الخارجون من مونديال كولومبيا.. بين دروس المستقبل والعودة لتصحيح الأخطاء

الحزن خيم على الأوروغواي.. والقسوة حلت على الأستراليين.. والمعاناة تداهم الكروات

TT

«شكرا كالي» لافتة رفعها لاعبو منتخب نيوزلندا قبل أن يغادروا أرض الملعب في نهاية مباراتهم أمام البرتغال محبطين محزونين، على الرغم من أن فرصتهم في التأهل كانت لا تزال قائمة حسابيا، إلا أنهم كانوا يعرفون أن الخسارة 1-0 على يد البرتغال عشية اليوم الأخير من دور المجموعات كانت تعني خروجهم فورا من المنافسات، وكان ذلك ما عبر عنه مدرب المنتخب النيوزلندي كريس ميليسيتش وهو يقول: «نشعر بالحزن لأننا كنا نريد مواصلة الطريق، كانت هذه البطولة بالنسبة لنا مغامرة رائعة، تعلمنا فيها أيضا بعض الدروس التي ستنفعنا في المستقبل».

وإذا كان الإقصاء المبكر مريرا في وقته، فإن مجرد المشاركة ستترك لدى كل المنتخبات ذكريات تدخل البهجة في القلوب عما عاشه الجميع هناك في كولومبيا، وما رأوه من تنوع وما ترك في أنفسهم ذكريات جميلة خاصة من البلد وأهله، الذين أبدوا تعاطفهم مع مختلف المنتخبات المشاركة، ففي كل الملاعب امتلأت المدرجات بمظاهر الود والتشجيع للفرق المشاركة، التي وجهت الشكر لمشجعيها الكولومبيين على دعمهم الكبير.

وكان قد خيم جو من الحزن وخيبة الأمل على معسكر منتخب أوروغواي الذي لقي نفس مصير منتخب نيوزلندا وسيعود إلى الديار مبكرا بعد أن حصل على نقطتين فقط من مبارياته الـ3، وما زاد من الألم أن الآمال والتوقعات كانت مرتفعة في السماء عقب إنجازات المنتخب الأول الذي حل رابعا في كأس العالم وتوج بطلا لـ«كوبا أميركيا» مؤخرا، ولذلك وجد المدرب خوان فيرزيري صعوبة كبيرة في العثور على الكلمات وهو يتحدث بعد المباراة الأخيرة، قائلا: «هذه لحظات أليمة بالنسبة لنا، ولعلكم تفهمون الآن أن ثمة حزنا عميقا يسود بين اللاعبين».

ومن المؤكد أيضا أن طموحات منتخب النمسا كانت عظيمة، ذلك المنتخب الذي تساوى مع نظيره البنمي في الحصول على نقطة واحدة فقط في المجموعة الخامسة، لكن الأوروبيين على وجه الخصوص خالفوا التوقعات بدرجة كبيرة، ذلك أنهم استطاعوا الوصول إلى النصف النهائي في كندا قبل 4 أعوام، وعندما علق المدرب النمساوي أندرياس هيراف على ذلك كانت روح النقد الذاتي هي الغالبة، بقوله: «لم تكن جودة الفريق كافية للبقاء هنا أكثر من ذلك».

أما منتخب كوريا الشمالية ونظيره منتخب بنما اللذين لم يسجلا أي هدف في البطولة شأنهما شأن النمسا فكانت أحاديث مدربيهم بشأن الاستفادة من دروس للمستقبل، وقال المدرب البنمي ألفريدو بوياتوس عن أداء لاعبيه في كولومبيا 2011: «من الواضح أن ضغط اللعب في كأس العالم كان كبيرا جدا».

أما نظيره مدرب المنتخب الكوري الشمالي غو تونغ سوب، فقد أبرز بعض الإيجابيات رغم النتائج المتواضعة، حيث قال: «تلقينا 3 دروس من 3 منتخبات كبيرة: الأرجنتين والمكسيك وإنجلترا، أعتقد أن تلك الدروس ستساعدنا على مواصلة التحسن وعلى العودة بقوة أكبر في المستقبل».

كما يغادر المنتخب المالي أرض كولومبيا خالي الوفاض بمعنى الكلمة، دون أن يسجل أي هدف أو يحصل على أي نقطة، لكنه حل في المجموعة التي كانت تضم معهم الكولومبيين أصحاب الأرض والفرنسيين أبطال أوروبا تحت 19 عاما وكوريا الجنوبية، وكانت الصورة تبدو قاتمة منذ البداية، وخسر ممثلو القارة السمراء مبارياتهم الـ3 بنفس النتيجة 2-0، ومع ذلك فضل المدرب سيكو ديالو النظر إلى نصف الكوب المملوء وهو يستعد ليحزم أمتعته، مالي لديها فريق قوي حقق تطورا عما كان عليه في الأعوام الماضية، لكن لسوء الحظ لم نتمكن هنا من الظهور في أبهى صورنا.

بينما كان الدرس الذي تلقاه منتخب أستراليا في الجولة الأخيرة درسا قاسيا بحق، فبعد مرور 18 دقيقة من عمر اللقاء كانوا متأخرين في النتيجة 4-0 أمام المنتخب الإسباني العتيد، وإذا كانت بلاد الكنغر قد بدأت المباراة على أمل التأهل من باب موارب إلى دور الـ16، فقد تأكد الجميع أن المهمة في كولومبيا قد بلغت نهايتها عمليا بعد مرور ربع الساعة فقط من بداية الموقعة، وقد لخص المدرب يان فيرسليين حصيلة فريقه في المسابقة بقوله: «انتهت كأس العالم بالنسبة لنا، لكنها كانت تجربة عظيمة للاعبين الذين نالوا فرصة المشاركة فيها».

أما المنتخب الكرواتي فقد عرف حق المعرفة مدى دقة الخط الفاصل بين السعادة والمعاناة، فبعدما كان الفريق البلقاني يحلق مع أحلامه في مستهل النهائيات، هوى إلى أرض واقع أليم وخرج من المسابقة دون أن يظفر بنقطة واحدة، وأمام الفرصة الأخيرة للتمسك بأمل البقاء والمشاركة في دور الـ16، سقط الكروات من جديد على يد منتخب غواتيمالا، الذي تأهل إلى مرحلة خروج المغلوب لأول مرة في تاريخه، في حين راح لاعبو المنتخب الغواتيمالي يحتفلون منتشين بإنجازهم غير المسبوق، إذ ألقوا قمصانهم بعد المباراة على أرض الملعب منهكين مذهولين غير مصدقين ما حدث، وخرجت الكلمات مضطربة من بين شفتي المدرب الكرواتي إيفان غرنيا وهو يشير إلى هذا الخروج المبكر: «الإقصاء شيء أليم، لأن آمالنا كانت عظيمة.. أنا حزين من أجل شعب كرواتيا الذي كان يأمل أن نحقق أكثر من ذلك بكثير، وفي النهاية يجب أن نتذكر أنه بعد عدة أيام، عندما تزول مرارة الفشل على أرض الملعب وتطفو على السطح مظاهر المتعة والبهجة، سيفرح الكروات أيضا كلما استحضروا ذكريات ذلك المرور العابر بالأراضي الكولومبية».