رواتب اللاعبين الضخمة تهدد بتوسيع الفجوة بين الأندية الثرية والصغيرة

40 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا أصبح مبلغا يثير السخرية في الدوري الإنجليزي

TT

التوتر المدوي الذي دفع أندية الدوري الإنجليزي إلى رفع رواتب لاعبيها إلى 250000 جنيه إسترليني في الأسبوع قد لا يستمر طويلا. يرى باري ماكينتوش، الذي يعمل وكيلا للاعب ترانكويلو بارنيتا أن عرض 40000 جنيه إسترليني في الأسبوع على اللاعب كان أمرا «مثيرا للضحك». وأن مثل هذا العرض يجعل من المستحيل بالنسبة للاعب الوسط السويسري أن ينضم إلى نادي نيوكاسل يونايتد بمثل هذا المبلغ المثير للسخرية. ومن ثم فإن ما يزيد على مليوني جنيه إسترليني سنويا لا يكفي للاعب خط وسط متواضع يبلغ من العمر 26 عاما، تمكن بفضل بعض الهفوات الدفاعية في الجانب الإنجليزي، من إحراز هدفين من ضربتين حرتين أمام إنجلترا في استاد ويمبلي في يونيو (حزيران)، ومع ذلك فلن يتمكن أحد من مقارنته بزين الدين زيدان. ويا لها من مقدمة مثالية مصغرة للدوري الإنجليزي. ما إن يعتقد البعض أن كرة القدم الإنجليزية قد استقرت واكتسبت نوعا من التجانس، تعود الأوضاع إلى الاشتعال مرة أخرى. أو قد تستنتج ذلك عندما تعلم أنك، لكي تحصل على لاعبين أكثر كفاءة على الساحة الدولية، فإن الأندية الفاحشة الثراء تدفع لهم رواتب الآن تقترب من ربع مليون جنيه إسترليني أسبوعيا، وهو ما يدفعه مانشستر سيتي لسيرجيو أغويرو. هذا الثراء الفاحش لأندية القمة كان السمة المميزة للدوري الإنجليزي منذ توقيع اتفاق أعضائه المؤسسين قبل 20 عاما، والذي تبعه اتفاق سكاي الذي بدأ مع بداية الموسم الثاني عشر فيما بعد. والآن باتت الشعبية الجارفة التي يتمتع بها الدوري مثار حسد حول العالم، خاصة من منافسين كانوا يحتلون الصدارة في السابق والذين بدأوا في الوقت الراهن يعيدون حساباتهم والنواحي التي أخطأوا فيها. وتقف إسبانيا وحدها - التي يحمل منتخبها الوطني لقب أبطال أوروبا والعالم والذي يفتخر الدوري فيها بوجود ناديين بالغي الشهرة به يضمان لاعبين يتقاضون أيضا 250000 جنيه إسترليني أسبوعيا ـ كحصن ضد القوة الإنجليزية. ويكفيك على سبيل المثال النظر إلى دوري الدرجة الأولى في إيطاليا. قال أدريانو غالياني، الذي يدير نادي ميلان نيابة عن سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي، في مقابلة «تراجعت الكرة الإيطالية من مطعم خمسة نجوم إلى المطاعم الشعبية. وهو حكم صادم بما يكفي لا شك في ذلك. لكن غالياني قدم إهانة أخيرة بالقول: «إذا واصلنا العمل هكذا فسوف يصل بنا الحال إلى ما وصل إليه الفرنسيون، الفرنسيون الذين وقعوا عقدا تلفزيونيا مغريا مع الجزيرة في الوقت الذي ضخت فيه شركة قطر للاستثمارات الرياضية مبالغ مالية ضخمة في نادي باريس سان جيرمان». ويقول غيرارد هولييه، مدرب ليفربول وأستون فيلا السابق في مقدمته لكتاب جوي لفجوي «المجد والأهداف والجشع»، المسح الغريب الذي يتتبع الكرة الإنجليزية على مدار عشرين عاما: «الدوري الإنجليزي هو الأفضل في العالم وسوف يظل كذلك لفترة طويلة. لماذا هو الأفضل؟ بسبب العقلية. هنا دائما ما تلعب لتفوز ومن هنا تأتي التسلية». ويرى هولييه أن هذا هو السبب الذي يجعل الأفراد على الجانب الآخر من العالم يستيقظون في منتصف الليل لكي يشاهدوا الكرة الإنجليزية. ربما كان ذلك منطقا يصعب تصديقه لكننا شهدنا الصدق على ذلك على ملعب ويمبلي يوم الأحد الماضي، حيث تسفر الرغبة التنافسية الشرسة للسير أليكس فيرغسون مرة أخرى عن مباراة كبرى بين فريقه وفريق مانشستر سيتي في مواجهة الدرع الخيرية، كما يمكن أن يقال إنها شكلت كل تاريخ الدوري الإنجليزي، الذي بدأ برهان بقيمة مليون جنيه إسترليني على إريك كانتونا.

قد يتساءل البعض عما إذا كان هذا التوتر سيتواصل بصورة إجبارية في أندية القمة في الدوري ما إن يعتزل فيرغسون. ربما فقط إذا تولى مورينهو خلفا له. ولو ترك لفينغر ومانشيني ودالغليش الخيار وفيلاس ـ بواس لواصلوا النضال للحفاظ على ارتفاع الرواتب. لكن علينا أن نتساءل أيضا عن مستقبل مثل هذه الرفاهية في وقت يقف فيه من هم في أدنى السلم محصورين بالمشكلات الاقتصادية للعالم. وكما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي، فإن الأغنياء هم آخر من يحس بقسوة الركود، ففي أميركا يمتلك 25 في المائة من حملة الرهن العقاري ثروات سالبة والحكومة تقترض من الصين لدفع التزاماتها، ولم تبد سوق البضائع المترفة الفاخرة أقوى وهناك قوائم انتظار على معطف شانيل لهذا الموسم والذي يبلغ سعره 9000 دولار.

وكحال الدوري الإنجليزي يزدهرون بقوة في الوقت الذي يعاني فيه من هم في أسفل السلم الاجتماعي. لكن إلى متى، بالنظر إلى مستويات الدين، هل يمكن أن يستمر ذلك إلى الأبد؟ ربما كان على باري ماكينتوش أن يقبل هذه الـ40 ألفا أسبوعيا وهي على الطاولة والسير أليكس فيرغسون لا يزال في منصبه.