الميلان يحقق تعادلا ثمينا أمام برشلونة حامل اللقب في «كامب نو»

عبقرية باتو فتحت الأمل مبكرا.. ورأسية تياغو سيلفا أغلقت القوسين

TT

حقق فريق ميلان الإيطالي أول من أمس، مفاجأة من العيار الثقيل حينما تعادل أمام برشلونة، حامل اللقب، في ملعبه كامب نو، بهدفين لكل منهما، وذلك في إطار الجولة الأولى لدور المجموعات ببطولة دوري أبطال أوروبا. ونظرا لأن إيقاف فريق برشلونة مستحيل تقريبا، فقد قام الميلان بضربة عبقرية حينما وضعه بين قوسين. فبعد 24 ثانية من صافرة بداية اللقاء، سحقت خفة ركض باتو دفاع الفريق الكتالوني، وفتحت الأمل أمام لاعبي الفريق الإيطالي. بعد ذلك كانت هناك المباراة، والتي سيطر على مجرياتها لاعبو برشلونة تماما، لكنهم سجلوا هدفين فقط. في النهاية، وقبل 90 ثانية على صافرة الحكم، أغلقت ضربة الرأس التي لعبها تياغو سيلفا لتسكن مرمى أصحاب الأرض القوسين ليمنح الميلان نتيجة إيجابية للغاية، هذا بالنظر للأفضال القليلة المتراكمة من جانب الميلان، وهي تحديدا اثنان: روعة الهدف الأول، والذي كان يبدو سيستمر لفترة وجيزة، والقدرة على عدم التألق على الرغم من تلقي الهجمات لمدة 90 دقيقة، وهذه هي شيمة الرجال، قبل أن تخص لاعبي الكرة، وإن كان في تاريخ الميلان ستكون صفحات كرة القدم المذهلة مستعدة لاستقبال إنجاز (أو معجزة) نهاية الصيف هذا، لتشرحوا لهم أنتم أن أعظم لاعب في العالم، ليونيل ميسي، الذي هو أيقونة الشباب والموهبة، قد ظل لفترات طويلة خلال المباراة بلا فاعلية، وبعيد عن الأداء المعروف عنه، ومحروما من التحرك أو موجها في ناحية معينة عن طريق شجاعة وجسارة أليساندرو نيستا (35 عاما). الميلان دافع فقط، وبصورة مفرطة، لأنه لم تكن لديه القدرة البدنية لمجاراة تمريرات البلوغرانا، ولأن المدرب أليغري قد عاد إلى الخلف بالفطنة السليمة حينما وضع عنصرا متحركا مثل إيمانويلسون بدلا من إهداء لاعبا آخر، كاسانو، والذي في هذه المستويات لا يمكن أن يكون حاسما كما هو الحال في الدوري الإيطالي، ولا يساعد في مرحلة التغطية.

وقد كون فريق الميلان مثلثات للضغط، بواتينغ يتراجع وفان بوميل يتقدم، للقيام بدور «الكماشة» مع إنييستا، أو تشابي أو لاعبي الأجناب، وجميعهم مراقبون من لاعب ميلان آخر في البداية، ومن ثم تأخرت مناورة برشلونة في الاختراق، والدليل على ذلك عودة ميسي الفورية إلى الخلف أمام منطقة الجزاء لمساعدة زملائه. وهو ينظر من قريب إلى من يجتازون الخطوط من لاعبي برشلونة، كان الميلان يجبرهم على لعب الكرات على الأجناب، حيث كان يذهب ألفيس كثيرا لمواجهة الرجل لرجل مع زامبروتا تاركا مساحة للاعب فيا، والتي لم يكن يستغلها. لم تكن معاناة الميلان واضحة في الدقائق الأولى، وباتت كذلك من بعد الدقيقة العاشرة، حينما أصبح التنويم المغناطيسي تاما، فكاسانو لا يمسك بكرة، وتعرض سيدروف لضغط بلا رحمة، وإن لم تصل الكرة فورا إلى باتو، أو على الأقل بواتينغ، فلا أمل في تجاوز وسط الملعب.

غياب إبراهيموفيتش: كانت حسرة الدفاع الكتالوني تظهر في كل مرة يستهدفه فيها باتو، لأن غياب المخضرم بويول، نزع عن الفريق اللاعب السريع الوحيد القادر على إيقاف مهاجم الميلان. إبراهيموفيتش كان ليكون مفيدا هنا، كي يستدعي الكرة إليه، ويدافع عنها بقوته البدنية ويطلق باتو لمواجهة فالديز، بينما كاسانو، للأسف، لم ينجح في تعويض غياب اللاعب السويدي. هذا مع القول بأن باتو من المفترض أن يظهر المزيد، لأن الدفاع كان يفتقد بصورة كارثية لنقطة مرجعية يمكن تسليم الكرة إليها لإعادة إطلاق الهجمات، كما أن إصابة بواتينغ انتهت بتسليم الميلان إلى دوامة أداء البلوغرانا، فأمبروزيني يمتلك قدرة وحيدة فقط هي احتواء الخصم بينما كان اللاعب الغاني يجيد أيضا فرض نفسه.

الهدفان: ظل الميلان منغلقا في منطقته، وكان لاعبو برشلونة يتنقلون من جانب لآخر في الملعب مضيقين الخناق على دائرة الدفاع تدريجيا. وبعد كرة ميسي التي اصطدمت بالقائم من كرة ثابتة، جاء تعادل بيدرو، في الدقيقة 36 من الشوط الأول، من تمريرة حريرية لعبها ميسي وتجاوزت المدافع أباتي، بينما جاء هدف التقدم 2 - 1 من كرة ثابتة لعبها فيا، في الدقيقة 5 من الشوط الثاني، بعدما ارتكب كاسانو خطأ يسيرا. لدى برشلونة عيب إنتاج أداء كبير وكرات أهداف قليلة، متناسيا الابتعاد عن مرماه على سبيل التأمين، ما شجع تياغو سيلفا على إغلاق القوسين بهدف التعادل في الوقت بدل الضائع ولم يكن الكتالونيون يصدقون أنفسهم. بصراحة، ولا نحن حتى.

رأسية تياغو: إنه برازيلي، ويبدو إيطالي من قاطني الجبال. صامت، عنيد، عامل، أضف إلى ذلك موهبة عظيمة. هذه هي أوصاف قليلة قيلت عن تياغو سيلفا، والذي يقول عنه أليغري: «إنه اللاعب الفذ الحقيقي في صفوف الميلان»، وأمبروزيني قائد الميلان: «إنه الوحيد الذي لا يمكن حل محله، وأود أبدا ألا يكون معي في الملعب»، وغالياني نائب رئيس النادي: «هل يروق للبارسا؟ إنه بطل، وسنتمسك به بقوة». إذن، إنه فريق برشلونة تحديدا، وقد أدرك البارسا ذلك، وحتى وإن كان الأمر لا يحتاج الكثير من العلم لإدراكه، فلاعب مثل تياغو سيلفا لا بد من السعي نحوه ويمكن التعاقد معه. وأجاب الميلان واللاعب البرازيلي بشكل قاطع، وخرجا من ملعب كامب نو أحياء، من دون علامات للكمات في الوجه.

تياغو سيلفا من النوع الصبور، ويخطب دائما قائلا: «إن لم يتحقق الفوز فهناك القليل ليستدعي الضحك»، لكن التعادل الذي جلبه هو كان بطعم الفوز. إنها نقطة ثمينة تم الحصول عليها، وفخر ينمو مجددا، ونظرية أن الطريقة الإيطالية في كرة القدم ستظل تثبت نفسها. لا يمكن محاكاة برشلونة، لكن محاولة المقاومة تساوي الكثير، وهذا ما قام به الميلان بفضل العجوز أليساندرو نيستا وتياغو سيلفا الذي انتزع نقطة مهمة من عرين الأسد في كامب نو بضربة رأس حريرية. ويصرح عقب اللقاء: «كنت عصبيا لأنها كانت الدقيقة الثانية والتسعين وكنا قد عملنا كثيرا من أجل حصد نتيجة إيجابية هنا. والآن يتعين علينا المحافظة على الهدوء، أيضا في بطولة الدوري وخاصة في سان سيرو علينا أن ندرك أنه من خلال المعاناة يمكن أن يتحدد مصير المباراة. هذا هو هدفي الأجمل على الإطلاق. إن بطولة الشامبيونزليغ صعبة لكننا نأمل أن نمضي على هذا الطريق».

الهدوء: ربما من المنطقي أن يكون هو تحديدا من ترك بصمته على تعادل مهم، ويتابع: «لا أشعر مطلقا بأن دوري ثانوي، ولا حتى في دوري الأبطال. حينما قدمت إلى هنا، أتعلمون ما الشيء الذي أعجبني أكثر؟ عبارة النادي الأكثر ألقابا في العالم، المكتوبة على القميص، فهي تعني شيئا ما بالنسبة لي، ليس هذا هو الماضي وليست مجرد كلمات». يعد تياغو من النوع الجريء والهادئ ولا يخشى أحدا، وهناك من يقول إنه يعشق سماع ضجيج الأعداء، وهو يفضل عدم قول أي شيء، لكن السلوك هو ذاته. لقد انتظر تياغو اللحظة وجاءته كرة المباراة، ولم يهدرها. اللاعبون الأفذاذ يفعلون ذلك.

أنهى تياغو اللقاء، وكان باتو قد افتتحه. ما بين الوهم والأمل اللذين يكونان نفس الشيء أحيانا. وعلى العكس، شكل نيستا جدارا صلبا، وسحق سيلفا بالتسجيل. ويأمل الفارس باتو الآن ألا تنتهي الليالي الأوروبية قبل أن تبدأ مثلما حدث من قبل، وقال عقب المباراة: «إن فريق برشلونة قوي، وهذه النتيجة رائعة جدا بالنسبة إلينا، ولحسن الحظ سجل تياغو ذلك الهدف، فقد تعادلنا عن استحقاق، والآن نفكر في نابولي». الجميع أكثر هدوءا، كما هو حال تياغو سيلفا دائما.