أثرياء روسيا يغدقون الأموال لمنافسة أندية أوروبا الكبرى

صفقة جعلت من إيتو اللاعب الأغلى في العالم.. وإغراءات لجذب كبار النجوم

TT

بعد مرور عشرين عاما على انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت محاولات العاصمة الروسية موسكو لتهدئة المناطق المضطربة ووقف أعمال العنف الدامية في منطقة القوقاز تشهد ملاعب كرة القدم الآن صورة أخرى من خلال صور اللاعب الكاميروني صامويل إيتو والبرازيلي روبرتو كارلوس ومجموعة أخرى من اللاعبين المميزين الذين يتم إغراؤهم بملايين الدولارات للعب في الدوري الروسي الممتاز.

وبغض النظر عن خوض المنتخب الروسي لتصفيات يورو 2012 بنجاح، أصبحت كرة القدم في روسيا أكثر من مجرد الانخراط في منافسة من المنافسات، حيث تحولت إلى كرة قدم سياسية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وطبقا لتقرير نشرته صحيفة «الدايلي تلغراف»، كان الفوز بسباق استضافة نهائيات كأس العالم لعام 2018 بمثابة انتصار على الساحة العالمية بالنسبة لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين، كما يتم استغلال قوة وبريق كرة القدم الآن من سيبيريا إلى الشيشان ومن تتارستان إلى داغستان، مع تشجيع الحكومات والشركات القوية على ضخ ثرواتهم في الأندية في جميع أنحاء البلاد.

وقد كشف انتقال إيتو من نادي إنتر ميلان الإيطالي لنادي آنجي ماخاتشكالا الروسي الشهر الماضي، وهي الصفقة التي جعلت من المهاجم الكاميروني اللاعب الأعلى أجرا في العالم، حيث يحصل على راتب أسبوعي قدره 350.000 جنيه إسترليني، عن توجيهات الحكومة الفيدرالية في هذا الإطار.

وقد تم دعم أندية آنجي (داغستان) وتيريك غروزني (الشيشان) وروبن كازان (تتارستان) عن طريق ضخ استثمارات كبيرة من الحكومات الإقليمية، بالإضافة إلى استفادة نادي آنجي من الثروة الهائلة لمالك النادي سليمان كريموف، والتي تصل إلى 5.5 مليار دولار. ويقوم الملياردير الروسي كريموف بدفع رواتب كل من إيتو وروبرتو كارلوس ومدافع نادي تشيلسي السابق يوري جيركوف.

وقد فاز نادي روبن كازان بلقب الدوري الروسي لعامي 2008 و2009 بفضل التمويل من قبل حكومة الولاية حتى تتباهى بفوز الفريق بالبطولات. ومع ذلك، لم يثبت التصور الموجود داخل الكرملين بأن المواطنين سيكونون أقل قلقا إذا ما ارتبطت هويتهم الإقليمية بفريق ناجح في كرة القدم نجاحا كاملا حتى الآن. ونتيجة للوضع الحساس في كل من الشيشان وداغستان، واللتين يوجد بهما حركات انفصالية مرتبطة بالجماعات الإرهابية، فقد تم وضع فرق تيريك غروزني وآنجي بعيدا عن المدن الخاصة بهم، حيث يعيش لاعبو نادي تيريك ويتدربون على بعد 150 ميلا عن مدينتهم، في حين يوجد النادي الذي سيلعب له النجم الكاميروني صامويل إيتو في موسكو.

واعترف لاعب خط وسط منتخب آيرلندا أيدن ماكجيدي، الذي لعب العام الماضي لنادي سبارتاك موسكو الذي يعد أكبر وأعرق الأندية الروسية، بأن الرحلات إلى القوقاز نادرا ما تكون خالية من المتاعب بالنسبة للأندية القادمة من العاصمة.

وقال ماكجيدي: «خلال إحدى المباريات ضد فريق آنجي، حصلنا على ركلة ركنية وكنت في طريقي لتنفيذها وكان هناك أعمال شغب كبيرة. ورأيت جمهور نادي آنجي وهو يجري باتجاه جماهير سبارتاك وينزع المقاعد ويلقيها على جمهورنا. إنه عالم مختلف هناك، ولكن زملائي أخبروني بأنه أمر طبيعي بالنسبة للفرق في تلك الإقليم».

ولا يزال العنف والعنصرية يشكلان وصمة عار على جبين كرة القدم الروسية، ولذا تعمل السلطات على القضاء على هذه السلبيات في إطار استعداداتها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي. ومن المتوقع التغلب على هذه العنصرية قبيل إقامة نهائيات كأس العالم عام 2018.

وفي العام الماضي، رفع مشجعو نادي لوكوموتيف موسكو لافتة عنصرية ضد المهاجم النيجيري بيتر أودموينجي الذي يلعب حاليا لنادي وست بروميتش. وفي شهر مارس (آذار) الماضي، تم تغريم نادي زينيت سان بطرسبرغ 6.000 جنيه إسترليني بعدما رفع أحد المشجعين لافتة تهاجم اللاعب البرازيلي روبرتو كارلوس قبل بدء إحدى المباريات، إضافة إلى ذلك هدد كارلوس، في وقت سابق من الصيف الجاري، بمغادرة روسيا احتجاجا على قذفه بموزة خلال إحدى المباريات ضد فريق كريليا سوفياتوف.

ويحصل كارلوس على راتب سنوي يبلغ 4.2 مليون جنيه إسترليني في نادي آنجي، كما يحصل جيركوف أيضا على راتب كبير بفضل سخاء مالك النادي الملياردير كريموف. ولا تقتصر الأجور الكبيرة على هذه الأندية، حيث قام نادي زينيت الذي يتلقى تمويلا من شركة «غازبروم» الروسية بالتعاقد مع المدير الفني السابق لنادي روما الإيطالي لوتشيانو سباليتي مقابل 4 ملايين جنيه إسترليني في العام، في حين يحصل نجم الفريق ألكسندر كيرزاكوف على راتب أسبوعي يبلغ 100.000 جنيه إسترليني.

وعرض نادي زينيت دفع 100.000 جنيه إسترليني في الأسبوع للحصول على خدمات اللاعب جوي بارتون قبل أن ينتقل من نيوكاسل إلى نادي كوينز بارك رينجرز. وانتقل ماكجيدي من نادي سلتيك إلى نادي سبارتاك موسكو ليحصل على راتب أسبوعي يبلغ 50.000 جنيه إسترليني. وعرض نادي سسكا موسكو الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش دفع رواتب سخية لحارس المرمى إيجور أكينفيف ولاعب الوسط الياباني كيسوكي هوندا.

وقد حضر 60.000 متفرج مباراة الديربي الكلاسيكية بين فريقي سبارتاك موسكو وسسكا موسكو الأسبوع الماضي، ومع ذلك فنادرا ما تباع جميع تذاكر المباريات التي يطلق عليها مواجهات قمة، باستثناء المباريات التي تقام على ملعب فريق زينيت. وتعاني الأندية السيبيرية أمكار بيرم وتوم تومسك من صعوبات مالية حادة، في حين انتظرت العاصمة موسكو خمس سنوات حتى تستعيد لقب الدوري من الأقاليم الأخرى.

وتزداد تغطية شبكة «إي إس بي إن» الرياضية للمباريات في الدوري الروسي، وسوف تزداد هذه التغطية بصورة كبيرة بعد انتقال النجم الكاميروني صامويل إيتو وغيره من النجوم إلى الدوري الروسي. ويبقى السؤال هو، هل تنجح لعبة كرة القدم في تحقيق ما فشل فيه السياسيون عن طريق تحقيق السلام والازدهار خارج العاصمة الروسية موسكو؟