إدارات الأندية توقف مد السماسرة.. وتضع بصمتها على عملية اختيار المحترفين الأجانب

استفادت من إخفاقاتها السابقة.. ورسمت خططا للإصلاح

TT

عانت الأندية السعودية الكبيرة التي تنفق عشرات الملايين في تعاقداتها مع المحترفين الأجانب، من استغلال المدربين لها نظير الثقة التي يحظون بها دون وجود رقابة من تلك الإدارات التي تعاني كثيرا من عدم تطبيق أوجه الاحتراف بشكله الكامل، مما أوقعها في الكثير من المآزق التي يأتي في مقدمتها تواضع مستوى أولئك اللاعبين التي ألقت بظلالها على كافة المسابقات المحلية، إلى جانب معاناتها على الصعيد المالي بسبب الأجور المرتفعة التي يتقاضونها مما يحتم عليهم عقد مزيد من الاجتماعات الشرفية بداعي حثهم على بذل الدعم المادي بشكل مستمر، وهو ما يلاقي عادة امتعاضا من الشرفيين، خصوصا عندما يرون أن إدارات أنديتهم لا تحسن الاختيار وتنفق ما يدفعونه بأسلوب خاطئ يسهم في تراجع فريقهم بدلا من أن تدفعه نحو المقدمة، في الوقت الذي يبدي فيه الشركاء الاستراتيجيون استياءهم نظير المطالبات بتقديم الدفعات المستقبلين من أجل حل معضلة آنية، وتلك الحلول التي تسعى من خلالها الإدارات لإنعاش خزينتها الخاوية تعتبر مؤقتا لا يمكنها الصمود خلال المواسم القليلة المقبلة، وستجد نفسها في حرج كبير قد يدفع بعدد من اللاعبين إلى رفع الشكاوى القانونية ضدها نظير تأخر مستحقاتهم المالية.

الأزمة المالية التي نتجت عن الصفقات غير الموفقة دقت ناقوس الخطر لدى معظم إدارات الأندية، مما جعلها تستحدث الكثير من الأساليب التي تحفظ لها حقوقها وتساعدها على وضع القيمة المادية في مكانها الصحيح، حيث قام عدد منها باللجوء إلى الكوادر السعودية التي تمتلك بعدا فنيا يمكنها من إبداء وجهة نظر فنية تقطع الطريق أمام المدرب لفرض بعض الصفقات غير المنطقية التي تستتر بغايات أخرى غير معلنة، لا سيما إذا كان معظم المدربين يرون أن المسابقات الخليجية عموما، والسعودية على وجه التحديد هي محطة لجني مزيد من الأموال قبل العودة إلى ديارهم، وهذه النظرة بحاجة إلى وعي من قبل الإدارات للحد منها ومقاومتها، ومن أبرز النماذج التدريبية التي لاقت امتعاضا كبيرا في الوسط الرياضي السعودي المدرب الإيطالي والتر زينغا الذي قاد الدفة الفنية في نادي النصر، وطالب بالتعاقد مع عدد من اللاعبين الذين أصبحوا عالة على الفريق دون أن يقدموا أي إضافة تستحق الاحتفاء، في الوقت الذي كان يصر على إشراكهم كأساسيين مما أسهم في تدهور مستوى الفريق وفقدانه فرصة المنافسة على المقاعد المتقدمة، وتلك الفئة من المدربين زعزعت ثقة الإدارات بما يراه المدرب مناسبًا، لتأخذ زمام المبادرة في اختيار العناصر الأجنبية الأصلح للفريق دون الاعتداد برأيه، ويظهر ذلك في نادي النصر من خلال استحداث منصب المنسق الفني الذي أوكلت مهمته للخبير السعودي علي كميخ الذي يعتبر صوتا فنيا آخر تنصت إليه الإدارة جيدا قبل الموافقة على طلبات المدرب، وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في وقت سابق عن الاجتماع الذي تم بين مدرب نادي النصر الجديد الأرجنتيني غوستافو كوستاس وإدارة ناديه السابق إليانزا ليما البيروفي، حيث طالبت الأخيرة من المدرب تسويق عدد من لاعبيها واستقطابهم لتمثيل النادي العاصمي من أجل تجاوز الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها ناديهم، وسعى كوستاس أثناء مقابلاته الأولى مع الإدارة إلى عرض عدد من اللاعبين عليها، إلا أنها قابلت تلك العروض بالرفض، وحسمت أمرها مع الجزائري عنتر يحيى والأرجنتيني ميرسير والكولومبي بابلو بينو، وتبقى المقعد الآسيوي شاغرا وسط بحث حثيث قبل إغلاق فترة الانتقالات الحالية.

الوضع في نادي الهلال الذي يرأسه الأمير عبد الرحمن بن مساعد لا يختلف كثيرا عن غريمه التقليدي، حيث قام الرئيس بتشكيل لجنة سداسية معنية باختيار اللاعبين الأجانب ودراسة ملفاتهم والتشاور حولها على الرغم من أن صفقاتهم السابقة لم تكن ضعيفة عدا المهاجم المصري أحمد علي، لكن الظروف المرحلية تحتم على صناع القرار في النادي الأزرق أن يجنحوا إلى عمل مقنن ترتفع فيه نسبة الصواب، خصوصا أنهم يسعون جاهدين لاستعادة هيبتهم الآسيوية التي باتت مستعصية عليهم في العقد الأخير، واللجنة ضمت متخصصين في جوانب اقتصادية وإدارية وفنية مما ألقى بظلاله على الرباعي الأجنبي الذي يضم المغربيين عادل هرماش ويوسف العربي إلى جانب الكوري الجنوبي يو بيونغ سو والكاميروني آكيلي إيمانا، وأظهرت المواجهات التجريبية انسجاما جيدا بينهم سوى هرماش الذي غيبته الإصابة عن المشاركة.

أما الأهلاويون فقد حسموا موقفهم مبكرا بعد أن جددوا تعاقدهم للمحترفين العماني عماد الحوسني والبرازيلي فيكتور سيموس، مما يؤكد فرض هذين الاسمين على المدرب الجديد التشيكي غاروليم الذي جاء متأخرا بعد أن أقفلت باب تعاقداتها مع الرباعي، فعلاوة على اللاعبين السابقين وقعت مع البرازيلي الآخر مارسيلو كماتشو والكولومبي بالومينو، متكئة في تلك الاختيارات على معرفتها الجيدة باحتياجات الفريق واستشارتها لعدد من الشرفيين الداعمين الذين يقفون مع الفريق ويبحثون عن مصلحته، جاعلة للمدرب الجوانب التكتيكية والفنية التي عليه أن يوظفها وفقًا للاعبين التي تراهم الأصلح للمرحلة المقبلة، أما إدارة نادي الشباب فبدت متعقلة نظير عدم استعجالها بالاستغناء عن الغيني إبراهيم ياتارا على الرغم من مطالبات المدرب البلجيكي ميشيل برودوم بضرورة إبعاده قبل أن يلفت اللاعب انتباهه من خلال المستويات المميزة التي قدمها في المواجهات التدريبية، وظهر موقع الإدارة واضحا بواسطة الاجتماعات التي عقدتها مع المدرب حتى تمكنت من إقناعه باستمرار اللاعب مع الفريق، إلى جانب البرازيليين تفاريس ومينغازو الأوزبكي جيباروف.

والموقف الاتحادي هو الآخر اتسم بالتوجه الإداري في حسم صفقتين جديدتين تمثلتا في التعاقد مع البرازيلي غيرالدو والكويتي فهد العنزي مقررة الإبقاء على الجزائري عبد الملك زيايه والبرتغالي باولو جورج، وما يوضح عدم تدخل المدرب ديمتري في أمر الاختيار هو التعاقد مع العنزي الذي لا يزال في مقتبل مشواره الرياضي ولم يحظ بكثير من الإشادات التي تدفع مدرب سيقود فريقا في المراحل المتأخرة من دوري المحترفين الآسيوي لاختياره، حيث جاءت وفق قناعات إدارية بحتة وهو ما دأب عليه النادي في ظل وجود العضو الداعم الذي يبحث عن مصلحة النادي نظرا لقربة الشديد منه وذلك مالا ينطبق على ديمتري الذي أسندت إليه المهمة الفنية في وقت متأخر من الموسم الماضي.

اختيارات اللاعبين الأجانب بدت أكثر منطقية في هذا الموسم، وجاءت وفق جهود إدارية صريحة بعيدا عن إقصاءات المدربين غير المبررة، وهو يعكس ارتفاع وعي الإدارات واستفادتها من كافة الإخفاقات السابقة التي ارتكبتها، وفي الاستمرار على هذه الخطى سيتمكن الدوري السعودي من استعادة هيبة التي كانت في السابق، وترتفع حدة المنافسة في كافة المسابقات المحلية لتصل إلى ذروة الإمتاع.