الأندية الأوروبية الكبرى تهدد بالانسحاب من الفيفا وإقامة دوري خاص بها

لاعتقادها أنه يفتقر إلى الشرعية بسبب فضائح الرشوة الأخيرة

TT

سوف تنسحب الأندية الأوروبية من الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وستقيم دوريا لكرة القدم على مستوى عال خاص بها، ما لم يتم معالجة مشكلات التمويل لدي الهيئتين وتنظيم مواعيد المباريات.

ويعد هذا الانسحاب في حال حدوثه أكبر تطور في تاريخ اللعبة منذ إقامة أول كأس عالم لكرة القدم في عام 1930، وهو ما سيؤدي إلى انهيار النظام العالمي للعبة وسحب البساط من تحت أقدام جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وكشفت صحيفة «غارديان» البريطانية النقاب عن خلفية تصريحات كارل رومينيغه، يوم الثلاثاء الماضي، بشأن حدوث «ثورة» في عالم كرة القدم، وكانت هذه التفاصيل تدور حول: دوري أوروبي ضخم تقوم فيه الأندية بإدارة شؤونها الدولية بدلا من الهيئات الحالية المتمثلة في الفيفا والويفا. ويتم إدارة اللعبة في أوروبا حاليا بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين الأندية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. وتمتد هذه المذكرة حتى عام 2014، وعندما تنتهي لن تكون الأندية الأوروبية ملزمة من الناحية القانونية باللعب في دوري أبطال أوروبا أو أن تطلق سراح لاعبيها للمشاركة في المباريات الودية الدولية أو البطولات الرسمية، بما في ذلك كأس العالم.

وبسبب اعتقادها بأن الفيفا يفتقر إلى الشرعية - ولا سيما في أعقاب مزاعم الرشوة سيئة السمعة المثارة حاليا، التي أحاطت بالاتحاد الدولي لكرة القدم - لن تتقاعس الأندية عن الانسحاب ما لم تتلقَّ ضمانات كافية.

وفي حديثه لصحيفة «غارديان» يوم الأربعاء الماضي، قال عضو في مجلس إدارة رابطة الأندية الأوروبية التي يترأسها كارل هاينز رومينيغه: «الحقيقة أن نادي بايرن ميونيخ، الذي كان دوما على علاقات وثيقة بالهيئتين والغاضب من الوضع الحالي، يمثل إشارة واضحة على أننا قريبون جدا من نقطة الانسحاب. لدينا مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وستنتهي في عام 2014، وبعد ذلك لن نكون مضطرين إلى الوفاء بقوانين الفيفا أو لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ولن نكون ملزمين بالمنافسة في المسابقات الخاضعة لهما».

وعند سؤاله على تأثير ذلك على الشؤون المالية للأندية، إذا قامت بالانسحاب من دوري أبطال أوروبا، الذي يدر عشرات الملايين من الجنيهات سنويا على الأعضاء الأغنى والأكثر نفوذا، قال العضو: «لا تكن ساذجا. لا تعتقد أنه لن تكون هناك مسابقة بديلة».

وكان السويسري جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، التزم الصمت إزاء هجوم رومينيغه رئيس رابطة الأندية الأوروبية، بشأن وجود فساد استشرى في الفيفا، وكذلك مطالبته بحدوث ثورة على مستوى الأندية.

وقال بلاتر في مؤتمر صحافي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، قبل إجراء قرعة تصفيات كأس العالم 2014، التي تقام بالبرازيل، والمقررة يوم السبت المقبل: «لا تعليق».

ونقلت صحيفة «غارديان» البريطانية الأربعاء الماضي عن رومينيغه حديثه عن «عملية فساد يومية تحدث في الفيفا».

وقال رومينيغه: «لا يمكنني أن أتقبل بعد الآن حتمية تبعيتنا لأشخاص لا يتسمون بالجدية أو طهارة اليد.. لقد حانت لحظة التدخل، لأن معرفة أن هناك شيئا خاطئا يحدث هو التزام بالتغيير».

وتابع: «حان وقت الديمقراطية، والشفافية والتوازن الصحيح في أسرة كرة القدم».

وأوضح: «سأمنحهم فرصة ولكني مستعد للثورة إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى الحل».

وأكد رومينيغه، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة نادي بايرن ميونيخ الألماني، بجانب رئاسة رابطة الأندية الأوروبية، أنه ليست فقط الأندية الكبرى، مثل بايرن ومانشستر يونايتد وريال مدريد هي التي تدعو للتغيير، ولكن جميع الأندية تفعل ذلك.

يصر رومينيغه على أنه يجب أن تمثل الجهات المعنية «الأندية، والاتحادات، واللاعبون، والحكام وكرة القدم للسيدات، في جهات صنع القرار».

وأكد رومينيغه أن الأندية، وليست الدول، هي من يدفع رواتب اللاعبين. وشدد رومينيغه على أن التغيير لن يأتي من الفيفا أو بلاتر أو الاتحادات الوطنية لأن الوضع الراهن ملائم لهم. ولمح رومينيغه (55 عاما) إلى أن «النظام الحالي مصمم خصيصا للاتحادات ويتم التصويت له من قبل الاتحادات، لن يتحركوا ضد الفيفا».

يشار إلى أن ادعاءات الفساد قد أصابت الفيفا بهزة عنيفة فيما يتعلق بملف استضافة كأس العالم 2018 و2022، حيث قرر الاتحاد السبت الماضي إيقاف القطري محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وعضو اللجنة التنفيذية للفيفا، مدى الحياة بعدما إدانته لجنة القيم في الفيفا بتهمة الرشوة.

وعلى الرغم من أن رابطة الأندية الأوروبية لديها قاعدة عريضة تمثل 197 ناديا أوروبيا، فإن هناك تسعة أندية على وجه الخصوص يكون من مصلحتها أن تدفع في تجاه هذه الأجندة، وهي أندية ريال مدريد وميلان وليفربول وإنترميلان ومانشستر يونايتد وبرشلونة وآرسنال وتشيلسي وبايرن ميونيخ.

لقد كانت التجربة الإنجليزية خلال السنوات العشرين الماضية، منذ قيام مجموعة أندية الصدارة بالانسحاب من دوري كرة القدم لتشكيل الدوري الممتاز (وإن كان ذلك تحت رعاية اتحاد كرة القدم)، مربحة بشكل استثنائي للعبة على المستوى المحلي، ولذلك يضغط الصقور داخل رابطة الأندية الأوروبية لمحاكاة تلك التجربة على المستوى الأوروبي. ولن تكون هذه الأخبار بمثابة مفاجأة في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حيث إن هناك رأيا في بعض الدوائر داخل الاتحاد يقول إن الأندية سوف تسعى لإدارة شؤونها الخاصة. وقد ظهرت هذه المشكلة نتيجة عدد من نقاط الصراع مع الهيئات التي تحكم لعبة كرة القدم العالمية.

وكما أعلنت وسائل إعلام بريطانية الشهر الماضي، فإن هناك قلقا كبيرا تجاه التحركات التي تهدف إلى توسيع نطاق المسابقات الدولية، وهو ما سيجبر الأندية على ترك لاعبيها، الذين يحصلون على مبالغ خيالية، للمنتخبات الوطنية من دون الحصول على أي مردود.

ومن جهته، ينفي الاتحاد الدولي لكرة القدم وجود أي مناقشات حول هذا الموضوع، غير أن مصدرا في رابطة الأندية الأوروبية زعم أن هذا الموضوع سيتم التصديق عليه خلال اجتماع اللجنة التنفيذية للفيفا في الخريف المقبل. وبما يتفق مع العلاقات بين الفيفا والأندية، سيتم اتخاذ القرار من دون أي مفاوضات رسمية مع الأندية حول الكيفية التي يمكن بها استيعاب المباريات الإضافية.

وهناك شكوى أخرى، ولكن هذه المرة مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بشأن عملية التأمين، حيث تزعم رابطة الأندية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي قد أخل بالتزامه بتوفير التأمين على اللاعبين الذين يتم استدعاؤهم للمشاركة مع منتخبات بلادهم.

وقال المصدر: «قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إننا سنحصل على التأمين بعد الانتخابات الرئاسية للاتحاد (في شهر مارس). وقد عقدت الانتخابات الرئاسية بالفعل، ولكن ما زلنا ننتظر الدخول في محادثات». وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة «غارديان» أنها اتصلت بالمتحدث الرسمي باسم الاتحاد ولكنه لم يرد على الهاتف.

وعلى الرغم من الإعلان عن تفاصيل الخلاف المستمر بين الأندية والفيفا والويفا، فإن الدافع المالي ما زال هو المسيطر على الوضع، حيث قال المصدر: «عندما تتكبد كل الأندية الخسائر كل عام ويكون المستفيد الوحيد اللاعبين والفيفا، يكون السؤال هو: كيف يتم السماح لهذا الوضع بأن يستمر؟!».