ذكرى مونديال 2002 تؤرق التايلانديين.. و«مدينة الملائكة» تهدد طموح الأخضر

بانكوك بفيضاناتها تحتضن المواجهة.. والجماهير تخطط لترديد هتافات مسيئة

TT

لا تزال الذاكرة التايلاندية تتجرع مرارة الخسارة الثقيلة التي تلقتها من المنتخب السعودي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002.. تعالت صيحات التايلانديين فرحا بتقدم منتخبهم بالهدف الأول في لقاء الذهاب، لكن سرعان ما أمطر الأخضر شباكهم بثلاثية لتنتهي المواجهة بـ3 - 1 للسعودية، وفي مباراة الإياب واصل المنتخب السعودي تألقه وتجاوز تايلاند بـ4 - 1.

هاتان النتيجتان أصبحتا تؤرق التايلانديين الذين يخشون تكرارهما في مواجهة 11 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، خصوصا أنهم يعانون من الرعب الذي تسلل إلى قلوب لاعبيهم تجاه الكرة السعودية على الرغم من تراجع الأخيرة عن سيادتها للقارة الصفراء، وهذا الهاجس من شأنه أن ينعكس بصورة سلبية على الأداء التايلاندي في حال لم يتمكنوا من تجاوزه، حيث سعت الصحافة التايلاندية إلى بث الطمأنينة في نفوس منتخبهم، وتذكيرهم بالمستوى المميز الذي قدموه في المواجهتين الماضيتين من التصفيات أمام منتخبي أستراليا وعمان، فلم يتمكن الأول من هزيمتهم إلا بشق الأنفس 2 - 1، أما الأخير فاستطاعوا تجاوزه بـ3 - 0.

«ملعب راغامانغالا»: سيحتضن لقاء المنتخبين بلونيه الأصفر والبرتقالي، وتعرجاته المشابهة لأمواج البحر، يحمل آمال ملايين التايلانديين الذين باتوا يتفاءلون به بعد الانتصار الكبير أمام المنتخب العماني، الملعب يتسع لـ65 ألف متفرج، وافتتح رسميا عام 1998 وأقيمت عليه الألعاب الآسيوية في العام ذاته، وشهد العديد من المواجهات الدولية؛ تحديدا في كأس آسيا 2007، واستخدمته الأندية التايلاندية في مشاركاتها القارية، إلى جانب استقباله مسابقات ألعاب القوى والحفلات الموسيقية والتجمعات السياسية، مما يعطيه بعدا ثقافيا واجتماعيا ورياضيا ليعتبر مصدر إلهام للشعب التايلاندي، حيث يعتقدون أنه يمدهم بمزيد من القوة التي تجعلهم قادرين على تحقيق الانتصار، وهو ما يحتاجونه في الفترة المقبلة من أجل تجاوز التحديات الصعبة التي تنتظرهم، خصوصا أنهم عاشوا ردحا من الزمن وهم في ذيل القائمة الآسيوية، ويسعون جاهدين لتغيير تلك النظرة السلبية تجاههم من خلال التنظيم الذي يقوم به اتحاد كرة القدم، حيث لم تكن الرياضة تحظى بالاهتمام لدى التايلانديين؛ ففي السابق كان لسباق الخيل والملاكمة التايلاندية النصيب الأكبر من متابعتهم، إلا أن ذلك انحسر خلال العقدين الماضيين، وانساق الشعب التايلاندي إلى الرياضة ذات الشعبية الأولى في العالم، وذلك دفع المسؤولين إلى إنشاء العديد من الملاعب الكروية، ومساعدة المستثمرين على افتتاح أندية لممارسة كرة القدم، وتسهيل الأمور كافة أمامهم ليكون لهم وجود على الصعيد القاري والدولي.

شبكة «بول تايلاند» أكدت أن منتخبها سيواجه الأردن في 6 أكتوبر المقبل استعدادا للمنتخب السعودي، مطالبة الجماهير بضرورة الوقوف مع المنتخب في هذه الفترة العصيبة، خصوصا أن تذاكر مواجهتي الأردن والسعودية طرحت للبيع عبر البوابات الإلكترونية، حيث يسعى الجمهور التايلاندي إلى ملء جنبات الملعب، على الرغم من وجود توصيات من بعض المشجعين بترديد بعض الهتافات المسيئة ضد المنتخب السعودي من أجل التأثير عليهم وعلى أدائهم داخل المستطيل الأخضر، مشددين على أن البطاقة الثانية باتت عالقة بين الأخضر وتايلاند مما يتطلب ضرورة إسقاط الصقور واستغلال حالة ضعفهم الحالية التي يعيشونها بعد الأزمات المتتالية التي ساهمت في تراجع ترتيبهم العالمي حتى وصل وفقا لتصنيف الفيفا الأخير إلى المركز الـ98، وهو أمر يغري المنتخبات كافة لأخذ نصيبهم من التدهور السعودي وكسب النقاط الثلاث خصوصا في التصفيات المهمة المؤهلة إلى مونديال 2014 الذي بات حلما يسعى التايلانديون للوصول إليه، لا سيما أن ذلك يتداخل مع رغبتهم للأخذ بثأرهم من إخراج الأخضر لهم في تصفيات 2002، وهو ما يجعل المطالبات متزايدة على الرغم من أن الجماهير تخشى أن تؤثر سلبيا على لاعبيهم، فخبرتهم الكروية لا تزال ضئيلة مقارنة بالمنتخب السعودي الذي وصل إلى كأس العالم 4 مرات.

وتوالت الحملات الجماهيرية في عدد من المواقع التايلاندية وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت بعض المخططات التي توجه بالدخول عبر البوابات المتخصصة للجماهير السعودية من أجل منعهم من الدخول وممارسة حقهم المشروع في مؤازرة منتخبهم، إلى جانب التوصيات بضرورة رفع اللافتات المحرضة تجاه المنتخب السعودي، والتضييق عليهم سواء داخل الملعب أو خارجه، كاشفين أنه على اللاعبين محاولة استفزاز الضيوف وجعلهم تحت أجواء مشحونة كجزء من الحرب النفسية التي ستذلل لهم المصاعب وتكون عاملا مساعدا للخروج بنتيجة إيجابية، ويبدو أن صمت الاتحاد الآسيوي تجاه الإساءات التي مارسها الجمهور الإيراني فتحت المجال أمام بقية المشجعين الذين لا يحترمون النظام ويخترقونه بشكل علني إلى مواصلة أفعالهم الخادشة للحياء، على الرغم من أن الجماهير السعودية تتعامل مع البعثات كافة الوافدة إليها باحترام دون أن تثير المشكلات أو توجه لهم أي إساءة، كما أن الأوضاع الأمنية في تايلاند ليست على ما يرام، وهو الأمر الذي يحتم على الاتحاد الآسيوي ضرورة التدخل لكي لا يحدث أي مكروه للبعثة السعودية وضمان سلامتهم وتوفير سبل الحماية كافة لهم نظرا لأن اللقاء يجري تحت مظلته.

«مدينة الملائكة»: التسمية التي حظيت بها بانكوك ذات الـ9 ملايين نسمة التي ستحتضن بعثة المنتخب السعودي قبل ملاقاة المنتخب التايلاندي، المدينة تطل على نهر تشاو فاريا الذي يمتد 372 كلم، وتحده العديد من السهول، وترتفع بانكوك مترين فوق سطح البحر مما يجعلها عرضة للفيضانات خلال الرياح الموسمية التي يصاحبها هطول كثيف للأمطار، وسط تنبؤات من قبل خبراء أرصاد بأنه من المحتمل أن تغمرها المياه بشكل كلي عام 2030، ومناخها يتميز بالجفاف والرطوبة، ودرجات الحرارة عادة في شهر أكتوبر تتراوح بين العشرينات وأوائل الثلاثينات، وهي من أكثر المدن حضارات ولا يظهر فيها بشكل جلي أي معالم لدين موحد، حيث تتمازج بداخلها العديد من الثقافات على الرغم من وجود بعض المناطق النائية التي يسكنها المسلمون.