الأوروغواي تنهي حلم باراغواي «ملك التعادلات» وتنتزع كأس كوبا أميركا

أفراح مجنونة في شوارع مونتيفيديو باللقب الخامس عشر.. وسواريز أفضل لاعب بالبطولة

TT

خرج عشرات الآلاف إلى شوارع العاصمة الأوروغوانية مونتيفيديو يلوحون بالأعلام ويرقصون على أصوات الألعاب النارية احتفالا بتتويج منتخب بلادهم بلقب كأس أميركا الجنوبية «كوبا أميركا» لكرة القدم بفوزه على باراغواي 3 - صفر في المباراة النهائية في على استاد «مونومنتال» بالعاصمة الأرجنتينية، بيونس آيرس.

وكان نجم الأوروغواي دييغو فورلان في الموعد باستعادته ذاكرة التهديف من جديد، وسجل ثنائية لمنتخب بلاده لينقذ البطولة الـ43 من فخ الملل بإقصاء منتخب باراغواي ملك التعادلات والمفاجآت، بينما واصل زميله لويس سواريز تألقه وسجل هدفا من الثلاثية ليستحق بعدها لقب أفضل لاعب في كوبا أميركا.

وأسدل منتخب الأوروغواي الستار على البطولة بفوز مستحق على باراغواي ليتوج باللقب الخامس عشر في تاريخه، وينفرد بالرقم القياسي في عدد مرات الفوز بفارق لقب واحد فقط عن المنتخب الأرجنتيني، شريكه السابق في الرقم القياسي.

وعقب صافرة النهاية، انطلقت الجماهير نحو وسط العاصمة مونتيفيديو للاحتفال مطلقة العنان لأبواق سياراتها ورفعت من هدير محركاتها، وصرخت «أوروغواي، أوروغواي» و«هيا يا أبطال»، وأطلق بعضها الألعاب النارية بينما رقص آخرون في شكل مجموعات صغيرة خصوصا في شارع 18 يوليو الذي يعتبر الشارع الرئيسي في وسط المدينة.

واستمرت الاحتفالات حتى (فجر أمس بتوقيت غرينتش) موعد وصول اللاعبين من العاصمة الأرجنتينية إلى مطار «كاراسكو» بضواحي العاصمة مونتيفيديو، حيث كان في استقباله رئيس الأوروغواي خوسيه موخيكا، وتجمع آلاف المشجعين ليرافقوا الفريق في رحلته من المطار إلى استاد «سينتيناريو»، وسط كرنفال من التشجيع والسيارات التي أحاطت بحافلة اللاعبين.

وحمل آلاف المشجعين اللافتات والأعلام ورددوا الهتافات الكثيرة لتحية اللاعبين وتقديرهم لحين الوصول إلى الاستاد الذي احتشد فيه نحو 60 ألف مشجع انتظروا قرابة أربع ساعات لحين وصول الفريق.

وأطلقت وسائل الإعلام في أوروغواي على منتخب بلادها لقبي «الملك» و«الأب» لقارة أميركا الجنوبية، وذكرت صحيفة «الباييس» في موقعها على الإنترنت أن أوروغواي هي «أبو أميركا الجنوبية»، في تلاعب بالكلمات نظرا للاحتفال بعيد الأب، أول من أمس، في البلاد.

أما موقع صحيفة «الأوبسربادور» فجاء عنوانه كالتالي «عودة ملك أميركا الجنوبية»، مضيفا أن أوروغواي صنعت «التاريخ من جديد» بعد أن قدمت «مباراة هائلة أمام باراغواي، في النهائي». كما ذكر موقع «180» الإخباري المحلي أن منتخب «السماوي كان الأفضل طيلة اللقاء، وأصبح أكثر الفرق فوزا بلقب البطولة» برصيد 15 لقبا.

أما الجهاز الفني واللاعبون فكانوا في غمرة السعادة؛ حيث احتفل أوسكار واشنطن تاباريز، المدير الفني لمنتخب الأوروغواي، بكل تواضع، قائلا: «أحرزنا لقبا جديدا في كوبا أميركا، اللقب الخامس عشر لنا، وأود أن أهديه لكل اللاعبين والمدربين الذين أحرزوا الألقاب الـ14 السابقة».

وأشار تاباريز إلى أنه «قد تكون هناك فرق تتمتع بقوة مختلفة، لكنها لا تستطيع استخدام هذه القوة لتحقيق الفوز، وهو ما ثبتت صحته في البطولة الحالية».

واعتبر تاباريز أن هدف الأوروغواي الآن هو «المواصلة على نفس النهج المطبق حتى الآن، مع تعزيز تقدير الذات.. لكن ما تحقق لا يقارن بما هو مقبل، عندما نحل ضيوفا على فريق ما في التصفيات القارية المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014 التي تنطلق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وحذر تاباريز لاعبيه قائلا: «بعد هذا الفوز علينا إخراج كوبا أميركا من أذهاننا لأنها لا تضمن لنا أي شيء في التصفيات المقبلة، سنمضي قدما في نفس الطريق، إن هذا اللقب رائع للغاية لكن التصفيات شيء آخر، لأنها لا تلعب في مكان واحد. في التصفيات تبدأ الفوارق في الظهور، والعوامل المناخية والجوية كما أن لكل بلد رغبته في التأهل. التصفيات ليست سهلة». كما أعرب عن سعادته الكبيرة بفوز فريقه أيضا بجائزة اللعب النظيف. وقال: «يريحني ذلك كثيرا لأننا عملنا بشكل جاد. ليس من الضروري الفوز بجائزة اللعب النظيف، لكنني أعتقد أنه لا بد من اتباع السلوك اللائق، وعدم الاستسلام للفشل، فالإحباط أحيانا يؤدي إلى ردود فعل سيئة». وكشف عن أنه «في الاستراحة، قلت ما يلي: ارتكبنا أخطاء كثيرة وحصلنا على ثلاث بطاقات صفراء. ليس علينا أن نخطئ بل علينا تقديم صورة صحيحة. الأمر يكون له تأثير كبير».

وعزا المدير الفني الطفرة التي لحقت بالكرة الأوروغوايانية إلى مشروعه الذي بدأ تطبيقه عام 2006 بزيادة الاهتمام بمنتخبات الناشئين، وقال «لا تقل أبدا للاعب كرة ما يجب عليه أن يفعله، بل أره كيف يجب القيام بالأمور وأنت تعامل الجميع بنفس الصورة، إنه ناد للأصدقاء، منتخب وطني».

وأكد دييغو لوجانو قائد ومدافع منتخب الأوروغواي على كلام مدربه بأن الفوز بلقب كوبا أميركا يمثل جزءا من عملية ومشروع يمتدان منذ خمس سنوات.

واتفق مع زميله سيباستيان أبريو في ذلك قائلا: «بدأ ذلك قبل خمس سنوات ليصبح الفريق كما هو عليه الآن من النظام والصلابة.. لم نحرز اللقب بالمصادفة وإنما بالتضحية. قدمنا عروضا رائعة في بطولة كأس العالم وفي البطولة الحالية أيضا».

وأضاف أبريو: «هذه البطولة تركت في ذهني صورة لا يمكن تخيلها خاصة عندما هتف مشجعو الأرجنتين لنا بمدينة (سانتا في) على الرغم من تغلبنا على فريقهم في دور الثمانية والإطاحة به من البطولة».

وأوضح دييغو فورلان، نجم هجوم الفريق الذي سجل هدفين من الأهداف الثلاثة: «تأهلنا لبطولة كأس القارات. الجميع يعلم ما يعنيه هذا بالنسبة للأوروغواي.. سعادتي كبيرة من أجل الجماهير ومن أجل كل شيء. إنني مبتهج».

وأضاف المهاجم الخبير: «كنت سأسعد بنفس القدر لو انتهت البطولة دون إحرازي أي هدف، كنت سأشعر بالرضا بنتيجة 1/ صفر».

وقال فورلان بابتسامة: «لكنني لا أنكر أن هز الشباك أمر جيد أيضا». أما لويس سواريز، الذي اختير أفضل لاعب في كوبا أميركا، فأشار إلى أن منتخب «السماوي» أحرز اللقب بفضل «إصراره الكبير»، وأثبت أن فوز الفريق بالمركز الرابع في كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا «لم يكن وليد الصدفة».

وقال سواريز، 24 عاما، الذي أحرز أربعة أهداف في البطولة ليحتل المركز الثاني في قائمة هدافيها بفارق هدف واحد خلف البيروفي باولو جيريرو «كيف يمكن تفسير فوز بلد تعداده السكاني ثلاثة ملايين نسمة باللقب؟ الإجابة، إننا نتمتع بشجاعة كبيرة».

وأكد سواريز: «إذا لم يكن الفريق مترابطا داخل وخارج الملعب، من الصعب عليه تحقيق شيء. أثبتنا أن ما حدث في المونديال لم يكن من قبيل الصدفة».

وقال سواريز مهاجم ليفربول الإنجليزي إن الفريق تحت قيادة المدرب تاباريز كان دائما مترابطا، في السراء والضراء، ولا يجب تناسي أن أوروغواي حققت الكثير من الإنجازات».

كما أشار لاعب خط الوسط ألفارو بيريرا إلى الاتحاد الذي يميز الفريق قائلا «هذه المجموعة مؤهلة لكل شيء. سواء من يلعب أم من لا يلعب، نحن مستعدون لمساندة زملائنا حتى الموت».

وأوضح المدافع مارتين كاسيريس أن أوروغواي «قدمت أداء جيدا في تصفيات كأس العالم، وبعدها أداء رائعا في المونديال، والآن فازت بكوبا أميركا عن جدارة».

واستحق منتخب الأوروغواي التتويج لأنه كان الأكثر تصميما والتزاما طوال البطولة، وكان على الموعد في النهائي، حيث هز هجومه شباك خوستو فيار حارس مرمى باراغواي بثلاثة أهداف بعدما حافظ الأخير على نظافة شباكه على مدار 240 دقيقة هي زمن الوقتين الأصلي والإضافي في كل من مباراتي الفريق أمام البرازيل وفنزويلا في الدورين السابقين بالبطولة.

وأوقف منتخب الأوروغواي مغامرة باراغواي وألحق به الهزيمة الأولى في البطولة وحرمه من التتويج بلقب البطولة التي لم يحقق فيها أي فوز في طريقه للنهائي بعد خمسة تعادلات متتالية.

وجرد منتخب أوروغواي منافسه من لقب «ملك التعادلات» كما أنقذ البطولة من أن يذهب لقبها لفريق لم يحقق أي فوز حتى النهائي.

وأقيمت المباراة تحت شعار «الإثارة تتحدى الملل» فنجح منتخب الأوروغواي في تحقيق التوقعات المنتظرة منه، وجاء رده إيجابيا على الترشيحات الهائلة التي صاحبته قبل بداية البطولة للمنافسة على اللقب.

وجاء الفوز ليحرم باراغواي من تعادل جديد ومحاولة الوصول بالمباراة إلى ضربات الترجيح مثلما حدث في الدورين الماضيين.

واستهل منتخب باراغواي مسيرته في البطولة بثلاثة تعادلات في الدور الأول أمام الإكوادور سلبيا ثم أمام البرازيل 2/2 وفنزويلا 3/3 قبل أن يواصل مسلسل التعادلات في دوري الثمانية والأربعة حيث حافظ على نظافة شباكه على مدار 240 دقيقة متتالية، وتعادل سلبيا مع البرازيل وفنزويلا على الترتيب قبل أن يطيح بكل منهما عبر ضربات الترجيح.

ولم يحرز منتخب باراغواي لقب البطولة إلا مرتين سابقتين في عامي 1953 و1979 وفشل في استعادة اللقب الغائب عنه منذ 32 عاما.

وأكدت البطولة أن منتخب أوروغواي يمتلك واحدا من أفضل خطوط الهجوم، حيث يتمتع بالمزج بين الخبرة والشباب والنشاط والقدرة على تنفيذ التعليمات الخططية للمدرب بعدما سجل سواريز وفورلان ثلاثة أهداف.

وكانت مباراة هي الأولى التي يلتقي فيها الفريقان في النهائي من 24 مرة سابقة، كان الفوز من نصيب الأوروغواي في 14 لقاء منها مقابل ستة انتصارات لباراغواي وأربعة تعادلات.