أنطونيو كونتي: أسعى إلى استعادة أمجاد يوفنتوس العريق

مدرب اليوفي الجديد يدق ناقوس الخطر ويطالب بدعم صفوف الفريق بلاعبين جدد في أسرع وقت

TT

تعتبر الصراحة واحدة من أهم مميزات أنطونيو كونتي مدرب يوفنتوس الجديد الذي يسعى في الوقت الحالي إلى بناء فريق قوي قادر على استعاد أمجاد النادي العريق بعد فترة من هبوط المستوى والنتائج غير الجيدة في المواسم السابقة. ويقول كونتي دائما ما يفكر به حتى لو كان ما يفكر به أمورا مزعجة وغير مريحة للآخرين. وقد طالب كونتي على الفور صراحة بدعم الفريق بعد المباراتين الوديتين التي لعبها اليوفي في نيويورك أمام فريق كلوب أميركا والأخيرة أمام فريق كونيو الذي يلعب في الدرجة الثانية في الدوري الإيطالي. وصرح كونتي قائلا عقب اللقاء الأول: «إن الفريق في مرحلة البناء ونحتاج إلى لاعبين آخرين. ويعرف النادي جيدا ما يجب أن نفعله في سوق الانتقالات، وسيتدخل بالتأكيد. إننا نحتاج إلى دعم بالعديد من اللاعبين الجدد حتى نصبح قادرين على المنافسة في الموسم القادم. إني بالفعل أسعى من أجل استعادة أمجاد نادي يوفنتوس العريق». ويمكن وصف هذه التصريحات بأنها صرخة تحذير يوجهها مدرب اليوفي لإدارة النادي قبل بداية الموسم، لكن الحقيقة هي أنها مجرد تحليل موضوعي لكفاءة لاعبي اليوفي في الوقت الحالي. ويحرص كونتي بشدة على التأكيد على أن النادي يعلم جيدا بجميع أفكاره وبالتالي تجري تدريبات الفريق في ظل تنسيق تام مع بيبي ماروتا وفابيو باراتيتشي المسؤولين عن سوق الانتقالات في النادي. لكن مغزى الرسالة التي وجهها كونتي بتصريحاته الأخيرة يبدو شديد الوضوح. وتقول هذه الرسالة إن الموسم المقبل قد يكون صعبا للغاية على فريق اليوفي إذا لم يتم دعمه بلاعبين جدد أكفاء. ومن أجل معرفة أهمية ما صرح به كونتي يجب أن نذكر أن مدرب اليوفي لا يفكر أبدا في حلول وسط بل يسعى دائما إلى تحقيق أقصى نجاح ممكن ويقدم مطالبه على أساس سعيه إلى تحقيق هذا النجاح، وفي نهاية الموسم يتم الحساب بينه وبين إدارة ناديه.

وتكتسب تصريحات كونتي أهمية أخرى حيث توضح بعض أجزائها نوعية اللاعبين التي يطالب المدرب بضمها للفريق. فكونتي لا يطالب النادي بضم لاعبين نجوم من أصحاب التكلفة الباهظة، بل لاعبين قادرين على تنفيذ مشروعه مع الفريق. فلا يرغب المدرب في تكليف النادي مبلغا طائلا من أجل ضم لاعب فذ ربما لا يفيد الفريق لأنه لا يصلح للعب بطريقة 4-2-4، بل يحتاج إلى عناصر قادرة على تنفيذ المهام الخططية التي يكلفها بها المدرب بشكل جيد. وقد أوضح كونتي ذلك بكلمات واضحة لا لبس فيها عندما صرح قائلا: «إنني لا أكترث باللاعبين النجوم، فأنا أحتاج إلى لاعبين أكفاء ولديهم تعطش للانتصار والنجاح».

ويرغب نادي اليوفي في تلبية احتياجات المدرب لأنه يؤمن كثيرا بقدراته وبمشروعه للنهوض بالفريق، لكن شراء اللاعبين الجدد ليس بالأمر السهل عندما يعرف الجميع أن النادي يجب أن يفعل ذلك. وأضاف كونتي قائلا في هذا الصدد: «إن الرؤية واضحة والنادي يعرف عدد اللاعبين الجدد الذين يحتاجهم الفريق، ولكن يجب أيضا أخذ قوانين السوق في الاعتبار. فالجميع يريدون كل شيء وعلى الفور، ولا يمكن التسرع في إبرام الصفقات». ولم يتبق على بداية الدوري الإيطالي سوى شهر واحد، وعلق كونتي على ذلك قائلا: «إننا نسير بمعدل زمني جيد في التدريبات. وقد بدأ اللاعبون يتعلمون مفهوم الكرة. لكن فريق اليوفي لا شك يحتاج إلى المزيد من اللاعبين للعب كرة قدم حقيقية وراقية».

ولا شك أن أحدث الصفقات التي أقدم عليها اليوفي مؤخرا أثبتت أن كومنتي لم يخطئ في طلبه ضم لاعبين جدد، ولعل المباراة الودية أمام كونيو أثبتت ذلك.

32 ثانية كانت هي المدة الكافية حتى يهدر أول فرصة حقيقية أتيحت له في اللقاء و16 دقيقة هو الوقت اللازم لإحرازه أول هدف بقميص يوفنتوس، وشوط واحد بأكمله كان قادرا على إقناع الجميع بأن مهاجم الجبل الأسود – الذي انتقل حديثا من روما – ميركو فوتسينيتش بإمكانه، حقا، تحويل مسار فريق اليوفي. إن السمات الفنية والبدنية التي يتمتع بها فوتسينيتش جعلت منه المهاجم المثالي في طريقة اللعب التي يتبعها أنطونيو كونتي، كما أن العناق الأول بين اللاعب ورفاقه الجدد كان مطمئنا للغاية: ففي إطار المباريات الودية التي تقام هذه الأيام استعدادا لبدء الموسم الجديد، سحق يوفنتوس فريق كونيو بـ8 أهداف نظيفة في إطار المباراة التي جمعت بينهما. تم الدفع بميركو وكذلك لوكا توني خلال الشوط الثاني من عمر اللقاء حيث نجح مهاجم الجبل الأسود خلال تلك الـ45 دقيقة من تسجيل هدف عن طريق تسديدة رائعة ثم أهدى تمريرتين حاسمتين إلى توني وتسبب في احتساب ضربة الجزاء التي صوبها اللاعب الشاب روجيرو ليسجل الهدف الثامن لفريقه، فضلا عن مشاركة فوتسينيتش في هجمتين أخريين أسفرتا عن هدفين آخرين. وقد أسهم الاختلاف بين قدرات الفريقين، على أي حال، في جعل انطلاقة فوتسينيتش مع اليوفي أكثر سهولة. ولكن «الطبيعية» التي صاحبت ميركو إلى الملعب والبساطة التي اتبعها في تنفيذ التحركات التي طلبها منه كونتي كانتا بمثابة تصريح العمل للمهاجم الجديد في صفوف السيدة العجوز.

إذن، الفريق الذي ربما يصبح يوفنتوس فوتسينيتش هو، بالفعل، يوفي كونتي. نادرا ما يفلح تصور مدى تأثير مدرب على فريقه، إلا أنه في حالة اليوفي كان واضحا رد الفعل الإيجابي الذي أظهره لاعبو الفريق تجاه المطالبات العاجلة لمدرب الفريق. إن طريقة لعب 4-2-4 هي دائما حقيقة مؤكدة بالنسبة لكونتي: في انتظار مواجهة فرق منافسة قوية، التي تجبر على تقييم المراحل الدفاعية في الفريق.

كان بإمكان اليوفي، على أي حال، أن يفوز على فريق كونيو وربما بـ8 أهداف إذا ما اعتمد أيضا على المهارات الفردية لنجومه، إلا أن أهداف يوفنتوس جاءت كلها نتاج تعاون جماعي بين لاعبي الفريق. التحرك المستمر على الأجناب وتحول اللاعبين نحو الدفاع وتغير اللعب في الثلث الأخير والالتقاء بين رؤوس الحربة.. النقاط الراسخة للهجمات التي يريدها كونتي داخل الملعب. ويعمل لاعبو اليوفي في الوقت الراهن على التأقلم مع هذه السمات، رغم أنه حتى الآن لا يزال هناك بعض الأشياء التي لا تأتي بشكل طبيعي ولكنها تتطلب مزيدا من التطبيق الخاص.

في الشوط الأول من لقاء كونيو كان هناك، غالبا، نوع من الاهتمام بلاعب الوسط بيرلو، الذي ليس من قبيل الصدفة أن يكون هو اللاعب الوحيد في المباراة الذي شارك طوال الـ90 دقيقة، لأن فريق اليوفي لم يكن معتادا من قبل على وجود نقطة مرجعية له داخل الملعب وينبغي عليه أن يتعلم كيف يستفيد من ذلك. يبحث دائما بيرلو، الذي أضاف في الشوط الثاني لمسات ساحرة وفعالة، عن توفير التمريرات السهلة إلى المدافعين الذين حذرهم من الانطلاق بعيدا (السمة السلبية التي لازمت اليوفي في الموسم الفائت): فينبغي على اللاعب الظهير البحث عن لاعب الجناح أو لاعب قلب الوسط لتسليمه الكرة.

ولعل النموذج الأمثل لهذا الكلام هو كلاوديو ماركيزيو، أفضل لاعب في لقاء كونيو، الذي قدم أداء رائعا في مركز قلب الوسط. وفي ظل انتظار عودة فيدال إلى الفريق تبقى مشاركة ماركيزيو مع الفريق أمرا مؤكدا وستكون المباريات التي لن يشارك فيها قليلة للغاية.