شبح التلاعب في نتائج المباريات يطارد مونديال 2014 قبل أن يبدأ

شكوك حول مباراتي الذهاب والإياب بين كمبوديا ولاوس في الجولة الأولى للتصفيات الآسيوية

TT

قام السويسري جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، بتسليط الضوء على خطر التلاعب في نتائج المباريات قبل إجراء القرعة التمهيدية لتصفيات كأس العالم 2014 بالبرازيل والتي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو. وكشفت صحيفة «تلغراف سبورت» أنه يتم التحقيق في إحدى الجولات الأولى للتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم في أعقاب مزاعم بحدوث تلاعب في النتائج.

وقد تم تنبيه محققي الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى وجود أنماط غير عادية للمراهنات في ما يتعلق بمباراتي الذهاب والعودة بين كمبوديا ولاوس في الجولة الأولى من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2014. وقد خرج المنتخبان من التصفيات قبل إجراء القرعة الأولية في ريو دي جانيرو، لكن هذه الحالة تسلط الضوء على سلسلة من مزاعم التلاعب في نتائج المباريات والتي طالت فرقا في أكثر من 50 دولة.

وانتهت المباراة الأولى التي أقيمت في العاصمة الكمبودية بنوم بنه في التاسع والعشرين من يونيو (حزيران) بفوز كمبوديا بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين، في حين انتهت مباراة العودة التي أقيمت في فينتيان في الثالث من يوليو (تموز) بفوز لاوس بنتيجة ستة أهداف مقابل هدفين بعد وقت إضافي، وكانت هذه النتيجة كافية لتصعد بلاوس إلى الدور الثاني.

وفي أعقاب لقاء الإياب، كانت هناك بعض الاتهامات في كمبوديا بأنه قد تم التلاعب في المباراة، وتشير صحيفة «تلغراف سبورت» إلى أن البيانات الواردة من برامج رصد المراهنات، بما في ذلك برنامج نظام الإنذار المبكر المستخدم من قبل الفيفا، قد أوضحت أنه قد تم استخدام أنماط غير عادية للمراهنات، لا سيما في المباراة الأولى.

وقد جذب الهدف الأخير في تلك المباراة، والذي سجله المنتخب الكمبودي في الدقيقة الثامنة والثمانين من عمر المباراة، أنماطا غير مألوفة من المراهنات. وتظهر لقطات من المباراة على موقع «يوتيوب» أنه قد تم عدم احتساب هدفين للمنتخب الكمبودي في الدقائق الست الأخيرة، وبالتحديد بعد الدقيقتين 84 و86، وأهدرت لاوس ركلة جزاء في الدقيقة 88، قبل أن يسجل ساميل ناسا هدفا لكمبوديا. وقد انتهت المباراة الثانية بفوز لاوس بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين في الوقت الأصلي، قبل أن تسجل هدفين في الوقت الإضافي لكي تفوز بنتيجة المباراتين وتصعد إلى الدور الثاني، قبل أن تخسر أمام الصين بنتيجة 13 مقابل 3 في مجموع المباراتين.

ولم يعلق الفيفا على ما إذا كانت هذه القضية هي جزء من التحقيقات الجارية في فضيحة التلاعب بنتائج مباريات أم لا. وقال الفيفا في بيان له «لا يمكننا تأكيد أو نفي أي تحقيقات محددة في هذه المباريات». من جهته، قام الاتحاد الكمبودي لكرة القدم بإجراء تحقيق داخلي بعد تلقيه ادعاءات بأنه قد يكون قد تم التلاعب في نتائج المباريات، ولكن لم يعثر الاتحاد على أي دليل على حدوث تلاعب في نتائج المباريات. وفي رده على أسئلة عبر البريد الإلكتروني، قال ماي تولا، نائب رئيس الاتحاد الكمبودي لكرة القدم، إن الاتحاد قد سمع «إشاعات غير مؤكدة» بشأن التعادل، وإن الجمهور قد وجه تلك الاتهامات بعد خيبة أمله من الهزيمة في المباراة الثانية. وأضاف تولا «اتهم البعض اللاعبين بالتلاعب في نتيجة المباراة. وفور عودة الفريق إلى الوطن، أمر الاتحاد الكمبودي لكرة القدم بتشكيل لجنة للتحقيق ومعرفة ما إذا كانت هناك أي مخالفات كما يشاع أم لا. وبعد مناقشات مستفيضة، لم تجد اللجنة أي أدلة مادية أو اشتباه بأنه قد تم التلاعب في المباراة من قبل اللاعبين أو أي أشخاص آخرين داخل الفريق».

وفي حديثه لتلغراف سبورت، قال القائم بأعمال رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إنه على الرغم من أنه لم يكن على علم بأي أدلة مباشرة على وجود تلاعب في اللقاءين بين كمبوديا ولاوس، فإن هذه المزاعم قد ألقت الضوء على «الطبيعة التدميرية للتلاعب في نتائج المباريات». وقد وصف الصيني تشانغ جيلونغ، الذي أصبح رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بالوكالة بعد إيقاف القطري محمد بن همام من قبل الفيفا، التلاعب بنتائج المباريات بأنه «وباء» في عالم كرة القدم، وأضاف «ليس هناك أدنى شك في أن التلاعب بنتائج المباريات يشكل خطرا حقيقيا على القيم الأخلاقية لكرة القدم، ويجب القضاء عليه تماما حتى يتم الحفاظ على قدسية الرياضة. ولن يهدأ للاتحاد الآسيوي لكرة القدم بال حتى يتم القضاء نهائيا على هذا الوباء في آسيا».

وتعتبر قارة آسيا هي محور فضيحة التلاعب بنتائج المباريات، وهناك محادثات بين جيلونغ وإدارة الأمن التابعة للفيفا بهدف فتح مكتب للأمن في آسيا بحلول عام 2012. وتأتي هذه المخاوف في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم لاتخاذ إجراءات تأديبية ضد طاقمي تحكيم مباراتين دوليتين وديتين في تركيا في شهر فبراير (شباط) بعد احتساب سبع ركلات جزاء خلالهما. وقد تم استدعاء الحكام، من المجر والبوسنة، للمثول أمام جلسة تأديبية في زيوريخ الأسبوع المقبل، على الرغم من احتمال عدم حضور أي منهم لأنهم قد تم إيقافهم مدى الحياة من جانب الاتحادات المحلية في بلادهم.

وكان محققون في الفيفا قد بدأوا في دراسة مزاعم التلاعب في نتائج المباريات أو نشاط الرهانات المشكوك فيها في المنتخبات الوطنية والأندية في أكثر من 50 دولة، خلال محاولتهم لمحاربة الفساد المتنامي. وتأتي تحقيقات الفيفا في أعقاب الكشف عن قضايا فساد عديدة في عالم الكرة، من بينها القضية التي أدانت فيها محكمة فنلندية السنغافوري ولسون راج بيرومال، والذي كشفت صحيفة «تلغراف سبورت» في أبريل (نيسان)، أنه وتسعة لاعبين آخرين من ناديين فنلنديين تلقوا مبالغ مالية من 20.000 إلى 50.000 دولار للتلاعب في المباريات. ووصفت المحكمة ولسون بأنه «عضو في منظمة دولية تقوم بالتلاعب في رهانات المباريات»، وكانت إدانته خطوة مهمة في محاولات وقف انتشار الفساد الذي يعتقد المحققون أنه ينتشر حول العالم.

وقد رحب كريس إيتون، رئيس أمن الفيفا، بإدانة بيرومال، لكنه قال إن الحكم غير كاف كرادع، مؤكدا على تحديات التعامل مع الفساد في الرياضة، والتي تتجاوز الحدود الوطنية. وقال إيتون «الحكم بالسجن عامين رمزي في أحسن الأحوال، بالنظر إلى الضرر الذي ألحقه بالأفراد وصورة كرة القدم بشكل عام من قبل بيرومال، بالنسبة لي أنا أرى أن العقوبة لا تعكس خطورة الجريمة».. «أنا أعلم أنه لا يوجد تشريع في فنلندا يحدد عقوبة التلاعب في النتائج الرياضية، لكن ذلك يؤكد على المشكلة الرئيسية في العديد من الدول. ومن ثم لا بد من وجود تشريع قوي وأكثر تركيزا لحماية نزاهة الرياضية».

ويعمل قسم إيتون حاليا مع عدد من الاتحادات الوطنية والاتحادات التابعة للفيفا حول العالم لمساعدتها في مواجهة قضايا التلاعب في المباريات، وعلى تطوير شبكة وقاية عالمية. ويعمل إيتون بالفعل مع اتحاد كرة القدم الآسيوي لتوظيف ضباط أمن متفرغين في القارة، معترفا بعمليات التلاعب في نتائج المباريات وعمليات المراهنة. وسيعمل الفيفا أيضا على الاستعانة بمحققين في جنوب ووسط أميركا، إضافة إلى الشرق الأوسط. وكان إلقاء القبض على بيرومال في مارس (آذار) قد أوضح مدى توسع شبكة التلاعب في المباريات التي يعتقدون أنها تعمل من سنغافورة وربما تمول من قبل شبكات الجريمة القائمة في هونغ كونغ والصين. ويجري الاتحاد الدولي لكرة القدم تحقيقات بشأن العديد من القضايا سيئة السمعة.

وتتضمن هذه التحقيقات فضيحة فريق توغو المزيف الذي لعب أمام البحرين، ومباراتين وديتين في منتجع أنطاليا التركي، يعتقد المحققون أنهما شهدتا تلاعبا من قبل الشبكة. كما أن قضايا مزاعم التلاعب بنتائج المباريات هي موضع تحقيق في تركيا واليونان وإيطاليا وكوريا الجنوبية وزيمبابوي والمجر وألمانيا والسلفادور وإسرائيل والصين وماليزيا.

في تركيا هناك 31 لاعبا ومسؤولا ينتظرون المحاكمة على خلفية التلاعب بنتائج المباريات، من بينهم رئيس نادي فنربخشة ومسؤولون بارزون من ناديي طرابزون وبشتكاش، وتم استجواب رئيس الاتحاد التركي السابق لكرة القدم. وفي إيطاليا يقوم المدعون العامون بالتحقيق في 18 مباراة مشكوكا في نتائجها وقاموا بـ16 عملية اعتقال من بينها الإيطالي الدولي بيبي سينيوري. وقد أثيرت الشكوك حول المباريات الدولية ومن بينها فوز نيجيريا على الأرجنتين 1/4، وهي المباراة التي تحدثت عنها «تلغراف سبورت». كما تم فحص نماذج المراهنات المشكوك فيها في الجولات الأولى من الكأس الذهبية (بطولة الكونكاف الفيدرالية) التي فازت بها المكسيك.