حسرة في أودينيزي بعد توديع دوري أبطال أوروبا

غويدولين مدرب الفريق الإيطالي يرفض تحميل دي ناتالي المسؤولية.. واللاعبون يشيدون بعزيمة الآرسنال وفوزه

TT

ودّع فريق أودينيزي الإيطالي بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا العام، وذلك بعدما خسر، مساء أول من أمس، في إياب الدور التمهيدي على ملعبه ووسط جمهوره أمام آرسنال الإنجليزي بهدفين مقابل هدف، بينما كان قد خسر في جولة الذهاب أيضا بهدف نظيف. إن الأحلام تموت مع بداية الليل، حينما يهدر توتو دي ناتالي، مهاجم فريق أودينيزي، ركلة جزاء كان لها أن تحمل الفريق الإيطالي لنتيجة 2 - 1، ويكون على بعد خطوة من الإنجاز. كما أن قدر دي ناتالي مثير للفضول، حيث يتأثر لدى تسديده ركلة الجزاء ويهدرها بكل سهولة، كان قد حدث ذلك معه من قبل أمام إسبانيا، في أمم أوروبا لعام 2008، وتكرر الشيء ذاته في الجولة الأخيرة لبطولة الدوري الإيطالي الماضية أمام الميلان، ويبدو دي ناتالي هو من بعث إليه دي ريغوري بأغنيته الشهيرة والتي تقول: «لا تخش إهدار ركلة جزاء، فليس من هذه التفاصيل يتم الحكم على لاعب كرة». لكن للأسف، في كرة القدم، هذه التفاصيل هي التي تحفر الهاوية، فبسبب إخفاق تسجيل ركلة الجزاء التي أضاعت فرصة التقدم 2 - 1 إضافة إلى هدف آخر دخل مرماه، ودع أودينيزي أحلام المجد التي راودته، في الوقت الذي سيواصل فيه آرسنال مشواره في دوري أبطال أوروبا، ويدفع أودينيزي ثمن أخطاء نفسية قبل أن تكون أخطاء فنية.

وإذا حاولنا البحث عن أسباب الهزيمة أو «المتسبب» فيها، فلن نستطيع أن نحمل المدرب غويدولين ولاعبيه المسؤولية أو تحميل شخص بعينه مسؤولية توديع دوري الأبطال. من السهل جدا ربط الخسارة بالأشباح التي تطارد دي ناتالي في منطقة الجزاء أو بانعدام ثقة نيوتون. فريق أودينيزي تفوق على نفسه، وقد حافظ غويدولين على تماسك فريق لا يمكن مقارنته بآرسنال فنيا (قد يكون الفريق الإنجليزي في أزمة أيضا، لكن في الملعب يصبحون أبطالا مثل والكوت وفان بيرسي، ورامسي وسانيا). وقد أدرك الجمهور هذا المبدأ الأساسي، والذي صفق وحيا لاعبيه كما لو كانوا قد حققوا التأهل إلى دور المجموعات، وإنه لأمر ذو معنى أنهم طلبوا بقوة القميص من دي ناتالي وكأن احتفاظهم بقميصه دليلا قويا على رغبتهم في الاحتفاظ بلاعبهم الفذ. إذن، بذنب من لم يدخل أودينيزي إلى دوري أبطال أوروبا؟

هل نلوم إدرار الأموال دون استثمار؟ مع الاستغناء عن سانشيز وإنلر وزاباتا، أدخل نادي أودينيزي في خزينته 60 مليون يورو تقريبا، وهي أموال تم دفعها نقدا، غير أن عائلة بوتزو المالكة للنادي لم تستثمر جزءا من هذا المبلغ على لاعب سوبر كي يجاور دي ناتالي في الهجوم. لقد حاولوا القيام بذلك مع اللاعب جيوفاني دو سانتوس، لكن الصفقة باءت بالفشل. وهكذا «طلبوا» من غويدولين تحقيق المعجزة بإمكانات محدودة، وكان المدير الفني بارعا في الإبقاء على الحلم حيا. في مباراتي الذهاب والإياب، ما بين لندن وفريولي، كان هاندانوفيتش متألقا وحينما يصنع حارس المرمى معجزات فهذا يعني أن هناك مشكلات أمامه في الدفاع، وخلال المباراتين سدد لاعبو أودينيزي ثلاث كرات اصطدمت بالقائم، جميعها عن طريق دي ناتالي، اثنتان في إنجلترا وأخرى أول من أمس حينما كانت النتيجة بلا أهداف بعد.

للأسف، التزمت مباراة أول من أمس بالنص الكلاسيكي لمباريات بعينها في بطولات أوروبا، حيث يكون هناك الفريق الصغير الذي يتوهم ويحلم والفريق الكبير الذي يطرحه أرضا في النهاية. تقدم أودينيزي عن طريق دي ناتالي بالرأس، ثم تعادل فان بيرسي من كرة صنعها له جيرفينهو، ثم إهدار ركلة الجزاء، ومن بعدها هدف قتل الأحلام لوالكوت. إنه فيلم جميل، من دون نهاية سعيدة.

إلى ذلك، كان أرسين فينغر محقا حينما قال إننا سنتحدث عن لاعبيه الشباب في نهاية العام، وحارس المرمى من بين هؤلاء، فقد تصدى حارس آرسنال وجيش تشيزني، وهو حارس بولندي شاب وموهوب من مواليد 1990 وطوله 195 سم، لركلة الجزاء التي سددها دي ناتالي في الدقيقة 14 من الشوط الثاني. إنه أول من انتزع دوري الأبطال من أودينيزي، والذي يتعين عليه الآن إعادة تنظيم خطوطه والانطلاق مجددا في الدوري الأحد المقبل أمام يوفنتوس، وكذا الاستعداد لواقع الدوري الأوروبي القاسي. قد يكون جميلا أن هذا الجمهور الرائع، الذي صحب الفريق لدى خروجه بالتصفيق الطويل، يسعد بإنجاز مسيرة كبيرة في البطولة الأقل بريقا أوروبيا.

ويؤكد المدرب فرانشيسكو غويدولين على المفهوم ذاته الذي تم التعبير عنه منذ قرعة الخامس من أغسطس (آب)، حيث صرح بعد المباراة قائلا: «إننا نخرج بفريق كبير، كما ظهر فريق آرسنال أكثر قوة، وقد كنا ندا للفريق الإنجليزي لثلاثة أرباع الوقت، وحلمنا جميعا بتجاوز هذا الدور، كما أننا سيطرنا في فترات كثيرة على الملعب وكنا متوازنين، لكن الأمور سارت هكذا في النهاية. بالطبع، يمكننا تحمل المسؤولية لأن أشياء بعينها لم تسر كما ينبغي وسنعمل على علاجها فورا، ويمكننا تحميل الذنب لغياب التوفيق، لكن هذه هي كرة القدم. مثلما أنه لا يمكنني تحميل توتو (دي ناتالي) مسؤولية الخروج، فقد سجل 60 هدفا في عامين ويمكنني فقط أن أدعمه وبث روح جديدة في داخله».

وفي غرفة خلع الملابس، كان دي ناتالي غير المحظوظ هو نفسه من يسعى لبث الروح مجددا في زملائه، وقال لهم: «لم يكن يمكننا تقديم أكثر من ذلك، إنني حزين تحديدا لهذه الجماهير العظيمة وعلى أي حال أتمنى الفوز يوم الأحد المقبل في لقاء الدوري». ثم يتحدث دييغو فابريني، الذي خاض أول مباراة أوروبية له: «أجل، توتو شد من عزيمتنا، ثم فعل كل منا ذلك مع الآخر. نعرف أننا لم نفقد ثقة الجماهير أمام فريق كبير. أعتقد أنني استفدت من المباراة، لم تكن البداية سهلة.. بذلت مجهودا حتى أندمج مع زملائي لكن بعدها سارت الأمور على ما يرام». بينما يقول جويل إكستراند، لاعب أودينيزي، إن الفريق عانى بعض المشكلات في الدفاع «لأن لاعبي آرسنال بارعون جدا في التعامل مع الكرة في مواجهات الرجل لرجل وسريعون جدا». بينما يشعر سمير هاندانوفيتش، الحارس البطل، بخيبة الأمل، حيث يقول: «أشعر بحسرة، حسرة شديدة. لكننا نعلم أننا أخرجنا أقصى ما لدينا وانهرنا بعد ركلة الجزاء المهدرة». لم تكن هناك بدائل في الهجوم وهذه مشكلات لا بد أن تفكر فيها عائلة بوتزو، فالموسم طويل وخطر وهناك بطولة أمم أفريقيا في يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا بد من العلاج، والتصرف. ويحذر غويدولين: «إن الضربة المضادة لا بد أن تستمر ليلة واحدة، وكفى».