مورينهو يواجه شبح الطرد من ريال مدريد

صبر بيريز رئيس النادي الملكي على مدربه البرتغالي بدأ ينفد بسبب «سلوكه الذي يشوه سمعة الفريق»

TT

يواجه جوزيه مورينهو إخفاقا للمرة الأولى في تاريخ حياته كمدير فني، بعد أن بدأ صبر رئيس نادي ريال مدريد ينفد بسبب دوامة الجدل الذي لا ينتهي والذي يثيره البرتغالي، ويستعد لإنهاء التعاقد مع «الشخص المميز» في ملعب بيرنابيو، إذا لم يحقق نجاحا ملموسا خلال ثاني موسم يدرب فيه النادي. عاد المدير الفني السابق لنادي تشيلسي ليتصدر قلب العاصفة مساء الثلاثاء الماضي، حيث خسر فريق ريال مدريد كأس السوبر الإسباني أمام فريق برشلونة، وهي نتيجة تلاها شجار كبير في ملعب «نو كامب» الذي بدا فيه البرتغالي وكأنه يفقع عين تيتو فيلانوفا، المدرب المساعد لبطل أوروبا. ووصف مورينهو نادي الغزاة الذين هزموه في الـ«نادي الصغير» في لحظة هياج جنونية بعد المباراة. باتت هذه التصرفات السيئة لصيقة بمورينهو من خلال أفعاله المتكررة والمشابهة في أندية بورتو وتشيلسي وإنتر ميلان، لكن يعتقد أن فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، غير راض عن مثل هذه الأفعال التي يرى أنها تشوه سمعة النادي. من المرجح أن يتسامح قطب عالم البناء في تلك الأمور فقط إذا حقق مورينهو نجاحا، مما يزيد من احتمال طرد مورينهو البالغ من العمر 48 عاما للمرة الأولى في حياته المهنية المتألقة إذا أخفق في الفوز على فريق برشلونة بقيادة بيب غوارديولا سواء في البطولات الإسبانية أو في أوروبا خلال الموسم الحالي. رغم ما يواجهه مورينهو من ضغط يعد الأكبر منذ أن وصل إلى مدريد بعد فوزه بدوري الأبطال مع فريق إنترميلان الصيف الماضي، والمتمثل في ضرورة هزيمة فريق برشلونة، يعني أن نطاق استثمار بيريز في شراء لاعبين، إضافة إلى قبول مالك نادي ريال مدريد لأمنيات وطلبات مورينهو المتعلقة بالحصول على المزيد من البطولات، يعني أن فرص البرتغالي في الاستمرار مع النادي الملكي أصبحت ضئيلة أكثر من أي وقت مضى. فقد استغنى بيريز عن خورخي فالدانو، الذي ظل المدير الفني المحترم لريال مدريد لفترة طويلة، واستعان بمورينهو خلال الصيف الحالي، مانحا إياه السلطة التي يتوق إليها وكذلك نفقات تتجاوز المائة مليون يورو خلال العامين اللذين قام فيهما البرتغالي بضم نوري شاهين وجوزيه ماريا كاليجون ورافاييل فارين وفابيو كوينتراو. وعلى الرغم من أن التهديد الذي يواجهه مورينهو ليس قريبا ولا يزال بيريز قلقا من إثارة غضب مدير فني لخشيته أن يترك النادي إذا شعر بأنه لا يحظى بالدعم الكافي، سيتغير هذا إذا لم يجن بيريز ثمار استثماره في فريق يلعب به كريستيانو رونالدو وكاكا وكريم بن زيما ومجموعة من اللاعبين الإسبان العالميين.

في ظل هذه الأجواء، لا تساعد مورينهو أفعاله في ملعب «نو كامب» وأمام عدسات كاميرات العالم، في تعزيز موقفه. ليس من المتوقع أن يواجه المدير الفني لنادي ريال مدريد أي عقوبة تأديبية على خلفية الشجار الذي نشب بينه وبين فيلانوفا بعد إخفاق الحكم ديفيد فرنانديز بوربالان في ذكر الواقعة في تقريره عن المباراة. كذلك ليس من المتوقع أن يتلقى مارسيلو وميسوت أوزيل لاعبا فريق ريال مدريد، وديفيد فيلا لاعب فريق برشلونة أكثر من عقوبة البطاقة الحمراء التي تعرضوا لها بالفعل. لكن أوضحت تعليقات مورينهو على المدرب المساعد لفريق برشلونة بعد المباراة عدم احترامه للفريق المنافس، مما أثار غضب الفريق الكتالوني. الأسوأ من ذلك، أن المدرب البرتغالي لم يملك اللياقة والجرأة الكافيتين للاعتراف بالخطأ والاعتذار، بل إنه تعامل مع الموقف بطريقة ساخرة لحظة سؤاله عن اعتدائه على مساعد مدرب برشلونة تيتو فيلانوفا، مجيبا «من هو بيتو؟»، مضيفا «لا أملك شيئا أخفيه حول هذا الرجل بيتو فيلانوفا أو مهما كان اسمه، الكاميرات سجلت كل شيء. تعلمت من تربيتي أن أكون رجلا وليس أن أقع من أول نفحة هواء قادمة بالاتجاه المعاكس». وكان على مورينهو ألا يطلب من أحد الاحتكام إلى الكاميرا لمعرفة ما حصل، لأن شريط المباراة يدينه تماما، كونه يظهر المدرب البرتغالي «يزرع» أصابعه في عين تيتو فيلانوفا.

ولم ينته «استعراض» مورينهو عند هذا الحد، بل لجأ إلى اعتراض لا يليق بسمعة مدرب يشرف على فريق من طراز ريال مدريد، إذ إنه لم يكن راضيا على الفتيان الذين يلتقطون الكرات خارج الملعب لأنهم «اختفوا» خلال الشوط الثاني من اللقاء، مضيفا «وهذا تصرف مشابه لتصرف الفرق الصغيرة عندما تكون في وضع صعب. هذا ليس بانتقاد، بل هذا ما حصل بالفعل»..

واستشاط فريق برشلونة بسبب هذه التصريحات، حيث اتفق لاعبو ومسؤولو الفريق الكتالوني على المطالبة بتعنيف مورينهو بسبب أفعاله العدوانية المستمرة ضد ناد عمل فيه كمترجم ومدرب مساعد. وقال جيرارد بيكيه، مدافع برشلونة والمنتخب الإسباني، «مورينهو يدمر كرة القدم الإسبانية. يتحدثون كثيرا عن الكتالونيين (برشلونة)، ولكن المشكلة تكمن في مدريد. إنهم نفس الأشخاص دائما».. وقال غوارديولا أيضا: «أحيانا يقولون إنها مشكلة بسبب النادي الكتالوني، لكنها مشكلة سببها ريال مدريد. لا يمكن أن تنتهي كل مباراة على هذا النحو». وحذر من أن تؤدي زيادة التوترات بسبب نظيره في ريال مدريد في المباريات بين الفريقين إلى كارثة، حيث حمل مراقبون إسبان مورينهو المسؤولية نتيجة لمحاولاته تأجيج الصراع بين أعداء من خلال هجوم مارسيلو على سيسك فابريغاس الذي أدى إلى اندلاع المشاجرة في المباراة. وقال المدير الفني لنادي برشلونة: «سيتأذى أحدهم يوما ما». لكن ما كان يثير قلق بيريز أكثر، وبالتالي مورينهو، هو تقييم تشافي، لاعب خط الوسط المحترم في فريق برشلونة، حيث قال: «صورة ريال مدريد، حاليا، يرثى لها. هناك بعض اللاعبين في ريال مدريد يهتمون فقط بارتكاب الأخطاء والخشونة»، كان طرح مارسيلو فابريغاس أرضا عملا إجراميا.

وأوضح تشافي، أحد نجوم المنتخب الإسباني، الفائز بلقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، أن لاعبي برشلونة حرصوا على البقاء في الملعب وتحية ريال مدريد عقب فوز الفريق على برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا في أبريل (نيسان) الماضي.

ولم يتعاطف نبلاء فريق ريال مدريد مع مورينهو، ففرناندو موريانتس، المهاجم السابق في النادي، قال إنه شعر «بالخجل» من رؤية إيكر كاسياس، زميله السابق في الفريق، يقول إن فابريغاس قد سقط، بينما يصف فالدانو نفسه الشجار بأنه «أسوأ طريقة» لإنهاء المباراة.

وجاءت تصرحات فالدانو المدير الرياضي السابق لريال مدريد الإسباني، أمس، لتزيد الضغوط أكثر على مورينهو، حيث اعتبر أن سلوك المدرب البرتغالي لا يشرف النادي الملكي. وقال فالدانو الذي أحرز لقب الدوري المحلي 3 مرات عندما كان لاعبا مع ريال: «ما حصل لا يشرف ريال مدريد أو مورينهو. أنا مقتنع بأن ما حصل لا يشرف أي شخص». وتابع فالدانو الذي عاش علاقة سيئة مع مورينهو الموسم الماضي في صراع للقبض على زمام القرارات الفنية في النادي الأبيض، قبل أن يحسمه مورينهو من خلال إبعاد فالدانو عن الفريق الأول: «جاء مورينهو إلى ناد عريق عمره 109 أعوام ويملك ثقافة صلبة. ما حصل في مباراة ريال مدريد وبرشلونة ينم عن الضغط المرتفع الذي سيطر على المعنيين في اللقاء».

من جهة أخرى، اتفق إيكر كاسياس، حارس مرمى ريال مدريد، مع تشافي هيرنانديز وكارلس بويول، نجمي فريق برشلونة، على ضرورة إعادة الهدوء والسلام بين الفريقين ونبذ الحرب الدائرة بينهما على ساحة كرة القدم الإسبانية. وأوضحت صحيفتا «ماركا» و«آس» الإسبانيتان الرياضيتان أمس أن كاسياس قائد فريق ريال مدريد اتصل هاتفيا بكل من تشافي صانع ألعاب برشلونة وزميله بويول قائد الفريق، حيث انتهى اللاعبون الثلاثة إلى ضرورة تهدئة «الحرب» الدائرة بين الفريقين.

ويثير التوتر بين الناديين الكبيرين العديد من المشاكل بين لاعبي الفريقين وهو ما قد ينعكس على علاقتهم بعضهم ببعض داخل صفوف المنتخب الإسباني حامل لقب أوروبا وكأس العالم.