«تويتر» يكسر عزلة الرياضيين.. والمغردون يتداولون الأنباء بعيدا عن مقص الرقيب

اللاعبون يتواصلون مع المحبين.. والإدارات تكشف عن أجندة أعمالها.. والمحاكم تحمي المتضررين

TT

قلب موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» هرم العلاقة بين الرياضيين ووسائل الإعلام؛ حيث كانت إدارات الأندية واللاعبون الأكثر شهرة في الأعوام السابقة يتوارون عن أنظار الجماهير وأعين الإعلاميين، مما أحدث فجوة كبيرة بين الطرفين، حتى باتوا لا يظهرون إلا لفئة محددة تكون مقربة منهم، لكن «تويتر» جعل اللاعب أو المسؤول هم من يبحثون عن المشجع والإعلامي لكي يقدموا له معلومة يريدون إيصالها على ألسنتهم، على الرغم من أن موقع التواصل الاجتماعي لا يتيح سوى 140 حرفا، لكن مستخدميه تمكنوا من التكيف معه حتى فاق عددهم 300 مليون في جميع أرجاء العالم.

ويستغل معظم المغردين قلة الرقابة المفروضة عليهم أثناء استخدامهم «تويتر»، ويتمكنون من نقل الكثير من الأخبار، سواء أكانت صحيحة أم مغلوطة من دون وجود مقص رقيب يسعى إلى مراجعة ما ينشرون، وبذلك الأمر يسابقون الزمن في تغطية جميع الأحداث الرياضية، ليسبقوا بذلك حتى الصحف الإلكترونية التي كانت في السابق تجد متسعا من الوقت للانفراد بخبر جديد قبل أن تصدر منافستها الورقية، لكنها تعاني هي الأخرى استهلاك الخبر خلال أجزاء الثانية حينما يتداوله آلاف المستخدمين، وبأحرف مختصرة ودقيقة توصل المعلومة دون أن يتخللها بعض الإضافات التي قد يرى القارئ عدم حاجته لإضاعة مزيد من الوقت في معرفة أمور جانبية لا توصل المعلومة الرئيسية بكل وضوح.

وزاد «تويتر» من حدة المنافسة بين اللاعبين الذين يسعون لكسب مزيد من المتابعين للدلالة على حجم الشعبية الجماهيرية التي ينعمون بها؛ فالبرتغالي كريستيانو رونالدو تمكن من تخطي حاجز الـ3 ملايين متابعة، أما البرازيلي كاكا فتجاوز الـ5 ملايين، وهذه الأرقام تعكس شغف المتابعين الرياضيين في العالم ورغبتهم في التوصل مع لاعبيهم المفضلين، على الرغم من أن تلك الأعداد لا نراها في صفحات لاعبينا السعوديين؛ حيث اكتفى ياسر القحطاني بـ7 آلاف متابع، أما سعد الحارثي فوصل متابعوه إلى الـ4 آلاف، في حين يأتي سامي الجابر على هرم اللاعبين المعتزلين الذين يحظون بشعبية كبيرة في «تويتر» نظير توجهه للعمل كمدير للكرة في الهلال؛ حيث وصل عدد أتباعه إلى 52 ألفا، وتلك المنافسة لم تقتصر على اللاعبين، بل امتدت كذلك لرؤساء الأندية بعد أن دخل الأمير عبد الرحمن بن مساعد، الرئيس الهلالي، بقوة، وخصص يوم الأربعاء لاستقبال أسئلة الجماهير الزرقاء والرد عليهم، ووصل عدد متابعيه إلى 69 ألف متابع، والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة لرئيس نادي النصر، الأمير فيصل بن تركي، الذي غرد في «تويتر» وحظي باستقبال جيد من الجماهير الصفراء حتى بلغ عدد متابعيه 27 ألفا، ومؤخرا دشن الرئيس العام لرعاية الشباب، الأمير نواف بن فيصل، صفحته الشخصية، للاستفادة من الموقع باستقبال الكثير من الاقتراحات والشكاوى التي يرغب الرياضيون بإيصالها إليه؛ حيث لم يجدوا في السابق أي وسيلة مباشرة قادرة على نقل أصواتهم، وتخطى متابعوه، خلال أيام قليلة، حاجز الـ25 ألف متابع، وبذلك تحول «تويتر» إلى مناخ خصب لتداول القضايا الرياضية بشكل جاد، وهو ما دفع عددا من كتاب الصحافة والمراسلين لبث آرائهم ونقدهم تجاه ما يجري بصورة يومية، ويحظون بمتابعة منقطعة النظير من أصغر المشجعين حتى أعلى سلطة رياضية في السعودية.

وعلى الرغم من كبر حجم الحرية في ذلك الفضاء الواسع، التي تكفل للجميع إبداء وجهات نظرهم، فإنها أثارت استياء العاملين في المراكز الإعلامية؛ حيث وجدوا تهميشا كبيرا من إدارات أنديتهم التي باتت تكشف عن الأخبار عبر صفحاتها، مما جعل دورهم محدودا ولا يلقى متابعة كما كان في السابق، فما ينشرونه عبر بياناتهم لا يقدم جديدا للمتلقي «التويتري» الذي طار بالخبر فور نشره من قبل المسؤولين، إلى جانب ما ينشره بعض اللاعبين عن تصرفات الإدارة تجاههم، مما يكشف عن الخفايا الداخلية التي لا ترغب الإدارات عادة في خروجها على السطح، وذلك ليس حكرا على الرياضة السعودية؛ فقد أبدى مدرب نادي آرسنال الإنجليزي، آرسين فينغر، عدم رضاه، في حديث نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، عمن يشوهون صورة أنديتهم بشكل علني، على الرغم من إقراره بأنها وسيلة بالإمكان الاستفادة منها، وقال: «تويتر» سلاح ذو حدين؛ فاللاعبون الذين ينقلون بواسطته أخبارا إيجابية عن أنديتهم يكونون قد قاموا بعمل موفق، أما إن فعلوا عكس ذلك فإنهم بالطبع يفعلون سلوكا سلبيا.

وشهدت المحاكم الإنجليزية الرياضية الكثير من الدعاوى التي تقدم بها إداريون ولاعبون ضد من سعوا لتشويه سمعتهم أو كشف أسرار حياتهم الخاصة باستخدام «تويتر»، على الرغم من أن إمكانية السيطرة على تلك السلوكيات في فضاء الإنترنت تعتبر صعبة للغاية، وتلك التصرفات الخارجة عن دائرة القانون لم يخل منها المستخدمون السعوديون؛ حيث انتحل أحد الأشخاص شخصية رئيس نادي الشباب، خالد البلطان، وقام بإطلاق عدد من التغريدات، وسط محاولات من مدير المركز الإعلامي بالنادي طارق النوفل للكشف عن زيف ذلك المستخدم، وبهذا الصدد أوضح المحامي القانوني السعودي، سليمان الموسى، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الضوابط المعمول بها حاليا في المحاكم السعودية التي تنظر لمثل هذه القضايا لا تزال بحاجة إلى صرامة أكثر لدى المرافق العدلية، كما أن عدد الدعاوى التي تتلقاها المحكمة ضئيل جدا مقارنة بمستخدمي الإنترنت، وهو الأمر الذي يكشف لنا عن قلة الوعي القانوني لدى المجتمع؛ ففي أميركا وبريطانيا، على سبيل المثال، أسسوا مختبرات متخصصة لفحص وتحليل ما ينشر عبر تلك المواقع الاجتماعية لتكون تلك الفحوصات دعامة تكشف عمن يقف خلف القضية.

وأضاف الموسى: نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في السعودية لم يغفل الممارسات السلبية التي يقوم بها بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي كـ«تويتر»؛ حيث نصت المادة الثالثة من النظام على المعاقبة بالسجن لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل شخص قام بالتشهير بالآخرين أو إلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات، وبذلك فإن المحكمة المختصة تنظر في مثل هذا النوع من القضايا، ولكن يقف القاضي أمام إثبات هذه الإساءة، مما يتطلب الاستعانة بالمختبرات المتخصصة في هذا المجال ليكون رأيها حجة لمن ادعى.