10 آفات تأكل في جسد الكرة الإيطالية

ما بين اتحاد للعبة تسوده الخلافات والأحقاد.. إلى رواتب تلتهم إيرادات الأندية.. وصولا إلى فضائح المراهنات السرية

TT

تسبب إضراب لاعبي كرة القدم في إيطاليا في عدم انطلاق قطار الدوري في موعده المحدد. وجاء إضراب اللاعبين اعتراضا على عدم التجديد الجماعي لعقودهم وخلافاتهم مع رابطة الأندية، لكن هذه المشكلة على خطورتها ليست هي المشكلة الوحيدة التي تعاني منها كرة القدم الإيطالية. وسنحاول هنا عرض المشكلات الـ10 التي تؤرق عالم الكرة في إيطاليا، ويمكن بحلها إعطاء وجه جديد للدوري الإيطالي ولاعبيه أمام العالم.

1- انخفاض الإيرادات «من أجل زيادتها يجب أن تمتلك الأندية استادات خاصة بها». إن نادي اليوفي هو النادي الوحيد الذي يمتلك استادا خاصا به سيزيد من إيراداته (من 15 إلى 40 مليون يورو). وقد أنشأ نادي اليوفي استاده بعد مسار قانوني معقد، وبمساندة من بلدية تورينو. ويعتبر وجود الاستادات هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها في المستقبل زيادة إيرادات دوري الدرجة الأولى الإيطالي (1.53 مليار يورو)، الذي ترك الأفضلية خلال السنوات الـ10 الأخيرة للدوري الإنجليزي (2.4 مليار يورو)، والدوري الألماني (1.55 مليار يورو)، والدوري الإسباني (1.5 مليار يورو). وما زال قانون الاستادات ينتظر موافقة البرلمان الإيطالي منذ عامين كاملين، ويواجه مشكلات كبيرة. وتبقى أيضا مشكلة العنف التي لم ينجح نظام «بطاقة المشجع» في التغلب عليها.

2- حقوق البث التلفزيوني في الخارج:

«قيمة الدوري الإيطالي تبلغ خمس قيمة الدوري الإنجليزي»، يجني الدوري الإنجليزي نصف مليار يورو مقابل حقوق البث التلفزيوني في الخارج، بينما يجني الدوري الإيطالي 100 مليون يورو فقط؛ فالدوري الإنجليزي يحظى بإعجاب الجميع من العالم العربي إلى الشرق الأقصى على خلاف الدوري الإيطالي الذي لم يعد يجذب أحدا بسبب افتقاده للمتعة والكرة الجميلة. ويحتاج الأمر إلى أفكار جديدة للتسويق، على غرار ما حدث عندما تم الاتفاق على لعب مباراة السوبر الإيطالي في الصين، مقابل 10 ملايين يورو في 3 سنوات، وعلى الرغم من ذلك لم يكن ناديا الإنتر والميلان يرغبان في لعب المباراة في الصين لبعد المسافة، وهو ما كان ليمثل ضربة موجعة وضياع سوق كبيرة تتمثل في مليار و300 مليون صيني. وينبغي أن يظهر الدوري الإيطالي كبطولة ممتعة في الخارج حتى يتم تسويقه بشكل جيد.

3- الميزانيات الخاسرة «العجز في ميزانيات الأندية يصل إلى 600 مليون يورو بسب ارتفاع الرواتب».

يعتبر عجز الميزانيات هو السمة المميز لجميع الأندية الإيطالية. وقد وصل هذا العجز إلى ما يوازي 600 مليون يورو. وعلى الرغم من زيادة إيرادات الأندية تلتهم الرواتب المرتفعة 72 في المائة من هذه الإيرادات. ومع تطبيق سياسة اللعب المالي النظيف من جانب الاتحاد الأوروبي، ما زال ناديا الميلان والإنتر بعيدين تماما عن المعايير المطلوبة؛ فعجز الميزانية في الإنتر يصل إلى 223 مليون يورو وفي الميلان 80 مليون يورو. وينبغي التقليل من رواتب اللاعبين، ربما من خلال أتفاق مع جمعية لاعبي الكرة حول حقوق استغلال أسماء اللاعبين, وهو ما فعله نادي ريال مدريد عام 2000 بإصدارة «قانون فيغو» الذي منحه نصف عائد استغلال أسماء نجومه.

4- الإيرادات في خطر «إذا عقدت شركتا (سكاي) و(ميدياسيت) اتفاقا فيما بينهما»، على الرغم من أن دوري الدرجة الأولى اقترب من حاجز المليار يورو، مقابل حقوق البث التلفزيوني، تم حجب 8 فرق من 20 فريقا من البث الأرضي تماما. وإذا نجحت شركتا «ميدياسيت» و«سكاي»، اللتان تحتكران هذا المجال حاليا، في التوصل لاتفاق فيما بينهما لتحديد الأسعار، فإن ذلك سيؤثر بشدة على عائد حقوق البث التلفزيوني للدوري الإيطالي، لا سيما في الوقت الحالي الذي يسعى الاتحاد الإيطالي لكرة القدم فيه لبيع حقوق بث الدوري للمواسم الثلاثة 2012 - 2015. ولعل الوقت قد حان لبدء مشروع قناة رابطة الأندية، ويجب العثور على شركة تقبل هذا الرهان وتوافق على تقاسم نصف عائدات الاشتراكات مع الأندية.

5- الإدارة «اجتماعات رابطة الأندية الفوضوية»، أصبحت قدرة رابطة الأندية على إدارة شؤون الكرة الإيطالية ضئيلة إلى حد كبير. فالقرارات تتخذ في اجتماعات تتسم بالفوضى وعدم التنظيم. ومنذ انتخاب بيريتا رئيسا لرابطة الأندية عام 2009 فقد مجلس رابطة الأندية قدرا كبيرة من سلطة اتخاذ القرار. وخير دليل على ذلك هو المفاوضات الأخيرة مع جمعية لاعبي الكرة. ويحتاج الأمر إلى منسق عام للرابطة يستطيع التغلب على الخلافات الحادة بين رؤساء الأندية وإعادة الرابطة إلى مكانتها وقدرتها على الإدارة والحكم.

6- كثرة عدد الأندية «هناك 119 ناديا في رابطة أندية دوري الدرجة الثالثة والرابعة». يجب تقليل عدد الأندية في رابطة دوري الدرجة الثالثة والرابعة بعد وصوله إلى 119 ناديا. وهناك خلاف منذ فترة طويلة حول وسيلة إصلاح دوري الدرجة الثالثة والرابعة. وقد تم تقديم خطة لتقليل عدد أندية دوري الدرجة الثالثة إلى 60 فريقا فقط، لكن المشروع يلقى معارضة من جمعية لاعبي الكرة. وتمتلك الجمعية الحق في الدفاع عن عمل أفرادها، لكنها يجب أن تقبل الحقيقة. فهناك عدد من الأندية الصغيرة يختفي كل عام بسبب عدم قدرتها على الاستمرار. ويحتاج دوري الدرجة الأولى والثانية أيضا إلى تقليل عدد الأندية. وقد عرض ألبريتني منذ فترة تعديل بطولة دوري الدرجة الثانية، على غرار ما حدث في إسبانيا، ليسير مثل بطولة دوري الدرجة الأولى. لكن هذا الاقتراح لم يحظَ بأي قبول حتى الآن. والسؤال هو ماذا ننتظر حتى نعيد تطوير قطاع الناشئين بالأندية؟

7- الترويج الدعائي «المنتجات الرياضية المقلدة تسود في إيطاليا»، قبل دخول أي مشجع إيطالي إلى الاستاد لا بد أن يصطدم بالكثير من الباعة الذين يبيعون منتجات مقلدة. وهو ما يؤثر كثيرا على عائدات بيع المنتجات الرياضية الإيطالية. وقد قدم لولي النائب في البرلمان الإيطالي مشروع قانون عام 2008 لحماية الماركات الرياضية الأصلية ومحاربة التقليد، لكن هذا المشروع بقي مجرد حبر على ورق حتى الآن، وتاه في دهاليز البرلمان المعقدة. وفي الخارج تحظى محلات بيع منتجات الأندية باهتمام كبير من المستهلكين والسائحين ويحرص المشجعون دائما على شراء القميص الأصلي لناديهم. ولا عجب إذن أن يحقق الدوري الإيطالي 77 مليون يورو فقط كعائدات بيع المنتجات الرياضية الأصلية بينما يحقق الدوري الإسباني 190 مليون يورو والدوري الإنجليزي 167 مليون يورو والدوري الألماني 130 مليون يورو.

8- التسويق الاستثمارات متدنية في تدريب الكوادر الإدارية»، يفتقد القطاع التجاري والإداري في عالم كرة القدم الإيطالية المتخصصين البارعين. وما زالت هناك مجالات تبدو شبه مجهولة في إيطاليا، كما يفتقد الإداريون الإبداع والقدرة على الإدارة الجيدة. ومن هنا تأتي الحاجة الضرورية إلى تكوين وتدريب إداريين رياضيين يجيدون التعامل مع كرة القدم في آفاق جديدة خارج الملعب وليس داخله فقط. وتفضل جميع الأندية الإيطالية إنفاق أموالها على شراء اللاعبين وليس على تدريب كوادرها الإدارية. على الرغم من أن تدريب هذه الكوادر من شأنه أن يزيد من عائدات الأندية ويحررها من التبعية لعائدات البث التلفزيوني التي تسهم بنسبة 65 في المائة من دخل الأندية الإيطالية. ولعل أفضل مثال على النجاح الإداري والتسويقي هو ما فعله نادي مانشستر يونايتد عندما تمكن من الحصول على عقد رعاية من أحد الشركات لشراء سترات تدريب اللاعبين، مقابل 45 مليون يورو في 4 سنوات.

9- اتحاد الكرة الإيطالي «بيت الغيرة والاعتراضات»، لم يخطئ دي لاورينتيس رئيس نادي نابولي عندما وصف اتحاد الكرة الإيطالي بأنه «حيوان من عصر ما قبل التاريخ». فالاتحاد المنوط به إدارة جميع شؤون الكرة الإيطالية يعتبر معقلا للغيرة والخلافات بين أعضائه. وكان الفشل في مونديال جنوب أفريقيا نتيجة منطقية لهذه الخلافات والأحقاد. وقد مر وقت طويل دون أن يتم إلغاء حق النقض داخل اتحاد الكرة، الذي يؤدي إلى إفساد القرارات المهمة، وزرع الخلافات بين العناصر المختلفة داخل مجلس إدارة الاتحاد.

10 المراهنات «المراهنات السرية آفة يجب اقتلاعها»، تمثل المراهنات السرية جرحا غائرا في جسد كرة القدم الأوروبية بأسرها، ولكنها تتجاوز الحدود في إيطاليا. ويعرف ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ذلك جيدا، وهدد بإيقاف اللاعبين الذين يراهنون بشكل سري (لكن القواعد لا تساعده على ذلك). لكن الفضيحة الأخيرة التي تفجرت في إيطاليا تؤكد أن هناك نوعا من التخصص في ذلك النوع من الجرائم بمساعدة عصابات الجريمة المنظمة. وتحدثت المحكمة في حكمها في تلك القضية عن «أجواء حماية تساعد في أغلب الحالات على زيادة العلاقة بين لاعبي الكرة وبعض المشجعين المزيفين في مجال المراهنات». ولا شك أن عمليات المراهنة غير القانونية تؤثر على عدالة ونزاهة الدوري الإيطالي وأيضا على مظهر الكرة الإيطالية بشكل عام. ويجب أن نعمل بجميع الطرق على تفادي فقدان الجماهير للثقة في عالم كرة القدم.