهت في نهاية المطاف نحو الهولندي فرانك ريكارد الذي تواجهه أولى العقبات أمام هونغ كونغ في الـ23 من يوليو (تموز) الحالي من أجل العبور بالأخضر نحو المرحلة الثانية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم التي ستقام في البرازيل 2014.

وقالت إن فرانك ريكارد يبحث دوما عن اللاعبين الشباب، وسيسعى لرؤيتهم عن طريق الفيديو وكذلك بالحضور للمواجهات المقبلة في المعسكر الإعدادي الحالي، ليقف على المواهب الكروية التي تحتاج إلى فرصة كافية من أجل أن ترى النور، خصوصا أن اللاعبين السعوديين لا يفضلون الاحتراف الخارجي مما يجعلهم مغمورين على الصعيد العالمي في ظل احتراف العديد من الكوريين واليابانيين في أوروبا وبشكل كبير ولافت للانتباه.

وترى الصحيفة الإيطالية أن مستوى اللاعبين السعوديين شهد انخفاضا كبيرا، مدللة على ذلك بياسر القحطاني الذي كان خلال عام 2006 من أبرز المهاجمين في قارة آسيا، إلا أنه انحدر وبقوة بعد ذلك بعام بعد أن ظهرت بعض الهتافات التي تسيء إليه داخل الوسط الرياضي، خصوصا أن الأنباء أشارت مطلع عام 2007 إلى أن إدارة مانشستر سيتي كانت ترغب في ضمه إلى صفوفها، ولذلك القحطاني بحاجة إلى مدرب يمد له يد العون ويحتويه من أجل أن يتجاوز أزمته، وتلك السمات يتميّز بها المدرب الهولندي فرانك ريكارد مما قد يجعله البوابة الواسعة التي من خلالها يعود القحطاني مجددا إلى نجوميته التي كان عليها في السابق. الحديث عن اللاعبين المميزين قاد الصحيفة الإيطالية إلى تسليط الضوء على «نايف هزازي» الذي أثار صحوة سعودية قصيرة جدا خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 قبل أن تداهمه إصابة حرمته من إكمال مشواره وقيادة منتخب بلاده إلى المونديال، مشيرة إلى أن المواهب قليلة جدا في السعودية نظير عدم الاهتمام بقطاع الشباب، حيث يسعى المسؤولون دائما إلى تحقيق نجاحات خلال مدة زمنية قصيرة، ويظهر ذلك بشكل واضح عندما نتابع سلوكيات إدارات الأندية التي تقوم بإقالة مدربيها من خلال النتائج الأولية التي يحققونها، وذلك انعكس بشكل سلبي على اللاعبين السعوديين الذين باتوا يعانون من عدم استقرار فني في أنديتهم وانسحب ذلك عليهم أثناء تمثيلهم للمنتخب، رغم وجود بوادر إيجابية تؤكد اتجاه الأندية إلى الاهتمام ببرامج الشباب، كما هو الحال في نادي النصر الذي يحاول مسؤولوه بناء قاعدة صلبة للفريق.

وختمت بالقول: الخطوات الهامة التي من المفترض على اتحاد الكرة السعودي اتخاذها هي إتاحة الكثير من الحرية للأندية في اتخاذ قراراتها دون العودة للاتحاد، إلى جانب الاستعانة بالعديد من المدربين الوطنيين الذين يمتلكون اطلاعا واسعا على أحوال اللاعبين، وكذلك لديهم إلمام كبير بالثقافة السائدة وأسلوب الحياة، كما يجب ألا يقوموا بتوجيه المدرب أو نصيحته في النواحي الفنية، لأن ذلك لن يكن مناسبا لريكارد حتى لو قدم الاتحاد السعودي له مبالغ مالية كبيرة، فإنه رجل مستقل تمكن من الفوز بدوري أبطال أوروبا دون أن يتدخل أي طرف في شؤون واختياراته داخل الملعب، وكذلك عليه أن يأخذ وقته الكافي وعدم محاسبته خلال الأيام القليلة المقبلة، من أجل أن يستقر وظيفيا ويتمكن من فرض فلسفته الكروية التي يحتاج اللاعبون إلى وقت ليس بالقصير من أجل فهمها وتطبيقها بالشكل السليم.